العرب :
كولومبو (سريلانكا) – كشفت مصادر سريلانكية، الأحد عن مقتل والد وشقيقي زهران هاشم المشتبه في أنه العقل المدبّر لتفجيرات عيد القيامة في سريلانكا قبل أسبوع.
وأكدت ذات المصادر أن زين هاشم وريلوان هاشم ووالدهما محمد هاشم، الذين ظهروا في تسجيل فيديو تم بثه على وسائل التواصل الاجتماعي كانوا يدعون فيه إلى حرب شاملة على الكفار، من بين 15 شخصا قُتلوا في معركة شرسة بالأسلحة مع الجيش على الساحل الشرقي يوم الجمعة.
وقال نياز شريف، زوج شقيقة زهران هاشم، الذي يعتقد أنه قائد المهاجمين الذين نفذوا تفجيرات عيد القيامة التي أودت بحياة أكثر من 250 شخصا في كنائس وفنادق في أنحاء البلاد، إن تسجيل الفيديو يظهر شقيقي زهران هاشم ووالده.
قصة أسرة متطرفة
وتثير قصة هذه العائلة المتطرفة، المنتمية إلى جماعة تدعى “التوحيد الوطني”، التي أعلنت ولاءها لتنظيم داعش المتطرف جدلا واسعا بشأن الدوافع التي تجعل من مسلم قد يتحول إلى إرهابي، خاصة أنها تنحدر من وسط اجتماعي ميسور الحال وليست بحاجة إلى تلقي دعم مالي من التنظيمات المتطرفة التي تدعم مقاتليها بأموال طائلة خاصة منذ ظهور تنظيم الدولة الإسلامية في فترة ما بعد 2011 التي شهدت ثورات وانتفاضات في مناطق متفرقة من أنحاء العالم خاصة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ويجمع الخبراء والمختصون في دراسات الجماعات الإسلامية المتطرفة، على أن الفقر أو التهميش أو المستوى التعليمي المتدني من أكثر الدوافع التي ترغم فردا على تبني فكرا متطرفا وهو ما حصل بالضبط مع الآلاف من الشباب الذين انخرطوا في التنظيمات المسلحة وأهمها تنظيم الدولة الإسلامية الذي تكبد في السنوات الأخيرة هزائم كبرى أنهته ميدانيا وعسكريا، لكنها لم تقض عليه بعد فكريا.
لكن الأمر يختلف عن السائد، عند التحدث عن الجماعة التي أعلنت تبنيها لمجزرة سريلانكا، مؤكدة ولاءها لتنظيم داعش، خاصة أنها أسرة من وسط اجتماعي جيد.
وتثير قصة عائلة زهران هاشم، أكبر الصحف والمجلات الدولية، التي سلطت الضوء في أكثر من مرة حول دوافع تحول زهران هاشم وأسرته في وقت وجيز إلى محط حديث كل العالم.
واستعرض تقرير نشرته شبكة “ذي أسوشييتد برس″ الأميركية، بعض التفاصيل الدقيقة التي تخص أفراد هذه العائلة السريلانكية اجتماعيا وفكريا.
وتعود الوكالة لعرض بعض الجزئيات الدقيقة التي رافقت مجزرة سريلانكا التي أعادت الجدل حول نهاية تنظيم داعش من عدمه من الناحية الفكرية بصفة خاصة.
وتقول إن فتاة صغيرة، كانت ترتدي ثوبا جميلا، وتمسك بيد رجل، ربما هو جدها، أثناء عبورهما فناء خارج كنيسة القديس سيباستيان في عيد الفصح يوم الأحد قبل الماضي. وفي طريقهما، يمشي رجل ذو لحية بانحناءة وهو يحمل على ظهره حقيبة كبيرة، يحاول ألا يصطدم بالفتاة.
وتظهر الكاميرات المنتشرة في الأرجاء بعد ذلك أن كليهما يمضيان في طريقهما، حيث تواصل الفتاة سيرها عبر الفناء، ويسير الرجل الذي يحمل الحقيبة نحو مبنى الكنيسة الرئيسي.
ويدخل الرجل الكنيسة أثناء ممارسة طقوس العبادة، محدقا بمروحة السقف من فوقه، ووفقا للسلطات، قام بتفجير القنبلة في حقيبته. لتكون هذه العملية الإرهابية جزءا من مجموعة منسقة من الهجمات على الكنائس والفنادق الفخمة في أنحاء سريلانكا، والتي قتلت أكثر من 250 شخصا.
ومازالت السلطات السريلانكية بصدد البحث عن أدلة قد تفسر كيف تحولت جماعة إسلامية متطرفة غير معروفة عن دورها في تشويه التماثيل البوذية ونشر خطبها وبياناتها على الإنترنت إلى شن واحدة من أكثر الهجمات الوحشية في السنوات الأخيرة.
ومنفذو العمل الوحشي في سريلانكا هم من عدة جهات، ويشتغل أحدهم بمصنع للنحاس خارج كولومبو، العاصمة، حيث قام بالمساعدة في تجميع القنابل والمتفجرات معا، ثم يقال إن المتورطيْن الآخريْن هما نجلا تاجر عطارة ثري في المدينة، وقيل إنهما متطرفان وكانا يخططان للعملية. أما العقل المدبر وهو المدعو محمد زهران فقد شحذ كراهيته بمساعدة تنظيم داعش. وبذلك أصبحت هذه الخلية المحلية المتشددة عالمية وذات صيت دولي.
وتحدثت السلطات السريلانكية بالتفاصيل إلى وكالة “أسوشيتيد بريس″ ووسائل الإعلام المحلية، مرفقة حديثها بشريط فيديو عن الهجمات.
وتكافح سريلانكا التي تركز على ضرورة معرفة دوافع المفجرين وخلفياتهم، والتي تعاملت مع نوع مختلف من الإرهاب المحلي خلال حرب أهلية استمرت قرابة ثلاثة عقود، لفهم كيف انفصلت شريحة من المسلمين المحليين عن المعتقدات الدينية التي كانوا يعتنقونها لسنوات وانضموا على ما يبدو إلى شبكة متشددة دولية تحمل شعار القتل الجماعي كعلامة تجارية.
المنزل الذي يعيش فيه المشتبه فيهما لا يشبه كثيرا مخبأ لجماعة إرهابية، حيث ترتفع الواجهة الخارجية للمنزل الفخم ذي الثلاثة طوابق خلف جدار أبيض صلب في حي هادئ ومليء بالأشجار. وتُفتح أبواب زجاجية ذات إطارات خشبية على شرفات واسعة محاطة بأعمدة، وتقف سيارة “بي أم دبليو” في الخارج.
لكن داخل هذا المنزل، ربما يكون نجلا هذا التاجر الثري، محمد يوسف إبراهيم، قد خططا للعملية الإرهابية. وهناك أيضا قيل إن زوجة أحد الأخوين فجرت نفسها وأطفالها والعديد من ضباط الشرطة.
العقل المدبر
في مصنع للنحاس تم ربطه في وسائل الإعلام المحلية بالعائلة، رجح أن المتآمرين قاموا بتعبئة القنابل المستخدمة في الهجمات. وبحسب ما ورد اجتمع بعض المهاجمين في قاعة رياضية محلية قبل الهجمات، حيث لعبوا كرة القدم، واشتروا أيضا سيارة في إحدى ضواحي كولومبو.
وما يقلق في الأمر يتعلق بالمستوى التعليمي للمتورطين، حيث كشف أن هؤلاء المتطرفين كانوا على درجة عالية من التعليم، وأحدهم، على سبيل المثال، ذُكر أنه درس في المملكة المتحدة وأستراليا، وكانت لديهم علاقات جيدة وروابط واضحة مع رجال الأعمال والنخبة السياسية في البلاد.
إذن كيف يمكن لبعض الأثرياء أن يقعوا فريسة للتطرف. وقد قدم رئيس الوزراء رانيل ويكريميسينغ هذا التفسير “كانوا متعلمين للغاية، وبالتالي، تم تضليلهم”.
يعد هاشم زهران العقل المدبر للعملية الارهابية في سريلانكا، وكان يثير قلقا في مدينته الساحلية الهادئة كاتانكودي، لكنه أصبح اليوم محل متابعة من العالم بأسره بالنظر إلى وحشية مجزرة سريلانكا.
وكان زعيم “جماعة التوحيد الوطنية” الحركة الجهادية المحلية المتشددة التي اتهمتها كولومبو بالوقوف وراء الاعتداءات، أحد الانتحاريين الذين فجروا أنفسهم في كنائس وفنادق في أحد أعياد الفصح في سريلانكا، متسببين في مجزرة.
السلطات السريلانكية بصدد البحث عن أدلة لتفسير كيف تحولت جماعة إسلامية متطرفة نجحت في شن واحدة من أكثر الهجمات الوحشية في السنوات الأخيرة
وتعيد “ذي أسوشييتد برس″ توصيف الحادثة بتأكيدها أن هاشم زهران يقف مرتديا ثوبا أسود طويلا، محاطا بمجموعة من الانتحاريين، وهو الوحيد الذي يظهر غير مرتد لوشاح على وجهه، ويمسك ببندقية في إحدى يديه، ويرفع إصبع السبابة ليده الأخرى ملقيا ما يشبه تحية ويتعهد بالولاء لجماعة تنظيم الدولة الإسلامية، التي وزعت شريط الفيديو الذي يظهر مجموعة من المهاجمين الذين ينتمون إلى الجماعة.
ويعد زهران، وفق السلطات في سريلانكا زعيم المهاجمين، والذين أكدوا مؤخرا فقط أنه مات في إحدى المهام الانتحارية. وينتمي إلى جماعة تدعى “التوحيد الوطني”، وهي معروفة منذ عدة أعوام بخطبها المتشددة على الإنترنت والتي تنتقد غير المسلمين وتدعو إلى القضاء عليهم. وتفيد التقارير بأن المجموعة قامت بتخريب وتدمير التماثيل البوذية.
وفي عام 2014، نشرت مجموعة تطلق على نفسها اسم “المسلمون المعتدلون المحبون للسلام في سريلانكا” تعليقا لصحيفة يقول إن جماعة التوحيد الوطني أصبحت “سرطانا” سريعا يسري في المجتمع المسلم في سريلانكا، وحذر من أن الجماعة كانت تلزم المسلمين بزيارة المساجد، وتفرض تطبيقا صارما للشريعة الإسلامية وتجعل النساء يغطين وجوههن ويرتدين ملابس طويلة.