مدريد ـ “راي اليوم” :
تناولت صحيفة “الباييس” الإسبانية في عددها الصادر اليوم موضوع اليمين المتطرف الاسباني الذي صعد نجمه في الانتخابات التشريعية الأخيرة.
وقالت الجريدة أنه بعد أن قدَّم حزب اليمين الاسباني المتطرف “بوكس” مقترحه القاضي بتشييد جدار فاصل بين الحدود الإسبانية والمغربية، حقق الحزب بمدينة سبتة أفضل النتائج في الانتخابات. ويستعرض التقرير شهادات مواطنين اسبان من سكان المدينة حول آرائهم المتعلقة بواقعهم والأحزاب السياسية وتطلعاتهم. ومن بين المواطنين المُستطلعة آراؤهم “غابرييل”، وهو عسكري متقاعد.
وتنقل الصحيفة عن “غابرييل” قوله أنه كان يصوت للحزب الشعبي (اليمين المحافظ)، لكنه في الاستحقاقات البلدية والاقليمية المزمع تنظيمها في 26 من الشهر الجاري سيصوت لحزب “بوكس” اليميني المتطرف آملاً في أن يُساهم اليمين المتطرف في اصلاح الأوضاع بالمدينة الحدودية مع المغرب.
واستطرد العسكري المتقاعد قائلاً “لن أدفع الضرائب من أجل المهاجرين… لست من مؤيدي بناء الجدار العازل، لكن على كلٍّ البقاء في أرضه”، ويضيف العسكري الإسباني أنه “لا توجد مشاكل المخدرات بالحي الذي أقطنه لأن المسلمين فيه أقليه، أينما ولّيت وجهك تصادف 2000 من السود”، مؤكداً وهو يلوِّح بيده تجاه القارة الإفريقية. وتُشير “الباييس” إلى أن أصوات الحي الذي يقطنه الجندي المتقاعد قد ذهبت في معظمها، خلال الانتخابات الأخيرة، للحزب اليميني المتطرف كحالِ بعض قرى مدينة سبتة.
ونقلت الصحيفة أن معظم المغربيات بالمدينة يعملن بطريقة غير شرعية في مجال رعاية كبار السن مقابل مبلغ زهيد لا يتجاوز 350 يورو (الحد الأدنى للأجور بإسبانيا هو 900 يورو). وبشأن ذلك قال “غابرييل” أنه لن “يوظف مغربياً فأنا لم ولن احتاج اهم. لا أحبهم”.
وتتوقع الصحيفة أن يحقق اليمين المتطرف نتائج جيدة في المدينة ليفوز بمعظم مقاعد المجلس المجهوي الذي يشغل المسلمون حالياً اكثر من ثلث أعضائه، مؤكدةً أن الحزب الشعبي المحافظ سيخسر سيطرته على المجلس التي حافظ عليها طيلة 18 سنة.
وعلى الرغم من تقديمه مقترح بناء جدارٍ عازل يفصل المدينة عن المغرب، إلّا أن الحزب قد حقق أفضل النتائج بالمدينة التي يفوق عدد المسلمين بها الأربعين بالمئة من إجمالي السكان البالغ عددهم 85 ألف نسمة، متجاوزاً بذلك الحزب الاشتراكي، لتحتل مدينة سبتة بذلك المرتبة الأولى في الترتيب بين عواصم الأقاليم التي أصبح اليمين المتطرف فيها القوة اليمينية الأولى.
ويحذر خصوم الحزب من أن هذا الصعود يشكل خطراً على التعايش السلمي بالمدينة. وتكشف الجريدة أن سبتة هي الإقليم الثاني، بعد مليلية، على صعيد القارة الأوروبية من حيث نسبة العاطلين عن العمل الذين تترواح أعمارهم بين 15 و24 سنة.
وحسب الإحصاءات الأوروبية فإن ثلاثة من كل خمسة شبان لا تظهر عنهم أي تفاصيل لدى أية جهة، كما لا يبذلون أي جهد لتغيير واقعهم. وتشرح الصحيفة أن نصف الانتاج الداخلي الخام للمدينة يعتمد على اعانات القطاع الحكومي بشكل مباشر، كما ينعدم أي نشاط اقتصادي باستثناء سبع شركات للغمار عبر الانترنت أو التبادل التجاري الحدودي مع المغرب الذي يعيش أسوأ أيامه.
من جانبه، يرى المحلل السياسي، أدولفو هيرانانديث، المُنحدر من سبتة أن مشكلة البطالة، التي يعاني منها ثلاثة من كل عشرة من سكان المدينة، هي أحد الأسباب الرئيسية للتململ الحاصل في أوساط المسلمين الذين يتهمون السلطة بممارسة التمييز ضدهم. ومن بين هؤلاء، جميلة محمد، وهي مسلمة تبلغ من العمر 53 سنة والتي تقول أن أبناءها الخمسة عاطلين عن العمل، مضيفةً أن “لا أحد ينظر إلينا، فالحزب الشعبي يفكر فقط في مصالح أتباعه”.
وتقطن جميلة أحد الأحياء الفقيرة بسبتة والتي تعاني الإهمال الحكومي والتهميش والفقر وارتفاع نسبة الأمية، ناهيك عن كون الحي مسرحاً لبعض العمليات ضد الجهاديين، كما يحدث تبادل لإطلاق النار بين الفينة والأخرى داخل أزقة الحي.
وتختم الصحيفة بالقول أن هذا الوضع نتج عنه بروز خطاب معادي للمهاجرين لا ينتشر فقط بين أنصار اليمين المتطرف بل يتعداه للمسلمين أيضاُ. “كيف سينادونني للعمل في التنظيف أو التجول بالكلب أو كي الملابس مقابل 10 يورو، بينما هناك مهاجرات يتقاضين 3 يوروهات للقيام بذات العمل؟”، تتساءل جميلة التي تقول غاضبة أنها “ترفض دخول مزيد من الأجانب”.
ويَعبُرُ يومياً حوالي 30 ألف شخص الحدود بين سبتة والمغرب لأغراض مختلفة بينها الزيارات العائلية أو التبادل التجاري. ويُنتظر أن تشهد إسبانيا تنظيم انتخابات إقليمية، بلدية وللبرلمان الأوروبي في الـ 26 من الشهر الجاري، وكان حزب المينين المتطرف “بوكس” قد حصد 24 مقعداً بالبرلمان الوطني في انتخابات 28 أبريل المنصرم، ويتوقع خبراء أن يواصل اليمين المتطرف صعوده في كل المقاطعات والاقاليم الاسبانية.