"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

العاصمة الجديدة كادت تُفشل زيارة ماكرون إلى مصر.. ما قاله الفرنسيون عنها أغضب السيسي

هاف بوست :

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي/ رويترز

عدة أزمات واجهت زيارة الرئيس الفرنسي إلى مصر قبل أن تبدأ، وكادت تسبب في تأجيل الزيارة برمتها.

وزيارة إيمانويل ماكرون التي بدأت أمس الأحد 27 يناير/كانون الثاني 2019 تأتي رداً على زيارة الرئيس المصري إلى باريس في 2017.

وعلم «عربي بوست» من مصادر مطلعة في السفارة الفرنسية بالقاهرة أنه وقعت عدة أزمات واجهت زيارة الرئيس الفرنسي إلى مصر كادت تؤجلها إلى أجل غير مسمى.

أزمات واجهت زيارة الرئيس الفرنسي إلى مصر قبل انطلاقها.. السترات الصفراء في مقدمتها

الأزمة الأولى كانت لدى الرئيس الفرنسي نفسه الذي لم يكن قد حسم أمره حتى اللحظات الأخيرة بشأن هل هذا وقت مناسب لمغادرة بلاده واحتجاجات السترات الصفراء لم تنتهِ بعد، أم من الأفضل البقاء ومتابعة الأمر لحظة بلحظة  من مكتبه في باريس.

لكن كان هناك أزمتان أخريان وهما الأكبر، تخصان الجانب المصري أو العلاقة بين الجانبين المصري الفرنسي.

وكادت هاتان الأزمتان أن تؤديا إلى تأجيل زيارة ماكرون إلى مصر.

لن يكرر خطأه السابق فيما يتعلق بحقوق الإنسان

تسبب ملف حقوق الإنسان في إثارة التوتر بين البلدين قبل الزيارة، حسب المصادر الفرنسية.

الأزمة وقعت حينما اجتمع ماكرون مع ممثلي الصحافة الفرنسية قبل السفر وحدثهم صراحة بأن تصريحاته التي أدلى بها أثناء زيارة الرئيس السيسي إلى فرنسا والخاصة بتردي أوضاع حقوق الإنسان في مصر، كانت غير دقيقة.

وكان ماكرون قد قال في هذه التصريحات: «السيسي أعلم بظروف بلاده وكفانا دروساً للآخرين».

وأوضح ماكرون أنه ينوي أن يكون أكثر جدية ووضوحاً في حديثه حيال هذا الموضوع خلال زيارته لمصر، خصوصاً بعد الانتقادات الحادة التي تعرض لها بسبب ما قاله وقت زيارة السيسي لفرنسا.

تصريح ماكرون الذي أظهر ما ينوي أن يفعله في مصر تجاه هذا الملف الحساس، أغضب الإدارة المصرية، حسبما قالت المصادر لـ «عربي بوست».

وتم التواصل مع مكتب ماكرون عبر السفارة المصرية لمراجعته فيما قال، والتلويح بأن ذلك غير مقبول من القاهرة، لكن  مكتب ماكرون لم يحسم الأمر مع الجانب المصري، مكتفياً بأن يؤكد أن ماكرون لن يقول «كلاماً قاسياً».

أزمة السترات الصفراء جعلت ماكرون يفكر في إرجاء الزيارة/ رويترز

وبالفعل، أكد الرئيس الفرنسي لنظيره المصري خلال مؤتمر صحفي مشترك في القاهرة أن «الاستقرار» مرتبط باحترام الحريات الفردية ودولة القانون.

وردا على سؤال لصحافي مصري حول أسباب تغيير موقفه من مسألة حقوق الإنسان، أجاب ماكرون «يمكن أن نقول الأشياء بطريقة صريحة للغاية من دون أن نعتبر أننا نأتي لنعطي دروسا أو لزعزعة الاستقرار».

وأضاف «هذا ما فعلته مع الرئيس السيسي».

وردا على ماكرون، قال الرئيس السيسي «نحن لسنا كأوروبا ولسنا كأمريكا».

وأضاف موجها حديثه لصحافي فرنسي سأله عن حقوق الإنسان «لا تنسى أننا نتحدث عن منطقة مضطربة ونحن جزء منها».

وتابع أن «القضايا في مصر مختلفة تماما عن الطريقة التي تفكرون فيها».

واعتبر أن «مصر لن تقوم بالمدونين وإنما بالعمل والجهد والمثابرة»، مشيرا إلى ما قامت به حكومته من توفير مساكن لـ 250 ألف أسرة وعلاج مئات الآلاف من المصابين بالتهاب الكبد الوبائي وجهود لمكافحة الإرهاب.

معبد أبوسمبل بدلاً من العاصمة الجديدة

أبرز الأزمات التي واجهت زيارة الرئيس الفرنسي إلى مصر، نشأت بسبب خلاف حول برنامج الرئيس الفرنسي في مصر.

فقد حرص الرئيس السيسي شخصياً على أن يتضمن البرنامج زيارة للعاصمة الإدارية الجديدة، تماماً مثلما فعل مع وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو أثناء زيارته لمصر، والتي ذهب فيها إلى الكاتدرائية ومسجد «الفتاح العليم» بالعاصمة الإدارية الجديدة وتحدث إلى الصحفيين منهما.

الرئيس الفرنسي خلال زيارته إلى معبد أبو سمبل الشهير/مواقع التواصل الاجتماعي

لكن ماكرون رفض ذلك تماماً مؤكداً أنه سيزور أثراً سياحياً (معبد أبوسمبل) ويلتقي والمثقفين ورجال الأعمال وشيخ الأزهر في المشيخة وبابا الكنيسة في العباسية، مؤكداً رفضه الذهاب إلى العاصمة الجديدة.

وقررت باريس أن أول ما يقوم به الرئيس الفرنسي عند وصوله إلى مصر الأحد هو الهبوط في مطار أبوسمبل لزيارة معبد رمسيس الثاني هناك في إطار الاحتفالية العالمية بمرور 50 عاماً على الحملة الدولية بقيادة منظمة اليونسكو لإنقاذ آثار النوبة من الغرق وأهمها معبد أبوسمبل ومعبد فيلة بمدينة أسوان، وذلك أثناء بناء السد العالي في مصر على نهر النيل وحفر بحيرة ناصر لتخزين مياه الفيضان السنوي في أعوام الستينيات من القرن المنصرم.

لن نذهب للصحراء.. ما قاله الفرنسيون عنها أغضب السيسي بشدة

الرئاسة المصرية رأت أن هذا الموقف غير مقبول.

واعتبرت أن عدم زيارة ماكرون للعاصمة الجديدة نوع من عدم الاعتراف الضمني بها.

ومما زاد من غضب الرئاسة المصرية أن فرنسا من الدول التي أخطرت أجهزة الأمن المصرية بأنها لن تقبل نقل مقرها إلى الصحراء (يقصدون العاصمة الجديدة).

إذ قال الفرنسيون للمسؤولين المصريين إن السفارة موجودة في مصر ليس فقط للتعامل مع الحكومة المصرية لكنها بالأساس لخدمة رعاياها وأنها لن تنعزل عنهم في عاصمة الصحراء تلك.

في المقابل، تتطلع الحكومة المصرية إلى أن يعالج هذا المشروع الذي يقع على بعد نحو 60 كيلومتراً من القاهرة مشكلة ازدحام العاصمة القديمة، ويقدم نموذجاً مماثلاً أو منافساً لدبي التي تخلب لُب كثير من زعماء الشرق الأوسط.

وبالفعل الفرنسيون يرون الفكرة عبثية

ويأتي رفض ماكرون للذهاب إلى هناك كنوع من التأكيد على عدم اقتناع الفرنسيين بما وصفه أحد دبلوماسييهم بـ»عبثية»  نقل العاصمة المصرية إلى الصحراء.

في المقابل، أبدت الرئاسة المصرية استياءها الشديد من ذلك واصرت على ذهاب ماكرون إلى عاصمة مصر الجديدة رمز المستقبل، كما تنظر إليها الدولة.

وأبلغ المصريون نظراءهم الفرنسيين بأن الرئيس السيسي يعتبر أن العاصمة الجديدة مشروعه الشخصي وتدشين لعهد جديد سوف تشهده مصر، وبالتالي فإن رفض ماكرون الذهاب لها سيحمل من الإشارات السياسية ما تراه القاهرة مرفوضاً تماماً.

ولكن ماكرون قرر تغيير برنامج الزيارة

ولكن يبدو أن ضغوط الجانب المصري قد أثمرت في هذا الملف.

فقد أعلن الرئيس الفرنسي خلال المؤتمر  الذي جمعه بالسيسي في قصر الاتحادية بالقاهرة، عن تغيير في برنامج زيارته إلى مصر،  كاشفاً عن نيته زيارة العاصمة الإدارية الجديدة.

وبالفعل، قام الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، يرافقه الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، بزيارة إلى مدينة الثقافة والفنون في العاصمة الإدارية الجديدة بمصر.

وستضم العاصمة أكبر مسرح للأوبرا في الشرق الأوسط بحسب ما تقوله مصادر جريدة الأهرام الصادرة بالنسخة الإنجليزية، كما تصل مساحة المدينة إلى نحو 54 هكتاراً.

كما ستضم المدينة صالات للعروض الفنية ومكتبات ومتاحف وغاليريهات للفنون التقليدية والحديثة.

وقال ماكرون إن العاصمة الإدارية من شأنها أن تعزز العلاقات الثنائية بين البلدين في المجال الثقافي.

أزمة جديدة.. أطلِقوا هؤلاء النشطاء

وعلى صعيد آخر، علم «عربي بوست» من المصادر المطلعة في السفارة الفرنسية أن ماكرون يحمل معه قائمة بأسماء بعض النشطاء المعتقلين سياسياً وسوف يسلمها للسيسي، مطالباً إياه بضرورة الإفراج عنهم.

ومثل هذا الحديث يغضب بطبيعة الحال الرئيس السيسي، خصوصاً أنه دائم التأكيد على عدم وجود معتقلين سياسيين في مصر.