نشر موقع “ميدل إيست آي” مقالا للصحفيين سمرين مشتاق ومدثر أمين، يقولان فيه إن نضال الشعب الجزائري ضد الاستعمار يتكرر اليوم مع الكشميريين المنهكين من الحصار.
ويقول الكاتبان في مقالهما، الذي ترجمته “عربي21″، إن المشهد من فيلم معركة الجزائر المنتج عام 1966، حيث يقوم شاب بأخذ المايكروفون من الجنود الفرنسيين الذين كانوا يحرضون الناس ضد جبهة التحرير الوطنية، وناداهم قائلا: “أيها الجزائريون.. أيها الأخوة، استجمعوا قوتكم”، خلال نضال الشعب الجزائري للاستقلال من الاستعمار، يتكرر اليوم في كشمير.
ويشير الموقع إلى أن الشعب الكشميري بقي تحت الحصار منذ أن أصدرت الحكومة الهندية هذا الصيف مرسوما يسلب الإقليم حق الحكم الذاتي المحدود، وتم نشر عشرات آلاف الجنود في الإقليم، وتم فرض تعتيم إعلامي على ما يحصل، وتم اعتقال العشرات، بمن فيهم القاصرون، واكتظت السجون بأكثر مما تتسع له.
ويلفت الكاتبان إلى أن “الدولة الهندية حاولت أن تدافع عن سياستها في كشمير من خلال الدعاية، حيث صورت (الآخرين) المتطرفين -المدعومين من باكستان طبعا- على أنهم هم المشكلة، وفي إعلان في وقت سابق من هذا الشهر نشرته الحكومة على صفحة كاملة في الصحف المحلية، حثت الحكومة السكان على العودة للوضع الحالي، وإنهاء الإغلاق الذي فرضوه على أنفسهم احتجاجا منذ أن بدأت القيود الحكومية تخفف”.
ويفيد الموقع بأنه في الوقت الذي تعيش فيه كشمير في ظل الحصار، قامت الحكومة الهندية بجلب 27 عضوا في البرلمان الأوروبي -معظمهم من أحزاب يمينية- إلى كشمير.
ويقول الكاتبان إنه “من زيارة إلى بحيرة دال الجميلة إلى مؤتمر صحفي لم يسمح لمعظم الصحفيين المحليين بالحضور، لعدم التفاعل مع السكان المحليين، ولم تنجح الدعاية الحكومية الهندية في جعل الرأي العام يؤيدها، وقال أحد أعضاء البرلمان إنه تم سحب الدعوة منه بعد أن عبر عن رغبته في الحديث إلى السكان المحليين دون مرافقين من الشرطة”.
ويبين الموقع أنه “كما كان حال الفرنسيين في الجزائر والقوى الاستعمارية في أماكن أخرى، فإن الدولة الهندية وجماعتها في كشمير يفترضون أن الكشميريين لا يستطيعون التفكير لأنفسهم، ويحتاجون إلى مستعمر أن يخبرهم ما هو الأفضل بالنسبة لهم”.
وينوه الكاتبان إلى أنه “في مشهد آخر من مشاهد معركة الجزائر، تطالب جبهة التحرير الوطنية بنقاش في الأمم المتحدة حول استقلال الجزائر باعتباره (انتصارا كبيرا للشعب)، وتعلق عملها العسكري لمدة أسبوع، الذي أعلن في الوقت ذاته أنه سيكون إضرابا عاما ضد النظام الاستعماري، وهناك شبه في كشمير حيث منع التجول الذي فرضه المدنيون، مع أنه في حالة كشمير كان الأمر تلقائيا”.
ويستدرك الموقع بأنه “بالرغم من تفاؤل جبهة التحرير الوطنية، إلا أن الأمم المتحدة في المحصلة صوتت على قرار يستبعد تماما أي تدخل مباشر في الجزائر، و(يأمل) بحل عادل، وهذا شبيه بما يحصل حاليا في كشمير وحولها”.
ويذكر الكاتبان أن مجلس الأمن قام في 16 آب/ أغسطس بعقد اجتماع مغلق للتشاور حول كشمير، الذي احتفى الكشميريون به باعتباره انتصارا، بالرغم من عقود من عدم الفعل “من جانب مجلس الأمن”، لكن الاجتماع انتهى دون أي نتيجة ملموسة، ولا حتى بيان رسمي حول ما حصل.
ويشير الموقع إلى أن “الكشميريين انتظروا مرة أخرى أمام التلفزيون وينصتون للراديو يوم 27 أيلول/ سبتمبر، عندما خطب رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان أمام الهيئة العمومية للأمم المتحدة، الذي أكد فيه للعالم الحاجة لحل الأزمة في كشمير، لكن الآمال العقيمة في الأمم المتحدة التي برزت في معركة الجزائر، هي ذاتها أيضا بالنسبة للوضع في كشمير”.
ويلفت الكاتبان إلى أنه على مدى الأشهر القليلة الماضية، رفضت الشرطة والبيروقراطية ذات الولاء للدولة الهندية الروايات حول حصار كشمير باعتبارها غير دقيقة، لكن دعوة الحكومة للكشميريين للعودة للوضع العادي، والاستمرار في العمل كالعادة، يعرقل سرديتها الأوسع “حول كشمير”.
ويتساءل الكاتبان: “كيف يمكن للمتطرفين -الذين بحسب تقدير الحكومة لا يتجاوزون عدة مئات، والذين يواجهون نقصا في السلاح- أن يغلقوا إقليما كاملا؟ ولماذا هناك حاجة لعودة الأمور كالعادة إن كان الكشميريون سعداء بمرسوم الحكومة حول وضع الإقليم؟ كما أن منع الدولة للاتصالات في كشمير يعكس حاجتها المتنامية بشكل مستمر للسيطرة على الكشميريين ونزع صفة الإنسانية عنهم”.
ويفيد الكاتبان بأنه في 14 تشرين الأول/ أكتوبر بعد أكثر من شهرين، تمت إعادة شبكات الهواتف الخلوية بشكل محدود للإقليم، وصورت وسائل الدعاية الهندية الأمر على أنه أخبار جيدة، ومؤشر على جهود الحكومة لإعادة الأمور إلى حالها الطبيعية، وتم تعمد نسيان كون الحكومة هي التي جعلت كل شيء يتوقف أصلا “من قبل تلك الوسائل”.
ويبين الموقع أنه في الوقت الذي تم فيه تسليط الضوء عالميا على منع الاتصالات في كشمير، إلا أن المنسيين هم آلاف الكشميريين الذين تم اعتقالهم تعسفيا، وحظر الجماعة الإسلامية، وهي منظمة سياسية اجتماعية، ومضايقة السلطات الهندية لقادة العمل التحرري وعائلاتهم، وعلاوة على هذا، حرمان الكشميريين على مدى عقود من حقوقهم، بالإضافة إلى استخدام الجيش بشكل مكثف، ما تسبب بمقتل 70 ألفا، واختفاء الآلاف وتعذيبهم، وذلك كله جزء من آلية مكافحة التمرد للدولة.
وينوه الكاتبان إلى أن “الحكومة الهندية تنادي علنا بسياسة أكثر خشونة وعسكرة في كشمير، وما يقلق الكشميريين اليوم هو محاولات الحكومة تطبيق مشروع استيطان استعماري على غرار إسرائيل/ فلسطين، وفي الوقت الذي تخفت فيه تغطية أخبار كشمير دوليا، يجب ألا ننسى مطالب الشعب الكشميري في حق تقرير المصير”.
ويقول الكاتبان، إن “الهند ستقوم في المحصلة بإعادة الاتصالات كلها، وتصور ذلك على أنه فضل تكرمت به على الشعب الكشميري، لكن بالنسبة للشعب الذي شهد عنفا لا يمكن وصفه على مدى السنوات، سيتم النظر إلى هذا على أنه شكل من أشكال السيطرة الذي تمارسه الهند على كشمير”.
ويقول الكاتبان: “نحن على تقاطع طرق الذاكرة الجمعية ضد النسيان ومقاومة السيطرة العسكرية والحفاظ على وطن وسط المحاولات لتفتيته”.
ويختم الكاتبان مقالهما بالقول، إن “فيلم معركة الجزائر لا يأخذ في حسبانه السياق التاريخي للمقاومة الجزائرية، وفي كشمير تم محو هذا السياق بشكل أكبر، حيث اختزلت المعركة إلى ظهور الإرسال أو اختفائه عن الهواتف المحمولة”.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)