Elqalamcenter.com

"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

مصر: هل ثمة أمل في “الفرج” بعد أن ضاقت الأرض بما رحبت؟ د. حازم حسني يتمنى أن تضيق أكثر وأكثر ويذكر بمقولة الإمام الشافعي الشهيرة ويثير الجدل

القاهرة – “رأي اليوم “ :

“ضاقت بأكثر مما نحتمل … ويبقى الأمل فى أن تضيق أكثر وأكثر “

بتلك الكلمات أثار د.حازم حسني أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الجدل بحسابه على الفيسبوك، وهو يحلل الوضع في مصر الذي لا تزيده الأيام إلا تعقيدا .

الدكتور حسني(اختاره سامي عنان نائبا له إبان اعلان نيته ترشحه للرئاسة ) استهل حديثه قائلا: “ثلاثة أسابيع مضت منذ نشرت على صفحتى آخر رسائلى عن كيف يصطاد القرد نفسه بنفسه ! … بعدها غبت عن الكتابة لأسباب لا أعتقد من المناسب أن أشغل بها من يتابعون كتاباتى !

بخلاف أسباب الظل هذه التى أشرت إليها، كانت هذه الأسابيع الثلاثة فرصة لتأمل المشهد العام فى مصر، ومتابعة الأحداث الجسام التى مرت بنا وبها وهى كثيرة :

من حديث التعديلات “الدستورية”، إلى موجة الإعدامات المكثقة، إلى صدمة الفاجعة التى داهمتنا بمحطة القطارات الرئيسية فى مصر لتذكرنا بسياسات الحكم “الاقتصادية” القائمة على إيداع أموال الدولة بالبنوك للحصول على ريعها، مروراً بأخبار المؤتمر العربى الأوروبى وما شهده من حديث “فلسفى” عن الفروق القيمية بين إنسانيتنا وإنسانيتهم، وأخبار تحرش السلطة القضائية – بعد السلطة التنفيذية – بالأزهر وشيخه، ثم أخبار اهتمام الدولة “الفقيرة قوى” بالإنفاق على بروجهم المشيدة فيما يسمى حركياً بالعاصمة الإدارية الجديدة … وغير ذلك كثير من الأخبار التى امتلأت بها الأسابيع الثلاثة الماضية، وهى أخبار من شأنها – إن نحن تركناها تعبث بعقولنا – أن تشتت تفكيرنا، وأن تصرفنا عن متاهات الحاضر ومآلاته، ومسارات المستقبل ونداءاته !”

وتابع د.حازم: “من جانبى فقد رأيت كل هذه الأخبار، وكل ما تتناوله من أحداث، مجرد تفاصيل لمشهد بائس … قد تتنوع كما نرى، لكنها تصب فى معنى واحد صامت لا يفوت العقل سماع صوته إن هو أجاد التمييز بين المعنى وبين تجلياته المتنوعة التى تصنع ما يغرقنا من التفاصيل ! … قمت باستدعاء هذا المعنى الصامت، مستخلصاً إياه من زحام التفاصيل الصارخة، خلال حديث دار منذ أيام بينى وبين أحد المواطنين كان قد استوقفنى بسؤال لا أكف عن سماعه، كما لا أكف عن ترديد الإجابة عليه ! “

وتابع ساردا الحوار قائلا:

“لم يكن هذا المواطن ناشطاً سياسياً، ولا هو كان من نخبتنا الثقافية، ولا هو – كما عرفته منذ سنوات طويلة تسبق الثورة – ممن تربطهم انتماءات أيديولوجية بأية جماعات عقائدية … هو مواطن بسيط، يمارس مهنته التى يتكسب منها رزقه ورزق أسرته، مع بعض اهتمام بالشأن العام من باب القلق على الوطن، ومحاولة رصد ما يواجهه من أخطار وتحديات

بادأنى الرجل بسؤاله النمطى : هل مازلت تعتقد بأن ثمة أمل فى انصلاح الأحوال؟

أجبته دون تردد أن نعم، فالانفراج قادم لا محالة، وإن كان أحد لا يعرف متى يأتى هذا الانفراج !

سألنى : كيف، والحال تسوء يوماً بعد يوم؟ فالأرزاق تضيق، والأسعار تجمح بلا ضوابط، ولا يبدو أنها ستتوقف يوماً ما عن الارتفاع؛ أما الحكومة فهى لا تتوقف عن محاولات نزح ما فى جيوبنا من جنيهات قليلة باسم الضرائب حيناً، وباسم الرسوم الإدارية حيناً آخر، وباسم التبرعات الإجبارية حيناً ثالثاً !”

وتابع أستاذ العلوم السياسية قائلا:”

أجبته بأن هذا تحديداً هو سبب يقينى بأن الانفراجة قادمة !

تعجب من إجابتى، وقال لى إنه لا يفهم ! … ولم أعجب من تعجبه !

قلت له إن الانفراجة لن تأتى إلا إذا ضاقت الأمور واشتد ضيقها ! … نعم، لقد ضاقت الأمور بأكثر مما نحتمل، وهى ستضيق أكثر وأكثر حتى تستعصى على من استنفد كل ما توهمه لديه من قدرة على تضييقها؛ وساعتها فقط يمكن للانفراجة أن تحدث، لأنه بغير هذا الضيق الشديد الذى لا ضيق بعده سيستمر الأمل فى إصلاح يظن الناس إنه آت من تلقاء نفسه لكنه لا يأتى !

أنهيت حديثى مع الرجل بهذين البيتين من الشعر للإمام الشافعى – رحمه الله – وقد كان صاحب مدرسة شعرية تغزل معانى الحكمة ببلاغة الكلمة، إذ يقول فى بيتيه الشهيرين :

ولَرُبَّ نازِلـةٍ يَضِيقُ بها الفَتَـى …. ذَرْعاً وعِندَ اللهِ منها المَخْـرَجُ

ضاقَتْ فَلَمَّا استَحْكَمَتْ حَلقاتُها …. فُرِجَـت وَكانَ يَظُنُّها لا تُفْـرَجُ”

واختتم قائلا: “لا أعرف إن كان محدثى قد استقبل بعقله النقدى الواعى المعانى العقلانية الحكيمة الكامنة فى هذين البيتين، أم أنه قد استقبلهما – كأكثر المصريين – بقرون استشعاره الدينية، فارتضاهما لمجرد أنهما ينتسبان للإمام الشافعى … لكنه – على أية حال – بدا لى بعد سماعهما أكثر اطمئناناً – أو أقل يأساً – مما بدا عليه وهو يستقبلنى بسؤاله الذى يشابه أسئلة كل أقرانه من المصريين الطيبين : “هو فيه أمل إن الأحوال تتحسن فى مصر؟”.

ما كتبه الدكتور حسني أثار إعجاب المئات، فضلا عن الجدل بين متابعيه.

أحد متابعي حسني يدعى ماجد سعيد علق قائلا:” نحن نقترب الان من نهاية ما بدأناه فى 30 يونيو او 3 يوليو 2013 … كانت البداية محاولة شعبية لتصحيح ثورة يناير 2011 التى انحرفت عن مسارها بتولى جماعة انقلبت على الديمقراطية وفشلت فى ادارة البلاد وحاولت تغيير هوية الدولة … ولكن المحاولة لم تفلح على ما يبدو فى تصحيح المسار بل ردتنا فى الاتجاه المعاكس لما قبل 25/30 معا “

وتابع:” سواء مرت التعديلات الدستورية المزمعة ام لم تمر فهى لن تفلح فى اطالة امد النظام …المهم مدى ما ستصل اليه الخسائر فى بنية الدولة ذاتها …ثم الاهم مدى الاستعداد للانطلاق من هذه النقطة نحو التوافق الوطنى و اعادة البناء الذى تعثر منذ لحظة تنحى مبارك وترك الميدان للمجلس العسكرى ..الامر الذى اوصلنا لكل ما فيه من تداعى الان ..

مشهد محطة مصر ومواطنون مصريون يفرون محترقين دون غوث او اسعاف قد جسد مرة اخرى مدى الفشل فى ادارة الدولة ومدى ما يشكلة ذلك من مخاطر على امن وسلامة المواطنين بل ومستقبل البلاد بأسرها “.

محمود منصور علق قائلا: “وإن شاء الله لقريب هذا الفرج ولكل منا أسبابه الخاصة فلم يصبنى اليأس أبدا و كلما ازداد الظلم و القهر المتعمد كلما كانت وتيرة اقتراب الفرج سريعه ولكن هل تم الاستعداد لما هو آت؟”.

أحمد ناجي علام علق ذهب إلى أن أفقر الشعوب هى التى لاتملك الأمل،مشيرا إلى اننا نعيش على هذا الأمل مهما تأخر لأن الواقع سيئ،وأردف مذكرا بقول الشاعر القديم: أعلل النفس بالامال أرقبها ماأضيق العيش لولا فسحة الأمل

الدين

حسام حسن علق قائلا: “ملحوظة خطرت لي بعد تعليقك على رد فعل الرادجل بعد سماعه بيتين الشعر للإمام الشافعي.

ملحوظتي، أنه يصعب النهوض على مستوى الدولة ككل، إلا إذا استلهمنا المخزون الشعوري لدى الإنسان المصري. فهو لن يستنهض بخطاب الليبرالية و رموزها، و لكن بخطاب الدين و رموزه. و الفكر الديني فضاء واسع، يمكن من خلاله أن نختار المفردات التي تناسب عصرنا، و نكون بذلك قد حافظنا على هويتنا، فنكسب الحسنيين.

مع تسليمي في النهاية، أن القضية الآن ليست في صراع الهوية، و لكنها في تحقيق العدل و مصالح الناس″.

الرد السابق قابله حازم حسني قائلا: “للدين دائماً طريقان : طريق النقل وطريق العقل … والعقل هو العقل، لا شأن له بأن تكون ليبرالياً أو محافظاً، يمينياً أو يسارياً، متمسكاً بمخزون مجتمعك الشعورى أو زاهداً فيه … الإمام الشافعى، ومن قبله الإمام مالك، كانا من مدرسة العقل، ولا يقبلان بالنقل إذا ما خاصم العقل وتناقض معه”.

وتساءل حسني: فلماذا نتصور أن الحفاظ على الهوية يتطلب منا أن نتجاوز العقل النقدى الواعى، فلم يكن أوعى من الإمام مالك والإمام الشافعى وهما يقيمان مذهبيهما.

جمال إسماعيل علق على ما كتبه حسني قائلا: أملك هو الأمل!