"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

مُستشرِقٌ إسرائيليٌّ: لا تَنْعوا “داعش” إنّه في مرحلة إعادة التقييم والتنظيم مع “القاعدة” والسلفيّة الجهاديّة تسترشِد بالصبر الإستراتيجيّ والعمليات الإرهابيّة الكبيرة ستعود وبقوّةٍ

الناصرة ـ “رأي اليوم” :

تناول المُستشرِق الإسرائيليّ، د. يارون فريدمان، في دراسة مُطوّلةٍ نشأة وانهيار التنظيم الإرهابيّ والهمجيّ (داعش) حيثُ قال إنّه في آذار (مارس) 2019، أي بعد خمس سنوات من إنشاء “الدولة الإسلامية”، تمّ الانتهاء من هزيمتها العسكرية بفقدان سيطرتها على آخر معقل للبعث في شرق سوريّة، مُشيرًا في الدراسة التي نشرها على موقع (YNET) الإخباريّ-العبريّ إلى أنّه في عهد “داعش” سيطر على مساحةٍ بحجم بريطانيا وعدد سكانها حوالي ستة ملايين، وعلى الرغم من هزيمتها العسكريّة، سيُواصِل “داعش” نشر الإرهاب وحرب العصابات في جميع أنحاء العالم حتى في المُستقبَل، مُضيفًا أنّه على الرغم من التراجع، بقي التهديد الذي تمثله، حتى لو لم يكن بالمعنى الإقليميّ، كما كان في بلاد الشام، ساريًا.

وتابع المُستشرِق: كان فشل “داعش” في إدراك الرؤية التي وعدت بها المؤمنين بسبب عدم تقدير البغدادي لتوازن القوى بين قواتّه وتلك التي تُواجهه، حيثُ رفض استيعاب الدرس الذي تعلمه تنظيم القاعدة في الداخل عندما اضطر إلى مواجهة تحالفٍ دوليٍّ ضدّه في أعقاب هجمات 11 سبتمبر في أمريكا لمنعه من تنفيذ تهديداته “لإغراق الغرب بأنهار من الدماء”، كما أساء البغدادي تقدير استعداد وتصميم التحالف الدولي الواسع، العربيّ، الغربيّ، الروسيّ والإيرانيّ، بالتعاون مع حزب الله، على التصرف بقوّةٍ كبيرةٍ لمنع طموحاته الإقليمية وسلوكه الوحشي.

وفي النهاية، قال د. فريدمان، سيطرت “داعش” على مناطق واسعةٍ من سوريّة والعراق، وفرضت القواعد والممارسات العسكرية التي ميزّت حروب العصور القديمة، والتي شملت عمليات إعدام جماعية للسجناء والأقليات، وقطع الرؤوس العامة وتحويل الأطفال إلى جنود ومدافع علنية والنساء إلى عبيد جنس.

بالإضافة إلى ذلك، تابع المُستشرِق الإسرائيليّ، كان البغدادي مخطئًا في تقييمه بأنّه عقب إعلان نفسه عن نفسه كخليفة (يوليو 2014)، كان سيحصل على دعمٍ كاسحٍ لهيمنة الدولة الإسلامية وسيطرتها على معسكر السلفية-الجهاد والطاعة الكاملة من قبل أنصار وشركاء القاعدة، فقد وجد أنّ الغالبية العظمى من شركاء القاعدة ظلّوا موالين لزعيم القاعدة الظواهري، وأنّ القاعدة وحلفاءها زادوا من قوّتهم في مناطق مختلفةٍ حول العالم، كما أكّد.

وفت د. فريدمان إلى أنّ عندما تم تأسيس ؤ”داعش”، وجد الغرب صعوبةً في فهم واستيعاب أنّ هذه ليست منظمة إرهابية “معروفة”، بل كيان متعدد الأبعاد بخصائص الدولة، هذا الكيان له أراضيه وأصوله الواسعة، وحافظ على أنظمةٍ اقتصاديّةٍ وقانونيّةٍ ودينيّةٍ وثقافيّةٍ فريدةٍ من نوعها، كما عمل كمنظمةٍ داعمةٍ وإرهابيّةٍ بأسلوب استخدام العنف الشديد ضدّ رعاياها الذين تمرّدوا ضدّ أقلياتهم العرقيّة والدينيّة وضدّ عناصر المعارضة التي تعمل في مجال سيطرتها، وينطبق الشيء نفسه على الوحشيّة الشديدة ضدّ أعدائها الخارجيين، كما قال المُستشرِق الإسرائيليّ.

ونوّه إلى أنّه على الرغم من هزيمة “داعش” العسكريّة، لا يزال في سوريّة والعراق الآلاف من مقاتليه، يختبئون ويعملون في مناطق مختلفةٍ، وما تبقى من قواته هي منظمة إرهابية متعددة الجوانب، ومستوى سيطرتها على الشركات التابعة لها وطبيعة اتصالاتها مع حلفائها في الخارج لم يتضح بعد.

مع ذلك، أكّد د. فريدمان أنّ حرب العصابات والعمليات الإرهابيّة التي يقوم بها نشطاء “داعش” في جميع أنحاء العالم تستمر كلّ أسبوعٍ، ويتمتع التنظيم باحتياطياتٍ من القوى العاملة من بين مقاتليه المحتجزين في معسكرات الاعتقال في شرق سوريّة من قبل الأكراد والعراق، والذين يجدون صعوبة في تحديد موقع مقاتلي المنظمة في جميع السجون، وعلى الرغم من المساعدات الأمريكيّة المحدودة، من الصعب تحديد مكان مقاتلي المنظمة الذين تمّ دمجهم في مخيمات اللاجئين.

وشدّدّ المُستشرِق الإسرائيليّ على أنّ الإحساس بالرفاهية الذي ينبع من الافتقار الأخير للهجمات الإرهابيّة المدهشة في الغرب، يعتمد على ذاكرةٍ تاريخيّةٍ قصيرةٍ، مُشيرًا إلى أنّ “داعش” الآن في طور إعادة التنظيم، بالتعاون مع فروعها، وفي الوقت نفسه، تجري عملية إعادة تنظيم إستراتيجيّة في نظام تحالف القاعدة، من التركيز على النشاط الإرهابيّ في الغرب إلى الاندماج والاستيعاب بين السكان المحليين في المناطق ذات الحكم المنخفض في العالم.

وتابع د. فريدمان: من المنطقي أنْ نفترِض أن المعسكريْن، القاعدة وداعش، سيُواصِلان العمل من أجل الحفاظ على الأجندة السلفيّة الجهاديّة وحتى تعزيزها، من خلال جملة أمور، عبر استخدام الإرهاب والعنف، مع التكيف مع التحديات والآفاق التي يفرضها الواقع من جهة والسماح لها من جهة أخرى، مؤكّدًا أنّ معسكر السلفيّة الجهاديّة يسترشِد بتصوِّرٍ مختلفٍ عن الوقت السائد في العالم الغربي: الصبر، والصبر الإستراتيجيّ الذي يقوم عليه مبدأ النضال الأساسيّ، بحسب تعبيره.

واختتم: بالنسبة لإسرائيل، تجدر الإشارة إلى أنّ مصالحها تتعرّض للخطر بسبب محاولات السلفية الجهادية لتقويض الاستقرار في الأردن، وكذلك في مصر، وخاصّةً في شبه جزيرة سيناء، وقد تتعرّض المصالح الإسرائيلية في العالم لعملياتٍ إرهابيّةٍ، على حدّ قوله.