"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

سلاح أمريكي خفي يستهدف إيران.. هل قيّد “ستاكنت” الحرس الثوري؟

أزاحت الولايات المتحدة الأمريكية، مؤخراً، الستار عن معلومة مهمة سربتها لكبريات صحفها وكانت تحمل رسالة لإيران تفيد بإمكانية واشنطن إيقاع الضرر الفادح بالقوة الإيرانية من دون حروب.

هذا ما توضح من خلال ما نشر في صحيفتي “نيويورك تايمز” و”واشنطن بوست”، الخميس (29 أغسطس الجاري)، وكشف عن شن الولايات المتحدة هجوماً إلكترونياً واسعاً على إيران؛ تسبب في وقف قاعدة بيانات هامة لديها، استخدمت لمهاجمة ناقلات نفط في الخليج.

ووفقاً لـ”نيويورك تايمز”، التي أوردت تصريحاً لـ”مسؤول رفيع”، فإن الهجوم الإلكتروني الأمريكي، الذي وقع في شهر يونيو، تسبب في إعاقة مجموعة الاستخبارات التابعة للحرس الثوري الإيراني، وقدرة إيران على تنفيذ هجمات سرية.

وبحسب الصحيفة، فإن واشنطن من أجل تنفيذ هجومها الإلكتروني على إيران استعانت بفيروس يحمل اسم “ستاكنت”، الذي اكتُشف للمرة الأولى في عام 2010، ويعتقد أنه صمم بواسطة أمريكا و”إسرائيل”؛ من أجل مهاجمة منشآت نووية إيرانية.

ووقع هجوم الولايات المتحدة الإلكتروني ضد إيران بعدما أسقطت إيران طائرة مسيرة أمريكية فوق مضيق هرمز.

المسؤول الرفيع الذي تحدث للصحيفة هو ضابط استخبارات سابق، يدعى نورمان راؤول، وقال في رسالة تحمل في طياتها تهديداً واضحاً لإيران: “يجب عليك أن تنقل أمراً واحداً لعدوك بفاعلية؛ بأن للولايات المتحدة قدرات متعددة لن يتمكن العدو من الوصول إليها أبداً، لذلك من الأفضل لجميع الأطراف أن يتوقفوا عن أعمالهم العدوانية”.

وأفاد التقرير بأن إيران ما زالت تحاول إصلاح أنظمة اتصالاتها الهامة، ولم تستعد المعطيات التي فقدت في الهجوم الأمريكي عليها، بالإضافة إلى أنها لم ترد عليه بعد.

ونفى تقرير “نيويورك تايمز” تقارير سابقة أفادت بأن الهجوم الإلكتروني الأمريكي استهدف قدرات إيران على إطلاق صواريخ.

وبحسب التقرير، فإن إيران تنفي التقارير السابقة بأنها تعرضت لهجوم إلكتروني في أعقاب إسقاط الطائرة المسيرة الأمريكية.

ما هو فيروس ستاكنت؟

في ديسمبر 2015، نشرت صحيفة “بوليتيكو” الأمريكية تقريراً عما وصفتها بـ”أكبر الأسرار التي تخفيها حكومة الولايات المتحدة”، وتتعلق بأخطر الأسلحة الإلكترونية التي تمتلكها، ومتى يمكن أن تستخدمها.

الصحيفة ذكرت أن السلاح الإلكتروني الغامض والأكثر تعقيداً الذي استُخدم حتى الآن هو “ستاكنت” “Stuxnet”، هذا الفيروس الذي تمت برمجته خصوصاً لاستهداف المفاعلات النووية الإيرانية.

وتابعت الصحيفة: “اكتُشف هذا السلاح الخطير عام 2010″، مؤكدة أنه تم إنتاج هذا الفيروس بالتعاون بين الولايات المتحدة و”إسرائيل”، وأن كل الخبراء في العالم يجهلون هذا الأمر.

الصحيفة استطردت تقول: “هذا الفيروس يطرح سؤالاً خطيراً؛ وهو ما الذي يمكن أن تفعله الولايات المتحدة مع خصومها إذا ما قررت أن تشن حرباً إلكترونية عليهم؟”.

وواصلت: “لم تعترف الحكومة الأمريكية حتى الآن بأنها المسؤولة عن إطلاق فيروس ستاكنت على حواسب المفاعلات النووية الإيرانية، ولم يعرف حتى الآن ما هو المدى الذي وصلت له الأسلحة الإلكترونية الأمريكية في مجال الحروب الرقمية”.

ولكن على مدى الأعوام القليلة الماضية، هناك تطور جديد في السياسة العسكرية الأمريكية؛ إذ أخذت الحرب الإلكترونية من مجال الأفكار النظرية إلى التطبيق الفعلي، وإن كان هذا الأمر سراً، وفقاً للصحيفة.

وأضافت: “أول إشارة كانت في يناير 2013، عندما نشرت صحيفة واشنطن بوست أن البنتاغون قد توسع بشكل كبير في أسلحة حروب الإنترنت cybersecurity forces”.

وأضافت أيضاً: إنه “في أكتوبر من نفس العام، كوّن البنتاغون فريقين من خبراء التكنولوجيا وظيفتهم هو عالم الإنترنت، وفي غضون عام ارتفع عدد هذه الفرق إلى 10”.

في عام 2014، تقول الصحيفة، أعلن وزير الدفاع الأمريكي عن فرع جديد للجيش هو “الإنترنت Cyber”، وهو أول فرع ينشئه الجيش الأمريكي منذ عام 1978، عندما أنشأ فرع القوات الخاصة.

وأفادت، في أكتوبر 2014، بأن عدد الفرق في فرع الإنترنت أصبحت 32 فريقاً، تتعاون مع هيئة أركان القوات الأمريكية المشتركة في “فورت غولدن” بولاية جورجيا، مشيرة إلى أنه “في الصيف القادم (2016) سيصل عدد فرق الفرع الجديد للجيش الأمريكي إلى 41 فريقاً.

الهدف من إنشاء فرع الإنترنت

تقول الصحيفة الأمريكية إن الهدف الرئيسي لهذا الفرع هو وضع استراتيجية للعمل على الإنترنت، خاصة مقاومة الجرائم الإلكترونية التي تمس الأمن القومي الأمريكي.

وبينت أن الولايات المتحدة لديها الآن أكبر وحدة في العالم لمراقبة إمكانيات القرصنة والهجمات الإلكترونية لكل المجموعات والدول على مستوى العالم.

وأما في الحروب التقليدية فإن الأسلحة والاستراتيجيات العسكرية مفهومة إلى حد كبير، وقد طور المجتمع الدولي وسائل وطرقاً لمعالجة أي نزاع قد ينشأ في هذا الصدد؛ بغرض تجاوز المشكلات التي من الممكن أن تخرج عن السيطرة.

عكس هذا تماماً ما يحدث في عالم الإنترنت، تقول الصحيفة، فلم يطور المجتمع الدولي طريقة لتفادي الهجمات الإلكترونية بين الدول الكبرى، ولعل الهجمات الصينية على شركة “سوني بكتشرز” الأمريكية مثال على ذلك.

من المعروف أن أي حرب ستنشأ في المستقبل على مستوى كبير سوف تصبح الهجمات الإلكترونية جزءاً منها، وتعمل الدول الكبرى الآن على تطوير أسلحتها في هذا المجال.

وأشارت صحيفة “بوليتيكو” إلى أنه في أبريل عام 2015، نشرت وزارة الدفاع الأمريكية لأول مرة تقريراً عن الأهداف الاستراتيجية الأمريكية في مجال الهجمات الإلكترونية. البعض انتقد هذا التقرير لأنه لم يشرح كيف ومتى وأين ستستخدم الولايات المتحدة إمكانياتها في الهجوم الإلكتروني.

هل تضرب أمريكا إيران بـ”فيروس ستاكنت” ثانية؟

وشهدت العلاقات الأمريكية الإيرانية توتراً وتصعيداً عسكرياً، وذلك بعد انسحاب الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، من الاتفاق النووي الذي وقع عام 2015 مع طهران.

ومؤخراً، وقع هجوم على ناقلتي نفط في بحر عُمان، إضافة إلى إسقاط طائرة استطلاع أمريكية حديثة بصاروخ إيراني فوق مضيق هرمز، واحتجاز حكومة مضيق جبل طارق التابعة لبريطانيا ناقلة نفط إيرانية، قالت إن وجهتها سوريا، التي يفرض عليها الاتحاد الأوروبي عقوبات.

وتراجع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في اللحظة الأخيرة عن قرار شن ضربات جوية على إيران رداً على إسقاط الطائرة الأمريكية المسيرة، وذكر في مقابلة مع شبكة “إني بي سي” وقتها: “لم أعتقد أنه مناسب”.

وشددت واشنطن العقوبات على إيران، التي ردت برفع تخصيب اليورانيوم إلى أبعد من الحدود التي حددها الاتفاق، وزيادة مخزونها من اليورانيوم المخصب إلى أكثر من 300 كيلوغرام.

التهديد الذي وجهه ضابط الاستخبارات الأمريكية السابق، نورمان راؤول، الذي تحدث لـ”نيويورك تايمز”، وقال إن لبلاده “قدرات متعددة لن يتمكن العدو من الوصول إليها أبداً، لذلك من الأفضل لجميع الأطراف أن يتوقفوا عن أعمالهم العدوانية”، كان صريحاً في إشارته إلى فاعلية الهجمات السيبرانية التي يمكن من خلالها الوصول إلى قدرات إيران العسكرية.

وشهدت الآونة الأخيرة عدة هجمات استهدفت مواقع لقوات تابعة لإيران في العراق وسوريا ولبنان، نُفذت من خلال طائرات مقاتلة وأخرى مسيرة.

وعلى الرغم من التهديدات المتواصلة لإيران، والمليشيات الموالية لها في هذه البلدان العربية الثلاثة، بتوجيه ضربات لمواقع أمريكية في المنطقة، لكن لم يصدر أي ردّ فعلي.

لكن بالعودة إلى السلاح السيبراني المتقدم الذي تملكه الولايات المتحدة، وسبق أن استخدمته دون الإفصاح عنه في شنها هجوماً على إيران، ليس مستبعداً أن واشنطن قد تقيد من خلاله قدرة أي تحركات تخطط لها إيران في حال وقوع أي مواجهة.