"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

تل أبيب للدول الداعِمة : اشتراط المعونات بوقف مشروع الصواريخ الدقيقة لحزب الله ببلاد الأرز ومُشاركة نصر الله بحكومة الحريري تفتَح أمامه المجال لتحديد سياستها بأوامر إيرانيّةٍ

الناصرة-“رأي اليوم” :

في الوقت الذي يدور فيه الحراك في لبنان تعمل إسرائيل على استثماره من أجل نزع سلاح حزب الله، أوْ على الأقّل منع الحزب من مُواصلة مشروع إنتاج الصواريخ الدقيقة، بدعمٍ إيرانيٍّ في بلاد الأرز، وهو الأمر الذي نفاه السيّد حسن نصر الله في مقابلةٍ مع فضائية (الميادين)، أيْ أنّ همّ كيان الاحتلال هو التهديد الإستراتيجيّ الذي تُشكِّله هذه الصواريخ على أمنه القوميّ، خصوصًا وأنّه باعتراف أركان تل أبيب، هذه الصواريخ قادِرةٌ على إصابة أيّ بُقعةٍ في العمق الإسرائيليّ وإدخال كلّ سُكّان إسرائيل إلى الملاجئ، على حدّ تعبير المصادر واسعة الاطلاع في تل أبيب.

وفي السياق نقلت مُراسِلة الشؤون السياسيّة في القناة الـ11 بالتلفزيون العبريّ، غيلي كوهين، عن مصادر سياسيّةٍ وأمنيّةٍ وصفتها بأنّها رفيعة المُستوى في تل أبيب قولها إنّ الحكومة الإسرائيليّة توجّهت رسميًا إلى كلٍّ من فرنسا ولدولٍ أخرى طالبةً منها اشتراط الدعم الماليّ لبلاد الأرز لتثبيت الاستقرار بإلزام حزب الله على التنازل عن مشروع الصواريخ الدقيقة، لافتةً في الوقت عينه إلى أنّ تل أبيب تُدير عمليةً سياسيّةً وعسكريّةً ضدّ إقامة مصانع الصواريخ الدقيقة، التي تمنح حزب الله الفرصة للتسلّح بصواريخ دقيقة تكون إصابتها في درجة خطأ تصِل إلى عدّة أمتارٍ فقط، على حدّ تعبير المصادر الإسرائيليّة.

على صلةٍ، رأى المُستشرِق الإسرائيليّ، د. تسفي بارئيل، أنّ الطريق المسدود، الذي وصل إليه رئيس الحكومة اللبنانيّة، سعد الحريري، ليس نتاج المظاهرات التي بدأت قبل أسبوعين، لافِتًا إلى أنّ لبنان غارق في دينٍ وطنيٍّ ضخمٍ يقدر بـ 150 في المائة من الناتج القوميّ الإجماليّ، وشركة الكهرباء أعلنت إفلاسها، ومصادر المياه ملوثة، ونسبة البطالة مرتفعة، ووجود أكثر من مليون لاجئ سوري في الدولة يشوش أسسها الاقتصادية ويهز النسيج الاجتماعيّ – السياسيّ فيها، كما قال في مقاله بصحيفة (هآرتس) العبريّة.

وتابع قائلاً: يبدو أنّ المتظاهرين الذين في معظمهم شباب وطلاب وعاطلون عن العمل، يستطيعون تسجيل نجاحٍ بأنّهم أدوا إلى استقالة رئيس الحكومة واستقالة الحكومة، وبهذا حققوا أحد الأهداف الأساسيّة للاحتجاج دون سفك دماء ودون جرّ لبنان إلى حربٍ أهليّةٍ في هذه الأثناء، ولكنّهم لا يكتفون بالخطوة التي اتخذها الحريري، بل يريدون تغيير مبنى النظام وسن قانون انتخابات جديد واجتثاث الفساد العميق واستقرار الاقتصاد، كما أكّد.

وشدّدّ المُستشرِق، اعتمادًا على مصادره في تل أبيب، على أنّه عمليًا، منذ أيار (مايو) 2018، عندما انتخب الحريري لولايته الحالية، والحكومة تتصرّف مثل حلبة مصارعة فيها كثير من المشاركين، مُضيفًا أنّ حزب الله أيَّد تعيين الحريري بالأساس لأنّه أدرك بأنّه الوحيد الذي يُمكِنه تمثيل لبنان أمام مؤسسات التمويل الدوليّة ومنح الدولة صورةً مُحترمةً.

وهكذا، تابع مُحلِّل الشؤون العربيّة في صحيفة (هآرتس) العبريّة د. بارئيل، هكذا وُجِد التناقض الذي يعتبر حزب الله، بحسبه، منظمةً إرهابيّةً في الولايات المتحدة، شريكًا في حكومة تحظى بدعمٍ من واشنطن، إضافةً إلى ذلك، يُمكِن لحزب الله تحت قيادة الحريري إملاء سياسة الحكومة بتوجيهٍ من إيران، مُشيرًا بالوقت عينه إلى أنّه من أجل ترسيخ مكانته السياسيّة عقد حزب الله تحالفًا مع رئيس الحزب المسيحيّ المارونيّ، جبران باسيل، على حدّ زعمه.

وأوضح المُستشرِق أيضًا أنّ الدعم الذي يحصل عليه باسيل من حزب الله وميشيل عون وضع الحريري في رواقٍ ضيّقٍ وهو مُكبل، بدون قدرةٍ على إقالة وزراء أوْ تشكيل حكومة كما يريد، مُوضِحًا أنّ استقالته واستقالة الحكومة يُمكِن أنْ تفتح الباب أمام فرصةً جديدةً، مُستدرِكًا بالقول إنّ الحديث يجري عن فرصةٍ نظريّةٍ، لأنها تقتضي موافقة القوى السياسيّة على التنازل عن وظائف الوزراء التي لديها والمصادقة على تشكيل حكومةٍ من التكنوقراطيين غير المرتبطين بعلاقةٍ طائفيّةٍ أوْ دينيّةٍ، وفق تعبيره.

هذه الخطوة، برأي المُستشرِق الإسرائيليّ ومصادره بكيان الاحتلال، يُمكِن أنْ يؤيّدها حزب الله الذي يُريد التنصّل من المسؤولية عن الفوضى السياسيّة في لبنان كي لا يقِف وحده أمام المتظاهرين، والسؤال هو هل سيُوافِق الجمهور المتظاهر، الذي شبع من الوعود والإحباط، على الاكتفاء بهذه الخطوات المؤقتة وهو يعلم أنّ عملية الانتخابات قصةً طويلةً لا تَعِد بنتيجةٍ مُختلفةٍ أوْ احتمال إعادة الإعمار الاقتصاديّ؟، تساءل المُستشرِق الإسرائيليّ.