"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

إسرائيل تُحوِّل الفلسطينيين في موطنهم لـ”لصوص” وتمنعهم من قطف العكوب والزعتر والميراميّة للاستعمال الذاتيّ زاعمةٍ أنّها نباتات محميّة وتفرِض عقوبات جائرة على الـ”مُخالِفين”

 الناصرة-“رأي اليوم” :

بعد أنْ أعلنت سلطة الطبيعة، قبل عدة أشهر إثر توجه مركز عدالة، عن سماحها بقطف العكوب والزعتر والميرامية للاستعمال الذاتي في عدد من وسائل الإعلام، عادت هذا الموسم لتخرق التزامها ولتفرض عقوبات وغرامات على القاطفين. على ضوء ذلك، توجه مركز عدالة مرة أخرى برسالة يطالب فيها بإلغاء هذه السياسة ومحو الغرامات.

وأعلنت سلطة الطبيعة والحدائق، في أعقاب توجه مركز عدالة في آب (أغسطس) 2019 إليها وإلى وزير البيئة، عن تعليمات جديدة حول قطف العكوب والزعتر والميرامية، وأعلن مدير السلطة، شاؤول غولدشتاين، في وسائل الإعلام العبرية والعربية عن السماح بقطف هذه النباتات للاستعمال الشخصي، وقال إنّ هذا التغيير في السياسة يأتي على ضوء فحص شامل أجرته السلطة وتبين أن القطف لاستعمال شخصي لا يشكل خطرًا على هذه النباتات ولا يهدد استمرار وجودها، خاصة إذا لم تقتلع من جذورها، على حدّ تعبيره.

وبعدها بشهرين، نشرت سلطة الطبيعة في وسائل الإعلام مرة أخرى التعليمات التي تنوي تطبيقها والسياسة الجديدة والتي تنص على السماح بقطف 5 كيلوغرام عكوب كحد أقصى للشخص في المناطق التي تعرف كمحمية طبيعية، و50 كيلوغرام في المناطق المفتوحة. في حين يسمع بقطف 200 غرام زعتر من المحميات الطبيعية و1.5 كيلوغرام في المناطق المفتوحة.

ورغم الطلبات العديدة التي قدمها مركز عدالة للحصول على هذه التعليمات مكتوبة، إلّا أنّ سلطة الطبيعة لم ترسل هذه التعليمات أبدًا، وعوضًا عن ذلك، نشرت بتاريخ 23.2.2020 موافقة على قطف نباتات من المحميات الطبيعية، إلّا أنّها واصلت فرض غرامات على القاطفين.

وفي أعقاب هذا الخرق، توجه مركز عدالة، مرة أخرى، بتاريخ 4.3.2020 إلى المستشار القضائي للحكومة وسلطة الطبيعة والحدائق ووزير البيئة، برسالة يطالب فيها بإعلان تعليمات واضحة وصريحة حول سياسة قطف هذه النباتات، وأنْ ترفق بتفسيرات وتبريرات علمية ومقنعة، وأنْ تكف سلطة الطبيعة عن فرض الغرامات على القاطفين، كذلك طالب عدالة أنْ تتراجع سلطة الطبيعة عن الغرامات التي فرضتها منذ إعلان مديرها عن رفع الحظر عن قطف هذه النباتات.

وفي تعقيبه، قال المحامي ربيع إغبارية من مركز عدالة، إنّ تعهد سلطة الطبيعة بالسماح بقطف نبات العكوب والزعتر والميرامية كان مجرد تضليل ونشر أخبار كاذبة، ورغم تصريحات مدير السلطة وشخصيات ذات مناصب عليا فيها عن السماح بقطف هذه النباتات، تبين مع عودة موسم العكوب أن موظفي السلطة لا زالوا يفرضون الغرامات، خلافًا للتعليمات التي نشروها في موقعهم كذلك، على حدّ قول الحقوقيّ الفلسطينيّ.

وتابع المحامي إغباريّة قائلاً: رغم توجهنا قبل بداية موسم القطف لسلطة الطبيعة لنشر تعليمات واضحة، تم تجاهل هذه الطلبات وتنصلت السلطة من واجبها اتجاه الجمهور. لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ إتباع سياسة مخالفة للتصريحات الرسمية ونشر معلومات مضللة لا تنتهك سلطة القانون فقط، بل تسبب الضرر للمواطنين الذين لم يرتكبوا أي جرم سوى تصديق ما قالت ونشرت سلطة الطبيعة، طبقًا لأقواله.

يُشار إلى أنّه في إطار مُلاحقة فلسطينيي الداخل اقتصاديًا، قرّرت وزارة الزراعة الإسرائيليّة أخيرًا منع أهالي الـ48 من تربية الدجاج، وفي النتيجة منعهم من الحصول على البيض، زاعمةً أنّ هذا الفرع وقف على اليهود فقط في القرى التعاونيّة (الموشاف). وخلال أيام اختفى البيض العربيّ من الأسواق التي امتلأت بالبيض الإسرائيلي، المُصنّع في “الموشافات” المُقامة على أنقاض القرى الفلسطينيّة المُدمّرة منذ النكبة.

كذلك أصدرت سلطات تل أبيب مرسومًا خاصًّا يمنع العرب من زراعة البطاطا، تحت ضغطٍ من كبار مزارعي البطاطا الإسرائيليين، وذلك بعدما اكتشفت السلطات أنّ زراعة البطاطا غير مُكلفة، وأنّ البطاطا مصدر دخل ثمين للفلسطينيين.

وتأتي هاتان الخطوتان العنصريتان لتأكيد مدى استفحال العنصريّة المؤسساتية لدى الاحتلال. فمن المعروف أنّ فلسطين أرض زراعيّة خصبة، وغنيّة بأنواع كثيرة من النباتات التي يستعملها الفلسطينيّون للغذاء (مثل الزعتر، والخبيزة)، بل لا يعرفها اليهود ولا يأكلونها، الأمر الذي دعا الحكومة الإسرائيليّة إلى أن توعز لما يُطلق عليها “سلطة حماية الطبيعة” بمُلاحقة “لصوص النباتات”، وقد أعلنت الأخيرة رسميًا أنّ هذه النباتات ضمن قائمة “المحميّات الطبيعيّة، ومن تُسوّل له نفسه قطفها يُقدّم للمحاكمة”.

في السياق، وجدت سلطات الاحتلال منفذًا آخر لتضييق الحيّز الاقتصاديّ على الفلسطينيين، وذلك مع امتناع شركة “دوبك” (الشركة الإسرائيليّة الوحيدة المنتجة للدخان) عن شراء التبغ من المزارعين العرب، مع العلم أنّ التبغ يعد من المحاصيل الاقتصاديّة الرئيسية للفلسطينيين الذين يزرعونه بكثرة في منطقة الجليل، وبذلك تكون إسرائيل قد قضت على واحدة من أهمّ الزراعات العربية في فلسطين.