نتنياهو يقود حملة ضد غانتس في قضية «قبر يوسف»

 القدس العربي :

شخص ما في مقر الحملة الانتخابية لليكود كما يبدو قلق أكثر مما هو مستعد للاعتراف به من شعبية رئيس الأركان السابق، بني غانتس، في الاستطلاعات. هذا هو الاستنتاج الذي يمكن استخلاصه من الحملة المسعورة التي تجري الآن ضد غانتس، والتي تقف في مركزها قضية قبر يوسف. ومع ذلك فإن الأقل مفاجأة هو انجرار رئيس الحكومة إلى قلب هذه القضية.

رئيس الحكومة نتنياهو بدأ أمس في بث تعليق كاذب مدفوع الأجر في الشبكات الاجتماعية تم الادعاء فيه أن «بني غانتس، تخلى عن مدحت يوسف».

يوسف هو شرطي حرس حدود كان من القوة التي تمت محاصرتها في قبر يوسف في نابلس في تشرين الأول 2000. وقد توفي متأثراً بجراحه بعد أن تأخر الجيش الإسرائيلي في إنقاذ رجال الشرطة المحاصرين. غانتس كان في حينه قائد قوات الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية (فرقة يهودا والسامرة) برتبة عميد.

لقد سبق لنتنياهو وأطلق تصريحات فظة، بدءًا من ادعاءاته بخصوص رجال اليسار الذين «نسوا ماذا يعني أن تكون يهودياً» وحتى خطر المصوتين العرب «الذين يتدفقون بجموعهم إلى صناديق الاقتراع» (انتخابات 2015). ولكن حتى بالمقارنة مع هذه الأقوال، فإن الحملة الحالية تشير إلى غوص حر نحو قعر البرميل.

ليس بالإمكان معرفة إذا كان هذا هو الطالب المناوب أو ربما الابن المحبوب، ولكن يجب أن تكون لنتنياهو مسؤولية شاملة، على الأقل حول الأقوال التي تنشر باسمه في حساباته الرسمية في الشبكة. القصة كلها يشتم منها رائحة انعدام السيطرة، وتطرح أيضاً احتمالية أن نتنياهو يعرف شيئاً ما نحن لا نعرفه، سواء كان هذا الأمر يرتبط بتجزئة المسوحات المعمقة للمصوتين أو بالتطورات في الجبهة القضائية.

الهجمات على غانتس، في قضية قبر يوسف، التي كانت في السابق من نصيب وزراء الليكود وأعضاء الكنيست ممن يجلسون في المقاعد الخلفية للقائمة في الكنيست، تسمع الآن علناً من رئيس الحكومة نفسه.

وحتى قبل مناقشة جوهر الاتهامات نفسها، هناك جانب مستفز في الطريقة التي سارع فيها نتنياهو-الشخص الذي شغل منصب رئيس الحكومة (بصورة متقطعة) تقريباً 13 عاماً ويشغل الآن منصب وزير الدفاع ـ إلى إلقاء المسؤولية على المستوى العسكري. فأي رسالة يرسلها الآن إلى قائد الفرقة الحالي، العميد عران نيف؟ هل يجب على نيف أن يفهم بأنه في حالة حدوث خلل ما فإنه سيبقى وحده، لأن المستوى السياسي لن يقدم له أي دعم؟
غانتس، كما سبق وكتب هنا في الأسابيع الأخيرة، لم يكن وحده في غرفة القيادة في تل الراس (امتداد لجبل جرزيم)، الذي يشرف على منطقة القبر.

في سلسلة القيادة كان أيضاً رئيس الحكومة ووزير الدفاع في حينه ايهود باراك، ورئيس الأركان شاؤول موفاز، وقائد المنطقة الوسطى اسحق ايتان، وشخصيات كبيرة في الشاباك، الذين في معظمهم كانوا موجودين في المكان نفسه.
بالإمكان أن ننتقد قائد الفرقة غانتس لأنه لم يظهر ما يكفي من المبادرة من أجل إنقاذ رجال الشرطة المحاصرين، واعتمد مثل قادته على تعهدات فلسطينية ثبت خطأها بأن قوات أمن السلطة الفلسطينية سيفرضون النظام ويعملون على وقف إطلاق النار على الموقع المحاصر. ولكن الخطأ كان جماعياً، وليس شخصياً لقائد الفرقة.
الادعاءات التي ترسخت في الذاكرة العامة بشأن التخلي المهين عن مصاب ينزف مسموح أن نناقشها. لأبناء عائلة يوسف كل الأسباب لكي تغضب من الدولة ومن الجيش.

ومن حقهم أن يغضبوا أيضاً على غانتس نفسه. إن استغلال هذا الغضب لأغراض سياسية، مع تجاهل كل المسؤوليات والتخلي المطلق عن الالتزام المتبادل بين المستوى السياسي والمستوى العسكري، يجب أن يقلق كل مواطن إسرائيلي وكل ضابط في الجيش الإسرائيلي. حتى بعد الانتخابات التي من المتوقع أن يفوز فيها نتنياهو، حسب كل الاستطلاعات، ستبقى لنا دولة بحاجة إلى من يديرها وجيش يجب عليه تنفيذ الأوامر.
ماذا يقول غالنت؟
مدحت يوسف قتل بعد أسبوع من اندلاع الانتفاضة الثانية. العميد يعقوب زغدون كان في حينه رئيس هيئة أركان قيادة المنطقة الوسطى، وكان موجوداً في غرفة قيادة رئيس الأركان موفاز أثناء الحادثة. وقد كتب فيما بعد في مقال نشره في المجلة العسكرية «معرخوت» بأنه «في الأيام الأولى للانتفاضة كان لا يزال هناك شعور لدى الطرفين بأنهما ذاهبان باتجاه التسوية السياسية».

بعد شهرين من انهيار مؤتمر كامب ديفيد، على ضوء ما كنا نعرفه في حينه، وقال إن قرار الوثوق بالفلسطينيين في الإنقاذ كان «معقولاً، وصحيحاً وحكيماً».
قضية قبر يوسف أثارت في حينه غضباً كبيراً في صفوف الجيش الإسرائيلي وطرحت أسئلة قاسية من قبل الجنود. وقد كان عنوان مقال زيغدون «لم نتخل، ولم نوضح». الاعتماد على الفلسطينيين تبين أنه خاطئ، ولكنه جاء من عدم فهم في الفترة الانتقالية للعلاقات بين الطرفين التي تبدلت من مفاوضات إلى تحقيق السلام إلى درجة الأزمة التي تدهورت إلى حرب.

المستوى السياسي والمستوى العسكري كان يمكنهما توضيح مواقفهما بشكل أفضل للجمهور والجنود والاعتراف في مرحلة أبكر بالأخطاء التي ارتكبوها.

من هنا وحتى التخلي المقصود عن مصاب وتركه يموت، البعد شاسع.كما كتب ينيف كوفوفيتش في «هارتس» الشهر الماضي، رئيس الحكومة نفسه سبق له ورفض الادعاءات ضد غانتس بشأن قضية قبر يوسف في 2011، في رسالة لعائلة يوسف، عندما احتجت على قراره تعيين غانتس رئيساً للأركان. وبالمناسبة، هناك شخص آخر من شأنه أن يعرف تفاصيل الصورة، الشخصية الأمنية الرفيعة في قائمة الليكود، الوزير الجنرال احتياط يوآف غالنت، الذي كان في 2000 أحد أعضاء لجنة التحقيق العسكرية برئاسة الجنرال احتياط يورام يئير، التي فحصت أحداث قبر يوسف ولم تنضم لمن يدعون بالتخلي عن المصابين.

عاموس هرئيل

عن leroydeshotel

شاهد أيضاً

حاخام “يبارك” جنودا متهمين بالاعتداء جنسيا على أسير فلسطيني

الأناضول : شفقنا : أعرب الحاخام مئير مازوز، صاحب النفوذ الكبير في السياسة الإسرائيلية، عن …