في ظل ضغوط متزايدة للدفاع عن مقتل جنرال إيراني بارز، قدم كبار مسؤولي إدارة الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” مبررات جديدة، ولكن القليل من التفاصيل يوم الثلاثاء، مشيرين إلى تهديدات تعرضت لها السفارة الأمريكية في بغداد، ومعلومات استخباراتية تفيد بأن هجمات محدقة أخري، ساعدت في تنفيذ الهجوم الجمعة الماضي.

صعد الديمقراطيون من انتقادهم للمعلومات الاستخباراتية التي وفرتها الإدارة الأمريكية على الفور، عقب أن قتلت طائرة بدون طيار أمريكية الأسبوع الماضي اللواء قاسم سليماني، قائد الحرس الثوري الإيراني.

فالإشعار الرسمي من قبل الإدارة الأمريكية الذي تم تقديمه للكونجرس، الذي لا يزال “سريا”، لم يقدم أي معلومات عن التهديدات المستقبلية أو الهجوم الوشيك، وفق مسؤولين أطلعوا على الإشعار.

وقال العديد منهم إن التهديدات تم تصنيفها بطريقها غير صحيحة، ووصفها السناتور “ريتشارد بلومنتال”، (ديمقراطي) بأنها “غامضة وغير محددة بدرجة غير مقبولة “.

وصرح وزير الدفاع الأمريكي “مارك إسبر “، للصحفيين في البنتاجون بأن القوات الإيرانية أو (وكلائها) كانت، تنوي شن هجمات ضد أفراد أمريكيين عندما قرر الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” قتل “سليماني”.

وأوضح “إسبر” إن “سليماني” غادر إلى بغداد لتنسيق الهجمات بعد حصار دام يومين لسفارة الولايات المتحدة من قبل المتظاهرين الموالين لإيران، ورفض “إسبر” الخوض في تفاصيل لكنه وصف الاستخبارات بأنها كانت “متقنة”.

كان ترامب أكثر قوة لكن بلا مزيد من التحديد. وقال للصحفيين في البيت الأيض، أن سليماني كان يخطط لهجوم كبير للغاية لنا ولأمتنا”. وتابع ” وقد أوقفناه”.

وجاء دفاع الرئيس ووزير الدفاع عن قتل سليماني في الوقت الذي أطلقت فيه إيران ردها الأولي، حيث أطلقت عشرة صواريخ في وقت مبكر الأربعاء، في رد أولي، من الأراضي الإيرانية واستهدفت القوات الأمريكية في محافظة الأنبار العراقية والمناطق الكردية. وأكد مسؤول في البنتاجون أن الصواريخ أطلقت على قواعد تستضيف القوات الأمريكية لكنها لم تقدم تقييما أوليا للأضرار.

أمر المرشد الأعلى لإيران، “أية الله على خامنئي”، بالرد المباشر والمناسب لمقتل سليماني وليس من النوع السري من خلا ل الوكلاء الذين تستخدمهم طهران بشكل تقليدي.

وحذر المسؤولون الأمريكيون في الأسابيع الأخيرة من تهديد الصواريخ البالستية قصيرة المدي التي هربتها إيران إلى العراق.

ومع تزايد التهديدات القادمة من طهران، قرر العديد من حلفاء الناتو الذي يجرون تدريبات للقوات العراقية، بما في ذلك كندا وألمانيا، وكرواتيا، قرروا بشكل مؤقت إجلاء قواتهم من العراق.

وأعلنت كندا، التي تقود تدريبات الناتو أنها ستسحب قواتها البالغ عددهم 500 جندي وترسلهم إلى الكويت.

وبسبب ما وصفوه بالإحاطات الإعلامية الضعيفة وغير الكافية من قبل الإدارة الأمريكية، أصبح لدي الديمقراطيون نمو متزايد بشكوكهم، ويجادلون بأن الإدارة تتحمل عبئا كبيرا، لتوضح أن عملية قتل سليماني كانت مبررة.

وقد عقد البعض مقارنات بين المعلومات الاستخباراتية الخاطئة حول أسلحة الدمار الشامل التي تم استخدامها لتبرير غزو العراق عام 2003، وما كشف عنه مؤخرا عن إخفاقات للحرب في أفغانستان.

وقال السناتور “روبرت مينينديز”، كبير الديمقراطيون في لجنة العلاقات الخارجية، في مقابلة قصيرة: بين عدم وجود أسلحة دمار شامل، وعدم وجود خطر واضح وحالي، ووثائق أفغانستان، هناك الكثير مما يجب التشكيك فيه.. يقع العبء على الإدارة لإثبات صحة ودقة كيف اتخذوا القرار. (مقتل سليماني).

((2))

وتحدثت مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية “جينا هاسبل”، مع العديد من المشرعين في الأيام الأخيرة، وقد حضها البعض على أن تكون أكثر انفتاحا على أن الاستخبارات كانت ضالعة وراء عملية قتل سليماني. بدورها أكدت “هاسبل”، أنه تشعر بقل بالغ إزاء التهديد الذي كان يمثله الجنرال “سليماني” حال إذا لم تقدم الإدارة الامريكية على خطوة استهدافه وقتله.

قبل الغارة التي تم بطائرة مسيرة أودت بحياة سليماني، هاجم متظاهرون مؤيدون لإيران، المتاريس الموجودة خارج مقرها في بغداد، وكان المسؤولون الأمريكيون يخشون من أن الهجمات يمكن أن تستمر، ويتفاقم الوضع بسهولة، مما يهدد الدبلوماسيين والعسكريين الذي يعملون في المجمع الذي توجد به السفارة.

وكان الجنرال “سليماني”، وصل إلى بغداد للضغط على الحكومة العراقية لطرد القوات الأمريكية بعد الهجمات التي شنتها الولايات المتحدة الأمريكية على كتائب حزب الله، وهي مليشيا عراقية لها علاقات مع إيران وفقا لمسؤولين أمريكيين.

وأشار أحد المسؤولين إلي أن الجنرال “سليماني” كان مسافرا مع العراقي “أبو مهدي المهندس” ، الذي يساعد في قيادة المليشيات التي تدعمها إيران   والذي ينسق الهجمات على السفارة الأمريكية وقد قتل المهندس في الغارة.

بالإضافة إلى ذلك، فإن الوثيقة السرية المرسلة إلى “كابيتول هيل”، لا تذكر سوي الهجمات التي نفذتها إيران وعملائها في الأشهر الأسابيع الأخيرة، بدلا من تحديد تهديدات جديد، وفقا لثلاثة مسؤولين أمريكيين.

وطالب نائب الرئيس السابق، “جوزيف بايدن”، “ترامب” بتقديم تفسير متزن للضربة التي استهدف سليماني وعواقبها والمعلومات الاستخباراتية التي دفعت للقيام بذلك.

وقال “بايدن”، المرشح البارز للحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأمريكية عام 200 “كل ما سمعناه من هذه الإدارة، تفسيرات متغيرة، وإجابات مراوغة، وتأكيدات متكررة على وجود تهديد وشيك دون أدلة لازمة لدعم هذا الاستنتاج.. إذا كان هناك تهديد فنحن مدينون بتفسير وحقائق لدعمه”.

وقال مسؤولون إن المليشيات المدعومة من إيران وجهت بشكل متزايد الهجمات على القواعد العراقية التي يتواجد بها القوات الأمريكية خلال الشهرين الماضين. منذ شهر مايو، حذر مسؤولو الاستخبارات والجيش من أن إيران تستعد لشن هجمات ضد الأمريكيين في الشرق الأوسط.

وقد دفعت التقارير (سي. أي. آيه)، و(إف. بي .آي) لنقل ضباط من السفارة الأمريكية في بغداد في الأيام والأسابيع الأخيرة ، على الرغم  من أن بعضا من ضباط (سي. أي. آيه)، تم نقل في وقت سابق، وفقا لمسؤولين لديهم اطلاع على هذا الشأن. ذهب البعض إلى أجزاء أخري من العراق، وأكد المسؤولون أن هذه التحركات لم تقلل من جمع المعلومات الاستخباراتية عن النشطاء الإيراني في البلاد.

وتم تحديد موعد لمسؤولي الإدارة، بما في ذلك “جينا هاسبل”، لكي يقدموا إحاطة أمام مجلس النواس والشيوخ بأكمله الأربعاء، على الرغم من أنه لم يكن واضحا كيف سوف يتم عرض التفاصيل. وقال السيناتور كريستوفر مورفي، ديمقراطي، إن هناك توقعات مرتفعة.

وقال ” كلنا نريد أن نسمع لماذا ظنوا أن استهداف سليماني كان الخيار الأفضل، ما هي الأهداف الأخرى التي كانت مطروحة على الطاولة، هل علموا بالأضرار الجانبية “.

وبرز السناتور “راند بول”، وهو جمهوري من كنتاكي عارض منذ فترة طويل انتشار القوات الأمريكية في الخارج، كواحد من الجمهوريين القلائل المستعدين لانتقاد القرار، وتساءل عن ادعاء الإدارة بحدوث هجوم وشيك، مستشهدا بانتقادات وزير الخارجية الأمريكية “مايك بومبيو” المتكررة للجنرال سليماني.

وقال بول: اتفاجأ دوما بكيفية قيام الرؤساء عموما بمن فيهم ترامب، بتوسيع فكرة ما هو وشيك.. يمكنني أن أخبرك بأن وزير الخارجية كان يتحدث منذ أكثر من عام عن كل ما فعله سليماني. اعتقد أنهم وجود هذا الوقت مناسبا لقتله.

وقاد “بومبيو” الدفاع عن توجيه ضربة الجمعة، وقال يوم الثلاثاء أن المعلومات الاستخباراتية عرضت على الرئيس ترامب، بتفصيل واسع قبل أن يأمر بتوجيه الضربة لسليماني.

وقال بومبيو ” كان قرار صائبا”.

وقال “روبرت أوبراين”، مستشار الأمن القومي، إن سليماني كان يخطط لشن هجمات على الدبلوماسيين والجنود والبحارة والطيارين ومشاة البحرية في منشآت متعددة”.

وقال “أوبراين” إن المعلومات الاستخباراتية ستظل سرية على الأرجح لتجنب تعريض مصادر الاستخبارات وأساليب جمع المعلومات للخطر. لكنه أضاف ” يمكن أن أخبرك أن الأدلة كانت قوية.

باستثناء “بول”، التف معظم الجمهوريين في “الكابيتول هيل” حول الإدارة الأمريكية.

وقال السناتور “جيم ريش”، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي، للصحفيين نهاية الأسبوع الماضي، “كانت لدينا معلومات واضحة ومتقنة للغاية من مجتمع الاستخبارات، تفيد بأنه ستكون هناك بالفعل هجمات وشيكة قد تشمل مئات الأشخاص، ويمكن ان تشمل الالاف من الأشخاص..

ووصف “ريش “، المخابرات بأنها صخرة صلبة.

مجلس النواب حدد هذا الأسبوع للنظر في تدابير للحد من صلاحيات الرئيس لإعلان حالة الحرب على إيران، بموجب قانون “قرار قوى الحرب”، وقد يجري إجراء مماثل للتصويت مطلع الأسبوع المقبل.

وأعلنت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الذي يقوده الديمقراطيون عن جلسة استماع يوم الثلاثاء المقبل بشأن سياسة إدارة ترامب تجاه إيران .

 

المصدر | نيويورك تايمز