"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

كلمة في تفسير القرآن الكريم

كلمة في تفسير القرآن الكريم

القرآن الكريم أعظم وأشرف الكتب المنزلة على خاتم الأنبياء في الحياة الدنيا صلى الله عليه وآله وكلام الله صفاته و أما كلام البشر فهو أفعالهم وبينهما بون شاسع إذ أن كلام البشر متغير و كلام الله تعالى  لا يتغير فلا ينبغي للعالم ان يخلط كلام الله تعالى بكلام البشر و أفهامهم فيضل و يهلك وهذه سقطة يمكن أن يقع فيها الكثير ممن قدم أراء وأهواء الرجال في النص القرآني فالمعنى اللغوي غير المعنى الشرعي للنص القرآني  .

وقال البعض بأن رسول الله صلى الله عليه وآله ترك القرآن ليفهمه الناس كل  على هواه و هذا باطل لأن كتاب الله وكلامه لا يببنه إلا الله تعالى ورسوله قال تعالى { فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إنا علينا بيانه}  ولذلك يقول ابن حزم في كتابه الإحكام في أصول الأحكام أن القرآن الكريم فيه ألفاظ منقولة عن معناها و يقول أمير المؤمنين لذلك محذراً من ذلك العمل  : [  إياك أن تفسر القرآن برأيك، حتى تفقهه عن العلماء ، فإنه رب تنزيل يشبه بكلام البشر، وهو كلام الله، وتأويله لا يشبه كلام البشر ، فكلام الله تبارك وتعالى صفته وكلام البشر أفعالهم فلا تشبه كلام الله بكلام البشر، فتهلك وتضل – بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج ٨٩ – الصفحة ١٠٧ ] .

ولذلك لا يبين كتاب الله إلا قرآنا مثله يحدد المعنى القرآني المقصود وفقاً لقوله تعالى { فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إنا علينا بيانه }  فلا يبين كتاب الله إلا كتاب الله كما قال ابن كثير أيضاً في مقدمة تفسيره [ أصح التفاسير بيان القرآن بالقرآن فما أجمل في موضع فقد فصل في آخر ]  ثم يأتي بيان  رسول الله صلى الله عليه وآله لقوله تعالى  { وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون – النحل } . مع الأخذ في الإعتبار أن كل قول وفعل لرسول الله صلى الله عليه وآله وحي قال تعالى فيه   { وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى علمه شديد القوى } .

وأكثر الناس  معرفة بكتابالله هو رسول الله صلى الله عليه وآله من بعده : [ قال الإمام أبو جعفر عليه السلام : ويحك يا قتادة إنما يعرف القرآن من خوطب به – روضة الكافي 311-312 ] .

وهذا الوحي علم علمه الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وآله بواسطة سيدنا جبريل عليه السلام  روي عن الإمام الصادق (عليه السلام):[” إن اللّه علم نبيه التنزيل والتأويل فعلم رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) علياً (عليه السلام) وعلمنا واللّه  المجلسي، بحار الأنوار 62/371، وقريب منه في43/330 ] .

ومن هنا كان أهل بيت النبي و أولهم أمير المؤمنين علي عليه السلام هو ترجمان القرآن ومدرسة للفهم الحقيقي كما أنزل من عند الله تعالى ووفقاً لمراد الله تعالى و هذا العلم حدد معالمه أمير المؤمنين علي حينما قال في تفسير قوله تعالى { وما أتيناهم من كتب يدرسونها وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير } هنا يقول أمير المؤمنين علي (عليه السلام) [ “ما آتانا ربنا غير هذا الكتاب لندرسه” ] .

وهذه الدراسة مفتوحة لكل علماء الأمة بدرجات متفاوته من الفهم وفقاً للمعايير العلمية التي حددتها الأمة الإسلامية في فهم كتاب الله تعالى يقول تعالى : { نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ  وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ – يوسف 76}  وأعلاهم فهماً و أصدقهم و أصوبهم مدرسة أهل البيت عليهم السلام هى التي تبين مراد الله تعالى من خلقة فإن تحقق ذلك الفهم نزلت الملائكة ونزلت البركة وارتفع الغضب وجاءت النصرة  ببيان دقيق وتفصيل لكتاب الله تعالى  من خلال فهم دقيق للقرآن بالقرآن الذي هو أبعد عن فهم الرجال   كما قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام ) [ القرآن أبعد عن فهم الرجال ] .

بل قد تخلوا المكتبة الإسلامية من كتاب في بيان القرآن بالقرآن اللهم إلا كتاب ” أضواء البيان في بيان القرآن بالقرآن للشنقيطي ” .

وقد بينه على الآية فلم ينجح في إيصال المعنى إلا بحوالى ثلث القرآن وبقية اللقرآن لجأ لحيلة النقل عن السلف الصالح ماذا قال فيما لم يجد له بيان و أما كتابنا النبأ العظيم أو تابوت السكينة فقد بيناه على الكلمة وترابطها بالتي قبلها و بعدها والصلة بين كل سورة وما بعدها خوايتيم كل سورة وفواتح ما بعدها وهنا يكون الإختلاف بين المعجم والتفسير فقد اطلع على نمازج منه أهل العلم فقالوا إنه معجم للقرآن ولكن كان ردنا بأن ترابط الكلمات فيه وفقاً لبيان كل كلمة أين وردت في كتاب الله ينفي عنه صفة المعجم .

وقد بينا ظاهر المعنى كما حددته معاجم ألفاظ القرآن الكريم ثم بيان الكلمة لتخبرنا الآيات الأخرى ببواطن الكلمة ورماد الله تعالى منها فاكتشفنا أن كل كلمة تؤدي إلى نفس معنى التي تليها في تأكيد عجيب من أول كلمة اقرأ إلى سورة النصر كلها تؤدي إلى معنى واحد ولاية الله تعالى ورسوله ثم أهل بيته عليهم السلام .

 

 [  قال الإمام الباقر (عليه السلام) : للقرآن ” ظهر وبطن منه ما قد مضى ومنه ما لم يجى‏ء… ونحن نعلمه” – المجلسي، بحار الأنوار، 32/ 791 ] .

 

وفي زمن الفتن يقول رسول الله صلى الله عليه وآله : [ وعن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) : ” فإذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن… وله ظهر وبطن ظاهره حكمة وباطنه علم ، ظاهره أنيق وباطنه عميق” المجلسي، بحار الأنوار ، 29/71  ] .

 

وبالتالي أعرف الخلق بالقرآن الكريم هو رسول الله ثم أهل بيته (عليهم السلام) الذين قال فيهم الله تبارك وتعالى : { في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه }  .

وفي بحثنا بكتاب الله تعالى هنا بيناه على الكلمة واين وردت في كتاب الله بكل مواضع القرآن الكريم لتحديد المعنى مطلقه و مقيده عامه و خاصة محكمه و متشابهه فكل كلمة تبين أنها مترابطة المعنى بالتي تليها حتى يمكن بالفعل أن نطلق عليه حبل الله تعالى كما قال تعالى في كتابه الكريم  :  { واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا } .

وهذا الحبل عبارة عن مجموعة من الحروف و الكلمات و الآيات و السور متصلة ببعضها البعض لا تنفصم على ترتيب النزول في فهم بيان كتاب الله تعالى و كلها تشير إلى ولاية الله تعالى ثم ولاية رسوله و أهل بيته عليهم السلام السلام .

وخوفاً من كتمان العلم كما حذر النبي صلى الله علي وآله : [ من كتم علماً الجمه الله تعالى بلجام من نار] بإذن الله سنبدأ في نشره في عشرات كل جمعة على موقعنا حتى لا نكون ممن كتم علماً و كتمان العلم يكون بإخفائه حين تدعو الحاجة إلى بيانه .

وقد توعد الله تعالى فاعل تلك الجريمة باللعن والعقاب كما في قوله تعالى: { إن الذين يكتمون ما أنزلنا أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم – البقرة } وقال تعالى أيضاً : { وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه }

ومع انتشار الإرهاب وهدم المقدسات باسم الدين وسط عالم مليئ  بالجهل المطبق بالدين والمعاصي و المنكرات والكبائر و الظلم و الفسوق و العصيان اختفت تقريباً كل معالم الدين القويم  حتى أصبحت لا تستطيع أن تفرق بين مسلم و مسيحي و يهودي وبوذي أو هندوسي أو حتى عابد من عباد الفأر وانقسم المسلمون بين مفرط في الدين نهائي ومتشدد لدرجة التكفير والإرهاب وفتن قادمة من الغرب والشرق لهدم بلاد العرب والقضاء على الإسلام بكل الحروب الممكنة والغير ممكنة من أخيال أطلقوا عليها الجيل الأول والثاني والثالث والرابع والخامس وأصبح المسلمون وتقريبا كل أهل الديانات السماوية في جعل عام بالدين بعد اعتقادهم بالكهنوت وأصبح المسلمون مفعولا به وليس فاعلاً وسط جهل بالدين والدنياً معاً .

هنا يكون العالم كله قد وضع أقدامه على طريق غرز نحس يهلكون فيه بحروب وظواهر طبيعية مدمرة بأفعالهم وجرائمهم مع الله تعالى والمسلمين وأوبئة و نزول شتى أنواع البلايا والإنتقام الإلهي  عليهم .

لذلك  أوصى رسول الله صلى الله عليه وآله في ذلك الزمن من كان عنده علماً حقيقياً لهداية الناس دون تحريضهم على بعض بحجة هذا كافر وهذا مؤمن وهذا مسلم وهذا يهودي فليخرجه لهداية الناس وإخراجهم من الظلمات إلى النور لعل الله تعالى ينقذ البشرية مما هم مقبلون عليه بما جنته أيديهم .

وقد أطلقنا عليه ” النبأ العظيم ” أو “تابوت السكينة”  لأن فهم كتاب الله تعالى وفقاً لبيان القرآن بالقرآن كما حدد علماء الأمة بأنه أصح وأوثق التفاسير  كما بينا كما قال ابن كثير في مقدمة تفسيره [ ” أصح التفاسير هى بيان القرآن بالقرآن فما أجمل في موضوع فقد فصل في آخر” – ابن كثير في مقدمة تفسيرة للقرآن الكريم ] .

ثم يأتي بيان القرآن الكريم بالسنة النبوية المطهرة و آثار أهل البيت عليهم السلام . لذلك  يعتبر هذا الفهم الدقيق أحسن فهماً وأدق تفسيراً ويحقق مراد الله تبرك وتعالى مما يجلب الخير والبركة والنصر والتمكين لأنه الفهم الذي يريده الله تعالى وهو تابوت سكينة المسملين والذي به يتم إنقاذ العرب والمسلمين والعالم .

” هذا وبالله التوفيق وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب “

 خالد محيي الدين الحليبي