DW :
يبدو أن المشتبه به في مقتل حاكم مقاطعة كاسل، فالتر لوبكه، من الضالعين في جرائم على خلفية التطرف اليميني ومعادة اللاجئين، حسب ما كشفت السلطات الجنائية . فهل هو “ذئب منفرد”؟ أم جزء من شبكة يمينية متطرفة تنفذ جرائم مخطط لها؟
أكدت السلطات المعنية الشكوك التي كانت تحوم حول المشتبه به في مقتل حاكم مقاطعة كاسل، السياسي المحافظ فالتر لوبكه.
أي ضلوعه في نشاطات إجرامية على خلفية يمينية متطرفة في الماضي. ففي المؤتمر الصحافي الذي عقده وزير الداخلية الاتحادي هورست زيهوفر بحضور رئيس جهاز الأمن الداخلي ـ حماية الدستورـ توماس هالدفانغ ورئيس المكتب الاتحادي لمكافحة الجريمة هولغر مونش، أكد الأخير أن المشتبه به في قتل لوبكه كان لافتا للأنظار فعلا من خلال ارتكاب عدد كبير من الجرائم في الماضي.
وقال رئيس الهيئة هولغر مونش في المؤتمر الصحفي بالعاصمة الألمانية برلين إن المشتبه به في ارتكاب جريمة قتل لوبكه لديه “سجل إجرامي طويل”، لافتا إلى أنه لم يقل أي شيء حتى الآن عن الاتهامات الحالية المنسوبة إليه.
وردا على سؤال عن نوعية الاتصالات التي لدى المشتبه به مع التيار اليميني وربما مع تيار مسلح، قال توماس هالدفانغ رئيس الهيئة الاتحادية لحماية الدستور (الاستخبارات الداخلية بألمانيا): “هناك حاليا مهمة ملحة لدينا، وهي توضيح جهات الاتصال الخاصة بالمشتبه به المدعو شتيفان إي. المعروفة بالنسبة لنا”. وأضاف هالدفانغ أن هناك علاقات للمشتبه به مع التيار اليميني المتطرف تعود للماضي، موضحا أنه سوف يتم حاليا استيضاح إذا ما كان لا يزال هناك اتصالات من هذه النوعية اليوم أيضا أم لا.
وحسب معلومات دوائر أمنية في 1993 قام المشتبه به وفي سن عشرين عاما بالهجوم على نزل للاجئين بقنبلة. وكانت القنبلة مخبئة في سيارة تم إحراقها وأُطفئت من طرف سكان الملجأ في الوقت المناسب. وحُكم على شتفان إ. حينها بعقوبة السجن مع وقف التنفيذ. وقد ارتكب في السابق جرائم عديدة، منها ما تسببت بجروح جسدية وإشعال نار بخلفية معادية للأجانب وخروقات ضد قانون حيازة الأسلحة. وفي قضية مقتل لوبكه، فإن المشتبه به البالغ من العمر اليوم 45 عاما انكشف أمره بسبب آثار الحمض النووي. والان توجد عدة قضايا بحاجة إلى الكشف عن ملابساتها مثلا عما إذا كانت شبكة يمينية متطرفة تقف وراء الجريمة. لكن النيابة العامة اشارت إلى عدم وجود مؤشرات على ذلك حاليا.
تحقيقات بسبب أهمية خاصة
مدى الجدية التي تتعامل بها العدالة في هذه القضية يتضح من خلال أن مؤسسة التحقيقات العليا تولت التحقيقات، أي النيابة الاتحادة العامة، لأن النائب العام يلاحق في العادة جنح التنظيمات الإرهابية. وبإمكانه تولي التحقيقات ضد الجاني عندما تكون القضية بسبب حجم خرق القانون وتأثيرها ذات “أهمية خاصة”.
الباحث في شؤون اليمين المتطرف في مؤسسة هانس بوكلر، هندريك بولس يفترض أن تكون للمشتبه به صلات مع المنظمة النازية “كومبات 18” الناشطة في ولاية هسن. وتم تأسيس “كومبات 18” كذراع مسلحة للشبكة النازية “الدم والشرف” التي تروج للنضال المسلح. “مثلا في مجلات تنشر كيفية صنع القنابل ومشاريع واستراتيجيات النضال المسلح الإرهابي اليميني”، كما قال هندريك بولس في حديث مع دويتشه فيله. ورقم 18 يرمز إلى الحرف الأول والثامن للأبجدية اللاتينية وبالتالي إلى حروف أدولف هتلر، ويعني الاسم فرقة كوماندو أدولف هتلر.
تشابه مع سلسلة الاغتيالات من تنفيذ خلية الحركة السرية النازية
وفي حال وجود خلفية يمينية متطرفة في قضية مقتل لوبكه، فوجب إذن تقييم خطر الإرهاب اليميني من جديد في ألمانيا. فالتشابهات مع سلسلة الاغتيالات التي قامت بها خلية السرية النازية واضحة، كما يقول ماتياس كينت في حديثه مع دويتشه فيله. فمدير معهد الديمقراطية والمجتمع المدني في مدينة يينا يشير إلى بعد سياسي ممكن في رصاصة الرأس على لوبكه وانعدام مكتوب من طرف من ارتكبها. فالخلية السرية النازية اغتالت بين 2000 و 2007 تسعة مهاجرين وشرطية ألمانية ونفذت 43 محاولة اغتيال وثلاثة اعتداءات بمتفجرات وأعمال سرقة متعددة، وبالتالي فإن اغتيال سياسيين لأسباب سياسية يشكل “بعدا جديدا”، كما يؤكد كينت. ولم يحصل هذا منذ 1945 في الإرهاب اليميني الألماني. ويتحدث كينت عن محاولات الاغتيال مثل ما حصل بحق رئيسة بلدية كولونيا. “لكن اغتيالات سياسيين من طرف راديكاليين يمينيين سيشكل منعطفا، يقول مدير المعهد. وتم العثور قبل نحو أسبوعين على حاكم مقاطعة كاسل، فالتر لوبكه، مقتولا برصاصة بالرأس في بيته.
الكراهية بسبب الالتزام من أجل لاجئين
وفي البداية كانت الأوساط الأمنية تفترض أن الجاني يوجد في الوسط الشخصي للسياسي لوبكه من الحزب الديمقراطي المسيحي. لكن المحققين عثروا على دوافع سياسية ممكنة. فلوبكه البالغ من العمر 65 عاما تحول بظهوره أمام الرأي العام لصالح سياسة اللجوء الألمانية وحقوق اللاجئين إلى عدو لليمينيين المتطرفين. وكحاكم مقاطعة كان مسؤولا عن إيواء طالبي اللجوء في الجزء الشمالي من ولاية هسن. والمحرضون المعادون للأجانب هللوا لمقتله في الإنترنت، ما أثار استياء على مستوى ألمانيا. ويمكن القول بأن الاستعداد لممارسة العنف بسبب الجدل الحامي حول الهجرة قد زاد، كما يقول الباحث في قضايا اليمين المتطرف، هندريك بولس.
تحول في موقف الألمان؟
ورسائل الكراهية اليمينية المتطرفة يجب أخذها على محمل الجد، يقول ماتياس كينت:” هناك دراسات تكشف أن لغة الكراهية في الانترنت تساهم في إثارة العنف الحقيقي”. كما أن هذه الإهانات تمثل إشكالية عامة بالنسبة إلى الثقافة الديمقراطية، لأنها تساهم “في تخويف الناس وكما هو في حالة لوبكه تم نشر عناوين خاصة في الانترنت”. وحالة مقتل لوبكه تثير منذ مدة أصداء إعلامية تتجاوز الحدود الألمانية.
أخذ الميولات اليمينية على محمل الجد
والنيابة العامة على وعي بالاهتمام الدولي الذي يلقاه هذا الاغتيال، لأنه بعد الفشل في التحقيقات المرتبطة بالخلية السرية النازية، واجهت العدالة اتهام أنها عمياء في العين اليمنى. والنيابة العامة استنتجت العبر بسرعة وتولت القضية. فالدولة وجب عليها أخذ تركيبة وميول العنف اليميني والإرهاب اليميني على محمل الجد.
رافف بوزن/ م.أ.م