لعب الدين دورا لافتا في الانتخابات الإسرائيلية التي جرت، الإثنين، وحقق فيها تحالف حزب الليكود والأحزاب اليمينية نتائج أفضل بشكل واضح من الجولتين الانتخابيتين السابقين اللتين وقعتا العام الماضي.

لكن على الرغم من ذلك، من غير المرجح أن يتمكن الليكود بزعامة رئيس الوزراء المنتهية ولايته “بنيامين نتنياهو” من تشكيل الحكومة لعدم حصوله على النصاب القانوني من المقاعد للقيام بذلك.

وفي وقت سابق من مساء الثلاثاء، أعلنت اللجنة المركزية للانتخابات، بعد فرز 92% من الأصوات، حصول الليكود على 36 مقعدا ليرتفع رصيد كتلة اليمين إلى 59 مقعدا، مقابل حصول القائمة العربية المشتركة على 15 مقعدا.

فيما حصل تحالف “أزرق- أبيض” قائد معسكر “يسار الوسط” بزعامة “بيني جانتس” على 32 مقعدا، وحزب “شاس” (ديني) على 10 مقاعد.

وحصلت أحزاب “يهودية التوراة” (ديني)، وتحالف “العمل- جيشر- ميرتس” و”إسرائيل بيتنا” (يمين قومي) على 7 مقاعد لكل منها، فيما حصل تحالف “يمينا” (يضم 3 أحزاب يمينية) على 6 مقاعد.

صبغة دينية

تظهر النتائج السابقة غير الرسمية تقدما واضحا لحزب الليكود اليميني بزعامة “نتنياهو” ويضعه ذلك على أعتاب تحقيق الأغلبية البرلمانية، كما تظهر تقدم حلفائه الرئيسيين من الأحزاب اليمينية المتطرفة التي تقاتل من أجل الحفاظ على الطابع الديني في المجال العام.

وقد قادت المعركة بين الأحزاب العلمانية والأحزاب اليمينية المتطرفة دولة الكيان الصهيوني إلى طريق سياسي مسدود طيلة أكثر من عام، وكانت إحدى القضايا الرئيسية هي الخدمة الإلزامية لليهود المتطرفين في الجيش، حيث إن نسبة قليلة منهم فقط هم من ينخرطون في الخدمة العسكرية.

وتظهر نتائج الانتخابات تقدما واضحا للأحزاب الدينية، بما يعني أن قضية دور الدين في تسيير الدولة كانت حاضرة بقوة في أذهان الكثير من الإسرائيليين الذين أدلوا بأصواتهم يوم الإثنين.

وبحسب موقع “pri.org” فقد احتشد مئات من الشباب اليميني المتطرف في قاعة دراسة كبيرة الأسبوع الماضي في بيت شيمش وهي بلدة تبعد حوالي ساعة عن القدس المحتلة؛ للمشاركة في تجمع سياسي، حثهم الحاخامات على حضوره، بجانب التصويت في الانتخابات التي جرت أول أمس.

وفي هذا السياق نقل الموقع عن “يهودا برون”، 31 عاما، الذي حضر التجمع السياسي الأسبوع الماضي قوله: “لقد جئنا إلى هنا لدعم الأحزاب الدينية ودعم التوراة والمتدينين”.

وأضاف أنه سيصوت لصالح حزب “يهودية التوراة” (ديني) مشيرا إلى أن الأحزاب غير الدينية تريد استبعاد السكان المتدينين من السياسية الإسرائيلية وتغيير نمط حياتهم.

وفي الوقت ذاته عبر أنصار الأحزاب العلمانية عن قلقهم بشأن الأحزاب الدينية في (إسرائيل) التي اكتسبت نفوذا كبير في الحكومة.

ويرفض أنصار الأحزاب العلمانية منح المتدينين إعفاءات من الخدمة العسكرية، ويرون أن ذلك يخل بمبدأ تكافؤ الواجبات.

18 حاخاما في الكنيست

ووفق نتائج الحالية للانتخابات البرلمانية فسوف يشهد الكنيست وجود 18حاخاما و33 سياسيا متدينا حسبما أفاد الأكاديمي المتخصص في الشؤون الإسرائيلية “صالح النعامي”.

وأضاف “النعامي” في سلسلة تغريدات عبر حسابه على “تويتر”، أنه في حال شكل “نتنياهو” الحكومة القادمة، كما هو مرجح، من المتوقع أن تضم هذه الحكومة 8 حاخامات يشغلون أهم الوزارات الخدمية بالإضافة إلى وزارة الداخلية.

وذكر “النعامي” أن شعار “التوراة في خطر” كان وراء تحقيق الأحزاب الدينية الحريدية مفاجأة الانتخابات الصهيونية.

ومضى قائلا: “الحريديم تجمعوا كرجل واحد لتعزيز تمثيل أحزابهم بحجة إحباط توجه العلمانيين، مثل ليبرلمان لتغيير اتجاه العلاقة بين الدين والدولة”، وأضاف قائلا: “الحريديم اتهموا ليبرمان بأنه رفع يده على التوراة فكسروها”.

و”أفيجدور ليبرمان” هو سياسي يميني علماني على خلاف كبير مع الأحزاب الدينية، ويرأس حزب “إسرائيل بيتنا”، ولعب دور صانع الملوك في (إسرائيل) خلال الأعوام الأخيرة بسبب الدور الذي تلعبه كتلته في حسم الأغلبية لطرف أو لآخر.

ونقل “النعامي” عن المعلق الإسرائيلي “جدعون ليفي” قوله في صحيفة “هآرتس”، إن “نتيجة الانتخابات دلت مجددا على أن (إسرائيل) أصبحت كيانا يمينيا وعنصريا بحيث إن فساد القائد لا يؤثر على رغبة الإسرائيليين في انتخابه ما دام متطرفا وعنصريا”.

واعتبر المتخصص بالشؤون الإسرائيلية، أن الانتخابات التي جرت الإثنين كانت عبارة عن مباراة داخل صفوف اليمين، ولم تكن هناك فروق أيدلوجية حقيقية تفصل بين المتبارين، حيث يمين واضح وصارم وحاد مثله “نتنياهو”، ويمين مرتبك ومشوش مثله “جانتز”.

وذكر “النعامي” أنه وفقا لنتائج الانتخابات غير الرسمية فإن الإسرائيليين فضلوا الوضوح والحدة والصرامة المتمثلة في “نتنياهو” وتحالفه مع المتطرفين.

ولفت المحلل المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، أن “نتنياهو حقق انتصاره بسبب رسائله الأيدلوجية الواضحة والحادة التي لاقت استحسان جمهور تتعاظم توجهاته اليمينية بمرور الوقت”.

وأوضح أن “نتنياهو” سيصر على تشكيل حكومة من الليكود والأحزاب الدينية واليمينية وبعض المنشقين من “أزرق – أبيض” ولن يتحمس للمشاركة في حكومة من الأحزاب الأخرى.

وفي هذا الصدد أفاد موقع “Israelnationalnews”، أن “نتنياهو” التقي ظهر الثلاثاء قادة الأحزاب اليمنية المتطرفة في أعقاب الكشف عن النتائج غير الرسمية لانتخابات الكنيست لبحث تشكيل ائتلاف يميني.

وقال عضو الكنيست “موشيه جافني” من حزب “يهودية التوراة” للصحفيين قبل الاجتماع: “فرز الأصوات لم ينته بعد، وسنري النتيجة وقد تكون هي حصولنا على 61 مقعدا وهذا من يمكننا من تشكيل الحكومة”.

وأضاف: “من غير المرجح إجراء المزيد من الانتخابات ويتعين على نتنياهو الذي حصل على ثقة الجمهور تشكيل حكومة وائتلاف”.

وعندما سئل “جافني” عن إمكانية ضم حزب “إسرائيل بيتنا” بزعامة “ليبرمان” إلى الحكومة اليمنية قال : “لا أعرف.. هذا الشخص غير المسؤول سيتعين علينا التعامل معه عندما يحين الوقت”.

من جانبه جدد ” ليبرمان”، الثلاثاء، شروط حزبه للانضمام لأي حكومة مقبلة في (إسرائيل)، وهي ذاتها التي استخدمها في الجولات الأخيرة من الانتخابات.

وقال “ليبرمان” في تغريدة له عبر “تويتر”، “إن حزبه لن ينضم لحكومة بقيادة بنيامين نتنياهو، طالما أن أحزاب الحريديم المتطرفة مثل شاس ويهودية التوراة مشاركة في تلك الحكومة”.

وأكد على أن حزبه لن يسمح أيضًا بأن تكون هناك انتخابات رابعة، في إشارة إلى أنه سيبقى في المعارضة كمحاولة منه للتأثير على تشكيل الحكومة المقبلة، رغم أن نتائج الانتخابات الجديدة أظهرت تراجع حصة حزبه من 9 مقاعد إلى 7 مقاعد فقط.

وكان “ليبرمان” قد استقال من منصبه كوزير للدفاع وانسحب حزبه من الائتلاف الحكومي بقيادة “نتنياهو” نهاية عام 2018 كما تسبب في النهاية في انهيار الحكومة، ومهد الطريق لجولة انتخابات أولى في أبريل/نيسان الماضي، وجولة ثانية في سبتمبر/أيلول الماضي منحته 9 مقاعد.

المصدر | الخليج الجديد