كثرة القتل:
فمن علامات الساعة التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم كثرة القتل.
فقد أخرج الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: “لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكْثُرَ الْهَرْجُ، قَالُوا: وَمَا الْهَرْجُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الْقَتْلُ الْقَتْلُ”
وأخرج البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: “يَتَقَارَبُ الزَّمَانُ، وَيَنْقُصُ الْعِمْلُ، وَيُلْقَى الشُّحُّ، وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ، قالوا: وما الهرج؟ قال: القتل القتل”
وأخرج البخاري ومسلم عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه وأبي موسى الأشعري رضي الله عنه قالا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:” إن بين يدي الساعة لأياماً ينزل فيها الجهلُ، ويُرْفَع فيها العلم، ويكثر فيها الهرج، قال أبو موسى: والهرجُ القتل، بلسان الحبشة”
وعند البخاري: “بين يدي الساعة أيام الهرج، يزول فيها العلم، ويظهر فيها الجهل”.
وأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: “إن من أشراط الساعة أن يتقارب الزمان، وينقص العلم، وتظهر الفتن، ويُلقى الشح، ويكثر الهرج، قالوا: يا رسول الله، وما الهرج؟ قال: القتل، القتل”. (أخرجه الشيخان وأبو داود).
وعند البخاري وأحمد وابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا تقوم الساعة حتى يُقبضَ العلم، وتكثر الزلازل، وتظهر الفتن، ويكثر الهرج وهو القتل”.
والعلة في ظهور القتل وكثرة انتشاره، ربما يفسره ما جاء في نفس الحديث، وهو ظهور الفتن وكثرتها، مع قلة العلم وانتشار الجهل، فزمنٌ هذا حاله مع انتشار الحروب واستخدام الأسلحة المدمرة، لا شك أن سيكثر القتل، خصوصاً مع وجود رِقة في الدين، وخفة في العقول، وكثرة المعاصي.
وهذا مثال بسيط يدل على ما سبق: أنه عندما أُلقِيَتْ قنبلة “هيروشيما”، قتلت في التو واللحظة 140.000 شخصٍ، هذا بجانب مَن مات بعد ذلك، وكذلك الآثار التي خلَّفتها.
• إحصائية لقتلى بعض الحروب:
فالإحصاءات للقتل خلال المائة سنة الأخيرة منذ 1907 إلى 2007م تقول الآتي:
هناك (250.000.000) ربع بليون إنسان قتلوا خلال المائة سنة الماضية من غيرالمسلمين بيد غير مسلمين، وفي نفس المرحلة هناك (1300.000) مليون وثلاثمائة ألف قتيل من المسلمين قتلوا بيد مسلمين.وهناك (6000.000) ستة ملايين مسلم قتلوا بيد مسلمين وغير مسلمين.
ويمكن تفنيد هذه الأرقام على النحو الآتي:-
• الحرب العالمية الأولى: مسيحيون ضد مسيحيين قتل فيها (15.000.000) خمسة عشر مليون إنسان قتيل.
• الحربة الأهلية الروسية: شيوعيون ويهود ضدمسيحيين (10.000.000) عشرة ملايين إنسان قتيل.
• الحرب الأهلية الاسبانية:كاثوليك ضد كاثوليك (1.200.000) مليون ومائتا إنسان قتيل.
• الاتحاد السوفيتي إبان الثورة الصناعية: شيوعيون ضد شيوعيين ومسيحيين (20.000.000) عشرون مليون إنسان قتيل.
• الحرب الهندية الصينية الأولى:مسيحيون ضد هندوس (1.200.000) مليون ومائتا إنسان قتيل.
• الحرب العالمية الثانية: مسيحيون ضد مسيحيين وبوذيين (55.000.000) خمسة وخمسون مليون إنسان قتيل.. ويمكن تقسيمها إلى الآتي: – القصف الأمريكي لألمانيا (600.000) ستمائة ألف إنسان قتيل.
• القصف الأمريكي لرومانيا (50.000) خمسون ألف قتيل.
• القصف الأمريكي لليابان (1.500.000) مليون وخمسمائة ألف إنسان قتيل.
• هتلر ألمانيا بالحرب العالمية الثانية: مسيحيون ضد يهود (4.000.000) أربعة ملايين إنسان قتيل في مخيمات الموت و( 1.300.000) مليون وثلاثمائة ألف يهودي قتلوا بالمذابح الجماعية.
• يابانيون ضد صينيين (23.000.000) ثلاثة وعشرون مليون إنسان قتيل.
• يابانيون ضد فيتناميين وفلبينيين وأندونيسيين وبورميين (7.000.000) سبعة ملايين إنسان قتيل.
• حرب التصفيات داخل الاتحاد السوفيتي: روسي ضد روسي (4.000.000 ) أربعة ملايين إنسان قتيل.
• ايطاليون ضد أثيوبيين وليبيين ويونانيين وإيطاليين (1.400.000) مليون وأربعمائة ألف إنسان قتيل.
• يوغسلافيا (1.000.000) مليون إنسان قتيل – تشيكوسلوفاكيا (2.000.000) مليونا إنسان قتيل.
• صينيون ضد صينيين (43.000.000) ثلاثة وأربعون مليون إنسان قتيل.
• الكنغو في أفريقيا: أفريقي ضد أفريقي (1.200.000) مليون ومائتا ألف قتيل.
• الثورة المكسيكية كاثوليك ضد كاثوليك (1.000.000) مليون إنسان قتيل.
• آرمن (1.500.000) مليون وخمسمائة ألف إنسان قتيل.
• الحرب الكورية (3.000.000) ثلاثة ملايين إنسان قتيل.
• رواندا.. هوتسو ضد توتسي (1.500.000) مليون ونصف إنسان قتيل.
• الحرب الفيتنامية (3.000.000) ثلاثة ملايين إنسان قتيل.
• أثيوبيا (1.500.000) مليون وخمسمائة ألف إنسان قتيل.
• نيجيريا (1.000.000) مليون إنسان قتيل– موزمبيق (1.000.000) مليون إنسان قتيل.
• كمبوديا (1.500.000) مليون وخمسمائة ألف إنسان قتيل.
• السودان (2.500.000) مليونان وخمسمائة ألف إنسان قتيل.
• أنقولا: كاثوليك ضد غير الكاثوليك (600.000) ستمائة ألف إنسان قتيل.
• الصومال (300.000) ثلاثمائة ألف إنسان ماتوا وغالبيتهم من المجاعة.
• زائير (200.000) مائتي ألف إنسان قتيل بفعل القتل الجماعي لقبيلة الهوتسو.
• كولمبيا: كاثوليك ضد الشوعيين (50.000) خمسون ألف إنسان قتيل الذين قتلوا وكان المسلمون طرفاً في القتال.
• إسرائيل عام 1948 يهود ضد مسلمين (3.000) ثلاثة آلاف يهودي قتل مقابل (11.000) أحد عشر ألف مسلم قتيل.
• حرب السويس يهود ضد مسلمين (180) مائة وثمانون يهوديا قتلوا (4000) أربعة آلاف مسلم قتيل.
• حرب الايام الستة 1967يهود ضد مسلمين (750) سبعمائة وخمسون يهوديا قتيلا مقابل (16000) ستة عشر ألف مسلم قتيل.
• حرب الاستنزاف المصرية: يهود ضد مسلمين (1000) ألف قتيل مقابل (5000) خمسة آلاف مسلم قتيل.
• حرب 1973: يهود ضد مسلمين (2500) ألفان وخمسمائة يهودي قتيل مقابل (15000) مسلم قتيل. الإسرائيليون ضد الفلسطينيين بعد الانتفاضة الأولى: يهود ضد مسلمين (1000) ألف يهودي قتيل مقابل (5000) خمسة آلاف مسلم قتيل.
• الاسرائيليون ضد الفلسطينيين الانتفاضة الثانية: يهود ضد مسلمين (350) ثلاثمائة وخمسون يهودي قتيل مقابل (5500) خمسة آلاف وخمسمائة مسلم قتيل.
• الحرب الأهلية اللبنانية (1970-1990) مسيحيون ضد مسلمين (150.000)مائة وخمسون ألف إنسان قتيل.
• اسرائيل ضد لبنان 1982يهود ضد مسلمين (18000) ثمانية عشر ألف إنسان قتيل.
• العراق: (نظام صدام حسين) مسلم ضد مسلم (300.000) ثلاثمائة ألف إنسان قتيل.
• البوسنة والهرسك غالبية القتلى من المسلمين (175.000) مائة وخمسة وسبعون ألف إنسان قتيل.
• الحرب العراقية الإيرانية: مسلم ضد مسلم (1.000.000) مليون إنسان قتيل.
• الجزائر: مسيحيون ضد مسلمين (1.000.000) مليون مسلم قتيل.
• أفغانستان سوفيت ضد مسلمين (2.000.000) ميلونا مسلم قتيل.
• أحداث الحادي عشر من سبتمبر معظم القتلى من المسيحيين (3000) ثلاثة آلاف قتيل.
• الحرب الأمريكية على العراق وأفغانستان مسيحيون ضد مسلمين (3300) ثلاثة آلاف وثلاثمائة.. أمريكيون 98% مسيحيون مقابل (1.000.000) مليون مسلم قتيل.
• أحداث الجزائر مسلم ضد مسلم (60.000) ستون ألف مسلم قتيل.
وبالنظر التحليلي لهذه الأرقام يمكن الحصول على صورة عامة مفادهاالآتي:-
• أن جميع المسلمين الذين قتلوا على يد مسلمين خلال آخر مائة سنة أي منذعام 1907- 2007 م هو (1.400.000) مليون وأربعمائة ألف مسلم.
• غير المسلمين الذين قتلوا على يد مسلمين هم (25.500) خمسة وعشرون ألف وخمسمائة إنسان قتيل.
• المسلمون الذين قتلوا بيد غير المسلمين (4.500.000) أربعة ملايين وخمسمائة ألف إنسان قتيل.
• غير المسلمين الذين قتلوا غير مسلمين خلال المائة سنة الماضية هم (250.000.000) ربع بليون إنسان.
وهذا كله إن دل على شيء فإنما يدل على كثرة القتل وانتشاره، وعلى وقوع هذه العلامة وما زالت تتكرر.
وسيكثر القتل بين أبناء المسلمين، كما أخبر بذلك النبي الأمين صلى الله عليه وسلم.
فقد أخرج الإمام أحمد وابن ماجه عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال:
“حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن بين يدي الساعة لهرجاً، قال: قلت: يا رسول الله، ما الهرج؟ قال: القتل، فقال بعض المسلمين: يا رسول الله، إنا نقتل الآن في العام الواحد من المشركين كذا وكذا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس بقتل المشركين، ولكن يقتل بعضكم بعضاً، حتى يقتل الرجل جاره وابن عمه، وذا قرابته! فقال بعض القوم: يا رسول الله، ومعنا عقولنا ذلك اليوم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا. تُنزع عقول أكثر ذلك الزمان، ويخلف هباءٌ من الناس لا عقول لهم، ثم قال أبو موسى الأشعري: وايم الله، إني لأظنها مُدركتي وإياكم، وايمُ الله، ما لي ولكم منها مخرج، إن أدركتنا فيما عهد إلينا نبينا صلى الله عليه وسلم إلا أن نخرج كما دخلنا فيها”.
• وفي رواية أخرى عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“إن بين يدي الساعة الهرج، قالوا: وما الهرج؟ قال: القتل، قالوا: أكثر مما نَقْتُل؟ إنما نقتل في العام الواحد أكثر من سبعين ألفاً، قال: إنه ليس بقتل المشركين، ولكن قتل بعضكم بعضاً، قالوا: ومعنا عقولنا يومئذٍ؟ قال: إنه لينزع عقول أكثر أهل ذلك الزمان، ويتخلف له هباء من الناس، يحسب أكثرهم أنه على شيء، وليسوا على شيء”.
(أخرجه أحمد وابن ماجه) (السلسلة الصحيحة:4/248).
وتَعْظُم البليةُ حين يقتتل المسلمون، ولا يدري القاتل فِيمَ قَتَلَ، ولا المقتول فِيمَ قُتِلَ.
فقَدْ أَخرَج الإمَامُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ رَسُولُاَللَّهِ صلى الله عليه وسلم: وَاَلَّذِي نَفْسِيبِيَدِهِ، ليأتينَّ عَلَى اَلنَّاسِ زمانٌ، لَايَدْرِي اَلْقَاتِلُ في أي شيء قَتَلَ، وَلَا اَلْمَقْتُولُ علي أي شيء قُتِلَ”.
• وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: “أن القاتل والمقتول في النار” هذا إذا كان القتال من أجل الدنيا، وكان كل واحد ينوي قتل أخيه.
فقد أخرج الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “وَاَلَّذِي نَفْسِيبِيَدِهِ، لا تذهب الدنيا حتى يأتى عَلَى اَلنَّاسِ زمانٌ، لَايَدْرِي اَلْقَاتِلُ فيما قَتَلَ، وَلَا اَلْمَقْتُولُ فيمَ قُتِلَ، فقيل: كيف يكون ذلك؟ قال: الهرج، القاتل والمقتول في النار” (أخرجه مسلم).
والهرج: الفتنة والاختلاط، وفسَّره النبي صلى الله عليه وسلم بالقتل.
36- انتشار الزنا وكثرته:
إن الزنا من المُحرَّمات الواضحة التي نهى عنه رب العالمين، فقال في كتابه الكريم: ﴿ وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً ﴾ [الإسراء:32].
ومع هذا تجد أن كثيراً منَّا تجرَّأ على هذه الفاحشة ووقع فيها، وهذه علامة من علامات الساعة، أخرج البخاري ومسلم عَنْ أنس رضي الله عنه قَالَ: لَأُحَدِّثُنكُمْ حَدِيثًا لَا يُحَدِّثُكُمْ أَحَدٌ بَعْدِي؟ سَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: “مِنْ أشراط السَّاعَةِ: أَنْ يقلَّ الْعِلْمُ، وَيَظْهَرَ الْجَهْلُ، ويظهر الزِّنَى، وتكثر النِّسَاءُ، ويقل الرجال، حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَة القَيِّمُ الوَاحِدُ”.
وهذه الأشياء الموجودة في الحديث، قد يقع بعضها في زمن من الأزمان، أو مكان من الأمكنة، ولكن من علامات الساعة اجتماعها واستحكامها.
قال الحافظ ابن حجر صلى الله عليه وسلم في “فتح الباري”(1/179):
وكأن هذه الأمور الخمسة خُصَّت بالذكر لكونها مشعرة باختلال الأمور التي يحصل بحفظها صلاح المعاش والمعاد، وهي الدِّين؛ لأن رفع العلم يخل به، والعقل؛ لأن شرب الخمر يخل به، والنسب؛ لأن الزنا يخل به، والنفس والمال؛ لأن كثرة الفتن تخل بهما.
قال الكرماني: وإنما كان اختلال هذه الأمور مؤذناً بخراب العالم؛ لأن الخَلْق لا يتركون هملاً، ولا نبي بعد نبينا – صلوات الله تعالى وسلامه عليهم أجمعين -، فيتعين ذلك.
وقال القرطبي صلى الله عليه وسلم في “المفهم”:
“في هذا الحديث علم من أعلام النُّبُوَّة، إذ أخبر عن أمور ستقع فوقعت، خصوصاً في هذه الأزمان”.
وأخرج الحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
“سيأتي على الناس سنوات خدَّعات…” فذكر الحديث وفيه:”أنه قال: وتشيع فيها الفاحشة”. (صححه الألباني).
والأمر لم يقتصر على انتشار الزنا فحسب، بل لقد وصل الأمر إلى استحلال الزنا، كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فقد أخرج البخاري تعليقاً، وأبو داود والطبراني والبيهقي عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْن غَنْمٍ الأشعري قال: حَدَّثَنِي أَبُو عَامِرٍ – أَوْ أَبُو مَالِكٍ الأَشْعَرِيُّ رضي الله عنه – وَاللَّهِ مَا كَذَبَنِي، سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:
“لَيَكُونَنَّ فِي أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَّ[3] وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ، وَلَيَنْزِلَنَّ أَقْوَامٌ إِلَى جَنْبِ عَلَمٍ[4] يَرُوحُ عَلَيْهِمْ[5] بِسَارِحَةٍ لَهُمْ[6]، يَأْتِيهِمْ – يعني الفقير – لحَاجَةِ، فَيَقُولُونَ: ارْجِعْ إِلَيْنَا غَدًا، فَيُبَيِّتُهُمُ[7] اللَّهُ، وَيَضَعُ الْعَلَمَ[8]، وَيَمْسَخُ أخرىنَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ” [9]
ولم يقتصر الأمر عند انتشار الزنا واستحلاله فحسب، بل تعدَّى إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث يفترش الرجل المرأة في الطريق، ويجاهر بهذه المعصية، وهذا كله من علامات الساعة.
فقد أخرج ابن حبان والبزار عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تقوم الساعة حتى يتسافدوا [10] في الطريق تسافد الحمير، قلت: إن ذلك لكائن؟ قال: نعم ليكونن”.
وأخرج الإمام مسلم عن النواس بن سمعان رضي الله عنه في حديثه الطويل عن الدَّجَّال ويأجوج ومأجوج وفيه: “ويبقى شرار الناس يتهارجون فيها تهارج الحمر [11]، فعليهم تقوم الساعة”. (شرح النووي على مسلم: 18/70).
وأخرج الحاكم أبو يعلى الموصلي بسند حسن عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: “وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا تَفْنَى هَذِهِ الأَمَّةُ حَتَّى يَقُومَ الرَّجُلُ إِلَى الْمَرْأَةِ فَيَفْتَرِشُهُا فِي الطَّرِيقِ، فَيَكُونُ خِيَارُهُمْ يَوْمَئِذٍ مَنْ يَقُولُ: لَوْ وَارَيْتَهَا وَرَاءَ هَذَا الْحَائِطِ “. (الصحيحة: 1/245).
تنبيه:
هناك حديث ضعيف جداً أخرجه الحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
“لا تقوم الساعة حتى لا يبقى على وجه الأرض أحدٌ لله فيه حاجة، وحتى توجد المرأة نهاراً جهاراً تنكح وسط الطريق، لا ينكر ذلك أحدٌ ولا يغيره، فيكون أمثَلُهم يومئذ الذي يقول: لو نحَّيْتها عن الطريق قليلاً، فذاك فيهم مثل أبي بكر وعمر فيكم “.
(استنكره الذهبي، وقال الألباني في السلسلة الضعيفة: ضعيف جداً).
[2] ذو الخلصة: طاغية دوس التي كانوا يعبدون في الجاهلية.
[3] فالحِرّ: الفُرُوج، وهي جمع، مفردها حِر – بكسر الحاء – والمراد من الحديث: انتشار الزنا ودواعيه، من شرب خمر وآلات عزف… ونحو ذلك، ولكثرتها وانتشارها حتى يألفها الناس، فتصبح كأنها مباحة.
[4] عَلَم: هو الجبل، وقيده بعضهم: بالجبل العالي، ومنه قوله تعالى: ﴿ وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ ﴾ [الرحمن: 24].
[5] يروح عليهم: أي يروح عليهم الراعي.
[6] بسارحة لهم: هي الغنم التي تسرح في النهار في مراعيها، وتعود ليلاً لمكانها.
[7] فَيُبَيِّتُهُمُ اللَّهُ: يهلكهم الله ليلاً.
[8] وَيَضَعُ الْعَلَمَ: أي يوقع الجبل العالي على رءوسهم.
[9] ضعف ابن حزم في “المحلى” وغيره هذا الحديث بالانقطاع؛ لأن البخاري لم يذكر مَن حدثه به، وإنما قال: “وقال هشام بن عمار: ورد عليه العلماء من وجوهٍ: أحدها: أن البخاري لقي هشاماً وسمع منه، فإذا روي عنه معنعناً حُمِلَ على الاتصال.
الثاني: أن الثقات رووه عنه موصولاً، فقد وصله أبو داود دون قوله: “والمعازف” ووصله الطبراني والبيهقي بمثل لفظ البخاري.
الثالث:قد صح الحديث من غير طريق هشام أيضاً كما نبه الإسماعيلي.(انظر تهذيب السنن:5/270 – 272،(إغاثة اللهفان:1/258–260 (فتح الباري:10/52– 57، (جامع الأصول مع التعليق:10/42 – 43 و417.(انظر السلسلة الصحيحة حديث رقم:91
رابط الموضوع: