"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

“التحذير” : حزب الله بين التقديس و الأخطاء المخفية

بقلم : 

خالد محيي الدين الحليبي 

لقد وقع حزب الله ضحية الحلول الوسطية والتقريب لوجهات النظر وهذا كله خداع بين الأطراف المختلفة لن يؤدي إلى حلول حقيقية لأنه لا يقوم على مصارحة حقيقية للوقوف على الأخطاء التاريخية والإقتصادية لحلها بصدق وأمانه فمثلا يوجد شخصيات نافذة لصوص كيف تتم الحلول وسط عصابات لنهب المال العام على مستوى العالم العربي كله و لا حل لديهم بل الحل الإقتصادي الأوحد لديهم هو جيوب المواطنين و يجالس حزب الله هؤلاء اللصوص ويفشل في معالجة الموقف بل سكوت على جرائمهم مدة طويلة حتى تفاقمت المشكلة الإقتصادية .

ومن هنا اعتبر المواطن و بتحريضات صهيونية عالمية معلومة التوجه أن حزب الله جزء من الأزمة بمجرد علمه وسكوته على ضياع الوطن والمواطنين تحت أقدام هؤلاء اللصوص بل هو المقصود من إثارة كل هذه المشكلة ولن تحلها بنوكأمريكا وأوروبا وإلا باستبعاد الحزب عن نظام الحكم فهل الحزب مجبر على التقدم لحكم لبنان أم التلاشي نهائياً من المشهد الإقتصادي والبرلمان اللبناني ويكتفي بالسيطرة العسكرية كوزراة دفاع عن لبنان فقط  .

 

ولقد حقق حزب الله من الإنتصارات ماعجزت عنه الجيوش العربية الكبرى في المنطقة  بل  كل الجيوش العربية مجتمعة عجزت عن تحقيق الإنتصار الذي حققه هذا الحزب على العدو الإسرائيلي .

ومن هنا بدأ يفتح عليهم أبواب كل شيئ وبالذات باب الغرور والثقة الزائدة بالنفس  و في الحقيقية  لو درسنا تجارب مماثلة في العالم لوجدنا بعد أن انتصر الحلفاء على ألمانيا توجهوا لمعركة البناء وبمشاركة كل القوى المجتمعية ومثل ذلك حدث في اليابان بعد الحرب العالمية الثانية وكذلك فعلت إيران ولكن سقطت هى الأخرى في سقطة العصبية الحزبية و المذهبية و إن كانوا يعلنون غير ذلك و لكنها الحقيقية وإلا لماذا خذلوا الشيخ النمر وتركوه يقتل كالشاه وأقل جماعة أو عصابة في العالم تستطيع إخراجه من السجن بالمفاوضات أوبالمال أو باستخدام القوة والرهائن ومن هنا جاء المكر بدماء شيعة أهل البيت وذريتهم بعكس ما كانت تتوقع إيران وحزب الله فقد كانا يتوقعون نزول العذاب على القاتل ولكن نسوا بأن أخيه في الدين والمعتقد الذي يقدر على نصرته فخذله جريمته أكبر عند الله قال صلى الله عليه وآله ” المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ولا يخذله ” ولقد وقع جميع المسلمين في هذه الجريمة حيث خذلوا المستضعفين في كل مكان وسلموهم لعدوهم وتآمروا عليهم ولذلك جاءت الرياح بمالم تشتهي السفن  . بأخطاء غير مقصودة واستسلام للتيار الإصلاحي الإيراني  و قلة علم و الجريمة الكبرى التي وقعت فيها إيران كما بينا خذلان العلماء من المذهب وبتآمر من التيار الإصلاحي المندس بين ثنايا الحوزة وسكوت المحافظين على ذلك وهم يعلمون كما فعل حزب الله تماماً بتمام  وهذا ليس مجاله  الآن  فهذه الأخطاء أهم أسباب كل ما حدث منذ عام 2015 وما يحدث و ما سيحدث لهم حتى يتوبوا إلى الله تعالى وحتى يحكم الله وهو خير الحاكمين  .

 

ولكن عن حزب الله منذ انتصار سنة 2000 وهروب قوات انطوان لحد من الحد في الفجر وترك إسرائيل لحلفائهم لقمة سائغة للحزب وهو في علو و تقدم ويحقق شبيعة كبيرة في داخل لبنان وخارجه ثم جاء انتصار حرب تموز 2006 ولأول مرة دولة عربية تقصف الداخل الإسرائيلي منذ عام 1948 م  و نجح الحزب في تثبيت نظرية توازن الرعب والتي انهارت مع ثبات إسرائيل وخوف الحزب من دخول حرب شاملة هنا تأكدت إسرائيل من موقفها وانهارت تلك النظرية تحت وطأة الإغتيالات الاسرائيلية بدعم الخوارج لقيادات الحزب بين سوريا ولبنان وسكوت الحزب أو ردوده الخفية الغير منظورة  .

وتأت الأخطاء متوالية لحزب الله و أولها كبائر مخفية مع الله بخذلان وخيانة ذرية أهل البيت (ع) ممن لا ينتمي لحزب الله أو خط ولاية الفقيه  والضحايا لإيران وحزب الله كثيرون جداً منذ سنة 2015 ومنذ ذلك الحين بدأنا نشعر بأن إيران وحزب الله  قد دخلاً في غرز نحس ينذر بمخاطر كبيرة لدخولهم في دائرة السوء والانتقام الإلهي ولها أسباب كثيرة أهمها  :

 

  • خذلان الأتباع والمقربين والأنصار أمام تلفيق القضايا لداعمي خط المقاومة في الداخل اللبناني  ومنهم سياسيين وعسكريين وخذلان أنصارهم في الخارج  .

 

  • السكوت عن أبطال مذابح صبرا وشاتيلا و غيرهم والجلوس معهم على طاولة حكم لبنان على الرغم من قذفهم ورميهم واتهامهم لحزب الله ونصبهم العداء العلني والخفي لهم خوفاً ورعباً من شبح الحرب الأهلية .

 

  • تقديس الناس لحزب الله حتى أصبح فوق الشبهات وفوق النقض البناء وليس الهدام مما أوقف أي ناصح لهم ولو بالكلمة فهو فوق الشبهات وفوق كل نقض ونؤكد البناء بأن النقض البناء مهم لأي شخص أو دولة أو جماعة قال صلى اله عليه وآله ” المستشار مؤتمن” فلابد وأن يكون الناصح أميناً في نصحة وهذا لن يقبله أتباع الحزب ومحبيه كعادة العرب وهى آفة تفرعن كل الحكام تحولهم إلى آلهة فوق النقض والشبهات أي أن الشعب العربي كله هو من يصنع الصنم بنفسه وهو الذي يعبده والصنم يحصن نفسه بالأتباع وأصحاب المشروعات واللوبيات المشبوهة فتتجذر المشكلة عبر الأجيال والأزمان .

و لأن هناك أصحاب أهواء أولهم رئيس وزراء لبنان نفسه وكثير من وزراء 14 أذار وتيار المستقبل وجعجع والكتائب الذين  لا يتركون مناسبة إلا وكالوا فيها الاتهامات والشتائم  لحزب الله بغير داعي وهم يعلمون أنهم يكذبون ويضللون المواطنين وتأتي الطامة الأكبر فيسكوت الحزب نفسه على هؤلاء وقد حذرنا في كتبنا المطبوعة منها “مصر المقدسة ” بأن أهم أسباب سقوط الدولة الفاطمية كان التسامح مع الأعداء مما قوى شوكتهم وتمدد شرهم حتى قاتلوا في وقت واحد الخوارج وكتامة وزناتة قبائل بالمغرب والبيزنطيين والروم تماماً في مشهد قريب مما يحدث لإيران وحزب الله والشيعة الآن و لقد حذرنا وكتبنا ذلك في كتابنا المطبوع ” مصر المقدسة ” .

و هنا مع تكرار هذا المشهد وبصورة أكثر جرئة على ارتكاب الجرائم ضد السادة الأشراف وتابعيهم ممن لا يؤمن بولاية الفقية أو لمجرد أنه مصري وهم يعلمون قصدي جيداً والجريمة الكبرى التي اقترفوها كانت هذه  أيضاً أحد الأخطاء الكبيرة مع الله في أوليائه وإخوتهم في الدين

والمفترض لكل من سب أو رمى أواتهم حزب الله من الكتل الأخرى تحت قبة البرلمان اللبناني عقوبة قانونية رادعة لاتهامهم حزب الله الذي رفع رأس لبنان عالياً ولولاه لكان لبنان مازال محتلاً مثل غزة والضفة وغيرهما ولكن سكوت حزب الله هنا أيضاً أوقعه في مشكلة تصديق العوام أنه سبب رئيس في مشاكل لبنان وفشل الحكومة وسبب سرقة المسؤولين لأنه يرى ويسكت والساكت عن الحق شيطان أخرس فتم شيطنة الحزب

على الرغم من أن كل نواب لبنان المفترض أن يكون التنسيق بينهم غاليا لا التنافس والتناجش وتحميل التبعات وإلقائها على الآخرين

فكان من المفترض على حزب الله المنتصر أن يتمدد في مناطقهم بتقديم الخدمات والمساعدات للفققراء وتقديم الدعم لكل جموع الشعب باختلاف  دياناتهم ونظن أن الحزب فعل ذلك ولكن على نطاق ضيق وذلك لضيق الموارد وأسباب أخرى غير منظورة

مع التخلص من كل من يقف حجر عثرة أمام وحدة شعب لبنان بالمحاكمات والقانون الذي يحمي وحدة الشعب اللبناني من التفرق والمحاصصة والمناطقيات .

و لكن حدث العكس وسكت حزب الله على سبه ورميه وقذفه حتى صدق كثير من اتلعوام ذلك وهنا يقول أمير المؤمنين علي (عليه السلام) مرفوعاً : ” سكوت أهل الحق على حقهم أوهم أهل الباطل أنهم على حق ”  ولقد ساهم  الحصار الأمريكي الخبيث للإقتصاد اللبناني في ضرب حزب الله في الداخل اللبناني وإحداث شق غير منظور ويانة من بعض النواب أخذوا يكيلون الإتهامات للحزب أنه سبب الأزمة الإقتصادية كأن أمريكا تقدم السبب لبنطلق هؤلاء بألسنتهم ليضلوا الناس ويدفعونهم للثورة .

ولقد كشفت الخطة الأمريكية لحصار حزب الله إنطلاقاً من عقوبات اقتصادية جماعية لكل للبنان بالفعل هشاشة الإقتصاد اللبناني وعدم وقوفه على قواعد راسخة وأصول قوية مقاومة مثل بقية الدول وأقربها سوريا مثلاً وإيران وذلك لأن وحدة التراب السوري عندهم أهم وكذلك في كل بلاد الدنيا أما أن الدروز يحكمون منطقة والكتائب أخرى والمارون كذلك والشيعة كل يتمسك بالمحاصصة هذه المشكلة فشل حزب الله في حلها لوحدة توجهه نحو الحل العسكري وهو الأوحد مع إسرائيل و من هنا نجح حزب الله بالفعل كوزارة دفاع عن لينان وليس سياسياً أو اقتصادياً حازقاً مثل مهاتير محمد مثلا لإنقاذ لبنان .

 

  • الغرور الذي أعقب الحزب بعد انتصاره على الخوارج في سوريا وتحول بع الألإراد فيه لشبه جلادين للمواطنين .

 

  • سكوت الحزب على فضائح واختلاسات يعرفها وتدار على مرأى من رجاله داخل الحكومة دونأن يحركوا ساكناً ومن هنا تم إدخال حزب الله كشريك في الفساد .

 

  • بالقطع هناك عوامل خارجية فجرت هذه الأزمات وأهمها الععقوبات الأمريكية على لبنان وإصرارهم على حصار حزب الله تمهيداً لإدخال لبنان في حرب أهلية .

 

  • ويأتي خطأ حزب الله الكبير أنه لم يتفاعل مع جموع الشعب المختلفة من شتى الديانات والمذاهب والتيارات أنهم يريدون دولة مدنية وهذا يتنافى مع توجهات الحزب واعتقاده بولاية الفقية وهذا يضع حزب الله في مأزق كبير لا يجد له حل .

وهناأستطيع أن اقولها بعد مراقبة شديدة لكل التيارات الإسلامية سنة وشيعة أنهم جميعا ناجحون في حمل السلاح فاشلون في إدارة الدولة لأن مثل تلك المشكلة في العراق أيضاً وهذا يرجع لعدم وجود نتظرية محددة لنهضة البلاد العربية والقضاء على الفساد المتجذر بينهم وسوء الأخلاق المتفشي فيهم والأصلح لهم وزارتان في الوقت الحالي إن لم ينتبهوا لسد تلك ثغرة فشلهم في إدارة البلاد  هما وزارة الدفاع والداخلية .

ونبشر بأن لبنان ليس الأوحد في تلك المشكلة بل مصر غارقة في مثلها وكل بلاد العرب تقريبا ترزح تحت نير اللصوص ولا تجد من يخلصهم من تلك العصابات المتجذرة في الجسد العربي

وأخيرا ً أعاذ الله تعالى لبنان الحبيب وحزب الله العزيز وكل بلاد العرب والعالم والمسلمين من كل سوء .

 

هذا وبالله التوفيق وما توفيقي إلأا بالله عليه توكلت وإليه أنيب

 

خالد محيي الدين الحليبي