سادت مصر حالة من الحزن والغضب بعد الإعلان عن مقتل السيدة نفيسة قنديل أرملة الشاعر الكبير محمد عفيفي مطر على يد عدد من شباب قريتها بدلتا مصر بهدف سرقتها .
السيدة نفيسة عرفت بإنسانيتها وفيض كرمها على الجميع، ووقع خبر مقتلها المروع على محبيها وعارفي فضلها كالصاعقة.
الشاعر والكاتب الصحفي محمد حربي “كان من المقربين لمطر “كتب معلقا على الحادثة الشنيعة: “اشعر بالعار فقد اقتحم لصوص في رملة الانجب بيت عفيفي مطر وسرقوا ارملته السيدة الجليله نفيسة قنديل بالاكراه ،اَي عار لحق بِنَا وما اصعب العجز الذي اشعر به ولم يعد هناك اَي متسع للكتابه ولا رغبة في الكلام سلام ظلام من عار مقيم>
****
كتبت هذا البوست منذ عامين تحديدا في ١٧ مارس ٢٠١٧ ومن يومها عاشت سيدتنا نفيسة جرحا بعرض الريح لم يلتئم لان حقها لم يعد اليها ولم تشف من جرح كبريائها اليوم أكتب ان الجرح اكتمل لحد الفجيعه عندما عرفنا انك غادرت دنيانا بموت غادر في فجر لئيم اليوم عرفنا ان نفيسة العقل والروح والصوفيه الحقيقية قتلتها رحمتها وطيبتها واغتالها عطفها علي المساكين وابناء السبيل لان الصبية المتوحشين في القرى المخنثة ظنوا انها ثرية بسبب عطائها الذي لا يخاف فقرا فكمنوا لها في رحمتها واغتالوها في مصدر قوتها.
قتلت رحمتك يا ام لؤي فسلاما عليك في الدنيا والاخره وعزائي انك عند الرحمن الرحيم”.
لم يكتف حربي بما كتبه، وقال قصيدة رثاء في السيدة نفيسة قنديل بعنوان “تحت أنقاض المجاز” .
قال فيها :
إلى نفيسة قنديل
دم عالق في القلوب والصور استعارات ميتة
***
لم اعد قادرا علي تهجي المطر قطرة قطره
اخترعت لغة جانبية بمفردات تنز ماء
كلما تصحرت أمامي الكتب القديمة
***
لم اعد قادرا علي قراءة الوجوه في الشوارع المظلمة
من شيش نافذة نصف مفتوحة
اخترعت مفردات تضيء وحدها، وتسقط حجارة عليمة علي العابرين
ربما ننتبه الي اشباح صارت تتقن الكلام البذيء كمواطن قيد الاختراع والقتل البارد بالسكين
***
لم اعد قادرا علي احصاد خيباتي في العبور
اخترعت احجارا مدببة
لكل خيبة حجر
ولكل فشل زاويه
ولكل حلم عقدة من حرير
لكنني الان صرت عاجزا
والنافذة تبتعد
طريق محتمل لعتمة مبصره
والفاظي تسقط متحجرة تحت عجلات مقعد
يجيد الرقص في الغرف الضيقة .
***
دم عالق في قلوبنا والصور جثث تفحمت في تأويل ملتبس
***
نحن قتلة بالفطرة!
للان لم اعرف كيف نجوت من التباس التآويل
وكيف هربت نافذة بضوئها من عتمة المصير
او من اخترع الطريق
وابتكر الشجر كتحلية مجانيه في الحلم العنيف
ومن منح “ام الشعور” سطوة الذبح في الاساطير الصغيرة
الصفصاف كان شاهدا علي ما جري
لكنه صمت في المرتين فسكن العطن تحت الجسور
والقناطر بكاء تهشم في رأسك عند الفجر
دم عالق ونحن قتلة بالفطرة ”
***
وجاء في قصيدة حربي :
لم اعد قادرا علي العودة .
اغلقت غرفا تمشي في الشارع والاسواق باستعارة اقفال من مجاز قديم
وغطيت عورتها بججارة من كنايات مققتطعة من مقام السيدة نفيسة
وقلت لعل عابرا يجيد القراءة يستطيع ان يفسر لي الحلم في مقهي افتراضي
ربما تفك غرفة واحدة -لا تطل علي نهر او طريق ضفيرة واحدة لنافذة لا تزال تتنفس تحت أنقاض المجاز والحقيقة القاتلة.
نبوءة مطر لزوجته
محمد حربي قال لـ “رأي اليوم” إن محمد عفيفي مطر قال لزوجته نفيسة عام 91: “أشفق عليك من مصير مؤلم!”.
أخلاق القرية
أحمد الجعفري أحد محبي مطر كتب معلقا على الحادثة الشنيعة: “في صيف عام 2003 وربما 2004 ذهبت مع هِمِّت وعبدالله لمرسىٰ مطروح، وفي أحد الشواطئ وجدت تحت مظلة بجواري الشاعر الراحل محمد عفيفي مطر وزجته الكريمة الراحلة ،، تصافحنا وشكرنا صدفة اللقاء، في 17 مارس 2017 أي قبل عامين ويومين بالتمام .. كتب صديقنا المحترم الكاتب والشاعرمحمد حربي بصفحته منشورًا يفيض بالغضب والحزن لأن مجرمين اقتحموا منزل عفيفي مطر بقريته وسرقوا أرملته الكريمة بالإكراه، أمس 19 مارس 2019 اقتحم مجرمون منزل عفيفي مطر بقريته وأوثقوا أرملته الكريمة وقتلوها ،،
علينا الاعتراف بأن أخلاق القرية تعبير تراثي يشير إلىٰ معانٍ مندثرة ونادرة الوجود ،، فالتخلِّي والإثرة والتنافس غير الشريف وقطع الأرحام تفَشّت جميعُها في القرية المصرية وناسها بالدلتا والصعيد سواءً بسواء ولن تكون القتيلة المغدورة/ نفيسة قنديل آخر ضحايا هذه الرذائل .
علىٰ ذكر الأخلاق … لماذا لم يستفد أهلوها من التجربة القاسية التي تعرضت لها عام 2017 ؟؟
– لماذا تركوها تعيش بمفردها ؟؟
– لماذا لم يعيشوا معها ، أو يجعلوها تعيش معهم ولو جبْرًا ؟؟
– لماذا أسلموها للوحدة التي أسلمتها لطمع اللصوص القتَلة ؟؟
لهذا ،، ولكثيرٍ غيره .. لا تصدقوا أكذوبة أخلاق القرية .” .