عرب ٤٨ :
وترد الانتقادات الأميركيّة لإسرائيل ضمن مشروع قانون ميزانيّة الدفاع الأميركيّة للسنة المالية المقبلة، وهذه هي المرّة الأولى التي يخصّص فيها بند كامل لهذه القضيّة، جاء فيه “للولايات المتحدة خشيّة أمنية كبيرة” من المناقصة بين الحكومة الإسرائيليّة وشركة “شانغهاي إنترناشونال بورت غروب” الصينيّة لتشغيل ميناء حيفا، لمدّة 25 عامًا، بدءًا من العام 2021.
وبحسب صحيفة “هآرتس”، فإن ميناء حيفا يشكّل، منذ سنوات، “نقطة التحام” للأسطول السادس للبحريّة الأميركيّة، كما أنّ مسؤولين أميركيّين حذّروا إسرائيل في العام الأخير من أن الولايات المتحدة قد توقف استخدام الميناء إن طُبّق العقد بين الصين وإسرائيل.
وعقدت بين الولايات المتحدة وإسرائيل مباحثات “متوتّرة”، بتعبير “هآرتس”، لم تسفر عن حلول حتى الآن، علمًا بأن المسؤولين الإسرائيليين لم يتوقعوا ردّ الفعل الأميركيّ، فوصف أحد المسؤولين الإسرائيليين الذين شاركوا في الاجتماعات مع المسؤولين الأميركيين إن الأخيرين “انفجروا في وجه المسؤولين الإسرائيليين من شدّة غضبهم”.
كما ينصّ مشروع القانون على أن الولايات المتحدة معنيّة باستمرار وجود قطع بحريّتها في ميناء حيفا، لكن هناك خطرًا أمنيًا حقيقيًا في كل ما يتعلّق بترتيبات الإيجار في الميناء”، كما يدعو القانون الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى الالتماس للحكومة الإسرائيليّة لأخذ بالحسبان التأثيرات الأمنيّة للاستثمارات الأجنبيّة في إسرائيل.
وتمارس الإدارة الأميركية ضغوطات على إسرائيل لكبح الاستثمارات الصينيّة، إذ عبر مسؤولون أميركيّون خلال العام الأخير عن قلقهم المتعاظم من العلاقات الصينيّة الإسرائيليّة الاقتصادية المتزايدة. وتتركّز الخشية الأميركيّة في أن تستغلّ الصين علاقاتها مع إسرائيل لتحسين مكانتها الإستراتيجيّة، بالإضافة إلى جمع معلومات استخباراتيّة حساسيّة ومعلومات تكنولوجيّة مشفّرة.
وينصبّ القلق الأميركي من الاستثمارات الصينية في مواقع مثل ميناءي حيفا وأشدود، والقطار الخفيق في تل أبيب وأنفاق الكرمل.
وخلال زيارته البلاد في كانون ثانٍ/ يناير الماضي، تطّرق مستشار الأمن القومي الأميركي، جون بولتون، لدخول شركات صينيّة للسوق الإسرائيليّة، مثل هواوي وZTE.
وطالب المسؤولون الأميركيّون إسرائيل “بضمانات” ألّا تستغلّ الصين مشاريعها في إسرائيل لتحسين قدراتها الاستخباراتيّة أو مكانتها الإستراتيجيّة. ولم يقتنع المسؤولون الأميركيّون، بحسب “هآرتس”، بالإجابات التي قدّمها لهم المسؤولون الإسرائيليّون، حتى أنهم دعوا الإسرائيليّين إلى إعادة دراسة المشاريع المشتركة مع الصينيين إن لم يكونوا قادرين على تقديم هذه الضمانات.
والشهر الماضي، أبدت الولايات المتحدة خشيتها من مشروع صيني إضافي في إسرائيل هو إقامة منشأة لتحلية المياه، هي الأكبر من نوعها في العالم، وأعلنت وزارة المالية الإسرائيلية عن أنها تلقت ثلاثة مقترحات لإقامتها. وأطلِق على هذه المنشأة اسم “شوريك B”، وستقام بالقرب من منشأة تحلية مياه أخرى قائمة. وتشير التقديرات بشأن المنشأة الجديدة إلى أنها ستنتج 200 مليون كوب سنويا. وتبلغ تكلفة إقامتها 2.5 مليار شيكل، وستتم إقامتها خلال ثلاث سنوات، وسينفذ المشروع مئات العمال، وبعد ذلك ستشغلها الشركة الفائزة بالمناقصة حتى العام 2049.
وقدمت شركة “هاتشيسون” الصينية، ومقرها في هونغ كونغ، أحد المقترحات لإقامة المنشأة. وتنافس هذه الشركة الصينية شركات إسرائيلية وشركات مشتركة إسرائيلية إسبانية. وقالت الصحيفة إن المسؤول عن الأمن في وزارة الأمن الإسرائيليّة، نير بن موشيه، الذي ضمن صلاحياته منع تسرب معلومات حول مواقع سرية، طرح مؤخرا ما وُصف بأنه “تحفظ حازم” ضد اختيار شركة “هاتشيسون” لتنفيذ مشروع بناء المنشاة لتحلية المياه. ورأت الصحيفة بقرار بن موشيه أنه بداية تغيير في سياسة جهاز الأمن، الذي عزز ضلوعه في التدقيق في صفقات كبيرة في مجال البنى التحتية، وأنه في خلفية ذلك الضغوط الأميركية.
اقرأ/ي أيضًا | نتنياهو يسهّل الاستثمارات الصينية رغم ضغوط أميركية
وأشارت الصحيفة إلى أن الدافع الأساسي للاعتراض على اختيار الشركة الصينية لتنفيذ المشروع، رغم عدم وجود أسرار أمنية فيه، هو قربه من منشآت أمنية حساسة عديدة: سيفصل جدار بين هذه المنشأة وبين موقع تجارب أمنية في “ناحال شوريك”، وستقام قرب قاعدة سلاح الجو “بلماحيم”، وعلى بعد كيلومترات معدودة من مركز الأبحاث النووية “ناحال شوريك”. إضافة إلى ذلك، سيكون لمنشأة تحلية المياه مدخنة يصل ارتفاعها 50 مترا، “ستشكل نقطة مراقبة على جميع المواقع الحساسة”. وتابعت الصحيفة أنه إذا كانت هذه المنشأة شبيهة بالمنشأة القديمة، فإن إقامتها مقرون بحفر أنفاق تحت منطقة التجارب في قاعدة “بلماحيم” وتتجه نحو البحر وداخل منطقة إطلاق نار لتدريبات سلاح البحرية الإسرائيلي.