الناصرة-“رأي اليوم” :
غنيٌ عن القول إنّ إسرائيل فعلت كلّ ما في استطاعتها، عسكريًا ودبلوماسيًا، وتحديدًا مع المصريين لوقف هذه المسيرات، إلّا أنّ الفشل المُدّوي كان من نصيبها، وما زالت المسيرات مُستمرّةً وبوتيرةً عاليةٍ، والجميع يذكر كيف قامت المُقاومة الفلسطينيّة بإطلاق أكثر من 500 صاروخ باتجاه جنوب الدولة العبريّة في غضون أقّل من 24 ساعة، الأمر الذي دفع رئيس الوزراء ووزير الأمن، بنيامين نتنياهو، إلى اللجوء للحلّ الدبلوماسيّ، ومن الناحية الأخرى يُمكِن الجزم بأنّ المُقاومة أطاحت بوزير الأمن السابِق والمُتشدّد، أفيغدور ليرمان، الذي قدّم استقالته على خلفية الردّ الإسرائيليّ الجبان على استفزازات المُقاومة، كما صرحّ بعد استقالته من وزارة الأمن.
نتنياهو، يؤكّد المُحلّلون للشؤون العسكريّة في ورطةٍ كبيرةٍ، فهو أجبن من شنّ عمليّةٍ عسكريّةٍ ضدّ القطاع قبيل الانتخابات العامّة في إسرائيل، المُقرّر إجراؤها في التاسع من نيسان (أبريل) القادِم، وينظرون إلى تصريحه بأنّ كيان الاحتلال سيقوم بتوجيه ضربةٍ عسكريّةٍ لحماس حتى قبل الانتخابات بالتندّر والتهكّم والسخريّة، لعلمهم التّام أنّ الرجل لا يقول الحقيقة، عُلاوةً على أنّ الجيش ليس مُستعِدًا وليس جاهِزًا للحرب، كما أكّد المُفوّض السابق لمظالم الجنود، الجنرال احتياط يتسحاق بريك، في تقريره اللاذِع الذي قدّمه للجيش وللجنة الخارجيّة والأمن التابِعة للكنيست الإسرائيليّ.
في سياقٍ ذي صلةٍ، قال وزير الأمن الإسرائيليّ السابق أفيغدور ليبرمان، إنّه لا مفر من حربٍ رابعةٍ وأخيرةٍ على قطاع غزة، لكسر أيّ قوّةٍ لدى الفلسطينيين هناك. وأضاف خلال نشاط ثقافي في تل أبيب: هناك فرصة لتسويةٍ دائمةٍ في غزة، لكن يجب أنْ نكسر إرادتهم وإيمانهم وأملهم بأن يرموننا في البحر يومًا ما، على حدّ قوله.
إلى ذلك، بدأت فعاليات الإرباك الليلي، مساء الأحد 10 شباط (فبراير) 2019، في بعض المناطق على طول السياج الفاصل بين قطاع غزة والأراضي المحتلّة، وذلك بعد عدّة أشهرٍ من توقفها، ضمن فعاليات مسيرات العودة الشعبيّة السلميّة. وقام الشُبّان في وحدة “الارباك الليلي” بإشعال الإطارات المطاطيّة وألقوا الزجاجات الحارقة تجاه جنود الاحتلال، خلال الفعاليات.
وفي هذا السياق قال موقع (WALLA) الإخباريّ-العبريّ، نقلاً عن مصادر رفيعةٍ أمنيّةٍ رفيعةٍ في تل أبيب، قال إنّ حركة حماس طوّرت آلية لإطلاق البالونات الحارقة المفخخة، من قطاع غزة تجاه مستوطنات الغلاف. وذكر الموقع أنّ الآلية تُمكِّن البالونات من حمل عبوة والانطلاق في وقت قصير جدًا نحو الجنود مباشرة بالقرب من السياج أو في أي مستوطنة. وأكّد أنّ العبوات التي يلقيها الشبان الفلسطينيون قرب السياج خلال أيام الاحتجاجات تهز جدران المستوطنين الذين يعيشون قرب السياج.
يشار إلى أن عضو كنيست الاحتلال حاييم يلين، ادعى أنّ عبوة متفجرة سقطت على بعد 200 متر منه، وأنه عانى لأسبوعين من طنين في أذنه جراء انفجارها. واشتكى يلين من عدم وجود صفارات إنذار بإمكانها التحذير من هكذا عبوات أو بالونات، قائلاً إنّ قتال إسرائيل كان على مر السنين مع القسام لا مع البالونات والعبوات.
وأمس الاثنين، وفي نشرتها المركزيّة، عرضت هيئة الإذاعة الإسرائيليّة شبه الرسميّة (كان) في التلفزيون العبريّ تقريرًا عن مسيرات العودة، وعن استنزاف الجيش الإسرائيليّ، حيثُ أكّد مُحلّل الشؤون الفلسطينيّة، غال بيرغير، على أنّه خلافًا للمزاعم في تل أبيب، فإنّ حركة حماس لا تقوم بدفع الأموال للشُبّان، الذي يُشارِكون في مسيرة العودة، مؤكّدًا في الوقت عينه على أنّ أكثر ما تفعله الحركة هو تنظيم الحافلات لنقلهم إلى السياج للمُواجهة مع الجيش الإسرائيليّ، كما أكّد.
ومن الجدير بالذكر أنّ الوحدات السلميّة الشعبيّة، بحسب القائمين عليها، تقوم بأعمالٍ ليليّةٍ، هدفها إبقاء جنود الاحتلال في حالة استنفارٍ دائمٍ على طول السياج الفاصل، من أجل استنزافهم وإرباكهم. وتأتي هذه الوحدات، ضمن وحداتٍ عديدةٍ انطلقت مع مسيرات العودة، في فكرةٍ يبتدعها الشباب في قطاع غزّة كشكلٍ من أشكال المقاومة الشعبية، ضدّ الاحتلال، وتتعدد هذه الوحدات ومنها وحدات “الكاوشوك” ووحدات “قص السلك”، وغيرها.
كما أعلنت الهيئة الوطنية لمسيرات العودة وكسر الحصار (مكوّنة من الفصائل الفلسطينية)، الاثنين، عن عودة الحراك البحريّ الذي ينطلق قرب الحدود البحرية لشمالي قطاع غزة، وذلك ضمن الجهود الفلسطينيّة لاستنزاف جيش الاحتلال الإسرائيليّ وترهيب المُستوطنين الذين يقطنون في المنطقة التي تُسّمى إسرائيليًا بـ”مستوطنات غلاف غزّة”، الواقعة في جنوب كيان الاحتلال.