“أمام أعيننا” لتيري ميسان
(1)
أمام أعيننا (1/25)
بقلم تييري ميسان
” Sous nos yeux في حلقات متتالية. إنه تدوين طموح لتاريخ السنوات الثماني عشرة الماضية المتأتية من تجربة المؤلف في خدمة العديد من الشعوب. هذا الكتاب ليس له مثيل، ولا يمكن أن يكون له مثيل من منطلق أنه لم يتسنى لأي رجل آخر أن يعايش جميع تلك الأحداث المتتالية في أمريكا اللاتينية، وإفريقيا، والشرق الأوسط إلى جانب الحكومات التي يكيل لها الغرب شتى الاتهامات.
” يجب على جميع الدول الامتناع عن تنظيم، أو مساعدة، أو تحريض، أو تمويل، أو تشجيع، أو التسامح مع أنشطة تخريبية مسلحة، أو إرهابية ترمي إلى تغيير نظام دولة أخرى عن طريق العنف، وكذلك التدخل في الصراعات الداخلية لدولة أخرى”.
القرار 2625 الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 24 أكتوبر 1970
مقدمة المؤلف
لاتوجد معرفة نهائية. التاريخ، كباقي العلوم الأخرى، هو تشكيك بما كنا نعتقد أنه يقين، وأنه في ضوء عوامل مستجدة، نجده يتغير، لا بل يتم نكرانه.
أنا أرفض مقترح الخيار بين ” دائرة العقل” و “التفكير الأحادي” من جهة، والعواطف و”ما بعد الحقيقة” من جهة أخرى. وأجد نفسي في مكان آخر :
أسعى إلى الفصل بين الحقائق والمظاهر، وبين الحقيقة والمعلومة. خصوصاً، وطالما أنه مايزال هناك أناس يحاولون استغلال أٌناس آخرين، فأنا لا أعتقد أن العلاقات الدولية، يمكن أن تكون ديمقراطية تماماً، وبالتالي شفافة.
لذلك، وفيما هو أبعد من المراوغة، يبدو مستحيلاً بحكم طبيعة الأشياء، تفسير الأحداث الدولية بدقة، وقت حدوثها. ولايمكن للحقيقة أن تظهر، إلا بعد مرور وقت طويل.
أتقبل فكرة أن أكون على خطأ الآن، لكني لا أتخلى أبدا عن إمكانية إعادة النظر بانطباعاتي، ومحاولة الفهم.
هذا التمرين أكثر صعوبة من عالم يعاني من الحروب، ويجبرنا على أن نأخذ موقفاً، دونما انتظار.
من جهتي، أنا منحاز للناس الأبرياء، الذين يرون غرباء يقتحمون مدنهم، يفرضون فيها قوانينهم. الناس الأبرياء الذين يصغون إلى محطات التلفزة العالمية وهي تكرر مقولة أن قادة بلادهم طغاة، وأنه يجب عليهم أن يتنحوا عن مناصبهم للغربيين، الناس الأبرياء الذين يتمردون على إرادة الغرب، فتسحقهم قنابل حلف شمال الأطلسي.
أزعم أنني محلل يسعى لأن يكون مراقباً بموضوعية، وإنساناً يَهٌبٌ، حسب إمكاناته، لإنقاذ أناس يتألمون.
أعتقد أنني ذهبت، أثناء تأليف هذا الكتاب، إلى أبعد ما يمكن من التوثيق والأدلة المباشرة الراهنة.
مع ذلك، وخلافاً لمؤلفين سبقوني في هذا المجال، لم أَسعَ لإثبات صحة سياسة بلادي، بل كان سعيي لفهم تسلسل الأحداث، التي شاءت أن أكون فاعلاً، ومفعولاً فيها على حد سواء.
سوف يعترض البعض على أنه، وخلافاً لمهنتي التي أؤمن بها، أنني أسعى في الواقع لتبرير أفعالي، واثبات انحيازي، بوعي، أو من دون وعي .
آمل أن يشارك هؤلاء في بناء الحقيقة، وأن ينشروا الوثائق التي لا علم لي بها.
شاءت الأقدار أن يسمح لي الدور الذي لعبته في هذه الأحداث أن أتعلم، وأتحقق من العديد من العناصر التي يجهلها الجمهور العريض، وغالباً العديد من جهات فاعلة أخرى.
اكتسبت هذه المعرفة عن طريق التجريب. وفهمت شيئاً فشيئاً منطق الأحداث.
تعمدت، لإتاحة المجال أمام القارئ متابعة مساري الفكري، أن لا أكتب قصةً عامةً عن الربيع العربي، بل ثلاث قصص منفصلة، انطلاقاً من ثلاث وجهات نظر مختلفة :
الحكومات الفرنسية المتعاقبة، الأخوان المسلمين، والإدارات الأمريكية.
وفيما يخص هذه الطبعة، فقد عكست ترتيب تلك الأجزاء مقارنةً بالطبعات السابقة التي وضعت فيها الدور الفرنسي في المرتبة الأولى.
في الواقع، كنت أتطلع إلى مخاطبة جمهور عالمي.
في سعيهم الحثيث للوصول إلى السلطة، وضع الأخوان المسلمون أنفسهم بتصرف المملكة المتحدة، ومن ثم الولايات المتحدة، وأخذوا يفكرون في كيفية جر فرنسا إلى معركتهم، للسيطرة على الشعوب.
لم يسع القادة الفرنسيون إلى فهم منطق الأخوان المسلمين، ولا حتى منطق مشغليهم الأمريكان، كان سعيهم منصباً على منافع الاستعمار وملئ جيوبهم من خيراته.
كانت كل من واشنطن ولندن تنفردان وحدهما بمعرفة كل ما يحصل، وما تخطط له جماعة الأخوان المسلمين.
وفي النهاية، بدت النتيجة وكأنها دمى روسية : لايمكننا أن نفهم إلا بشكل متدرج، تنظيم الأحداث التي تبدو للوهلة الأولى عفوية، كخصوصيات ومآلات بعض القرارات المتخذة.
قد تكون شهادتي مختلفة أشد الاختلاف، عما سمعه القراء من أحاديث حول الموضوع نفسه، لدرجة قد تصيب البعض بالهلع مما أكتب. فيما قد يذهب آخرون عكس ذلك، إلى طرح أسئلة حول هذا التلاعب الهائل، وكيفية وضع حد نهائي له.
لقد تم تصويب العديد من الأخطاء في الطبعة الأولى من هذا الكتاب، وليس في الطبعات التالية. ومن المحتمل استمرار وجود البعض من تلك الأخطاء التي لن أتوانى عن تصحيحها لاحقاً. كما من الممكن أن يكون وجود علائق كنت قد سلطت الضوء عليها هنا أو هناك بمحض المصادفة ولكن بالتأكيد من خلال تراكمات ساحقة.
تم تضمين العديد من الإضافات الصغيرة استناداً إلى الكشف المتتالي خلال تلك الفترة.
لا شك في أن أنصار الإمبريالية لن يقصروا في اتهامي بـ “التآمر”، حسب تعبيرهم المفضل. إنها شتيمة سهلة استخدموها طوال خمسة عشر عاماً. واستفادوا منها على نطاق واسع منذ أن اعترضت على الرواية الرسمية لهجمات 11 سبتمبر 2001.
إنهم يصرون على الإنكار، ويخونون أنفسهم عندما يدعمون بشكل علني القاعدة في ليبيا وسوريا، بينما يتهمونها بارتكاب المجازر في الولايات المتحدة وفرنسا وبلجيكا، إلخ.
إن إجماع الصحفيين والسياسيين ليس أكثر قيمة من إجماع اللاهوتيين، وعلماء الفلك في مواجهة اكتشافات غاليليو.
لم يسمح أي إجماع عام أبداً ببناء الحقيقة. وحده العقل المطبق على البراهين يجعل من الممكن الاقتراب منها.
وفي نهاية المطاف، ما أن يتم تصحيح الأخطاء الطفيفة، وبفضل تراكم تلك الحقائق، سوف يترتب على كل واحد، إذا كان صادقاً، أن يستجيب من خلال اقتراح تفسير منطقي ومتماسك.
(2)
(2/25) أمام أعيننا
الإخوان المسلمون ك قتلة
بقلم تييري ميسان
نواصل نشر كتاب تييري ميسان، ” أمام أعيننا Sous nos yeux”. في هذه الحلقة، يصف الكاتب كيف تم إنشاء جماعة سرية مصرية، الإخوان المسلمين، ثم إعادة خلقها من جديد بعد الحرب العالمية الثانية من قبل المخابرات البريطانية. وأخيراً، استخدام هذه المجموعة من قبل المخابرات البريطانية MI6 لتنفيذ الاغتيالات السياسية في تلك المستعمرة السابقة للتاج.
شبكة فولتير | دمشق (سوريا) | 19 تموز (يوليو) 2019
FRANÇAIS ITALIANO TÜRKÇE PORTUGUÊS ESPAÑOL ENGLISH ROMÂNĂ DEUTSCH
هذا المقال مقتطف من كتاب أمام أعيننا. انظر جدول المحتويات.
حسن البنا مؤسس الجمعية السرية لجماعة الإخوان المسلمين. لا نعرف سوى القليل عن أسرته، باستثناء أنهم كانوا يصنعون الساعات؛ وهي مهنة مقتصرة على الجالية اليهودية في مصر.
“ثورات الربيع العربي” كما عاشها الإخوان المسلمون
في عام 1951، شكلت المخابرات الانكليزية MI6 جمعية سياسية سرية، من منظمة قديمة كانت تحمل نفس الاسم : الإخوان المسلمين. تم استخدامها مراراً وتكراراً لاغتيال الشخصيات التي كانت تقاومهم، ثم منذ عام 1979 تحولوا إلى مرتزقة ضد السوفييت. ثم أُدرجت الجماعة في بداية التسعينات، ضمن حلف شمال الأطلسي، وفي سنة 2010 جرت محاولة لإيصالهم إلى السلطة في بعض الدول العربية.
يصل تمويل جماعة الإخوان المسلمين، والجماعة النقشبندية الصوفية إلى 80 مليار دولار على الأقل سنوياً من قبل الأسرة الحاكمة في السعودية، مما يجعلها واحدة من أكبر الجيوش في العالم. جميع “القادة الجهاديين”، بمن فيهم قادة داعش، ينتمون إلى هذا الجهاز العسكري.
الإخوان المسلمون في مصر
اختفت أربع إمبراطوريات خلال الحرب العالمية الأولى: الرايخ الألماني، الإمبراطورية النمساوية المجرية، روسيا القيصرية، والباب العالي العثماني.
كان الفائزون في هذه الحرب يفتقرون تماماً إلى الرصانة، ففرضوا شروطهم المجحفة على المهزومين.
هكذا في أوروبا، حددت معاهدة فرساي شروطاً غير مقبولة لألمانيا، بجعلها المسؤولة الوحيدة عن النزاع. وفي الشرق، مرَ تقطيع أوصال الإمبراطورية العثمانية بشكل سيء:
خوًل مؤتمر سان ريمو (1920)، وفقاً لاتفاقيات سايكس- بيكو السرية (1916)، المملكة المتحدة بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، في حين أطلق يد فرنسا في استعمار سورية (بما في ذلك لبنان حالياً).
مع ذلك، قام مصطفى كمال، على ما تبقى من الإمبراطورية العثمانية، بالتمرد ضد كل من السلطان الذي خسر الحرب، والغربيين الذين استولوا على بلاده.
تم تفتيت الخلافة العثمانية في مؤتمر سيفر (1920)، إلى قطع صغيرة لخلق عدة دول جديدة، من ضمنها إقليم كردستان. مما أدى إلى انتفاض سكان تركيا-المنغولية، في تيراس، والأناضول ورفع كمال إلى قمة السلطة.
وفي نهاية المطاف، تم ترسيم الحدود الحالية في مؤتمر لوزان (1923) والتخلي عن فكرة دولة كردستان، وتنظيم عمليات ترحيل (ترانسفير) ضخمة للسكان، أسفرت عن أكثر من نصف مليون حالة وفاة.
لكن، وكما حصل في ألمانيا حين اعترض أدولف هتلر على مصير بلاده، نهض في الشرق الأوسط أيضاً، رجل ضد التقسيم الجديد للمنطقة، فأسس معلم مدرسة مصري حركة سياسية لإحياء الخلافة الإسلامية التي هزمها الغربيون.
هذا الرجل هو حسن البنا، وهذه المنظمة، هي الإخوان المسلمون (1928).
الخليفة، من حيث المبدأ هو خليفة النبي، الذي يدين له الجميع بالطاعة، وهو لقب مرغوب.
تتالت عدة أنساب كبرى من الخلفاء المتعاقبين: الأمويون، العباسيون، الفاطميون والعثمانيون، وصار لزاماً أن يكون الخليفة المقبل، الذي سوف يستحوذ على هذا اللقب، وهو بالأحرى “المرشد العام” للجماعة، أن يصبح سيد العالم الإسلامي أيضاً.
انتشرت هذه الجمعية السرية بسرعة مذهلة. كانت تنوي العمل من داخل النظام لاستعادة المؤسسات الإسلامية. كما كان يتوجب على المنتسبين أن يٌقسموا على القرآن، والسيف، أو البندقية، بالولاء لمؤسس الجماعة.
هدف الجماعة هو سياسي بحت، حتى لو عبرت عنه بمصطلحات دينية. لم يصادف أن تحدث حسن البنا، أو خلفاؤه عن الإسلام كدين، أو أثاروا الجوانب الروحانية الإسلامية. بالنسبة لهم الإسلام هو عقيدة، خضوع لله، وممارسة للسلطة.
ومن المؤكد أن المصريين الذين يؤيدون جماعة الإخوان، لا ينظرون إلى الأمر على هذا النحو.
بالنسبة لحسن البنا، لا تقاس شرعية حكومة ما، تبعاً لتمثيلها للشعب كما هي الحال في الحكومات الغربية، ولكن حسب قدرتها على الدفاع عن ” منهج الحياة الإسلامية”، هذا يعني مصر العثمانية في القرن التاسع عشر.
لم يفكر الإخوان أبدا في أن الإسلام لديه تاريخ، وأن أسلوب حياة المسلمين يختلف اختلافاً كبيراً تبعاً للمناطق والعصور. و لم يروا يوماً أن النبي قام بثورة في المجتمع البدوي الذي عاش فيه. وأن طريقة الحياة التي وصفت في القرآن، ليست سوى مرحلة محددة وٌضعت لهؤلاء الناس.
بالنسبة لهم، فإن القواعد الجزائية في القرآن – أي الشريعة- لا تتوافق مع حالة معينة، لكنها تحدد القوانين الثابتة، التي يمكن أن ترتكز عليها السلطة.
حقيقةَ أن أسلوب الحياة الإسلامية كان في كثير من الأحيان يٌفرض بحد السيف، برًرَ لجماعة الإخوان استخدام القوة.
لم يعترف الإخوان مطلقاً أن الإسلام انتشر أيضاً عن طريق المٌثل العليا.
لكن هذا لم يمنع البنا والإخوان من خوض الانتخابات السياسية، و خسارتها.
وإذا كانوا ينددون بالأحزاب السياسية، فهذا ليس من منطلق اعتراضهم على مبدأ التعددية الحزبية، بل لأن عملية فصل الدين عن السياسة، أوقعتهم في الفساد.
عقيدة الإخوان المسلمين، هي أيديولوجيا “الإسلام السياسي” ما يعبر عنه بالفرنسية ب”الإسلاموية Islamisme”. كلمة من شأنها أن تثير جام غضبهم.
كتب حسن البنا في عام 1936، لرئيس الوزراء مصطفى النحاس باشا مطالباً ب˸
إصلاح التشريعات، وتوحيد جميع المحاكم تحت ظلال الشريعة الإسلامية.
التجنيد في الجيش عبر إنشاء تطوع تحت راية الجهاد.
الاتصال مع الدول الإسلامية والإعداد لاستعادة الخلافة، تطبيقاً للوحدة التي يتطلبها الإسلام.
ثم أعلنت الجماعة خلال الحرب العالمية الثانية وقوفها على الحياد. لأنًها في الواقع، كانت قد تحولت إلى مجرد جهاز مخابرات لصالح الرايخ. لكنًها مع دخول الولايات المتحدة في الحرب، وانقلاب موازين القوى، انخرطت في لعبة مزدوجة، وبدأت تتلقى الأموال من البريطانيين، مقابل تقديم المعلومات الخاصة عن مشغلهم الأساسي. وبذلك، كشف الإخوان عن غياب تام للمبادئ لديهم، وانتهازية سياسية مطلقة.
جرًب الأخوان حظهم في 24 شباط-فبراير عام 1945، بمحاولة اغتيال رئيس الوزراء المصري في خضم انعقاد جلسة برلمانية، نجم عنها تصعيد لأعمال العنف : حملة قمع ضدهم، وسلسلة من الاغتيالات السياسية شملت رئيس الوزراء الجديد يوم 28 ديسمبر عام 1948، في رد معاًكس على حسن البنا نفسه، في 12 فبراير 1949.
وبعد فترة وجيزة، أٌنشئت محكمة بموجب الأحكام العرفية، أدانت غالبية الأخوان بالحكم عليهم بالسجن، وحَلٌ جمعيتهم.
لم تكن هذه المنظمة السرية، من أساسها، أكثر من مجرد عصابة من القَتَلة، تطمح للاستيلاء على السلطة، من خلال إخفاء أطماعها بالاختباء وراء القرآن. كان يفترض أن يقف تاريخها عند هذا الحد. لكن شيئاً من ذلك لم يحصل؟
إعادة بناء جماعة الأخوان من قبل الأنغلوسكسون والسلام المنفصل مع إسرائيل
أثارت قدرة الإخوان على حشد الناس وتحويلهم إلى قتلة، انتباه القوى العظمى.
وعلى عكس نفيه، كان السيد قطب ماسونياً. نشر مقالًا بعنوان “لماذا أصبحت ماسونياً” ، نُشر في مجلة التاج المصري، في 23 نيسان-أبريل 1943.
وبعد عامين ونصف العام من انحلالها، قام البريطانيون بتشكيل منظمة جديدة من خلال إعادة استخدام تسمية “الإخوان المسلمين”، مستفيدين من سجن قادتهم التاريخيين، وانتخاب القاضي السابق حسن الحديبي مرشداً عاماً.
وخلافاً للفكرة السائدة، لم يكن هناك أية استمرارية تاريخية بين التنظيم القديم والجديد.
تبين أيضاً أن وحدة سرية تابعة للتنظيم القديم، ” الجهاز السري”، كانت مكلفة من قبل حسن البنا بارتكاب هجمات، لكنه كان ينفى أي صلة له معها. كانت هذه المنظمة سريًة جداً داخل المنظمة نفسها، بحيث لم تتأثر بحل جماعة الإخوان المسلمين، وبقيت تحت تصرف الخليفة الجديد.
لكن المرشد الجديد قرر النأي بنفسه عنها، وأعلن عن رغبته في تحقيق أهدافه بالطرق السلمية.
من الصعب تحديد ما حدث بالضبط في ذلك الوقت بين الإنكليز، الذين يريدون إعادة إنشاء التنظيم السري القديم، والمرشد الذي كان يظن أنًه بصدد استعادة الحضور في أوساط الجماهير.
في كل الأحوال، استمر الجهاز السري، وتلاشت سلطة المرشد لصالح قادة آخرين من جماعة الإخوان، ما فتح الباب لحرب داخلية حقيقية.
دسًت وكالة الاستخبارات المركزية CIA في إدارتهم سيد قطب، صاحب نظرية الجهاد، الذي سبق وأن أدانه المرشد قبل إبرام اتفاق مع المخابرات البريطانية MI6.
من المستحيل تحديد علاقات التبعية الداخلية بين هذا الفريق أو ذاك.
أولاً، لأنً كل فرع أجنبي له استقلاليته الخاصة، وثانياً لأن الوحدات السرية داخل المنظمة لم تعد تتبع بالضرورة، لا للمرشد العام، و لا للمرشد المحلي، بل في بعض الأحيان مباشرة لوكالة الاستخبارات المركزية CIA، والمخابرات البريطانية M16. وقد حاول البريطانيون خلال الفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية، تنظيم العالم بطريقة تجعله بعيدا عن متناول السوفييت.
أطلق ونستون تشرشل في أيلول-سبتمبر 1946، في زيوريخ فكرة الولايات المتحدة الأوروبية، كما أطلق وفق نفس المبدأ، فكرة إنشاء جامعة الدول العربية. وفي كلتا الحالتين، كان الهدف هو توحيد المنطقة بعيدا عن روسيا.
قامت الولايات المتحدة، منذ بداية الحرب الباردة، بإنشاء جمعيات لدعم هذه الحركة لصالحها, على غرار اللجنة الأمريكية لأوروبا، والولايات المتحدة، وأصدقاء أمريكا في الشرق الأوسط American Committee on United Europe et les American Friends of the Middle East [1]. ونظًمت وكالة الاستخبارات المركزية CIA في العالم العربي، انقلابين.
الأوَل لصالح الجنرال حسني الزعيم في دمشق (آذار-مارس 1949)، والثاني بواسطة “الضباط الأحرار” في القاهرة (تموز-يوليو 1952). كانوا يعتقدون أنهم يدعمون قوميين، يفترض أنهم معادون للشيوعية.
من هذا المنطلق، أتت واشنطن بالجنرال اس.اس. أوتو سكورزيني إلى مصر، وإلى إيران بالجنرال النازي فضل الله زاهدي، برفقة مئات من المسؤولين السابقين في الغستابو لقيادة النضال ضد الشيوعية..
للأسف قام سكورزيني Skorzeny بتشكيل الشرطة المصرية تبعاً لتقاليد العنف. واختار في عام 1963 وكالة الاستخبارات المركزية والموساد ضد ناصر.
أما زاهدي فقد أنشأ جهاز السافاك، الشرطة السياسية الأكثر وحشيةً في ذلك الحين.
إذا كان حسن البنا قد حدد الهدف- للوصول إلى السلطة من خلال التلاعب بالدين- فإن سيد قطب حدد الوسيلة: الجهاد. وبمجرد اعتراف التابعين بسمو القرآن، يصبح الاعتماد عليهم ممكناً لتنظيمهم ضمن جيش، وإرسالهم للقتال. لذلك، أسس سيد قطب نظرية مانوية تٌميز بين ما هو إسلامي، وما هو “ظلامي”.
بالنسبة لوكالة الاستخبارات المركزية CIA والمخابرات البريطانية MI6، يسمح هذا الحشو الدماغي باستخدام التابعين للسيطرة على الحكومات القومية في العالم العربي، ثم زعزعة استقرار المناطق المسلمة في الاتحاد السوفييتي.
هكذا أصبحت جماعة الإخوان خزاناً لا ينضب من الإرهابيين تحت شعار: ” الله غايتنا. الرسول قدوتنا. القرآن دستورنا. الجهاد سبيلنا. الشهادة أسمى أمانينا”.
فكر سيد قطب عقلاني، لكنه ليس منطقياً. فهو ينشر خطابا لايتغير : الله / النبي / القرآن / الجهاد / الشهادة، بما لايدع أي فرصة للحوار. إنه يضع سمو منطقه الخاص، فوق سمو العقل البشري.
استقبال وفد من المجتمع السري من قبل الرئيس أيزنهاور في البيت الأبيض (23 أيلول-سبتمبر 1953).
نظمت وكالة الاستخبارات المركزية CIA ندوة في جامعة برينسيتون Princeton حول “أوضاع المسلمين في الاتحاد السوفييتي”. كانت هذه فرصة لكي تستقبل الولايات المتحدة وفداً من جماعة الإخوان المسلمين برئاسة سعيد رمضان، أحد قادة جناحها العسكري.
أشار ضابط وكالة المخابرات المركزية، المكلف بمتابعة الوفد، في تقريره أن رمضان ليس متطرفا دينياً، لكنه أقرب إلى أن يكون فاشياً. وهي وسيلة للتأكيد على المزاج السياسي الخاص لجماعة الإخوان المسلمين.
اختتمت الندوة بحفل استقبال في البيت الأبيض بحضور الرئيس أيزنهاور في 23 أيلول-سبتمبر 1953. وتم على أثرها عقد التحالف بين واشنطن والجهاد العالمي.
(من اليسار إلى اليمين) حسن البنا يزف ابنته لسعيد رمضان، جاعلاً منه خليفة له. أنجب الزوجان هاني (مدير المركز الإسلامي في جنيف) وطارق رمضان (الذي سيكون أستاذ ذو كرسي في الدراسات الإسلامية المعاصرة في جامعة أكسفورد).
وكالة المخابرات المركزية، التي أعادت إنشاء الجماعة ضد الشيوعيين، استخدمتها أولاً لمساعدة القوميين. كانت الوكالة مُمثلةً في الشرق الأوسط، في ذلك الحين، من خلال مناهضي الصهيونية، المنحدرين من الطبقات الوسطى. لكن سرعان ما تم استبعادهم لصالح كبار المسؤولين من أصول أنغلوسكسونية وبروتستانتية، المتخرجين في جامعات كبرى، وموافقون على وجود إسرائيل.
دخلت واشنطن حينذاك في صراع مع القوميين، وقلبت وكالة الاستخبارات المركزية الإخوان ضدهم.
دم سعيد رمضان وعبد الله المودودي برنامجاً أسبوعيًا على راديو باكستان، وهي محطة أنشأها جهاز المخابرات البريطاني MI6.
قاد سعيد رمضان بعض المقاتلين من جماعة الإخوان المسلمين في الحرب المحدودة ضد إسرائيل عام 1948، بعد ذلك ساعد أبو العلا المودودي في باكستان على إنشاء منظمة شبه عسكرية من الجماعة الإسلامية. كان الهدف من وراء ذلك، تأسيس هوية إسلامية للمسلمين الهنود، كي يتمكنوا من تأسيس دولة جديدة هي باكستان.
قامت الجماعة الإسلامية أولاً بكتابة الدستور الباكستاني. وتزوج رمضان من ابنة حسن البنا، وأصبح قائد الجناح العسكري لجماعة “الإخوان المسلمين” الجدد.
شارك الأخوان أثناء وجودهم في مصر، في انقلاب الضباط الأحرار الذي قاده اللواء محمد نجيب – كان سيد قطب عنصر الاتصال بينهم- وكانوا مكلفين بمهمة تصفية أحد قادة الحركة، جمال عبد الناصر، بعد دخوله في صراع مع اللواء محمد نجيب.
لم يفشلوا في محاولتهم في 26 أكتوبر 1954 فحسب، بل تمكن جمال عبد الناصر من الاستيلاء على السلطة، وقمع الجماعة، ووضع اللواء محمد نجيب تحت الإقامة الجبرية. وأعدم سيد قطب بعد سنوات قليلة .
لجأت جماعة الإخوان، بعد حظر تنظيمهم في مصر، إلى الدول الوهابية (المملكة العربية السعودية، قطر، وإمارة الشارقة) و في أوروبا (ألمانيا، وفرنسا، والمملكة المتحدة، وسويسرا المحايدة).
وفي كلِ مرة كان يجري استقبالهم كعملاء غربيين، يناضلون ضد التحالف الناشئ بين القوميين العرب والاتحاد السوفييتي.
حصل سعيد رمضان على جواز سفر دبلوماسي أردني، واستقر في جنيف عام 1958، حيث راح يشرف على زعزعة الاستقرار في القوقاز وآسيا الوسطى في كل من ( باكستان وأفغانستان، ووادي فرغانة السوفييتي). ثم ترأس لجنة الإشراف على بناء مسجد ميونيخ، مما مكنه من الإشراف تقريباً على المسلمين في أوروبا الغربية كلها.
وبمساعدة من اللجنة الأمريكية لتحرير شعوب روسيا (AmComLib) أي، وكالة الاستخبارات المركزية CIA، امتلك إذاعة أوروبا الحرة، وهي محطة ممولة مباشرة من الكونغرس الأمريكي لنشر فكر الإخوان المسلمين. [2]
قررت واشنطن، بعد أزمة قناة السويس وانتقال جمال عبد الناصر المذهل إلى الجانب السوفييتي، دعم الإخوان المسلمين بشكل لامحدود، ضد القوميين العرب.
اضطلع مسؤول كبير في وكالة الاستخبارات المركزية CIA، مايلز كوبلاند، من دون جدوى بمسؤولية انتقاء شخصية من جماعة الإخوان، يمكنها القيام بدور في العالم العربي، مماثل لدور القس بيلي غراهام Billy Graham في الولايات المتحدة. لكنه اضطر للانتظار حتى ثمانينات القرن العشرين، للعثور على واعظ بذلك المستوى، إنه المصري يوسف القرضاوي.
أقامت جماعة الإخوان عام 1961 ارتباطاً مع جمعية سرية أخرى، الطريقة النقشبندية المصنفة كنوع من الإسلام الماسوني، الذي يخلط بين التلقين الصوفي والسياسي.
نشر أحد منظريها الهنود، أبو الحسن علي المدوي، مقالاً في مجلة الأخوان، ذكر فيه أن الطريقة قديمة، وموجودة في العديد من البلدان.
أما في العراق، فلم يكن المعلم الكبير للنقشبندية، سوى نائب الرئيس العراقي عزت ابراهيم الدوري، الذي دعم المحاولة الانقلابية لجماعة الإخوان في سورية في عام 1980، و”حملة العودة إلى الإيمان” التي نظًمها الرئيس صدام حسين، لإعطاء هوية لبلاده، بعد إنشاء الغرب منطقة حظر طيران في العراق.
وفي تركيا، لعبت الجماعة النقشبندية دورا أكثر تعقيدا لتشمل مسؤولين من مستوى فتح الله غولن (مؤسس الحزمة) إلى الرئيس طورغوت أوزال (1989-1993)، إلى رئيس الوزراء نجم الدين أربكان (1996-1997)، مؤسس حزب العدالة والتنمية (1961)، ورؤيا الملة (مللي غوروش Millî Görüş)، (1969).
وفي أفغانستان، كان الرئيس السابق صبغة الله مجددي (1992) هو المعلم الكبير.
حرضت الجماعة في روسيا، بمساعدة من الإمبراطورية العثمانية، في القرن التاسع عشر، على تمرد شبه جزيرة القرم، وأوزبكستان، والشيشان،وداغستان، ضد القيصر.
أما في الاتحاد السوفييتي، فقد بقينا حتى انهياره، من دون أي أخبار عن هذه الجماعة.
كذلك الأمر في شينغيانغ الصينية. التقرب من الإخوان أو النقشبندية نادرا ما كان يٌدَرسٌ في ضوء المعارضة المبدئية للإسلاميين للتصوف، والجماعات الصوفية عموماً.
المقر السعودي لرابطة العالم الإسلامي. كانت ميزانيتها في عام 2015 أعلى من ميزانية وزارة الدفاع السعودية، أكبر مشتري للأسلحة في العالم. تقتني السعودية الأسلحة التي توزعها الرابطة بدورها على منظمات الإخوان المسلمين والنقشبنديين.
حثت وكالة الاستخبارات المركزية CIA في عام 1962 المملكة العربية السعودية على إنشاء رابطة العالم الإسلامي، وتمويل كل من جماعة الإخوان، والنقشبنديين، ضد القوميين والشيوعيين. [3]
تتلقى هذه المنظمة تمويلها بالدرجة الأولى من شركة آرامكو ( Arabian -American Oil Company).
هناك من أصل عشرين عضواً مؤسساً، ثلاثة منظرين إسلاميين، سبق أن تحدثنا عنهم : المصري سعيد رمضان، والباكستاني أبو العلا المودودي، والهندي أبو الحسن علي المدودي.
أصبحت السعودية، بحكم الأمر الواقع، الأب الروحي للإخوان في العالم، نظرا لامتلاكها على حين غرة، سيولة مالية هائلة بفضل عائدات النفط.
بدأت المملكة تٌوكل لهم على ارض الواقع نظامها التعليمي، التربوي والجامعي، في بلد بالكاد تجد فيه من يفك الحرف. وكان على الأخوان واجب التأقلم مع مضيفيهم.
في الواقع، كانت مبايعتهم للملك تمنعهم من تقديم الولاء للمرشد العام.
لكنهم راحوا على أي حال، ينظمون أنفسهم حول محمد قطب، شقيق سيد قطب: الأخوان السعوديون من جهة، والسروريين sourouristes من جهة أخرى.
حاول هؤلاء السروريون، الذين هم أساساً سعوديون، التوليف بين الفكر السياسي الأخواني، والوهابية. هذا المذهب الذي تنتمي إليه العائلة المالكة، يتبنى تفسيراً للإسلام ينحدر من فكر بدوي متوحش، ومعاد للتاريخ.
كانت الرياض حتى حيازتها للبترودولار، تلقي باللعنة على المدارس الإسلامية التقليدية التي كانت، بدورها، تعتبرها هرطقة.
في الواقع، ليس هناك أي قاسم مشترك بين سياسة الإخوان، والدين الوهابي، لكنهما متوافقان، مع فارق أن الاتفاق الذي يربط عائلة سعود مع الدعاة الوهابيين لا يمكن أن يوجد مع الإخوان : فكرة النظام الملكي بقانون إلهي، كانت تصطدم مع شهية الأخوان للسلطة. لذلك كان من المتفق عليه أن يتعهد آل سعود بمساندة الإخوان في جميع أنحاء العالم، شريطة أن يمتنعوا عن التدخل في السياسة داخل المملكة العربية السعودية.
دعم الوهابيين السعوديين للإخوان، أثار منافسة إضافية داخل السعودية وخارجها، في الدولتين الوهابيتين، قطر، وإمارة الشارقة.
شارك الأخوان المسلمون من عام 1962 إلى عام 1970، في الحرب الأهلية في شمال اليمن، وحاولوا إلى جانب بريطانيا، والسعودية، إعادة تأسيس النظام الملكي ضد القوميين العرب، ومصر، والاتحاد السوفييتي، والتأسيس لصراع مهد لما سيأتي لاحقاً، بعد نصف قرن من الزمن.
في عام 1970، توصل جمال عبد الناصر إلى إيجاد اتفاق بين الفصائل الفلسطينية والملك حسين، ملك الأردن، أنهى ” أيلول الأسود”. لكنه توفي إثر نوبة قلبية مساء انعقاد قمة الجامعة العربية، التي صادقت على الاتفاق، والأرجح أنه قٌتل.
كان لعبد الناصر ثلاثة نواب : الأول يساري –يتمتع بشعبية فائقة- الثاني وسطي-مشهور جدا- أما الثالث فهو محافظ، تم وضعه في هذا المنصب بناء على طلب من الولايات المتحدة، والمملكة العربية السعودية. إنه أنور السادات.
أعلن نائب الرئيس اليساري عن عدم أهليته لتولي منصب الرئاسة، إثر الضغوط التي مورست عليه.
فيما فضل نائب الرئيس الوسطي الانسحاب من السياسة. فتم تسمية السادات كمرشح للناصريين.
هذه المأساة تحصل في كثير من البلدان : يختار الرئيس نائباً له من بين منافسيه، من أجل توسيع قاعدته الانتخابية، لكن الأخير يحتل مكانه عندما يموت، فيدمر كل إرثه.
السادات، الذي كان قد خدم الرايخ خلال الحرب العالمية الثانية، وأعرب عن إعجابه الكبير بالفوهرر، هو عسكري محافظ، متشدد دينياً، كان بمثابة أنا ثانية لسيد قطب، وحلقة وصل بين الإخوان، والضباط الأحرار.
أطلق سراح الأخوان الذين سجنهم عبد الناصر بمجرد توليه السلطة. “الرئيس المؤمن”، هو حليف لجماعة الإخوان، بما يخص أسلمة المجتمع المصري ( “ثورة التصحيح”)، وخصم الجماعة، عندما يحصل على منفعة سياسية.
تجسدت هذه العلاقة الغامضة من خلال إنشاء ثلاث مجموعات مسلحة، والتي لم تكن انشقاقات لجماعة الإخوان، بل وحدات خارجية تطيعها: حزب التحرير الإسلامي، الجهاد الإسلامي (الشيخ عمر عبد الرحمن)، التكفير و الهجرة (في “التكفير”). الجميع يقولون أنهم يطبقون تعليمات سيد قطب.
شن الجهاد الإسلامي المسلح من قبل المخابرات المصرية، هجمات ضد المسيحيين الأقباط.
اتهم “الرئيس المؤمن” الأقباط بإثارة الفتنة، فأمر بسجن البابا، وثمانية من أساقفتهم، ضارباً عرض الحائط بأي محاولة لتهدئة النفوس.
صار السادات في نهاية المطاف، يتدخل في سلوك جماعة الإخوان المسلمين، ويأخذ موقفاً إلى جانب حركة الجهاد الإسلامي ضد المرشد العام، الذي زج به في السجن. [4]
وبناء على إيحاءات من هنري كيسنجر وزير خارجية الولايات المتحدة، اقنع السادات سورية بالانضمام إلى مصر في الهجوم على إسرائيل، واستعادة الحقوق الفلسطينية.
وضع الجيشان في 6 أكتوبر عام 1973، الدولة العبرية بين فكي كماشة، بينما كان الإسرائيليون يحتفلون بيوم الغفران Yom Kippour.
عبر الجيش المصري قناة السويس، فيما كان الجيش السوري يشن هجومه من مرتفعات الجولان.
مع ذلك، لم ينشر السادات إلا جزءا من غطاء دفاعاته الجوية، كما أمر بتوقف جيشه على بعد 15 كيلومتراً شرق القناة، مما أتاح للإسرائيليين الانفراد بالسوريين الذين وجدوا أنفسهم محاصرين، فراحوا يصرخون، مؤامرة. [5]
إنه فقط، حين حركت إسرائيل قوات الاحتياط، وحوصر الجيش السوري، أمر السادات جيشه بالتظاهر في استئناف تقدمه، ثم أمره بالتوقف للتفاوض على وقف إطلاق النار.
راقب السوفييت خيانة مصر التي فقدوها كحليف مع وفاة عبد الناصر، فهددوا الولايات المتحدة، وطالبوها بوقف فوري للقتال.
وكضابط اتصال سابق لسيد قطب بين “الضباط الأحرار” والإخوان، تم الإعلان عن “الرئيس المؤمن” أنور السادات بوصفه “الخليفة السادس” من قبل البرلمان المصري. هنا، هذا المعجب بإدولف هتلر في مبنى الكنيست إلى جانب شركائه غولدا مئير وشمعون بيريز.
توجه السادات بعد أربع سنوات- تنفيذاً لمخطط وكالة الاستخبارات المركزية- إلى القدس، وقرر توقيع سلام منفرد مع إسرائيل، على حساب الفلسطينيين. وأصبح التحالف بين الإخوان وإسرائيل، أمراً راسخاً منذ ذلك التاريخ.
استهجنت الشعوب العربية برمتها الخيانة المصرية، فاستُبعدت مصر من جامعة الدول العربية، التي نقلت مقرها إلى العاصمة التونسية.
نظم مسؤول الجهاز السري لجماعة الأخوان المسلمين، أيمن الظواهري (القائد الحالي للقاعدة) عملية اغتيال الرئيس السادات (6 أكتوبر 1981).
قررت واشنطن فتح صفحة جديدة عام 1981. فكلفت حركة الجهاد الإسلامي بتصفية السادات، الذي لم يعد له أي فائدة، فاغتيل خلال عرض عسكري، بينما كان مجلس الشعب المصري يستعد لإعلانه ” سادس الخلفاء الراشدين”.
قُتل سبعة أشخاص على المنصة الرسمية، وأصيب 28 آخرين، لكن الذين كانوا جالسين بجوار الرئيس، نائب الرئيس الجنرال حسني مبارك، نجا من الموت، لأنه كان الشخص الوحيد الذي يرتدي سترة مضادة للرصاص.
حلً مبارك” مكان الرئيس المؤمن”، وصار بالإمكان إعادة جامعة الدول العربية إلى القاهرة.
ترجمة
سعيد هلال الشريفي
[1] America’s Great Game: The CIA’s Secret Arabists and the Shaping of the Modern Middle East, Hugh Wilford, Basic Books (2013).
[2] A Mosque in Munich: Nazis, the CIA, and the Rise of the Muslim Brotherhood in the West, Ian Johnson, Houghton Mifflin Harcourt (2010).
[3] Dr. Saoud et Mr. Djihad. La diplomatie religieuse de l’Arabie saoudite, Pierre Conesa, préface d’Hubert Védrine, Robert Laffont (2016). English version: The Saudi Terror Machine: The Truth About Radical Islam and Saudi Arabia Revealed, Skyhorse (2018).
[4] Histoire secrète des Frères musulmans, Chérif Amir, préface d’Alain Chouet, Ellipses (2015).
[5] هنا رأي المؤلف يجافي الحقيقة. كيف لهنري كيسنجر أن يدفع العرب، لاسيما سورية، إلى حرب ضد إسرائيل وهو المهووس بالدفاع عنها. سورية كانت تعد جيشها وشعبها لتحرير أرضها منذ إعتلاء الرئيس حافظ الأسد سدة الحكم عام 1970، وحربها في تشرين 1973، كانت حرب تحرير، وليس تحريك. المترجم
(3)
جماعة الإخوان المسلمين كقوة احتياطية للمخابرات البريطانية و سي آي اي من كتاب “أمام أعيننا” لتيري ميسان (3/25)
مركز القلم للأبحاث والدراسات 3:12 م – 11/08/2019 تحقيقات وتقارير اضف تعليق 1 زيارة
شبكة فولتير :
بقلم تييري ميسان :
نواصل نشر كتاب تييري ميسان، ” أمام أعيننا Sous nos yeux”. يصف الكاتب في هذه الحلقة، كيف استخدم الرئيس جيمي كارتر ومستشاره للأمن القومي، زبيغنيو بريجنسكي، القدرات الإرهابية لجماعة الإخوان المسلمين ضد السوفييت.
تخيل مستشار الأمن القومي زبيغنيو بريجنسكي استخدام جماعة الإخوان المسلمين في عمليات إرهابية ضد الحكومة الشيوعية الأفغانية؛ مما أثار تدخل الاتحاد السوفياتي.
جماعة الإخوان في خدمة إستراتيجية” كارتر- بريجنسكي”
بدأ كل من جيمس كريغ، مسؤول في المكتب الخارجي- وربما في جهاز المخابرات البريطانية M16،
أقنع السير جيمس ماكوين كريغ، المتخصص في الشرق الأوسط، المملكة المتحدة باستخدام جماعة الإخوان المسلمين في عمليات سرية خارج مصر. وهو نفسه من صمم خطة ” ثورات الربيع العربي” على غرار العملية التي نفذها لورنس العرب في عام 1915.
في عامي 1972-1973، مع السفير البريطاني فى مصر السير ريتشارد بومونت، بحملة ضغط مكثفة، لكي يعتمد بلدهما والولايات المتحدة على الإخوان المسلمين، ليس في مصر فحسب، ولكن في جميع أنحاء العالم الإسلامي، ضد الماركسيين والقوميين.
سيتم في وقت لاحق تعيين كريغ سفيراً لصاحبة الجلالة في سورية، ثم في السعودية، وسيجد أذناً صاغية في وكالة الاستخبارات المركزية، ويصبح في وقت لاحق، بعد ذلك بكثير، مصمم ” الربيع العربي”.
انتخب جيمي كارتر في عام 1977، رئيساً للولايات المتحدة، فعين زبيغنيو بريجنسكي مستشاراً للأمن القومي، الذي قرر استخدام الإسلام السياسي ضد السوفييت. فأعطى الضوء الأخضر للسعوديين، لزيادة مدفوعاتهم لرابطة العالم الإسلامي، ونظم عملية تغيير النظام في باكستان، وإيران، وسورية، وراح يعمل على زعزعة استقرار أفغانستان، وجعل طريق وصول الولايات المتحدة إلى مصادر النفط في “الشرق الأوسط الكبير”، هدفا للأمن القومي الأمريكي.
أخيراً، قدم بريجنسكي الإمكانيات العسكرية لجماعة الإخوان المسلمين.
أوضح برنارد لويس أبعاد هذه الإستراتيجية في اجتماع مجموعة بلدلبيرغ الذي نظمه حلف شمال الأطلسي في نيسان- أبريل 1979 في النمسا. [1] أكد فيه المتخصص في العالم الإسلامي الأنغلو-أمريكي-إسرائيلي، أنه بإمكان جماعة الإخوان المسلمين، أن تؤدي دوراً، ليس ضد السوفييت فحسب، بل بوسعها أيضاً إثارة اضطرابات داخلية في آسيا الوسطى، وإشعال الفتنة في الشرق الأوسط، لمصلحة إسرائيل.
وخلافا للاعتقاد الشائع، لم يكتف الإخوان بإتباع مخطط بريجنسكي، فقد ذهبوا بنظرهم لما هو أبعد من ذلك، وحصلوا على مساعدة من واشنطن والرياض لإقامة فروع جديدة للجماعة في بلدان أخرى؛ فروع سوف تنمو كثيراً في وقت لاحق.
قدم الملك السعودي منحة تقدر ب 5 مليارات دولار سنوياً لرابطة العالم الإسلامي، التي راحت توسع أنشطتها في 120 بلداً، و تمول الحروب.
للتوضيح فإن، مبلغ 5 مليارات دولار، تعادل الميزانية العسكرية لكوريا الشمالية.
حصلت الرابطة على المركز الاستشاري في المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة، ومركز بصفة مراقب في اليونيسيف Unicef.
سمح الجنرال محمد ضياء الحق، وهو أول رئيس دولة ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين خارج مصر، لمقاتلي الإخوان المسلمين بإقامة قاعدة خلفية ضد الشيوعيين الأفغان. الملياردير السعودي أسامة بن لادن، بطل الغرب ضد السوفييت.
وفي باكستان، أطاح الجنرال محمد ضياء الحق، رئيس هيئة الأركان، الذي تدرب في بورت براغ بالولايات المتحدة، بالرئيس “ذو الفقار علي بوتو”، وأعدمه شنقاً، لأنه عضو في الجماعة الإسلامية، أي النسخة المحلية للإخوان المسلمين، فقد عمل على أسلمة المجتمع الباكستاني، عبر تنصيب تدريجي للشريعة- بما في ذلك إقرار عقوبة الإعدام بتهمة الكفر- ونشر شبكة واسعة من المعاهد الإسلامية.
كانت تلك المرة الأولى التي يستلم فيها الأخوان السلطة خارج حدود مصر.
وفي إيران، تمكن بريجنسكي من إقناع الشاه بالرحيل، وتنظيم عودة الإمام روح الله الخميني، الذي يرى نفسه “إسلامياً شيعياً”.
قابل الإمام الخميني، حين كان شاباً عام 1945، حسن البنا في القاهرة، ليقنعه بعدم إزكاء الصراع السني-الشيعي. ثم قام بعد ذلك بترجمة كتابين لسيد قطب.
تتطابق وجهات نظر الأخوان والثوار الإيرانيين حول موضوعات اجتماعية، لكنها تتنافر كلياً حول المسائل السياسية.
أدرك بريجنسكي خطأه فور وصول آية الله إلى طهران، حين شرع الإمام بالدعاء فوق قبور شهداء نظام الشاه، وناشد الجيش القيام بثورة ضد الامبريالية.
ارتكب بريجنسكي خطأً ثانياً حين أرسل قوات الدلتا، لإنقاذ جواسيس الولايات المتحدة المحتجزين كرهائن في سفارتها بطهران.
وحتى لو تمكن من حجب أنظار الغرب عن حقيقة أن دبلوماسييه لم يكونوا دبلوماسيين، بل جواسيس، إلا أنه سخًفَ جنوده في عملية “مخلب النسر” الفاشلة، وأرسى في وزارة الدفاع فكرة وجوب امتلاك الإمكانيات للتغلب على الخصوم.
وضع بريجنسكي في أفغانستان “عملية الإعصار”. فتدفق بين 17 و 35000 مقاتلاً من الأخوان المسلمين، من أربعين بلداً، لمقاتلة الاتحاد السوفييتي، الذي جاء بناء على طلب من الجمهورية الديمقراطية الأفغانية للدفاع عنها- لم يكن هناك “اجتياح سوفييتي” لأفغانستان كما تدعي البروباغندا الأمريكية. [2]
جاء هؤلاء الرجال لدعم تحالف المقاتلين المحافظين، والأخوان المسلمين المحليين، منهم الباشتوني قلب الدين حكمتيار، والطاجيكي أحمد شاه مسعود. كانوا يتلقون أسلحتهم بشكل رئيسي من إسرائيل، عدوهم اللدود رسمياً، لكنها الآن شريكتهم. [3]
تخضع كل هذه القوات، الممولة من الولايات المتحدة والسعودية، للجنرال محمد ضياء الحق في باكستان. وهي المرة الأولى التي تستخدم فيها جماعة الإخوان المسلمين من قبل الأنغلوسكسون لشن الحرب.
يوجد بين المقاتلين الحاليين من سيصبحون قادة المستقبل في حرب القوقاز، والجماعة الإسلامية الاندونيسية، وجماعة أبو سياف في الفلبين، وبالطبع القاعدة، وداعش.
كان الدعم للعملية المناهضة للاتحاد السوفييتي، في الولايات المتحدة يأتي من الحزب الجمهوري، ومن مجموعة صغيرة منشقة من اليسار المتطرف، تروتسكيين من الحزب الاجتماعي الديمقراطي الأمريكي Social Democrats USA .
جسدت إستراتيجية كارتر- بريجنسكي تغييرا في سلَم الأولويات. [4]
المملكة العربية السعودية، التي كانت حتى ذلك الوقت، الممول الرئيس للجماعات الإسلامية، صارت تتحمل عبء إدارة أموال الحرب ضد السوفييت. وأصبح المدير العام للمخابرات السعودية الأمير تركي (ابن الملك فيصل في ذلك الحين)، شخصية لايشق لها غبار، في كل قمم الاستخبارات الغربية.
تم تدريب الفلسطيني عبد الله عزام، والسعودي أسامة بن لادن في الرياض على يد محمد قطب، شقيق سيد قطب. وقاد كلا الاثنان على التوالي مقاتلي جماعة الإخوان المسلمين في أفغانستان.
وبعد أن أضحت المشكلات بين العرب والأفغان ظاهرة متكررة، أرسل الأمير تركي بداية، الفلسطيني عبد الله عزام “إمام الجهاد”، ليعيد ترتيب الأمور بين الإخوان، وليدير شؤون مكتب رابطة العالم الإسلامي، ثم تبعه الملياردير أسامة بن لادن.
عزام وأسامة بن لادن، تتلمذا معاً في المملكة العربية السعودية على يد شقيق سيد قطب.
قامت جماعة الإخوان المسلمين، أيضا أثناء إدارة كارتر بحملة طويلة من الإرهاب في سورية، شملت قتل تلاميذ ضباط من غير الطائفة السنية في الكلية الحربية في حلب من قبل ” الطليعة المقاتلة”، التي كان لديها معسكرات تدريب في الأردن، يتلقون فيها التدريب العسكري على يد مدربين بريطانيين.
توصلت وكالة الاستخبارات المركزية CIA خلال سنوات الرصاص تلك، من توطيد تحالف بين الإخوان المسلمين ومجموعة صغيرة من الشيوعيين السابقين، جماعة رياض الترك.
كان هذا الشيوعي وأصدقاؤه، جورج صبرا، وميشيل كيلو قد قطعوا علاقتهم مع موسكو خلال الحرب الأهلية اللبنانية لدعم المعسكر الغربي، وانضموا حينذاك إلى مجموعة تروتسكية أميركية من الحزب الاشتراكي الديمقراطي في الولايات المتحدة Social Democrats USA
أصدر الثلاثة بياناً زعموا فيه أن الإخوان المسلمين يمثلون البروليتاريا الجديدة، وأنه لايمكن إنقاذ سورية إلا من خلال التدخل العسكري الأمريكي.
قام الأخوان المسلمون في نهاية المطاف، بمحاولة انقلاب في عام 1980، بدعم من حزب البعث العراقي (الذي تعاون مع واشنطن ضد إيران)، والمملكة العربية السعودية. وتمخضت الاشتباكات في مدينة حماة فيما بعد عن ألفي قتيل وفقاً لوزارة الدفاع الأمريكية، وأربعين ألفاً وفقاً لجماعة الأخوان المسلمين، ووكالة الاستخبارات المركزية CIA…
تم سجن هؤلاء التروتسكيين، فيما لاذ معظم عناصر الأخوان بالفرار، إما إلى ألمانيا ( حيث يتواجد المرشد العام السابق، السوري عصام العطار) أو إلى فرنسا (كما هو الحال بالنسبة ل أبو مصعب السوري)، حيث منحهم كل من المستشار هيلموت كول، والرئيس فرانسوا ميتران، حق اللجوء.
بعد ذلك بعامين، وقعت فضيحة في أوساط المعارضة التي أصبحت في المنفى، أثناء الاقتسام : ثلاثة ملايين دولار اختفت من مغلف كان يحتوي على 10 مليون، قدمته رابطة العالم الإسلامي.
نحو تأسيس جهاد دولي
تلقت رابطة العالم الإسلامي تعليمات من واشنطن تقضي بإجراء تحول في المجتمع الجزائري. وظلت الرياض طيلة عشر سنوات، تتبرع بالمال بسخاء لبناء المساجد في القرى الجزائرية.
وفي كل مرة، كان يبنى إلى جانب المسجد مركزاً صحياً ومدرسة. كانت السلطات الجزائرية ترحب بهذه المساعدة، نظراً لأنها لم تكن قادرة على ضمان حصول الجميع على الصحة والتعليم. وبالتدريج بدأت الطبقات العاملة الجزائرية تبتعد عن الدولة، التي لم تعد مفيدة بالنسبة لهم، وراحت تقترب أكثر فأكثر من المساجد، لأنها أكثر سخاءً.
واتخذ الرئيس بوش الأب، المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية، صديقاً له السفير السعودي، الأمير بندر بن سلطان بن عبد العزيز آل سعود، الذي سيصبح فيما بعد نظيره كرئيس للمخابرات في بلاده. وصار يعتبره بمثابة ابنه بالتبني، ومن هنا جاء لقبه بندر بوش.
بعد أن أصبح الأمير فهد ملك المملكة العربية السعودية، في عام 1982، عيًن الأمير بندر (ابن وزير الدفاع) سفيراً في واشنطن، وهو المنصب الذي شغله طوال فترة حكمه. كانت مهمته ذات شقين : من جهة، يتعين عليه أن يدير العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية، ومن جهة أخرى أن يخدم كواجهة بين، الأمير تركي، رئيس المخابرات، ووكالة الاستخبارات المركزية CIA.
تمكن من نسج عُرى الصداقة بين نائب الرئيس ومدير المخابرات المركزية السابق، جورج بوش (الأب)، الذي صار يعتبر بندر بمثابة “ابنه بالتبني”، ثم مع وزير الدفاع ديك تشيني، ولاحقاً مع جورج تينيت، مدير وكالة الاستخبارات المركزية CIA.
دخل السفير بندر في الحياة الاجتماعية للنخب الأميركية، كما اندمج في الطائفة المسيحية الخاصة بقادة الأركان في البنتاغون، العائلة (The Family) وفي نادي المحافظين المتشددين البوهيميين في سان فرنسيسكو.
بدأ بندر بإدارة الجهاديين من خلال رابطة العالم الإسلامي، والتفاوض مع لندن لشراء الأسلحة لحساب المملكة العربية السعودية من شركة الفضاء البريطانية مقابل النفط. وصلت فاتورة عقود “اليمامة” إلى ما بين 40 و 83 مليار جنيه إسترليني، كان يتحتم على البريطانيين دفع جزء كبير من تلك المبالغ (رشاوى) لبعض الأمراء في الرياض.
عهد الرئيس رونالد ريغان في عام 1983، لكارل غيرشمان، الزعيم السابق لحزب الديمقراطيين الاشتراكيين في الولايات المتحدة الأمريكية، الإدارة الجديدة لمؤسسة الوقف الوطني للديمقراطيةNational Endowment for Democracy [5]، وهي عبارة عن وكالة تابعة لاتفاق “العيون الخمسة” المتنكرة في زي منظمة غير حكومية، وهي أيضاً واجهة قانونية لأجهزة كل من المخابرات الاسترالية، الكندية، الأميركية، البريطانية، والنيوزلندية.
كان غيرشمان قد عمل مع رفاقه التروتسكيين، وأصدقاء من الإخوان المسلمين في لبنان، وسورية، وأفغانستان. أقام حينها شبكة واسعة من الجمعيات والمؤسسات التي تستخدمها وكالة الاستخبارات المركزيةCIA، والمخابرات البريطانية MI6لدعم الإخوان، كلما كان ذلك ممكناً.
يدعي غيرشمان الانتماء إلى “عقيدة كيركباتريك” القائلة أن : كل التحالفات على حق، عندما تخدم مصالح الولايات المتحدة.
وفي هذا السياق، أنشأت وكالة الاستخبارات المركزية ونظيرتها البريطانية في ذروة الحرب البارة، الرابطة العالمية المناهضة للشيوعية (WACL) لاستخدامها في نقل الأموال اللازمة للجهاد إلى أفغانستان. وقد انضم أسامة بن لادن إلى هذه المنظمة التي تضم العديد من رؤساء الدول. [6]
أنشأت المملكة المتحدة، الوفية دائماً لتقاليدها في الخبرة الأكاديمية، عام 1985، معهداً لدراسة المجتمعات الإسلامية Oxford Centre for Islamic Studies، والطريقة التي تمكن الإخوان من التأثير فيها.
وفي عام 1989، نجح الأخوان في إدارة انقلاب ثانٍ، هذه المرة في السودان لصالح العقيد عمر البشير، الذي لم يتأخر في وضع المرشد المحلي للجماعة، حسن الترابي، على رأس الجمعية الوطنية (البرلمان).
أعلن الترابي في أول مؤتمر صحفي له من لندن، أن بلاده ستصبح القاعدة الخلفية للجماعات الإسلامية في العالم.
حسن الترابي وعمر البشير يفرضان جماعة الإخوان المسلمين على السودان. ثم مالبثا، وفي سياق طائفي ومتخلف على نحو خاص، أن أدخلا بلدهما في خلاف مع جماعة الإخوان المسلمين، قبل أن يدمرا بعضهم البعض.
أيضاً في عام 1989، انبثقت في الجزائر الجبهة الإسلامية للإنقاذ (FIS) حول عباسي مدني، بينما كان الحزب الحاكم ينهار إثر العديد من فضائح الفساد.
كان الدعم الأساسي للجبهة الإسلامية للإنقاذ يأتي من المساجد ” هدايا ” السعوديين، وبالتالي، من قبل الجزائريين الذين واظبوا على التردد لمدة عشر سنوات على هذه المساجد.
ربحت الجبهة الانتخابات المحلية على خلفية رفض الشعب الجزائري للقيادة التي تحكمه، وليس التزاماً بأيديولوجيا الجبهة الإسلامية. فقام الجيش على الفور، تقديراً منه لفداحة فشل السياسات التي اتبعت، واستحالة التفاوض مع الإسلاميين، بانقلاب ألغى بموجبه نتائج الانتخابات، لتغرق البلاد في حرب أهلية طويلة ودموية، لم نعرف عنها الشيء الكثير حتى الآن. لكننا عرفنا أنها أسفرت عن مقتل 150 ألف إنسان.
لم يكن الإسلاميون يترددون في ممارسة العقوبات الفردية والجماعية على حد سواء، حين أقدموا على سبيل المثال على ذبح سكان قرية بن طلحة-لاقترافهم جرم الإدلاء بأصواتهم، على الرغم من فتوى تحظر ذلك- فتم مسح القرية من الوجود.
من الواضح أن الجزائر كانت بمثابة مختبر لعمليات جديدة.
انتشرت شائعات تؤكد أن عناصر الجيش، وليس الإسلاميين، هم الذين قاموا بذبح سكان قرية بن طلحة.
في الواقع، كان ثمة العديد من كبار مسؤولي الاستخبارات، الذين تم تدريبهم سابقاً في الولايات المتحدة، قد انضموا للإسلاميين، ونشروا حالة الغموض.
حين عاد أسامة بن لادن في عام 1991 إلى المملكة العربية السعودية، كمناضل بطل ضد الشيوعية في نهاية الحرب في أفغانستان، دخل في مشاحنة رسمية مع الملك، في الوقت الذي كان فيه “السروريون” يعلنون ثورتهم ضد النظام الملكي.
استمرت هذه الانتفاضة، التي أٌطلق عليها اسم “الصحوة الإسلامية”، أربع سنوات، وانتهت بزج جميع قادتها الرئيسيين في السجن.
لقد أظهرت هذه الانتفاضة للعائلة الملكية-التي كانت تتخيل أنها تمسك بزمام كل السلطات- أن الخلط بين الدين والسياسة، يمنح الأخوان فرصة تهيئة الظروف الملائمة لثورة من خلال المساجد.
في هذا السياق، ادعى أسامة بن لادن أنه قدم مساعدة مكونة من بضعة آلاف من قدامى المحاربين في أفغانستان ضد العراقيين، لكن المفاجأة، أن الملك كان يفضل مليون جندي من الولايات المتحدة وحلفائها.
غادر لذلك السبب السعودية وذهب إلى منفاه في السودان، لكنه في الواقع كان مكلفا بمهمة إعادة السيطرة على الإسلاميين، الذين فلتوا من سلطة الإخوان، وثاروا ضد النظام الملكي.
قام بن لادن بالتعاون مع حسن الترابي، بتنظيم محاضرات شعبية عن القومية العربية، والقومية والإسلام، دعا إليها ممثلي الحركات الإسلامية من خمسين بلداً.
كان الهدف من هذه اللقاءات هو خلق معادل، على صعيد الأحزاب، لما قامت به المملكة العربية السعودية مع منظمة المؤتمر الإسلامي، التي تجمع تحت مظلتها دولاً.
لم يكن المشاركون في تلك اللقاءات، بدءاً من ياسر عرفات، وانتهاءً بحزب الله اللبناني، يعلمون بأنها ممولة من السعودية، وأن الفنادق التي كانوا نزلاءها، مراقبة من قبل وكالة الاستخبارات الأميركية CIA.
توصل مكتب التحقيقات الفدرالي في تلك الأثناء، إلى إدانة بنك الاعتماد والتجارة الدولية BCCI،
وهو بنك إسلامي ضخم، أصبح مع مرور الوقت مطية لوكالة الاستخبارات المركزية، تستخدمه في عملياتها السرية، لاسيما تمويل الحرب في أفغانستان- وأيضاً تهريب المخدرات من أمريكا اللاتينية-. [7]
عندما أعلن البنك عن إفلاسه، تم تجاهل تعويض صغار المتعاملين، لكنه عوًض أسامة بن لادن بمبلغ 1.4 مليار دولار، لكي يواصل التزاماته تجاه جماعة الإخوان المسلمين، خدمة لواشنطن.
نقلت وكالة الاستخبارات المركزية بعد ذلك أنشطة بن لادن المصرفية إلى بنك فيصل الإسلامي Faysal Islamic Bank وفرعه، بنك البركة.
(يتبع…)
ترجمة
سعيد هلال الشريفي
[1] “ما تجهلونه عن مجموعة بيلدربيرغ ”, بقلم تييري ميسان, ترجمة Naïla Hanna , Комсомо́льская пра́вда , شبكة فولتير , 7 حزيران (يونيو) 2011,www.voltairenet.org/article1…
[2] « Brzezinski : “Oui, la CIA est entrée en Afghanistan avant les Russes …” », par Zbigniew Brzeziński, Nouvel Observateur (France) , Réseau Voltaire, 15 janvier 1998.
[3] Charlie Wilson’s War: The Extraordinary Story of How the Wildest Man in Congress and a Rogue CIA Agent Changed the History of Our Times, George Crile, Grove Press (2003).
[4] Les dollars de la terreur, Les États-Unis et les islamistes, Richard Labévière, Éditions Bernard Grasset (1999). English version: Dollars for Terror: The United States and Islam, Algora (2000).
[5] “الوقف الوطني للديمقراطية ” نيد” الواجهة القانونية لوكالة الاستخبارات المركزية”, بقلم تييري ميسان, ترجمة سعيد هلال الشريفي, شبكة فولتير , 16 أيار (مايو) 2012,www.voltairenet.org/article1…
[6] Inside the League: The Shocking Expose of How Terrorists, Nazis, and Latin American Death Squads Have Infiltrated the World Anti-Communist League, Scott & Jon Lee Anderson, Dodd Mead & Company éd. (1986). “اتحادیۀ ضد کمونیست جهانی، اتحاد بین المللی جنایت ”, بوسيله ى تی یری میسان, ترجمه حمید محوی, شبکه ولتر, 5 آوريل 2015,www.voltairenet.org/article1…
[7] The BCCI Affair, John Kerry & Hank Brown, US Senate (1992);Crimes of a President: New Revelations on the Conspiracy and Cover Up in the Bush and Reagan Administration, Joel Bainerman, SP Books (1992); From BCCI to ISI: The Saga of Entrapment Continues, Abid Ullah Jan, Pragmatic Publishing (200
(4)
جماعة الإخوان المسلمين كرديف للبنتاغون من كتاب ” أمام أعيننا ” لتيري ميسان (4/25)
مركز القلم للأبحاث والدراسات 3:08 م – 11/08/2019 تحقيقات وتقارير اضف تعليق 2 زيارة
شبكة فولتير :
بقلم تييري ميسان :
نواصل نشر كتاب تييري ميسان، ” أمام أعيننا Sous nos yeux”. في هذه الحلقة، يصف الكاتب كيف تم دمج التنظيم الإرهابي لجماعة الإخوان المسلمين في البنتاغون، عبر إلحاق الجماعة بالشبكات المعادية للسوفيت التي تشكلت من النازيين السابقين خلال الحرب الباردة.
شبكة فولتير | دمشق (سوريا) | 2 آب (أغسطس) 2019
نشر السعودي أسامة بن لادن وطبيبه الشخصي المصري أيمن الظواهري في عام 1998 نصاً بعنوان “الجبهة الإسلامية العالمية ضد اليهود والصليبيين”. وقد تولى مكتبهما “Advice and Reformation Committee ” في “لندنستان” بتوزيع هذا النص. نظم الظواهري عملية اغتيال الرئيس السادات، ثم عمل في جهاز المخابرات السوداني التابع لكل من حسن الترابي وعمر البشير، وهو يرأس حتى الآن تنظيم القاعدة.
الإسلاميون برعاية البنتاغون
قررت وزارة الدفاع الأمريكية في مطلع التسعينات، دمج الإسلاميين-الذين كانوا حتى ذلك الحين يتبعون حصراً لوكالة الاستخبارات المركزية CIA- في أنشطتها. فكانت عمليّة (غلاديو ب Gladio B)، نسبة إلى استخبارات حلف شمال الأطلسي في أوروبا، ثم (غلاديو آ [1] Gladio A )، طوال عقد من الزمن، كان جميع القادة الإسلاميين – بمن فيهم أسامة بن لادن، وأيمن الظواهري – يسافرون على متن طائرات سلاح الجوّ الأميركي.
شاركت كل من المملكة المتحدة، وتركيا، وأذربيجان في تلك العمليّة. وبالنتيجة، الإسلاميّون – الذين كانوا حتّى ذاك الحين مجرد مقاتلين في الظلّ – أصبحوا مندمجين علناً ضمن قوّات حلف شمال الأطلسي. [2]
المملكلة العربية السعودية – التي هي دولة ومُلكيّة خاصّة لآل سعود في آن معاً – أصبحت رسمياً مؤسسة مكلّفة بإدارة الإسلام العالمي.
دعا الملك السعودي في عام 1992، إلى قانون أساسي يقضي بأن “تحمي الدولة العقيدة الإسلامية، وتطبّق الشريعة، تأمر بالمعروف وتنهى عن المُنكر، وتتمم فرائض الإسلام. (…) الدفاع عن العقيدة الإسلاميّة، ومجتمع الوطن المسلم، واجب على كل فرد من رعايا الملك”.
وضع تشارلز، أمير ويلز في عام 1993، مركز أكسفورد للدراسات الإسلاميّة تحت رعايته، فيما تولّى الأمير تركي، رئيس المخابرات السعوديّة إدارة المركز. مما جعل لندن المركز العصبي علناً ل (غلاديو ب Gladio B) إلى درجة أنه صار يقال عن مدينة الضباب “لندنستان”. [3]
أنشأ الأخوان المسلمون العرب، والجماعة الإسلامية الباكستانية، تحت مظلّة رابطة العالم الإسلامي، الكثير من الجمعيّات الثقافيّة والدينيّة حول مسجد فينسبوري بارك Finsbury Park . وقد سمحت هذه الآليّة بتجنيد العديد من الانتحاريين، الذين هاجم بعضهم مدرسة بسلان الروسيّة في ريتشارد ريد، إلى شو بومبر Shoe bomber .
تضم “لندنستان” على نحو خاص، العديد من وسائل الإعلام، ودور النشر، والصحف (صحيفة الحياة والشرق الأوسط – ويرأسهما أبناء ملك السعودية الحالي سلمان) ومحطّات تلفزيون (تضم مجموعة MBC للأمير الوليد بن طلال، عشرين قناة تقريباً)، وهي غير موجهة لمسلمي الشتات في المملكة المتحدة، بل للعالم العربي، لأن الاتفاق بين الإسلاميين والمملكة السعوديّة، يأخذ بعين الاعتبار تمدده في المملكة المتحدة – يطلق يدهم بحريّة كاملة للعمل، لكن مع حظر التدخّل في السياسة الداخليّة.
تستخدم هذه المجموعة عدّة آلاف من الأشخاص، وتنفق مبالغ طائلة من الأموال، ظلت علنية حتّى هجمات 11 سبتمبر 2001 حيث صار مستحيلاً على البريطانيين الاستمرار في تبرير وجودها.
قام أبو مصعب “السوري” (هنا مع أسامة بن لادن) بوضع “استراتيجية التوتر” بالمعنى الإسلامي. فأنشأ علناً وكالة في مدريد ولندن للإشراف على الهجمات الإرهابية في أوروبا.
أبو مصعب “السوري” – وهو ناجٍ من الانقلاب الفاشل في حماة، والذي أصبح ضابط ارتباط بين بن لادن، والجماعة الإسلامية المسلّحة الجزائريّة – صار أحد منظري” الجهاد اللامركزي”. [4]
وفي دعوته إلى المقاومة الإسلاميّة العالميّة، دفع بمصطلحات إسلاميّة، النظرية المعروفة أصلاً ب “إستراتيجية التوتر”. المقصود منها، استفزاز السلطات، لإثارة قمع رهيب، يقود الشعب للثورة عليها.
سبق أن استخدمت هذه النظرية من قبل شبكاتُ (غلاديو GLADIO) التابعة لوكالةِ الاستخبارات المركزية CIA /الناتو من خلال التلاعب باليسار الأوروبي المتطرّف، خلال عقدي السبعينات والثمانينات (عصابة بادر ماينهوف (ألمانيا)، الألوية الحمراء (أيطاليا)، أكسيون ديريكت (فرنسا) Action directe).
بالطبع، لم يكن وارداً نجاح تلك الإستراتيجيّة، وكانت CIA / الناتو تعلمان أن حظوظ نجاحها ضئيلة – إذ لم تنتصر يوماً في أيّ مكان – لكنّها كانت تسعى إلى استخدام ردّ فعل الدولة القمعي، لتضع رجالها في السلطة.
يُحدد “السوري” أوروبا – وليس الولايات المتحدة بأيّ حال – ساحةَ معركةِ الإسلاميين المقبلةَ.
هرب من فرنسا في عام 1995، عقب الهجمات التي وقعت في ذلك العام. بعد عامين على ذلك، وأسّس في مدريد و”لندنستان” مكتب دراسات الصراع الإسلامي Islamic Conflict Studies على غرار وكالة آجينتر برس Aginter Press، التي أنشأتها وكالة الاستخبارات المركزية CIA في لشبونة خلال الستينات والسبعينات. وقد برعت البنيتان في تنظيم الهجمات تحت أعلام مزيفة (بدءا من الهجمات المنسوبة إلى اليسار المتطرّف في ساحة فونتانا في عام 1969، إلى تلك المنسوبة إلى المسلمين في لندن عام 2005).
يدرب مستشار التواصل لجماعة الإخوان المسلمين محمود جبريل الورفلي الديكتاتوريين المسلمين للتحدث بلغة ديمقراطية. وقد أعاد تنظيم قناة الجزيرة، ثم أصبح مسؤولاً عن توطين شركات أمريكية أثناء نظام القذافي في ليبيا، ثم قاد أخيراً عملية الإطاحة بالقذافي نفسه.
طوَر الأخوان بالتزامن مع ذلك، برنامجاً تدريبياً شاملاً للقادة العرب الموالين للولايات المتحدة. علّمهم الليبي محمود جبريل الورفلي، الأستاذ في جامعة بتسبرغ، كيف يتحدّثون بـ “الصحيح سياسياً “. كما قام بتأهيل أمراء، وجنرالات سعوديين، وبحرينيّين، ومصريين، وإماراتيين، وأردنيين، وكويتيين، ومغربيين، وتونسيين، (وسنغافوريين أيضاً).
بمزجه مبادئ العلاقات العامة، ودراسة تقارير البنك الدولي، صار بإمكان أسوأ الطغاة، الحديث عن مُثلِهم الديمقراطيّة، وعن عميق احترامهم لحقوق الإنسان، من غير أن يبتسموا.
طغت الحرب ضد الجزائر على فرنسا. فقطع جاك شيراك، ووزير داخليّته شارل باسكوا، دعمَ باريس للإخوان المسلمين، وحظرا حتّى كتب يوسف القرضاوي (واعظ جماعة الإخوان). كان يعنيهما الحفاظ على الحضور الفرنسي في المغرب العربي، الذي يريد البريطانيّون محوه من الخارطة.
احتجزت الجماعة الإسلاميّة المسلّحة ركّاب رحلة جوية للخطوط الفرنسيّة، كانت متجهة من الجزائر إلى باريس كرهائن (1994)، وفجّرت قنابل في المترو، وفي قطار باريسي عام (1995)، وخطّطت لهجوم ضخم – جرى إحباطه – أثناء مباريات كأس العالم لكرة القدم (1998)، يتضمّن سقوط طائرة فوق محطة نووية لتوليد الكهرباء. وفي كلّ مرّة كان المشتبه بهم يتمكّنون من الفرار، واللجوء إلى ” لندنستان “.
عرض “الفيلق العربي” برئاسة أسامة بن لادن على الرئيس علي عزت بيغوفيتش في البوسنة والهرسك.
بدأت حرب البوسنة والهرسك في عام 1992. [5] وبناءً على تعليمات واشنطن، أرسلت الاستخبارات الباكستانيّة ISI، التي كانت تحظى حتى ذلك الحين بدعم مالي من المملكة السعوديّة ، 90 ألف رجل للمشاركة فيها ضد الصرب (المدعومين من موسكو).
مٌنحَ أسامة بن لادن جواز سفر دبلوماسي بوسني، وصار مستشاراً عسكريّاً للرئيس علي عزّت بيغوفيتش (فيما الأميركي ريتشارد بيرل مستشاره الدبلوماسي، والفرنسي برنار هنري ليفي مستشاره الإعلامي).
شكّل بن لادن الفيلق العربي من قدامى المحاربين في أفغانستان، ووزع تمويل رابطة العالم الإسلامي له. وبردّة فعل طائفيّة، أو تنافسية مع المملكة السعوديّة، هبّت جمهورية إيران الإسلاميّة هي أيضاً، لنجدة مسلمي البوسنة. وفي وفاقٍ مع البنتاغون، أرسلت بضع مئات من الحرس الثوري، ووحدة من حزب الله اللبناني. والأهمّ من ذلك كلّه أنّها قدّمت معظم الأسلحة التي استخدمها الجيش البوسني.
تبيّن للمخابرات الروسية، التي اخترقت معسكر بن لادن، أنّ كلّ ما يتعلق بمراسلات، وأوراق الفيلق العربي كانت مدونة باللغة الإنكليزيّة، وأنّ الفيلق يتلقّى أوامره مباشرة من حلف شمال الأطلسي.
أنشئت محكمة دولية خاصة بعد انتهاء الحرب، لاحقت العديد من المقاتلين بتهمة ارتكاب جرائم حرب، لكنّها لم تلاحق أيّاً من أفراد الفيلق العربي.
شارك المصري محمد الظواهري إلى جانب شقيقه أيمن (زعيم تنظيم القاعدة الآن) في اغتيال الرئيس السادات. كما شارك إلى جانب الناتو في حربي البوسنة والهرسك وكوسوفو. وقاد وحدة عسكرية من جيش تحرير كوسوفو.
بعد ثلاث سنوات من الهدوء، استؤنفت الحرب بين المسلمين والأرثوذوكس في يوغوسلافيا السابقة، في كوسوفو هذه المرّة.
تشكل جيش تحرير كوسوفو UÇK من عصابات مافياويّة درّبتها القوّات الألمانيّة الخاصّة (KSK) على القتال في قاعدة انجرليك التركيّة.
ثقافة الألبان واليوغوسلافيين المسلمين نقشبنديّة. حقان فيدان، الذي أصبح رئيس المخابرات التركية في وقت لاحق، كان ضابطَ الاتصال بين الناتو وتركيا.
اندمج مقاتلو الفيلق العربي القدماء في جيش تحرير كوسوفو، وكانت إحدى فرقه تحت إمرة واحد من إخوة أيمن الظواهري. دمّرت هذه الفرقة الكنائس والأديرة الأرثوذوكسيّة بمنهجّية، وطردت المسيحيين من البلاد.
وفي عودة إلى تقاليد الاغتيالات السياسيّة في عام 1995، حاول أسامة بن لادن تصفية الرئيس المصري حسني مبارك.
أعاد الكرّة في العام التالي مع الزعيم الليبي معمّر القذافي. وقد موّلت الاستخبارات البريطانيّة الهجوم الثاني بمائة ألف جنيه، رغبة منها في معاقبة الدعم الليبي للمقاومة الأيرلندية. [6] لكن العملية فشلت، وفر العديد من الضباط الليبيين إلى المملكة المتحدة، من بينهم رمضان عبيدي، الذي سيتم اتهام ابنه بعد سنوات، من قبل المخابرات البريطانية، بتنفيذ هجوم مانشستر. الأمر الذي دفع ليبيا لإرسال أدلّة إلى منظمة الأنتربول، فصدرت أوّل مذكّرة توقيف دولية بحقّ أسامة بن لادن شخصياً، وكان لا يزال لديه مكتب للعلاقات العامة في “لندنستان”.
تأسست اللجنة العربية لحقوق الإنسان عام 1998 في باريس، برئاسة التونسي منصف المرزوقي، والمتحدّث الرسمي باسمها السوري هيثم المنّاع، بتمويل مباشر من مؤسسة نيد NED. هدفها الدفاع عمن ألقي القبض عليهم من الإخوان المسلمين في مختلف الدول العربية، بسبب نشاطاتهم الإرهابيّة.
المرزوقي طبيب يساري يعمل مع الأخوان منذ فترة طويلة. والمنّاع كاتب يدير استثمارات حسن الترابي والإخوان السودانيين في أوروبا.
حين انسحب المنّأع من اللجنة، بقيت زوجته مديرة للجمعيّة. وحلّ مكانه المحامي الجزائري رشيد مسلي، وهو أيضاً محامي عباس مدني، والإخوان الجزائريين.
قاد الابن الروحي للإسلامي التركي نجم الدين أربكان (في الوسط)، رجب طيب أردوغان (على اليمين) مجموعته السرية، ميلي غوروس، كما نظم عملية توصيل الأسلحة إلى الشيشان، وإيواء أبرز الأمراء المناهضين لروسيا في إسطنبول.
أسس زبيغينو بريجنسكي في عام 1999 (أي بعد حرب كوسوفو واستيلاء الإسلاميين على السلطة في غروزني)، مع لفيف من المحافظين الجدد، اللجنة الأميركيّة للسلام في الشيشان.
إذا كانت حرب الشيشان الأولى شأناً روسياً داخلياً تدخّل فيه بعض الإسلاميين، فقد سعت الثانية لإقامة إمارة إتشكيريا الإسلاميّة.
حاول بريجينسكي، الذي كان يجري التحضيرات لهذه العمليّة منذ عدّة سنوات، أن يستنسخ التجربة الأفغانيّة.
لم يتدرّب الجهاديّون الشيشان، من أمثال شامل باساييف، في السودان عند بن لادن، إنّما في أفغانستان عند الطالبان. استفادوا، طوال فترة الحرب، من الدعم “الإنساني” من حركة “مللي غوروش، رؤيا الملًة” التركية لنجم الدين أربكان، ورجب طيب أردوغان، ومن منظمة “حقوق الإنسان والحريّات IHH”.
تأسّست هذه الجمعية التركية الأخيرة في ألمانيا تحت اسم المساعدة الإنسانيّة الدولية Internationale Humanitäre Hilfe. بعد ذلك، نظّموا عدّة عمليّات كبيرة: لاسيّما ضد مسرح موسكو عام 2002 ( 170 قتيلاً و700 جريح)، وضد مدرسة في بسلان عام 2004 ( 385 قتيلاً و783 جريحاً) وضد مدينة نالتشيك عام 2005 ( 128 قتيلاً و115 جريح).
نظمت حركة مللي غوروش وجمعية المساعدة الإنسانيّة الدولية بعد مجزرة بسلان ومقتل الزعيم الجهادي شامل باساييف، في مسجد فاتح في اسطنبول جنازة كبيرة بلا جثمان، حضرها عشرات آلاف الناشطين.
تدمير السفارة الأمريكية في دار السلام، تنزانيا، في 7 آب-أغسطس 1998، وتقديمها على أنها هجوم “مناهض للولايات المتحدة” أسفر عن سقوط 11 قتيلاً و85 جريحاً. لكن…ولا ضحية أمريكية.
في تلك الفترة، نُسبت ثلاث هجمات كبيرة إلى تنظيم القاعدة. مع ذلك، ورغم أهميّة تلك العمليات، فقد مثّلت تراجعاً للإسلاميين المندمجين في حلف الناتو، والذين يرون أنفسهم في الوقت نفسه، مُخفّضين إلى مستوى إرهابيين مناهضين للولايات المتحدة.
تم تفجير شاحنة مفخخة في عام 1996، أمام برج من ثمانية طوابق في الخُبر، في المملكة السعودية، أدى إلى مصرع 19 جندياً أميركياً. نُسبت المسؤولية عن الهجوم بداية إلى تنظيم القاعدة، ثمّ حوّلت إلى إيران، وأخيراً لم تُنسب إلى أحد.
وفي عام 1998، انفجرت قنبلتان أمام سفارتيّ الولايات المتحدة في نيروبي (كينيا)، وفي دار السلام (تنزانيا)، مما أسفر عن مقتل 298 إفريقياً – ولا أمريكي واحد – وجرح أكثر من 4500 شخص. تبنّى الهجمات جيشٌ غير معروف، هو الجيش الإسلامي لتحرير الأماكن المقدّسة.
وفقاً للسلطات الأميركية، قد يكون الفاعلون هم عناصر في حركة الجهاد الإسلامي في مصر، انتقاماً لتسليم أربعة من أفرادها. مع ذلك، اتهمت السلطات ذاتها أسامة بن لادن برعاية الهجومين، وأصدر مكتب التحقيقات الفيدرالي – أخيراً – مذكّرة توقيف دولية بحقّه.
في عام 2000، انفجر قارب انتحاري في جسم المدمّرة USS Cole في ميناء عدن (اليمن). تبنّى تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية الهجوم، إلّا أنّ محكمة أميركيّة حمّلت السودان مسؤوليته.
حدثت تلك الهجمات في ظلّ استمرار التعاون بين واشنطن والإسلاميين.
وهكذا، احتفظ أسامة بن لادن بمكتبه في لندنستان حتّى عام 1999.
كان هدف هيئة النصيحة والإصلاح Advice and Reformation Committee (ARC)، التي اتخذت من حيّ ويمبلي مقراً لها، نشر تصريحات بن لادن، وتغطية أنشطة تنظيم القاعدة اللوجستية، بما فيها تجنيد الجهاديين، والمدفوعات، وشراء المعدات.
كان السعودي خالد الفواز، والمصريّان عادل عبد الباري، وإبراهيم عيدروس، من بين مساعدي أسامة بن لادن، ثلاثة رجال صادرة بحقّهم مذكّرات توقيف دولية، لكنّهم حصلوا مع ذلك، على اللجوء السياسي في المملكة المتحدة.
نشر مكتب بن لادن في شباط (فبراير) 1998 نداءه الشهير إلى الجهاد ضد اليهود والصليبيين. وبعد ذلك، أدخل المستشفى الأميركي بدبي في آب (أغسطس) 2001 نتيجة مرض كلوي خطير. وقد أكّد لي شخصياً رئيس دولة خليجيّة أنّه زار أسامة بن لادن في غرفته بالمستشفى، حيث كان تحت حراسة عناصر من وكالة الاستخبارات المركزية CIA.
دمج جهازي “غلاديو” وإعداد داعش
حمًلت إدارة بوش الإسلاميين، حسب منطقها نفسه، مسؤولية الهجمات الهائلة التي وقعت في 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة، وفرضت الرواية الرسمية نفسها، على الرغم من احتوائها على الكثير من التفكك.
كان وزير العدل يؤكد أن ثمة طائرات اختطفت من قبل إسلاميين، رغم أنه وفقاً لشركات الطيران، لم يتم العثور على أي من المشتبه بهم على متن الطائرات المختطفة. لكن وزارة الدفاع لم تتردد بنشر فيديو يتبنى فيه بن لادن الهجمات، على الرغم من رفضه لها علانية، وتأكيد الخبراء في التعرف على الوجه والصوت، أن الرجل في شريط الفيديو، ليس قطعا بن لادن.
على أي حال، كانت هذه الأحداث بمثابة ذريعة لكل من واشنطن ولندن لإعلان “حرب لانهاية لها” على الإرهاب، ومهاجمة حلفائهم السابقين، حركة طالبان في أفغانستان، وعراق صدام حسين.
في 11 سبتمبر 2001، لم يكن أسامة بن لادن في وضع يسمح له بقيادة أي عملية إرهابية. كان يحتضر من جراء غسيل الكلى في مستشفى روالبندي العسكري بباكستان.
استسلم أسامة بن لادن لمرضه، بعد معاناة طويلة مع الفشل الكلوي، وفارق الحياة في 15 ديسمبر 2001 على أثر متلازمة مارفان.
حضر ممثل الاستخبارات البريطانية MI6 مراسم تشييعه في أفغانستان. وفي وقت لاحق، ظهرت عدة بدائل بشرية تشبهه لتبقيه على قيد الحياة، واحد من هؤلاء قتل على يد عمر الشيخ في عام 2005، وفقاً لرئيسة الوزراء الباكستانية بنظير بوتو.
نظمت المخابرات البريطانية في آب-أغسطس 2002 في لندن مؤتمراً لجماعة الإخوان المسلمين تحت شعار”سورية للجميع”. طور الخطباء فكرة أن سورية ستتعرض للقمع على يد الطائفة العلوية، وأن جماعة الإخوان المسلمين، هم وحدهم القادرون على تقديم المساواة الحقيقية للجميع.
استحوذ الإسلاميون بعد سيد قطب وأبو مصعب السوري، على رجل استراتيجيا جديد، إنه أبو بكر ناجي.
نشر هذا الرجل، الذي لم يكن له أي ظهور سابق، في عام 2004 كتاباً على شبكة الإنترنت عن إدارة الهمجية، نظرية الفوضى. [7]
وعلى الرغم من إعراب بعض المؤلفين عن اعتقادهم بأنهم تعرفوا من خلاله على أسلوب كاتب مصري آخر، إلا أنه يبدو أن الكتاب قد كتب باللغة الانكليزية، وتم إثراؤه باستشهادات قرآنية، ثم تٌرجمَ إلى العربية .
“الوحشية” في عنوان الكتاب لا يشير إلى اللجوء للإرهاب، ولكن إلى العودة إلى حالة الطبيعة ما قبل الحضارة التي أنتجت دولة.
المقصود تماماً هو إعادة البشرية إلى الحقبة التي كان فيها “الإنسان ذئب بالنسبة للإنسان ذاته”.
تتمثل إستراتيجية الفوضى بثلاث مراحل:
أولاً، تحطيم معنويات الدولة وإنهاكها من خلال مهاجمة أطرافها الأقل حماية. مما يفرض انتقاء أهداف ثانوية، في كثير من الأحيان غير ذات أهمية، لكن من السهل تدميرها وبعثرتها. المقصود بذلك هو إعطاء انطباع عن نشوب انتفاضة عارمة، ثورة.
ثانياً، عندما تكون الدولة قد انسحبت من الضواحي والأرياف، يجب غزو بعض المناطق وإدارتها. سوف ننتهج تطبيق الشريعة للإشارة إلى الانتقال إلى شكل جديد للدولة. وسوف نعقد خلال هذه الفترة، تحالفات مع كل الذين يعارضون السلطة، ولن نقصر في تسليحهم. ثم نطلق حرب تثبيت مواقع.
ثالثاً، إعلان الدولة الإسلامية.
تنحدر هذه الإستراتيجية من العلوم العسكرية المعاصرة. إنها تعطي أهمية كبيرة للعمليات النفسية، لاسيما استخدام العنف المذهل.
عملياً، ليس لهذه الإستراتيجية أي علاقة مع الثورة، ولكن مع غزو بلد من قبل قوى خارجية، لأنها تفترض مسبقاً وجود استثمارات ضخمة. كما هي الحال دائماً في الأدب الهدام، أكثر ما يثير الاهتمام هو ما لم يقال أو ما قيل بشكل عابر:
– تهيئة السكان لاستقبال الجهاديين تتطلب تشييداً مسبقاً لشبكة من المساجد والخدمات الاجتماعية، كما حدث في الجزائر قبل الحرب “الأهلية”.
– لكي تجرى هذه العمليات، تتطلب العمليات العسكرية الأولى استيراد أسلحة مسبقاً. خصوصا، أنه لن يكون بمقدور الجهاديين في وقت لاحق التزود بالأسلحة وبنسبة أقل بالذخيرة. لذا، يجب دعمهم من الخارج.
– إدارة المناطق التي تم اجتياحها، تتطلب وجود كبار مسؤولين مؤهلين مسبقاً، مثل الجيوش النظامية المسؤولة عن “إعادة بناء الدول”.
– أخيراً حرب المواقع تفترض بناء بنية تحتية ضخمة، والتي تتطلب الكثير من المواد والمهندسين، والمعماريين.
في الواقع، إن مجرد الاعتراف بهذا الكتاب يثبت أن الإسلاميين ينوون الاستمرار في لعب دور عسكري نيابة عن القوى الخارجية، وهذه المرة على نطاق واسع.
في عام 2006، طلب البريطانيون من حمد ،أمير قطر، أن يضع القناة التلفزيونية العروبية، الجزيرة، في تصرف الإخوان المسلمين. وكُلِف الليبي محمود جبريل، الذي درًب العائلة المالكة على التحدث بلغة الديمقراطية، بإدماج إخوانه خطوة خطوة في القناة، وتأسيس قنوات باللغات الأجنبية (الإنجليزية، ثم بعدها البوسنية، والتركية) وقناة للأطفال. ثم أصبح الداعية الأخواني يوسف القرضاوي “المستشار الشرعي” للجزيرة. [8]
ستتولى القناة بطبيعة الحال بث، والتحقق من صحة التسجيلات الصوتية، أو ملفات الفيديو ل “أسامة بن لادن”.
في الفترة نفسها، ترتب على القوات الأمريكية في العراق التصدي لانتفاضة آخذة في الاتساع. وبعد أن تم دحرهم بفعل عنصر المفاجأة ووحشية الغزو، ( تقنية ” صدمة الرعب “)، تمكن العراقيون من تنظيم مقاومتهم.
اقترح السفير الأميركي في بغداد، والذي أصبح لاحقاً مدير المخابرات الوطنية، جون نيغروبونتي، للتغلب على العراقيين ضرورة تقسيمهم، وتحويل غضبهم ضد بعضهم البعض، وتحويل مقاومة الاحتلال إلى حرب أهلية.
شارك أيضاً، بوصفه خبيرا في العمليات الحربية، في عملية فينكس في فيتنام، ونظًم الحرب الأهلية في السلفادور، وعملية إيران- كونترا في نيكاراغوا، وأدى إلى انهيار التمرد في ولاية تشياباس في المكسيك.
دعا نيغروبونتي أحد الرجال الذين كان يعتمد عليهم في السلفادور، الكولونيل جيمس ستيل، وعهد إليه بمهمة إنشاء ميليشيات من العراقيين الشيعة ضد السنة، وأخرى من السنة ضد الشيعة.
أما فيما يخص الميليشيات السنية، فقد لجأ ستيل إلى الإسلاميين.
قام الكولونيل ستيل، انطلاقاً من تنظيم القاعدة في العراق، بتسليح تحالف عشائري، الإمارة الإسلامية في العراق ( داعش في المستقبل) تحت غطاء من الأمن الخاص ( “لواء الذئاب”).
ولترويع الضحايا وأسرهم، تم تكوين الإمارة على التعذيب وفقاً لطرق ووسائل المدرسة الأميركية (School of America) وكذلك وفق طرق Political Warfare Cadres Academy de Taïwan التي كان مدرساً فيها. وماهي إلا أشهر قليلة، حتى بدأ مسلسل رعب جديد ينهال فوق رؤوس العراقيين، ويقسمهم تبعاً لانتمائهم المذهبي. وفي وقت لاحق، عندما تولى الجنرال ديفيد بترايوس قيادة القوات الأميركية في البلاد، قام بتعيين الكولونيل جيمس كوفمان للعمل مع الكولونيل ستيل، ورفع تقارير له عن العمليات، بينما كان بريت ماكغارك يرفع تقاريره مباشرة إلى الرئيس أوباما.
تم تجنيد القادة الرئيسيين للإمارة الإسلامية في معسكر اعتقال بوكا، لكن بعد خضوعهم لشروط سجن أبو غريب وفقاً لأساليب ألبرت د. بيدرمان، ومارتن سليغمان في “غسل الأدمغة”. [9]
كان وزير الدفاع دونالد رامسفيلد يشرف على كل شيء من واشنطن، بالاعتماد على الكولونيل ستيل الذي كان يتبع له مباشرة.
أبلغت واشنطن جماعة الإخوان المسلمين في عام 2007 برغبتها في إسقاط الأنظمة العلمانية في الشرق الأوسط الموسع، بما في ذلك الدول المتحالفة معها، وضرورة البدء بتحضير نفسها لممارسة السلطة.
بدأت وكالة الاستخبارات المركزية CIA تنظم تحالفات بين الإخوان وأحزاب أو شخصيات علمانية، في جميع دول المنطقة. كما قامت في الوقت نفسه بالربط بين فرعي “غلاديو”، من خلال نسج روابط بين الجماعات النازية الغربية، والجماعات الإسلامية الشرقية.
كانت هذه التحالفات في غالب الأحيان عرجاء، “المؤتمر الوطني للمعارضة الليبية”، على سبيل المثال لا الحصر.
أما في لندن، فلم يتمكن الأخوان من جذب أحد حولهم، سوى الجماعة الإسلامية المقاتلة (تنظيم القاعدة في ليبيا)، والجماعة الوهابية السنوسية.
خططت المنصة البرنامجية لاستعادة النظام الملكي، وجعل الإسلام دين الدولة. والأكثر إقناعا هو دستور جبهة الخلاص الوطني في برلين، الذي أعطى طابعاً رسمياً للاتحاد بين الأخوان، ونائب الرئيس السوري السابق عبد الحليم خدام.
قام دميترو إروش أثناء مؤتمر جبهة تيرنوبول المناهضة للإمبريالية (2007)، بإجراء تقاطع بين النازيين في غلاديو Gladio A والإسلاميين في غلاديو Gladio B، ثم أصبح نائب سكرتير مجلس الأمن القومي لأوكرانيا بعد “الثورة الملونة” في يورو ميدان عام 2014.
قامت مجموعة نازية وإسلاميين، في 8 أيار-مايو 2007، في ترنوبول (غرب أوكرانيا)، بإنشاء جبهة مناهضة للإمبريالية، لمحاربة روسيا، بمشاركة منظمات من ليتوانيا، وبولندا، وأوكرانيا، وروسيا، بما في ذلك الانفصاليين الإسلاميين في شبه جزيرة القرم، ومن أديغيا، وداغستان، وإنغوشيا، قبردينو بلقاريا (في جبال القفقاس)، كراشاي-شركسيا، وأوسيتيا، ومن الشيشان.
ونظراً لعدم إمكانية وصوله إلى هناك بسبب العقوبات الدولية ضده، دوكو عمروف -الذي ألغى جمهورية الشيشان، وأعلن الإمارة الإسلامية في اشكيريا – فقد تُليت مشاركته غيابيا .
ترأس الجبهة الناشئة دميترو يورش، والذي سيصبح في وقت لاحق، إبان انقلاب كييف في فبراير عام 2014، نائب أمين عام مجلس الأمن القومي لأوكرانيا.
وفي لبنان، فرض الجيش في أيار وحزيران 2007، الحصار على مخيم الفلسطينيين في نهر البارد، بعد أن تحصن فيه عناصر من فتح الإسلام. استمر القتال لمدة 32 يوماً، وأودت المواجهات بحياة 76 جندياً لبنانياً، ثلاثون منهم قطعت رؤوسهم ذبحاً.
التركي- الإيرلندي، المهدي الحامد الحمدي، الملقب ب “مهدي الحاراتي”، وهو عميل بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية، كان متواجداً على متن أسطول الحرية، يعانق الرئيس أردوغان الذي جاء لزيارته في المستشفى. أصبح لاحقاً الرجل الثاني في “الجيش السوري الحر”.
وفي عام 2010، نظم الإخوان أسطول الحرية بواسطة جمعية إنسانية إسلامية [10].
الهدف من هذه العملية رسمياً، هو تحدي الحصار الإسرائيلي، وتقديم المساعدات الإنسانية إلى سكان غزة.
أمَا في الواقع، فقد قامت السفينة الرئيسية من هذا الأسطول بتغيير علمها أثناء الإبحار، وتابعت طريقها تحت العلم التركي.
اندس العديد من الجواسيس مع الناشطين السلميين المشاركين في الحملة. كان من بين هؤلاء عنصر ايرلندي من وكالة الاستخبارات المركزيةCIA يدعى مهدي الحاراتي.
سقط رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في الفخ الذي رسمته له الولايات المتحدة، حين أعطى أوامره بمهاجمة السفن في المياه الدولية. فانتفض العالم كله يدين عملية القرصنة، تحت نظرات الشماتة الماكرة للبيت الأبيض.
إسرائيل، التي زودت الجهاديين بالسلاح في أفغانستان، ودعمت إنشاء حماس ضد منظمة التحرير الفلسطينية التابعة لياسرعرفات، تحولت ضد الإسلاميين في عام 2008 وقصفتهم، هم وسكان غزة.
سدد نتنياهو بهذه الطريقة حساب فاتورة عملية “الرصاص المسكوب” التي قام بها مع المملكة العربية السعودية، عكس نصيحة البيت الأبيض.
وفي نهاية المطاف، اضطرت إسرائيل للإفراج عن ركاب أسطول الحرية، وأظهرت وسائل الإعلام التركية رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان وهو يزور مهدي الحاراتي في المستشفى.
(يتبع…)
ترجمة
سعيد هلال الشريفي
[1] NATO’s secret armies: operation Gladio and terrorism in Western Europe, Daniele Ganser, Foreword by Dr. John Prados, Frank Cass/Routledge (2005).
[2] Classified Woman: The Sibel Edmonds Story : A Memoir, Sibel Edmonds (2012).
[3] Londonistan, Melanie Phillips, Encounter Books (2006).
[4] Architect of Global Jihad : The Life of Al Qaeda Strategist Abu Mus’ab Al-Suri, Brynjar Lia, Columbia University Press, 2009.
[5] Wie der Dschihad nach Europa kam, Jürgen Elsässer, NP Verlag (2005); Intelligence and the war in Bosnia 1992-1995: The role of the intelligence and security services, Nederlands Instituut voor Oologsdocumentatie (2010). Al-Qaida’s Jihad in Europe: The Afghan-Bosnian Network, Evan Kohlmann, Berg (2011).
[6] “ دافيد شايلر:” تركت مصالح الاستخبارات البريطانية حين قررت وحدة مكافحة الإرهاب” MI6 ” تمويل شركاء بن لادن””, شبكة فولتير , 20 تشرين الثاني (نوفمبر) 2005,www.voltairenet.org/article1…
[7] The Management of Savagery: The Most Critical Stage Through Which the Umma Will Pass, Abu Bakr Naji, Harvard University (2006).
[8] « Wadah Khanfar, Al-Jazeera et le triomphe de la propagande télévisuelle », par Thierry Meyssan, Réseau Voltaire, 23 septembre 2011.
[9] « Le secret de Guantánamo », par Thierry Meyssan, Оdnako(Russie) , Réseau Voltaire, 28 octobre 2009.
[10] « Flottille de la liberté : le détail que Netanyahu ignorait », par Thierry Meyssan, Réseau Voltaire, 6 juin 2010.
مفكر فرنسي، رئيس ومؤسس شبكة “Réseau Voltaire” ومؤتمرمحور للسلام . نشر تحليلات حول السياسة الغربية في الصحافة العربية، والأميركية اللاتينية، والروسية. أحدث كتاب له باللغة الفرنسية: الكذبة الكبرى: المجلد رقم 2، التلاعب والمعلومات المضللة (منشورات ب. برتان، 2007)
شبكة فولتير
فولتير: النسخة العربية
(5)
الإخوان المسلمين عضوات في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض (5/25)
مركز القلم للأبحاث والدراسات 3:05 م – 11/08/2019 تحقيقات وتقارير اضف تعليق 2 زيارة
شبكة فولتير :
بقلم تييري ميسان
نواصل نشر كتاب تييري ميسان ، ” أمام أعيننا Sous nos yeux”. في هذه الحلقة، يعود الكاتب إلى الفصل الدراسي الأول من عام 2011، حين اقترب الإخوان المسلمون أو سارعوا الخطى، بدعم من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، للوصول إلى السلطة في كل من تونس، ومصر، وليبيا.
بن علي (تونس)، القذافي (ليبيا) ومبارك (مصر)، في عام 2011، كانوا ثلاثة رؤساء دول، يأتمرون بأوامر واشنطن (القذافي منذ انقلاب بوصلته عام 2003، بينما كان الآخران على هذا النحو دائماً). وعلى الرغم من الخدمات التي قدموها، إلا أنه تم طردهم لصالح جماعة الإخوان المسلمين.
بدايات”الربيع العربي” في تونس
وقع الرئيس باراك أوباما في 12 آب-أغسطس 2010 على تعليمات رئاسية للأمن رقم 11 (PSD-11)، أبلغ فيها جميع سفاراته في الشرق الأوسط الكبير الاستعداد لـ “تغييرات في الأنظمة [1]، بعد أن عيَن أعضاءً من جماعة الإخوان المسلمين في مجلس الأمن القومي الأمريكي لتنسيق العمل السري على الأرض. وهكذا وضعت واشنطن الخطة البريطانية ” لثورات الربيع العربي” موضع التنفيذ. تلك كانت بالنسبة للإخوان، لحظة بلوغ المجد.
أضرم بائع خضار متجول محمد البوعزيزي، في 17 ديسمبر 2010، النار في جسده في تونس، بعد أن صادرت الشرطة عربته. علمت جماعة الإخوان بالحادث، فعممت خبراً كاذباً مفاده أن الشاب كان طالباً جامعياً بلا عمل، وانه أقدم على هذا الفعل بعد أن تلقى صفعة على خده من قبل امرأة شرطية.
هرع على الفور، رجال من منظمة نيد NED (منظمة غير حكومية مزيفة تتبع لمخابرات خمس دول أنغلوسكسونية) دفعوا مبلغاً مجزيا من المال لعائلة المتوفى، كي لا تكشف المستور، وليتمكنوا من نشر التمرد في البلاد.
وبينما كانت الاحتجاجات ضد البطالة والعنف الذي تمارسه الشرطة تعم البلاد، دعت واشنطن الرئيس زين العابدين بن علي إلى مغادرة تونس، فيما كانت المخابرات البريطانية MI6 ترتب مراسم عودة مظفرة، من لندن إلى تونس، لمرشد الأخوان المسلمين التونسيين، راشد الغنوشي.
تلك هي “ثورة الياسمين”. [2]
تستعير خطة تغيير الأنظمة أسلوبها من رحيل شاه إيران، وعودة الإمام الخميني، ومن الثورات الملونة.
أنشأ راشد الغنوشي، قبل أن يغادر تونس، فرعاً محلياً لجماعة الإخوان، وقام بمحاولة انقلاب فاشلة في عام 1987.
إعتٌقلَ وأُودع السجن مرات عديدة، ثم لجأ إلى السودان، حيث حظي بدعم حسن الترابي، ثم إلى تركيا، وصار مقرباً من رجب طيب أردوغان (الذي كان في ذلك الحين يرأس مللي غوروش Millî Görüş).
في عام 1993، حصل على حق اللجوء السياسي في “لندنستان”، حيث يعيش مع زوجتيه وأطفاله.
شخصيتان برزتا على أنهما “مناهضتان لأمريكا”: منصف المرزوقي ( يساري متطرف يعمل لصالح NED – الولايات المتحدة الأمريكية) وراشد الغنوشي (أخوان مسلمين، يعمل لحساب مؤسسة وستمنستر – المملكة المتحدة)
ساعد البريطانيون راشد الغنوشي على تلميع صورة حزبه، وإطلاق اسم جديد على حركة الاتجاه الإسلامي، فأصبحت حركة النهضة
رابطة حماية الثورة (LPR) هي المعادل التونسي لـ “الجهاز السري” المصري. زعيمها أحمد دغيج، يتلقى من راشد الغنوشي الأوامر بأسماء الشخصيات الواجب تصفيتها.
.
استدعت نيد NED في ذلك الحين أزلامها في اليسار المتطرف، لتهدئة مخاوف السكان تجاه الإخوان. من هؤلاء، منصف المرزوقي، رئيس اللجنة العربية لحقوق الإنسان، الذي لعب دور الضامن الأخلاقي، بتأكيده أن الإخوان قد تغيروا كثيراً، وأصبحوا ديمقراطيين، فتم انتخابه رئيساً لتونس.
فاز الغنوشي في الانتخابات التشريعية، وتمكن من تشكيل حكومة في الفترة من ديسمبر 2011 إلى آب-أغسطس 2013. ثم تم إدخال حجر شطرنج آخر من أزلام نيد NED أحمد نجيب الشابي، الماوي السابق والتروتسكي لاحقاً، بعد أن أعيد تدويره من قبل واشنطن.
قام الغنوشي، اقتداء بحسن البنا، بإنشاء ميليشيا موازية للحزب، رابطة حماية الثورة، التي أوكلت إليها مهام تنفيذ الاغتيالات السياسية، من ضمنها اغتيال زعيم المعارضة شكري بلعيد.
غير أنه، على الرغم من الدعم الذي لا يمكن إنكاره من جزء من الشعب التونسي إبان عودته إلى البلاد، إلاَ أن حزبه سرعان ما صار أقلية.
كان يأمل بهذا الشكل تغيير سوسيولوجيا بلده، وإعادته إلى واجهة الأحداث.
عقد حزب النهضة في أيار-مايو 2016، مؤتمره العاشر بإخراج مبدع قامت بهInnovative Communications & Strategies، وهي شركة أنشأتها المخابرات البريطانية MI6 لهذا الغرض.
راحت وسائل الاتصالات تؤكد أنَ الحزب أصبح “مدنياً”، وصار يفصل بين النشاط السياسي والديني.
لكن هذا التطور لم يكن له أي علاقة مع العلمانية، وهو ببساطة يطلب من المسؤولين اقتسام العمل، وعدم الجمع بين الإمامة، والتمثيل النيابي.
“الربيع العربي” في مصر
في 25 يناير عام 2011، أي بعد أسبوع من هروب الرئيس زين العابدين بن علي، تحول الاحتفال بالعيد الوطني المصري إلى مظاهرة ضد السلطة. قاد الاحتجاجات الجهاز التقليدي الأميركي للثورات الملونة : الصرب الذين تلقوا تدريبهم على يد جين شارب ( منظر حلف شمال الأطلسي، متخصص بتغيير الأنظمة بسلاسة، من دون اللجوء إلى الحرب) ورجال منظمة نيد NED. [3]
تمت ترجمة كل كتبهم ومنشوراتهم الدعائية إلى اللغة العربية، بما في ذلك التعليمات الواجب إتباعها في المظاهرات، وتم توزيعها على نطاق واسع، منذ اليوم الأول.
ألقت السلطات المصرية القبض في وقت لاحق على معظم هؤلاء الجواسيس، وقدمتهم للمحاكم التي أدانتهم، ثم أمرت بترحيلهم.
قامت جماعة الأخوان المسلمين التي تحظى بدعم 15-20٪ من السكان في البلاد، بشكل رئيسي بتعبئة المتظاهرين إلى جانب حركة كفاية (مجموعة أسسها جين شارب).
هذه هي “ثورة اللوتس”. [4]
جرت الاحتجاجات بشكل رئيسي في ميدان التحرير في القاهرة، ولكن أيضاً في سبع مدن أخرى. كانت مع ذلك بعيدة جدا عن الموجة الثورية التي هزت تونس.
استخدم الأخوان السلاح منذ البداية. كانوا ينقلون جرحاهم من ميدان التحرير، إلى داخل مسجد (رابعة) المجهز لتقديم الإسعافات الأولية لجرحاهم.
كانت محطات تلفزة الديكتاتوريات النفطية، قناة “الجزيرة” القطرية، وقناة “العربية” السعودية، تدعوان إلى إسقاط النظام، وتبثان على الهواء مباشرة المعلومات الإستراتيجية.
أعادت الولايات المتحدة المدير السابق لوكالة الطاقة الذرية، الحائز على جائزة نوبل للسلام محمد البرادعي إلى مصر، كرئيس للجمعية التأسيسية للتغيير.
تم تكريم البرادعي لنجاحه في تهدئة هيجان هانز بليكس الذي كان يندد باسم الأمم المتحدة، بأكاذيب إدارة بوش لتبرير الحرب ضد العراق.
يرأس منذ أكثر من سنة ائتلافاً تم إنشاؤه على غرار إعلان دمشق: نص معقول، مذيل بتواقيع أناس يمثلون جميع الاتجاهات، إضافة لجماعة الإخوان المسلمين، الذين أصبح برنامجهم في الواقع، على نقيض المنصة.
وفي نهاية المطاف، كانت جماعة الإخوان أول تنظيم في مصر يدعو إلى الإطاحة بالنظام.
بالنسبة إلى المتحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين في مصر، عصام العريان، بغض النظر عن اتفاقات كامب ديفيد، تقضي الضرورة الملحة تجريم المثلية الجنسية.
تنبأت محطات التلفزة في جميع الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي، ومجلس التعاون الخليجي بهروب الرئيس حسني مبارك، في الوقت الذي كان فيه المبعوث الخاص للرئيس أوباما، السفير فرانك ويزنر (زوج والدة نيكولا ساركوزي)، يتظاهر بدعم مبارك، ومن ثم اصطفافه وراء الحشود الجماهيرية، وحثه على الانسحاب.
أخيراً، وبعد أسبوعين من أعمال الشغب والمظاهرات الاحتجاجية التي جمعت مليون شخص، استقال مبارك من منصبه.
غير أن الولايات المتحدة كانت تنوي تغيير الدستور قبل وضع الإخوان في السلطة. لذلك ظلت السلطة مؤقتاً بيد الجيش، وتولى المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس العسكري، تصريف الأعمال.
قام الطنطاوي بتعيين لجنة دستورية من سبعة أعضاء، من بينهم اثنان من الإخوان المسلمين. تولى أحدهما، القاضي طارق البشري، رئاسة أعمال اللجنة.
مع ذلك، استمر الإخوان بالمحافظة على تقليد إخراج المظاهرات كل يوم جمعة من المساجد، وذبح المسيحيين الأقباط من دون أي تدخل للشرطة.
لا ثورة في البحرين ولا في اليمن
ففي حين أن الثقافة اليمنية ليس لها أي علاقة مع مثيلتها في شمال أفريقيا، إلا أن الممارسة المشتركة لنفس اللغة، أدت لبروز حركة احتجاج عارمة، هزًت لعدة أشهر كلا من البحرين واليمن. ونظرا لتزامنها مع الأحداث في تونس ومصر، اختلطت الأوراق في هذه المسألة.
تستضيف البحرين قطع الأسطول الخامس الأميركي، وتسيطر هذه الأخيرة على حركة الملاحة في الخليج العربي، في حين أن اليمن يسيطر مع جيبوتي على مدخل ومخرج البحر الأحمر، وقناة السويس.
تخشى السلالة الحاكمة من أن تطيح ثورة شعبية بالنظام الملكي، لذا فهي تتهم، لاشعورياً، إيران بتنظيم تلك الاحتجاجات.
في الواقع، حاول أحد كبار رجال الدين العراقيين (الشيعة) في عام 1981، تصدير ثورة الإمام الخميني، والإطاحة بالنظام العميل الذي وضعه البريطانيون عقب الاستقلال في عام 1971.
ذهب وزير الدفاع روبرت غيتس إلى البحرين، وسمح للمملكة العربية السعودية بقمع هذه الثورات الحقيقية في مهدها. وتولى الأمير نايف قيادة عملية القمع.
ينتمي الأمير نايف، مثل الأمير بندر إلى عشيرة السديري، بيد أن الأمير نايف هو الأخ البكر، في حين أن بندر هو ابن جارية.
تقسيم الأدوار بين الرجلين واضح : يتولى العم الحفاظ على النظام بقمع الحركات الشعبية، في حين يتولى ابن أخيه زعزعة استقرار الدول التي يستوطن فيها الإرهاب.
الشيء المهم هو التمييز بين البلدان المستهدفة بالإرهاب. [5]
“الربيع العربي” في ليبيا
إذا خططت واشنطن لإسقاط أنظمة الحلفاء ك بن علي، ومبارك من دون اللجوء إلى الحرب، فإن الأمر يختلف عنهما في كل من ليبيا وسورية، التي يحكمهما كل من الثائر القذافي، والرئيس بشار الأسد.
بعد تدريس اللغة الديمقراطية لدكتاتوريي ممالك الخليج، وإعادة تنظيم قناة الجزيرة، وتوطين شركات أمريكية في ليبيا، أصبح الأخونج محمود جبريل رأس “الثورة” ضد النظام الذي خدمه حتى وقت قريب.
نظمت وكالة الاستخبارات المركزية في القاهرة، في أوائل شباط- فبراير 2011، وبينما كان حسني مبارك لا يزال رئيساً لمصر، إطلاق المزيد من العمليات من خلال اجتماع ضم مختلف اللاعبين، بما في ذلك منظمة نيد NED (يمثلها في مجلس الشيوخ الجمهوري جون ماكين، والديمقراطي جو ليبرمان)، فرنسا (ممثلة ببرنار هنري ليفي)، وجماعة الإخوان المسلمين.
أما الوفد الليبي فكان برئاسة الأخواني محمود جبريل (الذي درب قادة الخليج، وأعاد تنظيم قناة الجزيرة).
دخل القاعة بصفته الرجل الثاني في حكومة الجماهيرية، لكنه خرج منها بصفته …زعيماً للمعارضة ضد “الدكتاتورية”.
لن يعود بعد الآن إلى مكتبه الفخمم في طرابلس، وصار لزاماً عليه الالتحاق ببنغازي في برقة.
ضم الوفد السوري أنس العبدة (مؤسس المرصد السوري لحقوق الإنسان، قبل أن تؤول إدارته لاحقاً للملقب ب رامي عبد الرحمن)، وشقيقه مالك العبدة (مدير تلفزيون بردى، قناة تلفزيونية معادية لسورية، تمولها وكالة الاستخبارات المركزيةCIA).
أصدرت واشنطن التعليمات اللازمة لبدء الحروب الأهلية، في ليبيا وسورية في آن واحد.
وفي 15 شباط-فبراير، قام الأستاذ فتحي تربل، محامي أسر ضحايا مذبحة سجن أبو سليم في عام 1996 بالتجوال في مدينة بنغازي مؤكداً أن السجن المحلي يحترق، داعياً الأهالي إلى تحرير السجناء. اعتقل على أثرها لفترة وجيزة، ثم أطلق سراحه في اليوم نفسه.
في اليوم التالي، 16 شباط-فبراير، دائماً في بنغازي، هاجم المتظاهرون ثلاثة مراكز للشرطة والأمن الوطني المحلي وكذلك مقر المدعي العام. فقتلت الشرطة ستة من المهاجمين أثناء الدفاع عن مخازن أسلحة الأمن الداخلي.
انطلقت في الوقت نفسه، أعمال شغب أخرى في مدينة البيضة الواقعة بين بنغازي والحدود المصرية، هاجموا خلالها مراكز الشرطة، ومقرات الأمن الداخلي، واستولوا على ثكنة حسين الجوايفي والقاعدة الجوية العسكرية، الأبرق.
استولى المهاجمون على كميات كبيرة من الأسلحة، ثم ضربوا الحراس وشنقوا جندياً. ووقعت حوادث أخرى أقل فداحة بطريقة منسقة، في سبع مدن أخرى. [6] ثم أعلن هؤلاء المهاجمون عن انتمائهم للجماعة الإسلامية المقاتلة الليبية (تنظيم الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة- القاعدة) [7]. وهم جميعاً إما أعضاء حاليين، أو أعضاء سابقين في جماعة الإخوان المسلمين. اثنان من قادة هؤلاء تعرضا لعمليات غسيل دماغ في غوانتانامو، وفق تقنيات البرفسور ألبرت د. بيدرمان، ومارتن سليغمان. [8]
حاولت الجماعة الإسلامية المقاتلة في ليبيا في أواخر التسعينات، اغتيال الزعيم الليبي معمر القذافي أربع مرات متتالية، بناء على طلب من المخابرات البريطانية MI6 وشن حرب عصابات في جبال فزان. لكن تم قمع الحركة في ذلك الحين بقسوة على يد اللواء عبد الفتاح يونس، وإجبارها على مغادرة البلاد. ووضعت هذه الحركة منذ هجمات سبتمبر 2001 على قائمة المنظمات الإرهابية من قبل لجنة القرار 1267 التابعة للأمم المتحدة، لكن لا يزال لديها مكتب في لندن، تحت مظلة المخابرات البريطانية MI6.
ألقي القبض في ماليزيا عام 2004 على الزعيم الجديد للجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة، عبد الحكيم بلحاج، الذي قاتل في أفغانستان إلى جانب أسامة بن لادن، وفي العراق، ثم نقل إلى سجن سري تابع لوكالة الاستخبارات المركزية في تايلاند، حيث تم حقنه بمصل الحقيقة sérum de vérité وتعذيبه .
أعيد بلحاج إلى ليبيا بعد إبرام اتفاق بين الولايات المتحدة وليبيا، حيث تعرض للتعذيب مرة أخرى في سجن أبوسليم، ولكن على يد عناصر بريطانيين، هذه المرة. ثم بعد ذلك اندمجت الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة وتنظيم القاعدة في عام 2007 . بيد أن سيف الإسلام القذافي راح يتفاوض، ضمن إطار المفاوضات مع الولايات المتحدة في الفترة الممتدة من 2008 حتى 2010، على هدنة بين الجماهيرية، والجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة (تنظيم القاعدة).
نشر سيف الإسلام وثيقة طويلة بعنوان “الدراسات التصحيحية”، اعترف فيها بالخطأ الذي ارتكبه في الدعوة إلى الجهاد ضد إخوته في الدين، في بلد مسلم. ثم صدر عفو عن جميع أعضاء تنظيم القاعدة، وأطلق سراحهم عبر ثلاث دفعات متتالية، بشرط تعهدهم خطياً بالتخلي عن العنف. رفض هذا الاتفاق مائة فقط من أصل 1800 جهادي، مفضلين البقاء في السجن.
غادر عبد الحكيم بلحاج ليبيا فور إطلاق سراحه، واستقر في قطر. لكنهم نجحوا جميعاً فيما بعد بالعودة إلى ليبيا من دون لفت انتباه أحد.
نظمت جماعة الأخوان المسلمين يوم 17 شباط-فبراير، مظاهرة في بنغازي في ذكرى وفاة الأشخاص الثلاثة عشر خلال مظاهرة ضد القنصلية الإيطالية في عام 2006.
وبحسب المنظمين، فإن معمر القذافي هو الذي دبًر في ذلك الوقت قضية “الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول” بمساعدة رابطة الشمال الإيطالية. مما أدى إلى انزلاق المظاهرة نحو العنف، ومصرع 14 شخصاً، سواء من المتظاهرين أو من رجال الشرطة، على حد سواء.
الإخوان المسلمون يوزعون العلم الجديد الذي يريدونه لليبيا : إنه علم الملك السابق إدريس والاستعمار البريطاني.
هكذا بدأت “الثورة”.
في الواقع، لم يكن المتظاهرون يسعون للإطاحة بالجماهيرية، بل لإعلان استقلال برقة.
وهكذا أيضاً تم توزيع عشرات الآلاف من رايات الملك إدريس (1889-1983).
تتألف ليبيا الحديثة من ثلاثة أقاليم موروثة عن الإمبراطورية العثمانية، التي لم تشكل دولة عبر تاريخها، إلا منذ عام 1951.
كانت برقة خاضعة منذ عام 1946-1969 لمملكة السنوسي-أسرة وهابية يدعمها السعوديون-الذين بسطوا نفوذهم على كل ليبيا.
توعد معمر القذافي ب “إراقة أنهار من الدماء” لإنقاذ شعبه من الإسلاميين.
وفي جنيف، قامت جمعية أهلية، أنشأتها منظمة نيد NED، تدعى الرابطة الليبية لحقوق الإنسان، بإخراج هذه التصريحات من سياقها، وعرضها على وسائل الإعلام الغربية، بوصفها تهديدات ضد الشعب الليبي، أكدت فيها أنه سوف يقصف بنغازي بالطيران الحربي.
في الواقع، كانت الرابطة عبارة عن قوقعة فارغة، حوت داخلها وزراء المستقبل للبلد، بعد تعرضه لغزو حلف شمال الأطلسي.
أعاد محمود جبريل تنظيم قناة الجزيرة في عام 2005 لجعلها سلسلة تابعة لجماعة الإخوان المسلمين. هي التي حافظت على أسطورة بن لادن لا يزال حيا. المستشار الروحي للقناة، الشيخ يوسف القرضاوي، كان يقدم برنامجاً أسبوعياً يدعو ف إلى اغتيال معمر القذافي.
أطلق الشيخ يوسف القرضاوي في 21 شباط- فبراير، من قناة الجزيرة فتوى، أمر فيها الجيش الليبي باغتيال معمر القذافي، إنقاذاً للشعب.
“إن مجلس الأمن، بناء على عمل مجلس حقوق الإنسان في جنيف -الذي تحقق من الرابطة والسفير الليبي – وبناء على طلب من مجلس التعاون الخليجي، يجيز استخدام القوة لحماية السكان من الديكتاتور”.
صعد الدم إلى رأس قائد أفريكوم AfriCom الجنرال كارتر هام عندما تلقى تعليمات من البنتاغون تأمره بالتنسيق مع الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة (تنظيم القاعدة).
وتساءل الجنرال :
كيف يمكن العمل في ليبيا مع الأشخاص الذين كنا نقاتلهم في العراق، والذين قتلوا أعداداً كبيرة من جنودنا ؟
تم عزله فوراً من منصبه، واستبداله بقائد القيادة الأوروبية الأمريكية وحلف شمال الأطلسي، الأميرال جيمس ستافريديس.
توفي 30 من أصل 38 من قوات البحرية (هنا أثناء التدريب) الذين شاركوا في اغتيال أسامة بن لادن في باكستان، في حوادث مختلفة في الأسابيع التي تلت هذه العملية.
استراحة: أعلن باراك أوباما في 1 أيار- مايو 2011، عن قيام ستة رجال من مغاوير القوات البحرية الأميركية في أبوت آباد (باكستان)، بتصفية أسامة بن لادن، الذي كنا نفتقد لأي خبر عنه ذي مصداقية منذ حوالي عشر سنوات.
سمح هذا الإعلان بإغلاق ملف القاعدة، وبنفض الغبار عن الجهاديين، بغية إعادتهم كحلفاء للولايات المتحدة، مثلما كان عليه الحال في الماضي في حروب في أفغانستان، والبوسنة، والهرسك، والشيشان، وكوسوفو.
وهكذا تم إلقاء جثة أسامة بن لادن “الوهمية” في أعالي البحار. [9]
ظل خط الجبهة الليبية لمدة ستة أشهر، من دون تغيرات. الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة تسيطر على بنغازي، وتعلن إمارة إسلامية في درنة، حيث أغلبية أعضائها من المدينة نفسها.
بدأت الجبهة باختطاف الناس بشكل عشوائي لبث الذعر في نفس الليبيين، وإلقاء جثثهم مقطعة الأوصال بعد أيام في الشوارع. الجهاديون كانوا أناس طبيعيين قبل أن يتعاطوا خليطاً مصنوعاً من المخدرات الطبيعية والمخدرات الاصطناعية التي جعلتهم يفقدون كل إحساس. فصار بإمكانهم ارتكاب الفظائع من دون وعي.
التمست وكالة الاستخبارات المركزية التي أعلنت فجأة عن حاجتها لكمية كبيرة من الكبتاغون Captagon – أحد مشتقات المنبهات- رئيس الوزراء البلغاري بويكو بوريسوف، مرافق شخصي سابق (بودي غارد) -والذي سيرأس المجلس الأوروبي في عام 2018- انضم إلى شركة ضمان الأمن Security Insurance Company, ، واحدة من أكبر منظمات المافيا في البلقان.
تمتلك هذه الشركة مختبرات سرية لإنتاج المنشطات للرياضيين الألمان. قام بوريسوف بتوفير حبوب خارقة، للبلع أثناء تدخين الحشيش. [10]
انشق اللواء عبد الفتاح يونس، وانضم إلى “الثوار”. هذا ما يقال في الغرب على أقل تقدير.
لكنه في الواقع، ظل في خدمة الجماهيرية، حتى بعد أن أصبح القائد العام لقوات برقة المستقلة.
الإسلاميون الذين لم ينسوا أفعاله ضدهم قبل عقد من الزمان، سرعان ما اكتشفوا أنه لا يزال على اتصال مع سيف الإسلام القذافي. فنصبوا له كميناً ووقع في الفخ، وقتلوه، وقاموا بشوي جسده على النار، وأكلوا جزءاً من لحمه.
يأمل حمد أمير قطر بالإجهاز تماماً على الجماهيرية الليبية وتثبيت السلطة الجديدة، كما فعل سابقاً مع الرئيس غير الدستوري في لبنان. ففي حين اكتفى حلف شمال الأطلسي بالتدخل عن طريق الجو، أنشأت قطر مطاراً ميدانياً في الصحراء، نقلت عبره الرجال والعتاد. لكن سكان فزان وطرابلس، ظلوا أوفياء للجماهيرية، وزعيمها.
عندما ألقى حلف شمال الأطلسي وابلاً من النيران على طرابلس في شهر آب- أغسطس، حشدت قطر قوات خاصة ومدرعات في تونس. لم يكن هؤلاء الآلاف من الرجال، بطبيعة الحال، من القطريين، بل مرتزقة- من كولومبيا بشكل رئيسي، تدربوا في الدائرة العاشرة بشركة (بلاك ووتر سابقاً Blackwater) ) في دولة الإمارات العربية المتحدة.
انضم هؤلاء إلى تنظيم القاعدة ( فصاروا لطيفين على الرغم من استمرار الأمم المتحدة باعتبارهم إرهابيين) في طرابلس، وتم إلباسهم أقنعة سوداء، بحيث لا يمكن لأحد أن يرى غير أعينهم.
مجموعتان ليبيتان فقط شاركتا في الاستيلاء على طرابلس، هما مقاتلو مصراته الذين يؤدون فروض الطاعة لتركيا، والجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة، لواء طرابلس (تنظيم القاعدة) الذي يقوده الأيرلندي مهدي الحاراتي، الذي تدرب على يد ضباط نظاميين من الجيش الفرنسي.
بناءً على اقتراح من الناتو، أصبح عبد الحكيم بلحاج (في الوسط)، رئيس GICL (الفرع الليبي لتنظيم القاعدة) حاكماً عسكرياً لطرابلس. كما أصبح مهدي الحاراتي (إلى اليسار)، الذي جاء الرئيس أردوغان لتهنئته خلال أسطول الحرية في غزة، نائب بلحاج.
شكلت واشنطن حكومة مؤقتة في ليبيا، حتى قبل أن يتم إعدام معمر القذافي، ضمت جميع أبطال هذه العملية برئاسة مصطفى عبد الجليل (الذي غطى تعذيب الممرضات البلغاريات والطبيب الفلسطيني)، ومحمود جبريل (الذي درًب أمراء الخليج، وأعاد تنظيم قناة الجزيرة، وشارك في اجتماع القاهرة في شباط- فبراير)، ثم فتحي تربل (الذي أطلق “الثورة” في بنغازي).
أما قائد الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة والرجل الثالث في تنظيم القاعدة العالمي، عبد الحكيم بلحاج (المتورط في هجمات محطة قطار أتوشا Atocha في مدريد) فقد تم تعيينه حاكماً عسكرياً على العاصمة طرابلس.
(يتبع…)