الناصرة-“رأي اليوم” :
في تصريحٍ لافتٍ لوزير الأمن الإسرائيليّ المُستقيل، أفيغدور ليبرمان، اليوم الثلاثاء للإذاعة العبريّة (كان)، قال إنّ إيران باتت تقوم بنقل الأسلحة الدقيقة جدًا إلى حزب الله عبر مطار بيروت الدوليّ، دون أنْ تفعل تل أبيب شيئًا لمنع ذلك، وأضاف أنّه خلافًا للماضي غير البعيد، فإنّ الأسلحة الإيرانيّة لا تصِل إلى دمشق أولاً وبعد ذلك إلى بيروت، عازيًا السبب في ذلك إلى نكوص قوّة الردع الإسرائيليّة بشكلٍ كبيرٍ، ومُشدّدًا في الوقت عينه على أنّ الأزمة التي اندلعت بين موسكو وتل أبيب بعد إسقاط الطائرة الروسيّة في أيلول (سبتمبر) من العام الجاري، ساهمت إلى حدٍّ كبيرٍ في “تطاول” إيران وتحدّيها لإسرائيل، على حدّ تعبيره.
وفي معرض ردّه على سؤالٍ حول عملية (درع الشمال)، قال ليبرمان إنّه لا يُمكِن تسمية (درع الشمال بعمليّة لسببين: الأوّل أنّها تجري في الأراضي الإسرائيليّة، والثاني أنّ إسرائيل لم تُطلِق رصاصةً واحدةً في هذه العمليّة، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ نتنياهو يستغّل الـ”عملية” لمآربه الشخصيّة والسياسيّة، وحوّلها إلى استعراضٍ لا يبعد كثيرًا عن السيرك، وفق أقواله.
في السياق عينه، نقل مُحلّل الشؤون العسكريّة في صحيفة (هآرتس) العبريّة، عاموس هارئيل، عن مصادر أمنيّةٍ رفيعةٍ جدًا في تل أبيب، قولها إنّ عملية (درع الشمال) دخلت إلى المرحلة التي أسماها بالمُتفجرّة، لافتًا إلى أنّ إسرائيل بدأت تعمل في الأراضي اللبنانيّة أمام الجيش اللبنانيّ وحزب الله، وحذّرت المصادر عينها من أنّ أيّ خطأ في التقدير سيؤدّي حتمًا إلى اندلاع حرب لبنان الثالثة.
وتابعت المصادر قائلةً إنّه بعد مرور عدّة أيّامٍ على العملية وارتباك الحكومة اللبنانيّة، رصدت أجهزة المُخابرات الإسرائيليّة معلوماتٍ وثيقةٍ مفادها أنّ الحكومة اللبنانيّة بصدد تحضير ردٍّ على العملية، خاصّةً وأنّ إسرائيل تعمل في المناطق اللبنانيّة، التي تدّعي أنّها تابعةً لسيادتها بموجِب قرارات الأمم المُتحدّة، في حين تقول لبنان إنّ هذه الأراضي تابعةً لها، وفقط لها.
ومضى المُحلّل هارئيل، نقلاً عن المصادر نفسها في تل أبيب، أنّ هذه الأمور تحدث على خلفية الصمت المُريع لحزب الله، والذي خلافًا للتوقعّات الإسرائيليّة، لم يتطرّق لا من قريبٍ ولا من بعيدٍ إلى العملية الإسرائيليّة، الأمر الذي لا يُبشّر خيرًا، على حدّ تعبيرها.
على صلةٍ، زعمت صحيفة “ماكور ريشون” العبريّة-اليمينيّة، نقلاً عن مصادر واسعة الاطلاع في تل أبيب، أنّ إيران بعد عامين على انطلاق مشروع تمركزها في سوريا لبناء جبهةٍ أخرى ضدّ إسرائيل من الشرق، غير حزب الله في الشمال، بدأت تُقلّص من وجودها العسكريّ في سوريّة، وتحديدًا الوجود الهادف إلى إلحاق الضرر بإسرائيل.
وجاء في التقرير أنّ انخفاض عدد الهجمات الإسرائيليّة في سوريّة ضدّ إيران هي نتيجة لتغيير حسابات إيران بالنسبة لمشروع تمركزها في سوريّة، لافتًا إلى أنّ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو كان قد أكّد خلال جولةٍ عسكريّةٍ عند الحدود مع لبنان، على أنّ إيران قلصّت من قواتها في سوريّة بصورةٍ ملحوظةٍ.
ولفت التقرير إلى أنّه في العاشر من أيّار (مايو) الفائت، كان بمثابة نقطةٍ مفصليّةٍ في حرب إسرائيل ضدّ التمركز الإيرانيّ في سوريّة، حينها تمّ قصف عشرات المواقع التابعة لإيران في سوريّة حسب الجيش الإسرائيليّ، الأمر الذي دفع إيران إلى فهم الرسالة الإسرائيليّة أنّها لن تقبل بالوجود الإيرانيّ فبدأت تُغيّر في حساباتها، كما ادعّت المصادر في تل أبيب.
وعلاوةً على التصدّي الإسرائيليّ الحازم، جاء في التقرير، أنّ الضغط الروسيّ على إيران بوقف مشاريعها العسكريّة في سوريّة، وبشكلٍ خاصٍّ بعد إسقاط طائرة الاستخبارات الروسية بواسطة الدفاعات السورية، أثرّ كذلك في صناع القرار في إيران.
وشدّدّت الصحيفة على أنّ المخطط الإيرانيّ في سوريّة كان يقضي بجلب 100 ألف مقاتلٍ شيعيٍّ، وبناء قوّةٍ بحريّةٍ، بهدف خلق جبهة ضدّ إسرائيل، وقد زادت إيران من جهودها لتنفيذ المخطط بتقدّم الجيش السوريّ واندحار داعش من سوريّة، لكنّ إسرائيل كشفت الخطة الإيرانيّة منذ البداية، وعقدت العزم على إحباطها.
ولفتت المصادر عينها إلى أنّ إيران قررت العودة إلى مشروعها الأصليّ ضدّ إسرائيل، وهو تركيز جهودها على تعاظم قوة حزب الله وبناء مشروع الصواريخ الدقيقة للمنظمة اللبنانيّة، لكن هذه الجهود لم تسجل نجاحًا كبيرًا حتى الآن لتصدي إسرائيل له، على حدّ تعبيرها.
في سياق ذي صلة، قال رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو أمس في حديثٍ مع المُراسلين إنّه أبلغ السفراء الأجانب بتل أبيب إنّه يجب عليهم أنْ يدينوا بشكلٍ لا لبس فيه هذا العدوان الذي تُمارِسه إيران ومنظمتا حزب الله وحماس وبطبيعة الحال عليهم أيضًا تشديد العقوبات على هذه الأطراف.
وتابع: عملية (درع الشمال) لا تزال في مراحلها الأوليّة ولكن في ختامها سلاح الأنفاق الذي بذل حزب الله جهودًا جبارّةً على تطويره سيزول ولن يكون فعّالاً، مُضيفًا: إسرائيل تتوقع أنْ تتّم إدانة حزب الله بشكلٍ لا لبس فيه وتفرض عليه عقوبات إضافية. كما نتوقع أنّه ستكون هناك إدانة للحكومة اللبنانية وأنْ يطالبوها بأنْ تتوقّف عن سماحها باستخدام أراضيها لشن مثل هذه الاعتداءات على إسرائيل.