RT :
القاهرة: «الخليج»
ثمنت القيادات الإسلامية والمسيحية في مصر، الزيارة التاريخية لقداسة بابا الفاتيكان فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، لدولة الإمارات العربية المتحدة ولقاءه بفضيلة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين على أرض المحبة والسلام والتآخي الإنساني، ووسط شعب دولة الإمارات، العاشق للحوار والتفاهم، والمجسد لكل قيم الحوار الفاعل بين أتباع الأديان السماوية، وخاصة الإسلام والمسيحية.
أكد علماء الإسلام ورجال الدين المسيحي، أن دولة الإمارات بهذا اللقاء، تصنع حدثاً تاريخياً، نادراً ما يتكرر؛ حيث تجمع بين أكبر رمزين دينيين في العالم على أرضها؛ لتؤكد للجميع أنها دولة حوار وتفاهم، وأنها ترفض وتدين كل صور التعصب الديني والفكري والعنصري.
«الخليج» التقت قيادات إسلامية ومسيحية عدة، وسألتهم عن رؤيتهم لهذه الزيارة التاريخية، واللقاء الذي سيجمع بين أكبر رمزين دينيين في العالم على أرض دولة التسامح والمحبة والحوار.. دولة الإمارات.. وكانت هذه هي كلماتهم ورؤيتهم لهذا الحدث التاريخي، وانعكاساته على بلدان المنطقة وعلاقة الشعوب الإسلامية والمسيحية في العالم.
في البداية، يؤكد الدكتور شوقي علام، مفتي مصر، أن زيارة البابا فرنسيس لدولة الإمارات، هي زيارة في غاية الأهمية؛ من أجل تعزيز جهود السلام العالمي والوئام في المنطقة.
وأضاف: بابا الفاتيكان بما له من مكانة في العالم؛ فزيارته لأي مكان في العالم؛ هي رسالة سلام لدعاة الكراهية، والتعصب الذي أصبح يسيطر على أماكن كثيرة في الشرق والغرب على حد سواء، وهو ما يتطلب توافر جهود حثيثة، وتعاون بين القيادات الدينية على مستوى العالم.
وأشار إلى أن القوة الناعمة؛ المتمثلة في هذه الزيارة المهمة هي بلا شك تسهم في حل الكثير من النزاعات والأزمات التي تواجهها الإنسانية، وتخلق حواراً سلمياً، وتعد مثالاً إيجابياً لكافة أتباع الأديان في العالم؛ لتعزيز العيش المشترك.
ووصف د. علام لقاء الإمام الأكبر د. أحمد الطيب بقداسة البابا على أرض الإمارات بأنه «لقاء لرمزين كبيرين» وسيؤدي إلى مردود طيب على مسيرة الحوار بين أتباع الإسلام والمسيحية، كما أنه سيبعث برسالة للمتعصبين والمتطرفين في كل مكان؛ بأننا نشكل معاً «يداً واحدة ضد التطرف».زيارة تاريخية
وثمّن د. محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف المصري، ورئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، زيارة البابا فرنسيس لدولة الإمارات، ولقاءه بالإمام الأكبر شيخ الأزهر هناك، واصفاً تلك الزيارة ب«التاريخية».
وقال: «دولة الإمارات الشقيقة نموذج عملي في التسامح والتعايش الإنساني بين الثقافات والحضارات وأتباع الديانات المختلفة، وهي تنطلق في كل مبادراتها من الاحترام المتبادل، وقبول الآخر، وإشاعة روح المحبة والسلام.. ونشاط الإمارات في هذا الجانب واضح للجميع، فهي تطلق مبادرات جيدة، توفر فرصاً للحوار والتعايش السلمي والتعاون بين أتباع الأديان السماوية على مختلف المستويات».
الحوار.. سيد الموقف
وأكد د. محمد المحرصاوي، رئيس جامعة الأزهر، أن هذا اللقاء الفريد بين أكبر رمزين دينيين في العالم على أرض دولة الإمارات؛ يؤكد أن الحوار والتفاهم هو سيد الموقف في علاقة الشعوب الإسلامية والمسيحية، وأن جماعات التطرف والتعصب الديني هنا وهناك قد فشلت في خلق حالة من الصراع والمواجهة بين القيادات الدينية والمسيحية على مستوى العالم، والفضل في إشاعة هذه الحالة؛ يرجع لشخص فضيلة الإمام وقداسة البابا؛ حيث يؤكدان في كل لقاءاتهما والتي شاهدت جانباً منها أنهما على قدر المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقهما، وأنهما جديران بقيادة العالم إلى حالة من السلام والإخاء الإنساني، ولديهما قدرة كبيرة على تجاوز كل التحديات، ومواجهة ما تخطط له جماعات التطرف والإرهاب التي ترفع شعارات دينية مزيفة.
ويضيف: هذا اللقاء- بلا شك – هو حلقة في سلسلة مهمة من لقاءات الحوار والتشاور والعمل المشترك لمصلحة البشرية كلها، فما أحوج العالم الآن إلى الحوار والتفاهم ومواجهة التعصب الديني.
حدث فريد
قال الشيخ صالح عباس، وكيل الأزهر: إن زيارة الشيخ والبابا لدولة الإمارات بالفعل تعد حدثاً تاريخياً، فقداسة البابا يزور لأول مرة دولة خليجية، وقد أحسن الاختيار، فدولة الإمارات تتمتع بقيادة راشدة محبة للحوار، داعية للتعايش السلمي، ناشرة لثقافة التسامح في العالم.. كما أن لقاء فضيلة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب شيخ الأزهر بقداسة البابا في الإمارات حدث فريد، فكل لقاءات الشيخ بالبابا من قبل كانت في رحاب الأزهر أو الفاتيكان، ولم يلتقيا على أرض دولة مضيفة للطرفين من قبل.
وأكد وكيل الأزهر أن هذا اللقاء التاريخي؛ يعكس بالفعل قيم التآخي والمحبة والسلام والتعايش السلمي بين الشعوب. فكل من الرمزين الكبيرين محب؛ بل عاشق للحوار والتلاقي والتفاهم، وكل منهما رافض للتعصب الديني، ناشر لقيم السلام والتعايش بين الشعوب الإسلامية والمسيحية، ومن الجميل أن يتم اللقاء وإدارة جولة جديدة من الحوار على أرض الإمارات، وهي دولة معروفة بتسامح قياداتها وشعبها، وعشقهم للحوار والإخاء الديني والإنساني.
نتائج إيجابية
د. عباس شومان، وكيل الأزهر الأمين العام لهيئة كبار العلماء بالأزهر، يقول: بكل تأكيد هي زيارة مهمة، فالتواصل بين المؤسسات الدينية الإسلامية والفاتيكان شهد طفرة غير مسبوقة، منذ تولي البابا فرنسيس قيادة الفاتيكان، وقد التقى وشيخ الأزهر مرات عدة، وتبادل معه الزيارات، وشارك في مؤتمر السلام الذي نظمه الأزهر، بالتعاون مع مجلس حكماء المسلمين، وألقى كلمة تاريخية، وقد كان لهذه اللقاءات الكثير من ردود الفعل الإيجابية، وحملت العديد من الرسائل للعالم كله.
في قلب الحدث
وثمّن أمين عام هيئة كبار العلماء بالأزهر، جهود دولة الإمارات في نشر ثقافة السلام والوئام والتعاون بين أهل الأديان السماوية، وقال: لقد عودتنا الدولة الشقيقة أنها دائماً في قلب الحدث، والراعية لقضايا العالم الإسلامي، وأنها تعمل لخير البشرية جمعاء، وهي تحتضن العديد من المنتديات والمجالس والهيئات التي تعمل على خدمة قضايا المسلمين، وتدعم العيش المشترك، وتنبذ التطرف والإرهاب.
شهادة تقدير
ووصف الشيخ محمد زكي، الأمين العام للدعوة الإسلامية بالأزهر، لقاء الإمام الأكبر وبابا الفاتيكان على أرض الإمارات بأنه حدث عالمي مهم سيكون له صداه الكبير على الصعيدين السياسي والديني، فنحن أمام رمزين كبيرين يلتقيان على أرض دولة تتبنى نشر ثقافة التسامح، وتحض على الحوار والتفاهم، وترفض التعصب الديني.
حكمة قادة الإمارات
العالم الأزهري الكبير، د. أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر والرئيس الأسبق لجامعة الأزهر، يصف زيارة ولقاء شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان على أرض الإمارات ب«الحدث العالمي المهم»؛ حيث يجسد العلاقة المتميزة بين الإسلام والمسيحية، ويقول: لسنا بحاجة لكي نؤكد أن الإسلام دين التسامح والتعايش السلمي بين البشر، ولا شك أن استضافة دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة لفضيلة شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان، تعد حدثاً عالمياً فريداً بكل ما تحمل الكلمة من معانٍ؛ فهذه الاستضافة تسهم في تأكيد المكانة العالمية للدولة الشقيقة، التي تحظى بمكانة وتقدير كبيرين في نفوس القيادات الدينية والسياسية العالمية.
وأوضح د. هاشم: إن هذه الزيارة التاريخية في هذا التوقيت لم تأت من فراغ، وإنما هي نتاج لحكمة وفطنة قادة الإمارات الذين يقدمون المساعدات الإنسانية للفقراء والمحتاجين في مختلف قارات العالم، إضافة إلى فتحهم لقنوات تواصل مع مختلف القيادات الدينية في العالم التي أصبح للإمارات – حكومة وشعباً – مكانة متميزة وإلا لما كان لهذا الحدث التاريخي أن يتم في هذا التوقيت الذي يشهد فيه العالم موجات عاتية من التطرف الدموي الذي يحاول أن يرتدي عباءة الأديان، وهي منه بريئة.
حب واحترام
يشير د. محيي الدين عفيفي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، إلى أن زيارة الرمزين الكبيرين في العالم؛ تعد ترسيخاً للنهج الثابت لدولة الإمارات في تأكيد احترام الأديان والثقافات الأخرى، ونشر مبادئ التسامح والسلام ومحاصرة الفكر المسموم لأصحاب الأفكار الهدامة الذين يبثون سمومهم عبر مختلف الوسائل الحديثة، وللأسف يجدون استجابة لدى الجهلاء بحقيقة الأديان وما تدعو إليه من التسامح والعفو والرحمة.
ويؤكد أن الأزهر بقيادة الإمام الأكبر تربطه بدولة الإمارات- حكومة وشعباً- علاقات حب واحترام متبادل، وتعاون لكل ما فيه الخير للبشرية بوجه عام، وللمسلمين بوجه خاص.
أرض السلام
أكد د. القس أندريه زكي، رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر، ورئيس الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية، أن أي لقاء من أجل السلام بين البشر أمر محمود لدى الله خالق الجميع على اختلاف أديانهم، ونحن نثمن التلاقي بين فضيلة شيخ الأزهر، وقداسة بابا الفاتيكان على أرض الإمارات التي يتمتع قادتها ومفكروها بعقلية منفتحة، وقبول لدى الجميع.
وأشار د. أندريه زكي إلى أن أتباع المسيحية والإسلام في العالمين يترقبون هذا اللقاء المبارك الذي يعد امتداداً للقاءات سابقة بينهما سواء في أرض مصر المباركة أو في الفاتيكان، وقد ولّد هذا تلاقياً روحياً حول الأهداف السامية للأديان السماوية التي تستهدف في الأصل التعايش السلمي بين البشر مع ترك أمور العقائد لله منزل الأديان والمحاسب عليها.
شكراً للإمارات
ثمّن المفكر المسيحي د. نبيل لوقا بباوي، المهتم بالحوار الإسلامي -المسيحي عملياً؛ من خلال مؤلفاته ورسالة دكتوراه عن الشريعة الإسلامية ومشاركاته في مؤتمرات الحوار الديني في الداخل والخارج، «المبادرة الإماراتية» ووصفها ب«الفريدة» قائلاً: علينا أن نشكر دولة الإمارات؛ لنشرها التسامح الديني، سواء داخل حدودها أو خارج الوطن؛ من خلال تشجيع علماء الدين والمفكرين والمثقفين على إدارة حوار عقلاني، يواجه التعصب بكل صوره.. ويحق لنا أن نطلق على دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة «واحة السلام والسعادة» في العالم؛ بدليل أنها أول دولة في العالم تنشئ وزارة للسعادة، كما تضم المنتدى الدولي للسلم الاجتماعي، ولهذا فليس بمستغرب استضافتها لأكبر رمزين دينيين في العالم يتبعهما أكثر من ثلثي سكان العالم وتعاليمهما التي تدعو إلى المساواة بين البشر وأهمية التعايش السلمي بينهم.
وأضاف: يجب على أتباع الأديان السماوية؛ بل والوضعية تربية أنفسهم وأولادهم على «ثقافة الحوار وقبول الآخر»؛ لأن الجميع خلق الله، والتنوع سنة الله في خلقه ولا يجوز لأحد أن يدعي أنه يملك الحقيقة المطلقة، وأنه وحده المقرب من الله دون بقية خلقه؛ لأن حساب الجميع على الله الذي يفصل بينهم، ولابد من استثمار مثل هذه الزيارات التاريخية لقادة الأديان في تنقية القلوب من الضغائن، ومحاربة دعاة التطرف الديني المخالف للتعاليم السمحة للأديان.
وقال بباوي: لا ننسى أن الإسلام أوصى بالمسيحيين خيراً، وجعلهم أقرب الناس مودة للمسلمين، وقد درست هذا من خلال رسالتي للدكتوراه حول «حقوق وواجبات غير المسلمين في المجتمع الإسلامي»، إضافة إلى العديد من المؤلفات في الشؤون المسيحية والإسلامية منها «الوحدة الوطنية.. نموذج طنطاوي وشنودة» و«الوحدة الوطنية ومأساة التعصب» و«السيدة العذراء وادعاءات المفترين» و«السيد المسيح وادعاءات المفترين» و«خطورة مناقشة العقائد في الإسلام والمسيحية» و«محمد الرسول وادعاءات المفترين» و«انتشار الإسلام بحد السيف بين الحقيقة والافتراء» و«الإرهاب ليس صناعة إسلامية» و«زوجات الرسول والحقيقة والافتراء في سيرتهن» و«الجزية على غير المسلمين.. عقوبة أم ضريبة» و«الأقباط.. هل ساعدوا المسلمين في فتح مصر؟» و«غزوات الرسول»، وقد أسهمت هذه المؤلفات في قيام مجمع البحوث الإسلامية بترشيحي لجائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية.
ميراث الخير
يرى د. محمد عبدالفضيل القوصي، وزير الأوقاف الأسبق، نائب رئيس المنظمة العالمية لخريجي الأزهر، أن زيارة قادة المرجعية الدينية للمسلمين والمسيحيين للإمارات تقوية لجسور التعاون بين أتباع أكثر الأديان السماوية انتشاراً في العالم، وينبغي ترجمة هذا عملياً على أرض الواقع، ليس بين المرجعيات الدينية فقط؛ بل بين الشعوب الإسلامية والمسيحية التي تشكل غالبية سكان المعمورة، وسيسهم إيمانهم بأهمية التعايش السلمي في إفشال مخططات «شياطين الإنس الذين يعيثون في الأرض فساداً ويتراقصون على أشلاء البشر لتحقيق مخططاتهم الشيطانية».
وأشار إلى سعادته بالعلاقة الوثيقة بين الأزهر والإمارات؛ حيث قال: نستشعر عمق هذه العلاقة؛ عندما نشاهد حرارة اللقاء بين قادة الإمارات الذين يصر بعضهم على تقبيل رأس شيخ الأزهر، ويعدونه الأب الروحي لهم، وليس هذا بمستغرب من أبناء وخلفاء «زايد الخير»، الذي ترك بصمات واضحة في الأزهر وسيظل «مركز زايد لتعليم العربية لغير الناطقين بها» منارة علمية؛ تؤكد مكانة الأزهر في نفوس خلفاء المغفور له بإذن الله الشيخ زايد رحمه الله.