اعتبر محللون أن الرد الإيراني على اغتيال الولايات المتحدة لقائد “فيلق القدس” بالحرس الثوري “قاسم سليماني” في غارة جوية قرب مطار العاصمة العراقية بغداد، ليلة الجمعة الماضي، يأتي في إطار استثمار طهران في وسائل لمواجهة غير مباشرة مع عدوها اللدود” نظرا لضخامة فارق القوة.

وفي هذا الإطار، جاء إطلاق إيران عددا من الصواريخ الباليستية على قوات تعمل بقيادة أمريكية في العراق، فالعقوبات والقيود الدولية المفروضة على واردات السلاح جعلت من الصعب عليها تطوير أسلحة متقدمة أو شرائها، ولتعويض هذا الخلل، طورت أسلحة “غير تقليدية” بهدف التمكن من إنزال الخسائر بالخصم وفي الوقت نفسه تفادي ساحة المعارك التقليدية.

ومن هذه الأسلحة الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة الهجومية وشبكة من الفصائل المسلحة المتحالفة معها في العراق وسوريا ولبنان واليمن، حسبما أكد قائد عسكري بريطاني سابق، طلب إخفاء هويته لحساسية الموضوع.

وأضاف: “من منظور عسكري تقليدي سيتعرضون (الإيرانيون) لضربات ساحقة تماما، فجيشهم التقليدي متناثر جدا وقديم جدا وعفا عليه الزمن جدا، وقد أنفقوا كل مالهم على قدرات هجومية غير تقليدية. ومن هذا المنطلق هم مستعدون جدا”.

وحتى يوم الأربعاء كانت هذه الاستراتيجية رادعا لصراع مباشر مع الولايات المتحدة في الوقت الذي اشتدت فيه حدة التوترات منذ انسحبت الولايات المتحدة من اتفاق نووي متعدد الأطراف في 2018 وأعادت فرض عقوبات على إيران.

وشهدت السعودية في الآونة الأخيرة ما يمكن أن تتسبب فيه هجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة من أضرار بعد ضربة وجهت إلى منشآتها النفطية، العام الماضي، أدت إلى خفض إنتاجها من النفط إلى النصف وعطلت بذلك 5% من إمدادات النفط الخام العالمية.

وكونت إيران أكبر مخزون من الصواريخ الباليستية في الشرق الأوسط، وبعض هذه الصواريخ صنع باستخدام تصميمات “سكود” الأقدم شائعة الاستخدام.

ويمكن لصواريخ أخرى مصممة على غرار الصاروخ “نو دونج” الكوري الشمالي الوصول إلى مسافات تبلغ 2000 كيلومتر أي يمكنها الوصول إلى (إسرائيل) وجنوب شرق أوروبا وفقا لتقرير من وكالة الاستخبارات الدفاعية الأمريكية، العام الماضي.

كما يملك الحرس الثوري الإيراني أسطولا من الزوارق السريعة المسلحة بالصواريخ والغواصات الصغيرة التي يمكن نشرها في مواجهة السفن الحربية الأمريكية أو الناقلات التجارية لتعطيل تدفق النفط عبر مياه الخليج.

ولذا يرى محرر شؤون الشرق الأوسط وأفريقيا في مجلة “جينز” الدفاعية الأسبوعية “جيريمي بيني” أنه “إذا نظرت إلى السفن والدبابات والطائرات المقاتلة فستبدو إيران في غاية الضعف. لكن إذا نظرت إلى الصواريخ المضادة للسفن والصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة وما إلى ذلك فستبدو ذات قدرات أكبر كثيرا”.

ويمكن استخدام الأسطول الإيراني من الطائرات المسيرة في الاستطلاع أو تسليحها بمتفجرات وفقا لما يقوله خبراء عسكريون، بينهم “حسين أريان” المحلل العسكري الذي خدم 18 عاما في البحرية الإيرانية قبل قيام الثورة الإسلامية عام 1979 وبعدها.

وأضاف “أريان”: “إيران في الخليج لا تحتاج في واقع الأمر إلى سفن كبيرة، وليس بالضرورة (أن تمتلك) فرقاطات ومدمرات. فبوسع الزوارق السريعة والزوارق المسلحة وزوارق الصواريخ أداء المهمة”.

ويتولى “فيلق القدس” تنفيذ العمليات السرية خارج الأراضي الإيرانية ويعمل بالتعاون الوثيق مع قوات عسكرية وفصائل مسلحة متحالفة معها، بينها “الحشد الشعبي” العراقي و”حزب الله” اللبناني.

ودفن “سليماني” في إيران، الثلاثاء، بعد أن شيعه عشرات الآلاف في جنازة تقدم الصفوف فيها المرشد  الإيراني الأعلى “علي خامنئي”.

وقال مسؤولون أمريكيون إن “سليماني” قُتل لأن معلومات المخابرات أشارت إلى أن قوات تعمل تحت إمرته كانت تعتزم شن هجمات على أهداف أمريكية في المنطقة، فيما تعهد “حزب الله” اللبناني وعدد من الفصائل العراقية المسلحة المتحالفة مع إيران بالثأر من القوات الأمريكية لمقتله.

ويوجد في العراق أكثر من 5000 جندي أمريكي بالإضافة إلى قوات أجنبية أخرى في إطار تحالف يتولى تدريب قوات الأمن العراقية ودعمها في مواجهة خطر عناصر تنظيم “الدولة الإسلامية”.

المصدر | الخليج الجديد + رويترز