بقلم :

خالد محيي الدين الحليبي :

قد تنزلق إسرائيل وحزبها مع المقاومة مجتمعة في حرب غير محسوبة العواقب و بغير قصد أو تخطيط من كلا المعسكرين وبتخطيط ومكر إلهي محكم ليقضى الله أمراً كان مفعولا .

خالد محيي الدين الحليبي .

لقد حدثت أموراً خفية بين حزب الله وإسرائيل لن تخرج عن كون حزب الله صبر صبراً كبيراً وحلما ظنه العدو جبنا وقد يكون كذلك في ظاهر الأمر ممكناً مادام الحزب لم يثأر لعماد مغنية من قبل حتى الآن  بما يعني أن الحزب أخذ يخشى إسرائيل ويتحاشى الصدام الكبير معها وهذا ما أبدته عدة صحف في تحليلاتها وتقاريرها المنشورة في الغرب بأوروبا وأمريكا وذلك بعد أن لمسوا  بأن إسرائيل عازمة على المضي قدماً في الحرب الكبيرة مع لبنان ولو ظاهراً على خلاف الحقيقة في حماقة لا يصدق أحداً  أبعادها بالإضافة إلى معلومات عن الحزب تسربت إلى إسرائيل جعلته يتجرأ على قصف الضاحية وقتل عماد مغنية من قبل

و لقد اغتالته يد الغدر الإسرائيلي السعودي وبخيانة من داخل رجال في الأمن السوري لهذا القائد العسكري الخطير عماد مغنية .

وكنا على يقين بأن حزب الله سيرد بنفس المقدار والقوة ولكن لم نرى أي رد فعل ظاهر علني قوي حتى الآن .

وحيث أننا في آخر الزمان وأحداثه الجسام وبينت السنة النبوية المطهرة وكتب الله السماوية ذلك فتحدثت عن هذه الأيام وشروطها وأحداثها بالتفصيل .

وبتسديد إسرائيل ضربتها لحزب الله قد حققت أكبر إهانة للحزب  في قصف الضاحية الجنوبية بالإضافة لقصف مواقع الحزب والحرس الثوري والحشد الشعبي بالداخل السوري وكأنهم يوهمون العالم بأنهم يكررون مع العالم العربي  نكسه عام 1967 حيث ضربوا في وقت واحد وسوريا ومصر و الأردن ومع هذا الوهم حتى ولو رد حزب الله والمقاومة ردااً خفياً فهو بعيد عن فهم وإدراك العامة التي تتحطم معنوياتها بضرب المقاومة أو إسرائيل وحزبها على السواء

لأنها ضربات حرب باردة لا يشعر بها الكثير من الناس ليشفي صدور هم من المعتدي  .

ولكن  المشكلة التي بدأت تحير عوام المسلمين الآن  كانت بقصف إسرائيل و قتلها شباباً من حزب الله  بالضاحية الجنوبية لبيروت ثم يخرج علينا حزب الله حتى الآن بتهديدات كلامية فقط دون رد حقيقي يشفي صدور المؤمنين مما جعلنا نتسائل ماذا حدث ما الذي أخر رد الحزب عن الثأر للشهيد عماد مغنية وما سبب تأخير رد الحزب هل انهارات “نظرية توازن الرعب” أسئلة كثيرة يحتاج  المسلم لها عن إجابة  .

وصدق رسول الله صلى الله عليه وآله حينما قال فيما يمر به المسلمين الآن من فتن ومحن  “فتنة تدع الحليم حيرانا” .

ومن بين ثنايا هذه المواقف المتكررة والتي بدأنا نتسائل عن أسبابها تذكرنا قول السيد حسن في أحد خطاباته  بعد حرب تموز  2006 ” لو كنت أعلم أن الحرب ستسبب كل هذا الدمار والقتل  لما دخلتها ” .

هكذا قال حديثاً بهذا المعنى بالضبط  والذي ترجمه في دعواته التهديدية المتكررة  بما اعتبره العدو  انتصاراً و خوفاً   ونفس المعنى وصل لعقول  العوام  من الناس وبرزت أكثر  بعد قصف إسرائيل منذ أيام  لمقر الحزب بالضاحية الجنوبية في بيروت .

لقد وقعت المقاومة  في خطأ نفذت منه إسرائيل بالإضافة إلى معلومات يبحثون عنها مؤكد وصلت إليهم  تسببت في نفاذهم للقلب في بيروت   .

 والسؤال المخيف هنا هل بدأ أفول نجم الإنتصارات هذا ما نجح العدو في توصيله لعقول عوام الناس لأنهم سيتمادون في الضربات العسكرية المحكمة والمغطاه بتحرك سياسي عربي لإقناع المقاومة بالتعقل وعدم الرد لإقناع العالم بقوة إسرائيل .

فالإسرائيلي لن يكتفي بذلك بل سيتمادى أكثر  في التنكيل بالمقاومة وإيذائها و هو يحلم بإبادتها  حيثما حلوا وارتحلتوا ليجبروا الجميع  دون أن يشعروا على دخول الحرب الكبرى  والتي اقتربت معالمها وبدأ زمانها وهم لا يشعرون .

وهى حرب فرضت على الجميع ظناً منهم بأن حزب الله  قد كسر وكسرت معنوياته و جنوده  وهذا غير حقيقي بل هو وهم و أحلام يقظة يحلمون بها و بالتالي لن ينتصروا عليكم إلا بجريمة في حق الله تعالى أو  أهل بيته وخذلان ذريتهم أو ظلمهم بغير قصد

قال الإمام الصادق (ع) (مرفوعاً) ” نحن أهل بيت ما قاتلنا بيت إلا خرب ولا كلباً إلا جرب ومن لم يصدق فليجرب ” فأي قوة تقاتل ذراري أهل بيت النبي (ع) محكوم عليها بالفشل والهزيمة  سواء كانت قوميتها أو ديانتها أو مذهبها سواء كانت  دولة أو جماعة أو قبييلة .

وبتلك الضربات التي نفذتها إسرائيل على الحشد وحزب الله والحرس الثوري والجيش السوري دون رد ظاهر واضح جلي للجميع تأكد للكثير من العوام سفهاً وحمقاً  بأنها بداية عصر هزائم المقاومة وذلك لجبن معسكر المقاومة عن الرد الواضح الصريح الجلي بما دفع بعص الكتاب والصحفيين  الأعراب على التصريح العلني بحتمية اشتراك جيوشهم في ضرب المقاومة الإسلامية بين العراق وسوريا و لبنان وذلك لأن  رد المقاومة كان خفياً لا يدركه ولا يفهمه عوام المسلمين .

وبهذه الضربات وسكوت  معسكر المقاومة وتغطية بعض الحكومات وإقناع المقاومة بعدم الرد إلا سياسياً في المحاكم أكد انتصار إسرائيل من جهة بعد إقناع الجيوش بأن الرد لابد وأن يكون سياسياً وقضائياً فهذا أجدى وهذه التصريحات من جهة أكدت جبن المقاومة بعد وقوعهم في فخ دهاء السياسيين الخونة وأكدت للعوام من المسلمين انتصار إسرائيل  .

و  أن معسكر المقاومة في حالة من التهلهل والإنحدار والخوف فهذه هى الرسالة التي وصلت لعموم المسلمين خاصة مع سكوت المقاومة عن الرد زاد الطين بلة  .

وأطمع  فيهم الإعداء أكثر فأكثر بعد أن ظنوا هزيمة  المقاومة وظن الأعداء وهماً أنهم منتصرون بجهل ودون علم في التفرقة بين الحلم والضعف و التي حذر منها النبي صلى الله عليه وآله مبيناً أنه من علامات الساعة أن يكون الحلم ضعفاً كما في الحديث ”  قال صلى الله عليه وآله ” من علامات الساعة أن يكون الحلم ضعفاً ”

وهنا يكمن الخطر بين المعسكرين حيث اعتبرت إسرائيل صبر المقاومة  جبناً و هزيمة وفي نفس الوقت المقاومة واثقة من النصر وبوقائع ونصوص دينية .

وبالتالي الأيام القادمة ستحمل تمادي في الإنتقام  الإسرائيلي الأعرابي بعد أن ظنوا انهم منتصرون والمعسكر المقاوم  يصرح بأنهم يتحلون بالصبر لتفادي هلاك المنطقة العربية و تخريبها .

والغريب أن القرآن يؤكد تلك القاعدة وهى تحريض الشيطان لمعسكر الكفر وإيهامه بأنه الأقوى عدداً وعدة وبالتالي مستحيل هزيمتهم كما في قوله تعالى { وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ ۖ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَىٰ مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ ۚ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ الأنفال 48}

وفي نفس الوقت يقلل الله تعالى عدد المؤمنين ويظهرهم بمطهر الضعيف القليل العدد والعدة ليغري المعسكرين ببعضهما ويحدث الصدام الغير متوقع من كلا الطرفين ليقضى الله امراً كان مفعولا كما في قوله تعالى { وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا ۗ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ  –  الأنفال } وبالتاي قد تنزلق الأحداث والأمور من كلا المعسكرين بغير قصد أو تخطيط وبتدبير إلهي محكم بسبب

فجوة إدراكية بين المعسكرين و هنا يكمن المكر الإلهي بالجميع لسكوت المؤمنين على سفك دماء المسلمين وانتشارالفجور وتشييد معابد الوثنيين الأسيويين في الجزيرة العربية  وهم قادرون على ذلك أيضاً بعدة طرق دبلوماسية وغير دبلوماسية ولكن أكتفوا بالشجب والإدانة والإنكار الكلامي لذر الرماد في أعين المسلمين فقط    . وأما المعسكر الآخر فهم سفاكون للدماء مخربين للدين مفسدون في الأرض وبالتالي الصراع بين معسكرين أحدهما مقاوم وقع في تقصير ببعض القضايا التي تغضب اللع تعالى ومعسكر المغضوب عليهم الواقعون في دائرة السوء وفي غضب الله والغريب أن كلا المعسكرين لا يريد الصدام الحقيقي لحسم قضايا مصيرية بالسيف اللهم إلا إسرائيل فهى المصرة على الإعتداء والقتل دون رد من المسلمين أو اتفاق حقيقي لحل المشكلة الفلسطينية بناءاً على حل الدولتان فيلجأ الجميع للخداع وتلجأ إسرائيل للإنتقام ولا حسم لتلك القضايا إلا بالإتفاق الحقيقي الصادق الواقعي أو بالسيف  كما قال الشاعر :

السيف أصدق أنباءاً من الكتب في حده الجد بين الهزل واللعب

بيض الصفائح سود الصحائف في متنونهن زوال الشك والريب.

ويقول :

 السف قاضي القتال وهو الحكم بين الرجال 

وبالتالي كلا المعسكرين يلجأ كما يقولون للدعاوى والتهديدات الكلامية والدعوات الحنجورية وهنا يتدخل المكر الإلهي بالجميع ليقضى الله أمراً كان مفعولا لدفع كلا المعسكرين نحو ما أراد الله دفعاً منه عز وجل كما قال تعالى {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ – البقرة 251} وقال أيضاً عز وجل :  {   الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ –  الحج}

 

وبالتالي يوجد خطأ إدراكي ومكر إلهي وحرباً ربانية على الجميع  قال تعالى فيها مبيناً أن مكره تعالى سيكون بالظالمين الماكرين الذين قتلوا أفسدوا في الأرض قال تعالى :  { ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين } .

فالمقاومة يصرون على الدفاع فقط عن أنفسهم تاركين حرمات بقية المسلمين ودمائهم ومقدساتهم وراء ظهورهم في الدرجة الثانية بحجة أنها شأن داخلي لكل دولة حتى الحرمين لو هدما فهو شأن داخلي  وهنا يكمن خطر التسويف في نصرة المسلمين ومقدساتهم والتخاذل عن نصرة المظلومين في كل بقاع العالم أياً كانت ديانتهم ومذاهبهم فخذلانهم من مغضبات الله تعالى فما بالك بالمسلمين ووخذلانهم والمكر بهم مع ظن العدو أنه منتصر وقوي وقادر .

وهنا يكون الله تعالى قد أهل الجميع وأعدهم  للصدام  والحرب الكبرى بالمنطقة و التي تأبى المقاومة دخولها حتى ولو هدمت الكعبة المشرفة وأبيد كل المسلمين شيعتهم وسنتهم فلا هم لهم إلا أنفسهم ومصالحهم الضيقة  .

بعد أن وقع  الجميع بإذن الله في أوهام النصر الوهمي عند إسرائيل والأعراب المحرضين لهم من جهة و المقاومة  من جهة أخرى يقع الجميع في المكر الإلهي البعيد عن إدراك الكثير  .

وهنا تكون قد وضعت فرضيات و همية بينهما بإذن الله تكون سبباً في هلاك الكثير ونصرة للمستضعفين و ليقضى الله أمراً كان مفعولا بعيداً عن إدراك كلا الطرفين المتقاتلين  بعد أن تقاتلا وفقاً لفرضيات وهمية وحسابات خاطئة في الأساس وسوء تقدير مختلط بعمى قلب  يكون سبباً في قضاء لله تعالى قضاه من قبل ويفر منه الجميع وهو واقع بهم  .

 

مركز القلم للإبحاث والدراسات

 

خالد محيي الدين الحليبي