ترفض إسرائيل، السعوديّة والإمارات التسليم بأنّ مساعيهم لإقناع أمريكا بتنفيذ عدوانٍ على إيران باءت بالفشل المُدّوي، بعدما أعلن ترامب أنّ وجهته نحو الحلّ السياسيّ وليس العسكريّ، ومع ذلك، فقد حذّر جنرالٌ إسرائيليٌّ رفيع المستوى، من الصورة القاتمة التي يُمكِن أنْ تصِل إلى حافة الحرب في الصراع ضدّ إيران، التي تُحاوِل تثبيت تواجدها في سوريّة والعراق، مؤكّدًا أنّ المعركة بين الحروب ستكون أكثر تفجرًا من الماضي، طبقًا لتعبيره.
وفي حديث مع صحيفة (يسرائيل هايوم) قال الجنرال درور شالوم، رئيس دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) إنّه يتلّمس في الآونة الأخيرة صورةً قاتمةً للغاية، مضيفًا أنّه في السنة والنصف الأخيرتين رفعت النبرة بشأن مستوى الاحتمال الكامن في التفجر، فالواقع أكثر تعقيدًا ممّا كان في الماضي، ونراه يتفاقم.
وتناول الجنرال حالة “التفجر” في كافة الجبهات، مؤكِّدًا أنّ الأمر في النهاية يتعلق بإيران، فمن البرنامج النوويّ الإيرانيّ، وحدّت جهودها لتثبيت تواجدها في سوريّة والعراق ومحاولاتها نقل أسلحةٍ مُتطورّةٍ، وصواريخ دقيقة لحزب الله في لبنان، لافتًا إلى أنّ إسرائيل تتواجد حيّال إيران في التفافةٍ خطيرةٍ، ويتحتّم عليها أنْ تقبض على الدفة بقوّةٍ شديدةٍ، على حدّ تعبيره.
وذكر شالوم، أن هناك 3 سيناريوهات نوويّة ممكنة، الأول، أنْ تصل واشنطن إلى اتفاق نووي جديد مع طهران يشبه أوْ يختلف عن الماضي، وقد لا يستجيب لكلّ رغبات إسرائيل؛ الثاني، يتواصل فيه التصعيد العسكري في الخليج لوضع تشدد فيه إيران نشاطاتها وتضطر الولايات المتحدة للرد، وهذا من شأنه أنْ يجر لمطالبة نصر الله بالتدخل، وبالأساس تجاه إسرائيل، والثالث فهو التوسّع نحو النوويّ، وخرق الاتفاق إلى ما دون حافة الانتقال إلى القنبلة، مُشيرًا إلى أنّ إيران من لحظة اتخاذ القرار بصنع القنبلة، تحتاج إلى سنتين نحو القنبلة وسنة للمادة المشعة الكافية، ولكن السياقات التي يتخذونها الآن تسمح لهم بتعزيز قوتهم، فعندما يقررون، سيكون هذا أسهل وأسرع عليهم.
وتابع: خرق الاتفاق النوويّ سيُلزِمنا بإعادة جزءٍ من المقدرات لهذه المسألة، وأنا بالتأكيد أقل هدوءًا اليوم، لقد دخلنا إلى المجال الغامض الذي يتقدّمون فيه دون إبطاء، ما يُلزمنا أنْ نكون أكثر حساسية، مُشدّدًا على أنّ إيران عدوًّا ذكيًّا جدًا، وأنا قلق بالتأكيد.
وحول مدة معرفة إسرائيل بالمواقع الإيرانية وإمكانية العثور عليها، ذكر الجنرال أنّ فرضية العمل في كلّ الأوقات، أنّه توجد أمور لا أعرفها، ولهذا توجد شبكة مرتبة جدًا تُعنى بالموضوع النوويّ، ليس فقط في إيران، بل وفي كل المنطقة، تنكب على قلب كلّ حجرٍ كي لا نفاجأ.
وشدّدّ على أنّ الجنرال الإيرانيّ قاسم سليماني، هو رجلٌ جديٌّ جدًا، يتعلّم ومصممٌ ويؤمن ويتطوّر كل الوقت، وبدأ ينقل قدرات غايتها المس بنا في المعارك ما بين الحروب، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ سليماني شخصية مركزية تقود خطوات سلبية تجّاه إسرائيل.
وأشار إلى أنّه لدى شعبة الاستخبارات سياقين متوقعين، الأول، نتيجة للضغط على إيران في سوريّة، هذا كفيل بأنْ تُحاوِل تثبيت التواجد في العراق، والثاني، أنْ تنقل طهران إلى سورّة قدرةً متطورّةً للمسّ بإسرائيل، وهذا كفيل بأنْ يجعل المعركة بين الحروب أكثر تفجرًا بكثير، مُنوهًا إلى أنّ القدرات المتطورة ربما تشمل، صواريخ جوالة، ومقذوفات صاروخية، وحوامات وربمّا أمورًا معقدةً أكثر من هذا.
وعمّا يحصل في العراق، قال: سليماني استثمر هناك جزءًا كبيرًا من وقته في المستوى السياسيّ، وثبَّت هناك قدرات ومليشيات وحلفاء، وهو يستغل كلّ هذا للتأثير في المجال السياسيّ العراقيّ، ولكن أيضًا خلق مجال عملٍ آخر ليس فقط ضدّنا، بل ضدّ السعودية والخليج. ورأى أن إمكانية استهداف إيران لإسرائيل من العراق، خيار معقول جدًا، مُرجِّحًا إطلاق إيران صواريخ أرض أرض، وصواريخ جوالة أوْ طائرات مسيرة بعيدة المدى، كما قال.
وأكّد أنّ إيران تعرضت لضرباتٍ شديدةٍ، ولكنّها تنشط ولا ترفع يديها، بل تُطوِّر القدرات، وما لم ينجح معها في المرّة السابِقة قد ينجح في المرة القادمة، مُدعيًا أنّ بشار الأسد غير راضٍ عن النشاط الإيرانيّ في بلاده، ولكنّه في نهاية المطاف مكبل.
وأردف: أعتقد أننّا بدأنا نلمس حافة الحرب، ولا تزال وظيفتنا كرجال استخبارات أنْ نحرص كلّ الوقت على ما يُمكِن أنْ نعمله من تحت حافة الحرب، ونشير للأماكن التي من شأنها أنْ تؤدّي بنا إلى ما وراء ذلك، مُشيرًا إلى أنّه لا يزال هناك مجال عمل حر في المعركة بين الحروب، وهناك حاجة لأخذ حذر أشد ويقظة أكثر، مرجحًا أنْ تكون المعركة مع إيران في العام المقبل، أكثر تفجرًا، وفق تعبيره.
يُشار في هذا السياق إلى أنّ القناة الـ12 في التلفزيون العبريّ كانت قد نقلت مؤخرًا عن مصادر أمنيّةٍ رفيعة المُستوى في تل أبيب تلميحها إلى أنّ الموساد الإسرائيليّ وضع الجنرال قاسم سليماني على رأس قائمة الاغتيالات لدى الجهاز، الذي نعته رئيسه السابِق، تامير باردو، بجهاز القتل المُنظَّم.