صحافة 24 :
بقلم/ ناصر قنديل :
– لم تكن إطلالةُ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله لطمأنة جمهور محور المقاومة، غير القلق أصلاً، بعد الشائعات الإسرائيلية والخليجية حول وضعه الصحي، بل لاستثمار هذه الحملة الخبيثة بصفتها حملة ترويجية لما سيقوله، ولم تكن الإطلالة لإعلان مواقف من الوضع اللبناني والتعثر الحكومي والعلاقات السياسيّة، بل للاكتفاء بإيجاز بتثبيت المضمون الإيجابي لعلاقات المقاومة وتحالفاتها وإدارتها الهادئة للملفات الداخلية، خصوصاً ما يتصل منها بالعلاقة بين حزب الله والتيار الوطني الحر، والاهتمام بالأهم.
– الواضح أن السيد نصرالله أراد رسم المشهد الاستراتيجي الجديد في المنطقة، وعنوانه أن محور المقاومة من إيران إلى اليمن إلى العراق إلى لبنان وفلسطين وإلى سورية خصوصاً، قد نجح في إفشال المشروع الأميركي بكل تجلياته العسكريّة والسياسيّة، فلا الحصار على إيران أنتج اهتزاز نظامها، ولا صفقة القرن أقلعت، ولا الحرب على سورية بقي ثمة أمل لتغيير وجهة النصر فيها المحسومة للدولة السورية ورئيسها وجيشها، والانسحاب الأميركي من سورية جزء من كُلّ، والكل هو الفشل الأميركي وصولاً إلى أفغانستان، والعلاقة بين محور المقاومة وروسيا مريحة ومطمئنة، ما أوصل الأميركي إلى اليأس السياسيّ والعسكريّ اللذين يترجمها قرار الانسحاب.
– لأن سورية حجر الرحى في رسم هذا المشهد الاستراتيجي ثبت السيد نصرالله، مسار النصر الذي يكتمل، رغم أهميّة عقدتي إدلب وشرق الفرات، فالطريق أحادي الاتّجاه فيهما، وعنوانه بسط سلطة الدولة السورية سلماً أَو حرباً، والقرار حاضر والقدرات متوافرة، وبالتوازي مع هذا المسار الفشل الإسرائيلي في تغيير سورية يكمله الفشل الإسرائيلي في حصار المقاومة ومنع حصولها على الأسلحة النوعية، والتتويج بالفشل الإسرائيلي في رسم قواعد اشتباك جديدة في سورية، سيؤدي التصرف الطائش لفرضها إلى تغييرها فعلاً، لكن في غير صالح «إسرائيل»؛ لأَنَّ كُلّ شيء سيصبح وارداً في مواجهة مفتوحة قد يتسبّب بها أي تصرف طائش للإسرائيليين، ومحور المقاومة سيردّ، ويرد بقوة ربما لا يتوقعها الإسرائيليون، والهرولة العربية إلى دمشق، رغم الفرملة الأميركية التكتيكية، ستتواصل وهي تتواصل، كتعبير عن التسابق التركي الكردي الخليجي نحو دمشق، مع الفشل الأميركي والإسرائيلي.
– الواضح من نسبة توزيع كلام السيد على المحاور أن الاشتباك مع «إسرائيل» هو ترجمة زمن الفشل الأميركي، وأن المقاومة واثقة من امتلاكها خطة ومقدرات وإرادة عملية نوعية شاملة في الجليل، في أوانها، زادتها عملية درع الشمال الإسرائيلية حظوظاً؛ لأَنَّ الأنفاق تفصيل جزئي منها، وليست كُلّ الأنفاق هي التي كشفت، ولأن الأهم هو الحال المعنوية للمستوطنين الذين ساهمت العملية الإسرائيلية بجعلهم يصدقون جدية المقاومة في الإعداد لعملية الجليل وزادت منسوب الذعر بين صفوفهم، مطلقاً معادلة «الشاكوش» بات كافياً للرعب بدلاً عن الصاروخ، بسبب عملية نتنياهو تحت عنوان كشف الأنفاق ورفع معنويات المستوطنين، والصواريخ الدقيقة باتت متوفرة وبما يكفي، ويكفي أن يعلم المستوطنون أن حرب نتنياهو لتحييد الصواريخ الدقيقة لا تهدف لمنع قدرة المقاومة على بلوغ العمق الإسرائيلي، وهو قائم بصواريخ ثقيلة غير دقيقة، بل يهدف لجعل المستوطنين دروعاً بشرية لحماية منشآت الجيش والحكومة التي ستستهدفها الصواريخ. وفي الحرب القادمة، التي قد تتسبب بها حسابات إسرائيلية خاطئة، أَو جموح انتخابي غير محسوب سيشهد الإسرائيليون مفاجآت تجعلهم يندمون.
– في الحرب النفسية سجل السيد ثلاثة أهداف نوعية، فاستثماره حملة الشائعات حول وضعه الصحي منح حواره حضوراً استثنائياً ورسائله انتشاراً وتأثيراً نوعيين، وفي شمال فلسطين خلق معادلة الذعر بجدية وصدقية تحليله لمفهوم عملية الجليل مقارنة بدرع الشمال، وضمن نزوحاً للمستوطنين مع أول «ضربة شاكوش»، وفي العمق ضمن ارتباكاً واهتزازاً بين القيادة السياسيّة والعسكريّة من جهة وسكان المدن الكبرى من جهة أُخْــرَى، بعد كشف المعنى الحقيقي لاهتمام القيادات الإسرائيلية بمنع امتلاك المقاومة للصواريخ الدقيقة، وهو بوضوح ترك الناس يموتون بدلاً عن القادة.
– مَن يدرك معنى معادلات السيد نصرالله، وملخصها أن محور المقاومة قد أنهى بنجاح الزمن الأميركي في المنطقة، وهو يستعدّ لإنهاء الزمن الإسرائيلي، يعرف سبب الهدوء والإيجاز في التعامل مع قضايا تفصيلية محلية وعربية تبدو مهمة للوهلة الأولى، لكن أهميتها تتراجع عندما تُقاس بحجم الآتي وما تتهيأ له المنطقة، بما يكفل تلقائياً تغيير قواعد المعادلات التي تحكمها بالتتابع والتداعي.
* كاتب لبناني
– الواضح أن السيد نصرالله أراد رسم المشهد الاستراتيجي الجديد في المنطقة، وعنوانه أن محور المقاومة من إيران إلى اليمن إلى العراق إلى لبنان وفلسطين وإلى سورية خصوصاً، قد نجح في إفشال المشروع الأميركي بكل تجلياته العسكريّة والسياسيّة، فلا الحصار على إيران أنتج اهتزاز نظامها، ولا صفقة القرن أقلعت، ولا الحرب على سورية بقي ثمة أمل لتغيير وجهة النصر فيها المحسومة للدولة السورية ورئيسها وجيشها، والانسحاب الأميركي من سورية جزء من كُلّ، والكل هو الفشل الأميركي وصولاً إلى أفغانستان، والعلاقة بين محور المقاومة وروسيا مريحة ومطمئنة، ما أوصل الأميركي إلى اليأس السياسيّ والعسكريّ اللذين يترجمها قرار الانسحاب.
– لأن سورية حجر الرحى في رسم هذا المشهد الاستراتيجي ثبت السيد نصرالله، مسار النصر الذي يكتمل، رغم أهميّة عقدتي إدلب وشرق الفرات، فالطريق أحادي الاتّجاه فيهما، وعنوانه بسط سلطة الدولة السورية سلماً أَو حرباً، والقرار حاضر والقدرات متوافرة، وبالتوازي مع هذا المسار الفشل الإسرائيلي في تغيير سورية يكمله الفشل الإسرائيلي في حصار المقاومة ومنع حصولها على الأسلحة النوعية، والتتويج بالفشل الإسرائيلي في رسم قواعد اشتباك جديدة في سورية، سيؤدي التصرف الطائش لفرضها إلى تغييرها فعلاً، لكن في غير صالح «إسرائيل»؛ لأَنَّ كُلّ شيء سيصبح وارداً في مواجهة مفتوحة قد يتسبّب بها أي تصرف طائش للإسرائيليين، ومحور المقاومة سيردّ، ويرد بقوة ربما لا يتوقعها الإسرائيليون، والهرولة العربية إلى دمشق، رغم الفرملة الأميركية التكتيكية، ستتواصل وهي تتواصل، كتعبير عن التسابق التركي الكردي الخليجي نحو دمشق، مع الفشل الأميركي والإسرائيلي.
– الواضح من نسبة توزيع كلام السيد على المحاور أن الاشتباك مع «إسرائيل» هو ترجمة زمن الفشل الأميركي، وأن المقاومة واثقة من امتلاكها خطة ومقدرات وإرادة عملية نوعية شاملة في الجليل، في أوانها، زادتها عملية درع الشمال الإسرائيلية حظوظاً؛ لأَنَّ الأنفاق تفصيل جزئي منها، وليست كُلّ الأنفاق هي التي كشفت، ولأن الأهم هو الحال المعنوية للمستوطنين الذين ساهمت العملية الإسرائيلية بجعلهم يصدقون جدية المقاومة في الإعداد لعملية الجليل وزادت منسوب الذعر بين صفوفهم، مطلقاً معادلة «الشاكوش» بات كافياً للرعب بدلاً عن الصاروخ، بسبب عملية نتنياهو تحت عنوان كشف الأنفاق ورفع معنويات المستوطنين، والصواريخ الدقيقة باتت متوفرة وبما يكفي، ويكفي أن يعلم المستوطنون أن حرب نتنياهو لتحييد الصواريخ الدقيقة لا تهدف لمنع قدرة المقاومة على بلوغ العمق الإسرائيلي، وهو قائم بصواريخ ثقيلة غير دقيقة، بل يهدف لجعل المستوطنين دروعاً بشرية لحماية منشآت الجيش والحكومة التي ستستهدفها الصواريخ. وفي الحرب القادمة، التي قد تتسبب بها حسابات إسرائيلية خاطئة، أَو جموح انتخابي غير محسوب سيشهد الإسرائيليون مفاجآت تجعلهم يندمون.
– في الحرب النفسية سجل السيد ثلاثة أهداف نوعية، فاستثماره حملة الشائعات حول وضعه الصحي منح حواره حضوراً استثنائياً ورسائله انتشاراً وتأثيراً نوعيين، وفي شمال فلسطين خلق معادلة الذعر بجدية وصدقية تحليله لمفهوم عملية الجليل مقارنة بدرع الشمال، وضمن نزوحاً للمستوطنين مع أول «ضربة شاكوش»، وفي العمق ضمن ارتباكاً واهتزازاً بين القيادة السياسيّة والعسكريّة من جهة وسكان المدن الكبرى من جهة أُخْــرَى، بعد كشف المعنى الحقيقي لاهتمام القيادات الإسرائيلية بمنع امتلاك المقاومة للصواريخ الدقيقة، وهو بوضوح ترك الناس يموتون بدلاً عن القادة.
– مَن يدرك معنى معادلات السيد نصرالله، وملخصها أن محور المقاومة قد أنهى بنجاح الزمن الأميركي في المنطقة، وهو يستعدّ لإنهاء الزمن الإسرائيلي، يعرف سبب الهدوء والإيجاز في التعامل مع قضايا تفصيلية محلية وعربية تبدو مهمة للوهلة الأولى، لكن أهميتها تتراجع عندما تُقاس بحجم الآتي وما تتهيأ له المنطقة، بما يكفل تلقائياً تغيير قواعد المعادلات التي تحكمها بالتتابع والتداعي.
* كاتب لبناني