"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

الخلفاء الملعونون’.. وتجنب الرد على الطريقة السلفية

أثارت مشكلة الكاتبة التونسية هالة وردي صاحبة.كتابي  “الخلفاء الملعونون” و”الأيام الأخيرة لمحمد (صلى الله عليه وآله)،  في ندوة فكرية في مهرجان “ثويزا” بمدينة طنجة شمالي المغرب، غضب السلفيين، بعد حديثها عن الطموح السياسي للصحابة بعد وفاة النبي محمد (صلى الله عليه وآله).

ورد الشيخ السلفي محمد الفيزازي على الباحثة التونسية بمنشور مطول، وصفها فيه بـ”الزنديقة” ، وانها تجرأت على الخلفاء ، وان جرأتها ليست علما ولا فكرا بل تشكيك أبله لم يجرؤ عليه صناديد الأعداء الغربيين، ولا المنافقين الكفار منذ عهد النبوة، مطالبا بطرد الكاتبة التونسية من المغرب.

الضجة التي اثارها السلفيون، حول الكاتبة وكتبها، وتكفيرهم لها ووصفها بابشع الصفات، هو سلاح عادة ما يرفعه السلفيون بوجه كل جهد علمي، مهما كانت طبيعته، ولم نستغرب من رفعه الان ايضا، الا ان المستغرب هو موقف كتاب ومفكرين يشار اليهم عادة بالبنان، من الكاتبة وافكارها.

على سبيل المثال موقف الكاتب والمؤرخ والباحث هشام جعيط، حيث جاء استعلائيا ومشحونا بالسباب، وهو ما حرم طلاب العلم، من نقاش كان سيكون مفيدا، لو تقبل جعيط ان ينزل من عليائه وينقد ما جاء في كتبها، نقدا علميا، يبين ما فيها من غث وسمين.

وجاء في جانب من رد جعيط على وردي في مقال كتبه في صحيفة الصباح: “اسف ان انزل من مقامي الى مثل هذا السجال.. كون المؤلفة تدعي انها تنتسب الى المركز الفرنسي للأبحاث في خلية دراسة الديانات التوحيدية فهذا أمر فظيع لكونها تقوم بتحايل على علم التاريخ لا يليق أبدا بهذا المركز المرموق. وكتابة رواية تاريخية وهو صنف من الادب الروائي لما جادلها احد في ذلك أما كونها تتستر بستار التاريخ العلمي والمغلوط في كثير من الاحيان لتطلق العنان لخيالها فهذا غير مقبول بتاتا”.

بالمقابل ردت وردي على جعيط في رسالة مفتوحة اليه نشرتها في صحيفة الصباح، قالت في جانب منها: “أترفّع عن السبّ والشتم فذلك في متناول الجميع حتى المعتوهين، وحتى أنقذك من السقوط المدوّي أقترح عليك فرصة للتّدارك بدعوتك إلى نقاش علمي أترك لك أولويّة اختيار مكانه و تاريخه.. ربما أزعجك انّني اقتحمت ما تعتبره مملكتك، وهنا أعلمك بأن تاريخ الاسلام ليس ملكا لك فالمجال مفتوح لجميع الباحثين.. لقد تحوّلت مع الأسف من رجل علم الى شيخ إفتاء في محكمة تفتيش عن النّوايا!”.

الجميع كان يتمنى على المفكرين والمؤرخين، جعيط ووردي، ان يتناظرا وجها لوجه، وبطريقة علمية حضارية، فهو خير لهما وللقراء، فلم يجن احد من هذا السباب المتبادل، وهي عادة سلفية بامتياز، اي فائدة، فقد حُرم القراء من فرصة ثمينة للتعرف ومن منظار نقدي على ما حدث في المنعطفات الخطيرة من التاريخ الاسلامي، كما فقد مفكرون ومؤرخون هيبتهم ووقارهم العلمي، فالرد على الطريقة السلفية، يعني سد باب العلم والى الابد.