Elqalamcenter.com

"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

إسرائيل تُقّر رسميًا بفشلٍ إستراتيجيٍّ بعملية خان يونس وتُعيّن لجنةً خاصّةً برئاسة جنرال للتحقيق بالإخفاق المُدّوي وقرارات بإبعاد ضباطٍ وجنودٍ من مناصبهم

الناصرة – “رأي اليوم” :

بعد أنْ أعلنت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكريّ لحركة “حماس″، أنّ “معلومات شعبيّة” تُساعِدَهم في تتبّع خيوط عملية تسلّل القوّة الإسرائيليّة لقطاع غزة، في الحادي عشر من تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، سمحت الرقابة العسكريّة الإسرائيليّة أمس الثلاثاء، في خُطوةٍ لافتةٍ للغاية، سمحت لمُحلّل الشؤون العسكريّة في القناة العاشرة بالتلفزيون العبريّ، ألون بن دافيد، الكشف عن أنّ القائد العّام لجيش الاحتلال الإسرائيليّ، الجنرال غادي آيزنكوط، قام بتعيين لجنةٍ خاصّةٍ برئاسة الجنرال نيتسان ألون، لفحص الإخفاق الذي ميّز العملية.

وقال بن دافيد أمس في نشرة الأخبار المركزيّة، نقلاً عن مصادر أمنيّةٍ رفيعةٍ في تل أبيب، قال إنّ العملية المذكورة كُشِفت من قبل قوّات حماس، مُشدّدًا في الوقت عينه على أنّ حماس تمكّنت من مُصادرة ألأغراض الشخصيّة لعددٍ من أفراد الوحدة الخاصّة والنُخبويّة التي فشلت في تنفيذ العملية المذكورة، دون أنْ يُفصِح عن اسم الوحدة أوْ التفاصيل الأخرى عن العملية وأهدافها التي لم تتمكّن الوحدة من تحقيقها في تلك الليلة الـ”ظلماء”.

وتابع المُحلّل الإسرائيليّ قائلاً إنّ لجنة التحقيق المهنيّة برئاسة الجنرال ألون، ستقوم بالتحقيق في ظروف العملية، وسبب فشلها المًدّوي، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ هذا الفشل سيُلقي بظلاله السلبيّة على عملياتٍ إسرائيليّةٍ أخرى في عددٍ من الدول الأعداء في منطقة الشرق الأوسط، بسبب كشف حماس لها، لافتًا إلى أنّ هذا الأمر يُقلِق الجيش الإسرائيليّ جدًا، لأنّه على الصعيد الإستراتيجيّ سيُلحِق أضرارًا جسيمةً بالعمل وراء خطوط العدوّ بصورةٍ سريّةٍ، على حدّ تعبيره.

وللتدليل على عُمق المأزق الذي تعيشه إسرائيل عسكريًا وأمنيّا، يُمكِن الاستعانة بما قاله المُحلّل نقلاً عن المصادر الرفيعة في تل أبيب، والتي أكّدت على أنّ اللجنة، التي باشرت التحقيق في الفشل الإسرائيليّ، ستضطر إلى تقدمة توصياتٍ بإقالة ضباط كبار من الجيش وإبعادهم من مناصبهم الحساسّة، مُشيرًا إلى أنّه حتى الآن لم يتمكّن جيش الاحتلال من معرفة كيفية وصول المعلومات الشخصيّة للضباط والجنود، الذين شاركوا في العملية، إلى أيدي حركة (حماس).

إلى ذلك، كشفت صحيفة (هآرتس) العبريّة، عن إجراءاتٍ وتحقيقاتٍ إسرائيليّةٍ سريّةٍ، تجري لمعرفة كيف تمّ كشف القوّة الخاصّة التي تسللّت لشرقي خان يونس، ما تسبب بفشل العملية السريّة التي لم يُكشَف عن طبيعتها. وأكدت الصحيفة في تقريرٍ نشرته لمُحلّل الشؤون العسكريّة، عاموس هرئيل، أنّ لجنة الخارجيّة والأمن التابعة للكنيست، طلبت الحصول على تقريرٍ سريٍّ حول ظروف العملية الخاصّة للجيش في قطاع غزّة التي قتل فيها قبل نحو أسبوعين ضابطا وأصيب آخر في اشتباك مع عناصر حماس، على حدّ تعبيره.

وكانت الرقيبة العسكريّة، الجنرال أرئيلا بن أفراهام، قد اضطرّت لنشر بيانٍ “تستجدي” فيه وسائل الإعلام بعدم نشر تفاصيل عن العملية، وذلك بعد أنْ اجتاح الخبر الذي أطلقته حماس منصّات التواصل الاجتماعيّ الفلسطينيّ والإسرائيليّ على حدٍّ سواء، وقالت الرقيبة موجهةً حديثها إلى المُستخدمين الإسرائيليين إنّه بغضّ النظر عن موثوقية المعلومات نطلبُ مِنكَ عدم نشر الصور أوْ تحديد المعلومات الشخصيّة أوْ المعلومات الأخرى التي لفتت انتباهك، وذلك يشمل وسائل الإعلام، الشبكات الاجتماعيّة، مجموعات (واتساب) وأيّ منصّة وسائط أخرى، مُضيفة في الوقت ذاته أنّ الرقابة العسكريّة لن تُعلّق على مصداقية الصور التي نشرتها حماس، على حدّ تعبير بيان الرقيبة العسكريّة الإسرائيليّة.

مُضافًا إلى ما ذُكر أعلاه، فإنّ الإعلام العبريّ التزم بتعليمات الرقيبة وأعاد نشر الصور مُظللة مع الالتزام بنشر البيان الذي أصدرته الرقيبة العسكريّة، ولكنّ التعليقات تقول إنّ إعادة نشر الصور ولو مُظللة دفع مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعيّ الإسرائيليين للسعي لمشاهدة الصور الأصليّة على المنصّات الفلسطينيّة، وهذا الأمر بحدّ ذاته يُعتبر إنجازًا لحماس في الحرب النفسيّة بينها وبين إسرائيل.

يُذكر أنّه رغم وجود سيناريوهات متعدّدّة، إلّا أنّ الجيش الإسرائيليّ لم يُعلِن حتى الساعة رسميًا عن الغرض من تلك العملية التي رجحت معظم التقارير أنّها عملية استخباراتية ليس الغرض منها قتل أوْ اختطاف عناصر من المقاومة.

إذن، الصدمة، والتدّخل الحاسِم والصارِم للرقابة العسكريّة، لمنع النشر، كانتا هما السِمتان اللتان ميّزتا ردّ الفعل الإسرائيليّ، على قيام (حماس) بنشر صور الفريق الإسرائيليّ الذي نفذّ مُحاولة الاختراق في خان يونس، وهي العملية التي أدّت إلى ردٍّ عنيفٍ من المقاومة الفلسطينيّة، تمّ خلاله إطلاق أكثر من 520 صاروخًا وقذيفةً باتجاه جنوب الدولة العبريّة، وانتهى بهزيمةٍ إسرائيليّةٍ مُجلجلةٍ، تجلّت بوضوحٍ في استقالة وزير الأمن المُتشدّد، أفيغدور ليبرمان، فيما كانت النتيجة المُباشِرة للعملية مقتل قائدها، نائب وحدة “ماغلان”، التابعة لجيش الاحتلال، وجرح أحد أفرادها، وهذا على الأقل حسب اعتراف الناطق بلسان الجيش. يُشار إلى أنّ الوحدة المذكورة، هي من الوحدات المُختارة والنُخبويّة في الجيش الإسرائيليّ، وعلى الأغلب تبقى عملياتها طيّ الكتمان.

عُلاوةً على ذلك، فإنّه بعد مرور حوالي الأسبوعين على العملية الفاشِلة ما زالت الرقابة العسكريّة في تل أبيب ترفض رفضًا قاطِعًا السماح لوسائل الإعلام بنشر أيّ تفصيلٍ عن القتيل الإسرائيليّ في العملية، كما أنّ اسمه ومكان سُكناه وتفاصيله العائليّة ممنوعةً من النشر، إذْ “يكتفي” الإعلام العبريّ بالإشارة إليه بالضابط (ميم)، وفق الأوامر الصادِرة من الرقابة العسكريّة.