أفادت وسائل إعلام أمريكية بأن واشنطن تحت ضغوط إسرائيلية تدرس إمكانية الحفاظ على التواجد العسكري الأمريكي في قاعدة التنف جنوب شرقي سوريا.
وأكدت وكالة “بلومبرغ” في تقرير نشرته أمس السبت أن القاعدة الصغيرة الواقعة قرب الحدود الأردنية أصبحت أكبر حجر عثرة في خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سحب قوات الولايات المتحدة من سوريا، مضيفة أن الجنود الأمريكيين قد يبقون فيها حتى بعد تنفيذ هذا القرار.
ونقلت الوكالة عن مسؤول إسرائيلي وآخرين أمريكيين قولهم إن الوجود الأمريكي في التنف يحمل أهمية حرجة بالنسبة لـ”صد طريق الإمداد من إيران إلى لبنان حيث يعزز حليف طهران حزب الله ترسانته”.
وذكرت الوكالة أن الجدل حول مصير التنف يسلط الضوء على الأهداف الأمريكية في سوريا عدا دحر تنظيم “داعش” حيث تسعى واشنطن إلى التصدي للنفوذ الإيراني والحد من قدرات طهران على استخدام سوريا قاعدة لعملياتها المحتملة ضد إسرائيل.
ونقلت الوكالة عن دبلوماسي أمريكي رفيع المستوى قوله إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يبذل كل ما بوسعه من أجل إقناع ترامب على إبقاء القوات في التنف، مؤكدا أن سيد البيت الأبيض يصغي إليه.
وأكد عدة مسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى أن نتنياهو حث الإدارة الأمريكية مرارا على بقاء قواتها في التنف، قائلين: “حتى لو لم تفعل هذه القوات الأمريكية كثيرا يكفي وجودها هناك بحد ذاته كعامل ردع لإيران”.
ولفت التقرير إلى أن “الصقور” في الإدارة الأمريكية يأخذون أيضا هذا البرهان بعين الاعتبار، بمن فيهم مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جون بولتون الذي أكد أثناء رحلته الأخيرة إلى تركيا وإسرائيل أن الولايات المتحدة لن تستعجل في سحب القوات من التنف.
وأفادت الوكالة بأن الضغط الإسرائيلي الخفي بدأ ينعكس على تصريحات المسؤولين الأمريكيين، حيث يلاحظ التراجع أكثر فأكثر عن فكرة الانسحاب السريع لجميع القوات الأمريكية من شمال شرق سوريا.
وأشارت الوكالة إلى أنه من غير الواضح كيف ستستطيع الولايات المتحدة ضمان تواجدها المحدود في المنطقة المحيطة بالأراضي الخاضعة لسيطرة قوات الجيش السوري.
“فورين بوليسي”: واشنطن تواجه مشاكل قانونية في خطتها إبقاء القوات بالتنف
من جانبها، نقلت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية في تقرير نشرته الجمعة عن مصادر مطلعة قولها إن خطة الحفاظ على التواجد العسكري في التنف بهدف التصدي لنفوذ إيران قيد الدراسة لدى الحكومة الأمريكية.
واعتبرت المجلة أن هناك مشكلة محتملة أخرى أمام بقاء القوات الأمريكية في التنف، وهي تصريحات ترامب بأن الهدف الوحيد للتواجد الأمريكي في سوريا هو دحر “داعش”.
وذكر قيادي عسكري أمريكي سابق للمجلة أن قاعدة التنف تعد عنصرا ذا أهمية حرجة ضمن المساعي الأمريكية الرامية إلى منع إيران من إقامة جسر بري عبر العراق وسوريا إلى جنوب لبنان لدعم حزب الله، ويتيح التواجد الأمريكي هناك “صد آمال طهران في إقامة الهلال الشيعي” بالمنطقة والذي يهدد إسرائيل.
وأشارت المجلة إلى أن الخطة القائمة لسحب القوات الأمريكية من سوريا تقضي بأن نحو 200 جندي أمريكي في قاعدة التنف سيكونون آخر قوات ستغادر البلاد، لكن المصادر أكدت أن الحكومة تدرس خطة بديلة تقضي بإبقاء جزء من هذه القوات على الأقل في القاعدة، نظرا لأهميتها الاستراتيجية البالغة.
وأوضح أحد المصادر أن هذه الأهمية لا تقتصر على القاعدة الصغيرة فقط، بل والمنطقة العازلة بـ55 كلم حولها، مؤكدا أن هذه المنطقة تمنح للقوات الأمريكية فرصة لاستهداف قوات إيرانية أو أخرى تدخل المنطقة، وذلك تحت ذريعة “الدفاع عن النفس”.
وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة لا تملك الحق في مهاجمة قوات تابعة لحكومة أخرى دون سابق الاستفزاز، قال المصدر: “إذا دخلوا المنطقة فإننا قد أعلننا أنهم يهددون أمن قوات الولايات المتحدة أو قوات متحالفة معها، وأعتقد أن هذه الخطوة مبررة”.
من جانبه، لفت مسؤول حكومي أمريكي للمجلة إلى أن بقاء القوات الأمريكية في التنف قد يهدد إدارة ترامب بمشاكل قانونية، حيث يدور جدل بين الخبراء حول ما إذا كان التفويض باستخدام القوة العسكرية والذي منحه الكونغرس للحكومة عام 2001 وهو يتعلق فقط بمحاربة جماعات غير حكومية، يشكل أساسا كافيا لتبرير الحفاظ على التواجد العسكري في سوريا.
وأكد المصدر الأول أن الهدف المنطقي الوحيد لقاعدة التنف هو متابعة تدفق المقاتلين المدعومية إيرانيا والتصدي لها، مضيفا: “بصراحة لم نتمكن من افتعال مهمة أخرى”.
واعتبرت المجلة أن هناك مشكلة محتملة أخرى أمام بقاء القوات الأمريكية في التنف، وهي تصريحات ترامب بأن الهدف الوحيد للتواجد الأمريكي في سوريا هو دحر “داعش”.
المصدر: بلومبرغ + فورين بوليسي