عربي21 :
قال سياسي إسرائيلي مخضرم إن “الفلسطينيين والإسرائيليين أضاعوا ما أسماها فرصة تاريخية تمثلت في اتفاق الملك فيصل مع الزعيم الصهيوني حاييم وايزمان، كان يفترض أن يسفر عن حياة مشتركة في هذه الأرض بين الشعبين دون مشاكل وحروب، لكن الإنجليز دمروا هذا الاتفاق”.
وأضاف يوسي بيلين في مقاله بصحيفة إسرائيل اليوم، وترجمته “عربي21” أنني “رأيت في بيت جدي صورا لمشاركاته في المؤتمرات الصهيونية وزعماء حركة أحباء صهيون والحركة الصهيونية، فيما علقت صورة للملك فيصل بن الحسين بن علي الهاشمي وبجانبه حاييم وايزمان، وقد ارتديا الكوفية العربية، وهما يبتسمان، والتقطت صورتهما في دمشق عام 1918، وقد التقطت هذه الصورة لهما عشية الجهود البريطانية لتجنيد يهود العالم وعرب الشرق الأوسط خلال الحرب العالمية الأولى”.
وأوضح بيلين، الذي شغل مهام عديدة في الكنيست والحكومات الإسرائيلية، آخرها وزيري القضاء والأديان، أن “بريطانيا منحت الجانبين، العرب واليهود، وعودا بعيدة المدى، بعد أن نجحت بإقناعهما لمحاربة الدولة العثمانية، حيث أقام اليهود آنذاك الكتائب العبرية التي قاتلت بجانب البريطانيين والعائلة الهاشمية برئاسة الشريف حسين حاكم مدينة مكة ثم ملك الحجاز الذي قاد التمرد العربي ضد الإمبراطورية العثمانية”.
وأشار بيلين، أحد رموز حزب العمل السابقين، ثم رئيس حزب ميرتس، ومن رواد مسيرة أوسلو مع الفلسطينيين، أن “اليهود نالوا وعد بلفور مكافأة على موقفهم المناصر للانجليز، فيما منح الشريف حسين لقب قيادة العالم العربي، وفي مارس 1918 نشر الحسين في الصحيفة الرسمية لمدينة مكة المسماة “القبلة” إعلانا مذهلا بموجبه بارك عودة “إخواننا اليهود إلى أرض إسرائيل”، معربا عن أمله بتعاون مشترك مع العرب الذين يقيمون في فلسطين من الناحيتين المادية والمعنوية”.
وأكد أن “ثلاثة أشهر مرت حتى شهدت مدينة العقبة اللقاء الأول بين وايزمان الذي لم ينتخب آنذاك رئيسا للهستدروت الصهيوني، لكنه يعتبر وريث تيودور هرتسل مؤسس الحركة الصهيونية، وأقنع البريطانيين بإصدار وعد بلفور، وبين الملك حسين قائد الثورة العربية، وفي نهاية اللقاء الذي تخللته قواسم مشتركة واسعة كتب وايزمان في مذكراته عن الملك حسين بأنه العربي القومي الحقيقي الأول الذي أعثر عليه في حياتي”.
وأشار أنه “قبل مائة عام، وتحديدا في الثالث من يناير 1919 في لندن تم التوقيع بين الرجلين على اتفاق مشترك يهودي عربي، وتطلب الأمر أن أقرأه مرتين حتى أتأكد من حقيقته، وكان هدفه إقامة جبهة يهودية عربية مشتركة في مؤتمر الصلح الذي انعقد بعد أيام قليلة في باريس، ونشأت هذه الجبهة بمباركة بريطانية، وأعلن فيصل أن المقترحات التي قدمتها المنظمة الصهيونية متواضعة ومناسبة”.
وأكد أن “فايتسمان وقع الاتفاق باسم الهستدروت الصهيوني، فيما وقعه فيصل باسم مملكة الحجاز، من خلال العلاقات القديمة القائمة بين العرب والشعب اليهودي، والاقتناع بأن الطريقة الآمنة لتحقيق تطلعاتهما القومية من خلال التعاون المشترك الشجاع لتطوير الدولة العربية وفلسطين”.
وأوضح أن “الاتفاق تطرق لكيانين اثنين: سوريا الكبرى التي يفترض أن يكون فيصل ملكها، وفلسطين الانتدابية التي ستشهد تطبيق وعد بلفور عليها، ودعا الاتفاق لاتخاذ خطوات مطلوبة من أجل تعزيز الهجرات اليهودية، واستيطانهم على هذه الأرض، وإقامة تجمعات استيطانية مصطفة بجانب بعضها البعض، وضمان حقوق الفلاحين العرب والمستأجرين لتطوير الاقتصادي، وحل أي إشكاليات بينما باللجوء للحكومة البريطانية”.
وختم بالقول أن “فيصل أكد أنه إن لم تلتزم بريطانيا بتعهداتها للعرب، فلن يكون ملزما بتطبيق باقي بنوده، لكن سنوات قليلة مرت خيبت آمال الطرفين، فوالد فيصل لم يصبح زعيم العرب، كما كان يأمل، بل بقي ملكا على الحجاز فقط، وبعد فترة وجيزة احتل السعوديون المملكة الهاشمية، وفي 1920 عين فيصل ملكا على سوريا الكبرى، وبعد أربعة أشهر تم الإطاحة به من الفرنسيين، واكتفى بالعراق، حيث بقي ملكا عليها حتى موته بعد ثلاثة عشر عاما”.
وختم بالقول أن “الاتفاق المذكور بين فايتسمان اليهودي وفيصل الهاشمي بقي وثيقة تاريخية نوعية، لكنه لم يجد طريقه إلى التطبيق الواقعي على الأرض، وهي فرصة تاريخية ضاعت من الجانبين لإحلال السلام في المنطقة”.