"يابنى كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا"..الإمام علي (عليه السلام)

ما لا تعرفه عن اليهود وتاريخهم وأصلهم

ساسة بوست :

أصبح اليهود في هذه الأيام يمثلون جزءاً رئيسياً في تاريخ وسياسة العرب والمسلمين بسبب احتلال اليهود لأرض فلسطين وصدامهم الدائم مع العرب عبر الصدامات العسكرية المباشرة أو عبر الألاعيب ومحاولات الهيمنة الاقتصادية والسياسية.

من هم اليهود وما هي قصتهم وهل هم مجموعة واحدة وعلى ماذا تبنى عقيدتهم؟

اليهود وبنو إسرائيل

العبرانيون هم خليط من الشعوب السامية القديمة التي يعود نسبها إلى سام بن نوح هم الذين استقروا في أرض كنعان القديمة وتألف منهم الآراميون والعموريون والآشوريون والأموريون والعماليق وبعض الهكسوس أيضاً.

طبقاً لهذا التعريف فإن نبي الله إبراهيم وأبناءه هم عبرانيون، واتضح أيضاً أن العبرانيين لم يقتصر نسبهم على بني إسرائيل كما هو شائع الآن.

تلك القبائل العبرانية تم توحيدها جميعاً في مملكة متحدة زمن الملك شاول، وهو أول ملوك دولة إسرائيل القديمة الكبرى والذي ذكره القرآن الكريم باسم طالوت، تلك المملكة احتوت على جميع أسباط بني إسرائيل الـ12 ، وهم سلالة أبناء نبي الله يعقوب وكان عددهم 12 ابنًا.

تلك المملكة ظلت موحدة لقرابة قرن من الزمان في أزمنة ملوكها الثلاثة شاول وداوود وسليمان، ثم انشطرت إلى دولتين بعد وفاة النبي سليمان، دولة إسرائيل الشمالية والتي ضمت قبائل 10 من الأسباط وعاصمتها السامرة، ودولة يهوذا في الجنوب والتي ضمت قبيلتين أبرزهما شأناً ووضوحاً قبيلة يهوذا، وعاصمتها أورشليم.

دولة إسرائيل الشمالية سقطت عام 722 قبل الميلاد على يد الآشوريين ليختفي من الوجود وإلى الأبد تسع قبائل ونصف من قبائل الأسباط الاثني عشر.

دولة يهوذا الجنوبية (ومنها جاء اسم اليهود) ظلت هي القائمة كآخر المجموعات اليهودية حتى عام 587 قبل الميلاد حيث تدمرت الدولة على يد البابليين وتم اقتياد أهلها كأسرى وسبايا إلى مملكة بابل. هؤلاء اليهود لم يذوبوا في المجتمع البابلي ولكنهم احتفظوا بأنفسهم ككيان مستقل ولم ينصهروا مع المجتمع المحيط كما انصهر أبناء دولة إسرائيل الشمالية.

وبعدما غزا الملك الفارسي قورش الدولة البابلية عاد أبناء يهوذا مرة أخرى إلى أورشليم ليصبحوا هم آخر من تبقى من نسل نبي الله يعقوب.

بالتالي فإن كلمة بني إسرائيل هي كلمة جامعة لجميع قبائل الأسباط الاثني عشر، بينما اليهود الذين عادوا إلى أورشليم فإن معظمهم كانوا من قبيلة يهوذا بالإضافة لأقلية من قبيلتي بنيامين واللاويين وبالتالي فإن اليهود هم جزء يسير باق من بني إسرائيل وغالبيتهم تتكون من قبيلة يهوذا بن يعقوب، لذلك فمن الأفضل هنا أن يتم إطلاق اسم اليهود عليهم وليس بني إسرائيل.

هذه التسمية تمت ملاحظتها في خطاب القرآن الكريم، فعندما كان القرآن يتحدث عن تاريخهم كله حتى زمن النبي سليمان نجد أن القرآن يذكرهم باسم بني إسرائيل، بينما استخدم القرآن كلمة اليهود (نسبة لسبط يهوذا) إذا ما ذكرهم بعد مرحلة السبي البابلي.

اليهود ليسوا يهودًا

في أوائل القرن الثامن الميلادي كان العالم منقسمًا إلى قوتين عظمتين هما الدولة الإسلامية والدولة الرومانية المسيحية.

في ذلك الوقت ظهرت قوة ثالثة معادلة للقوتين العظمتين سواء أكانت خصمًا لإحداهما أو كانت حليفًا لها. هذه القوة تمثلت في إمبراطورية الخزر التي كانت تحاول الاحتفاظ باستقلالية عن القوتين الأخريين، وكان هذا معناه أن تتخذ لنفسها ديناً آخر غير المسيحية أو الإسلام حتى لا تخضع تلقائياً لإمبراطور روما أو لسلطان بغداد.

الديانة التي كان عليها الخزر كانت عتيقة وعاجزة عن إضفاء السلطة الروحية والشرعية للزعماء كما تفعل الديانتان الإسلامية والمسيحية، هنا وجد ملك الخزر أن اليهودية هي الأفضل نظراً لأن لها كتبها المقدسة التي احترمها المسيحيون والمسلمون كما أن اعتناق اليهودية سيسمو بالخزر فوق البرابرة والوثنية. وقد سهل اعتناق الخزر لليهودية وجود أعداد كبيرة من اليهود على أراضيهم هرباً من الاضطهاد الروماني مما ساعد على معرفة حكام الخزر بهذه العقيدة على مر السنين.

في فترة اضمحلال إمبراطورية الخزر، هاجر العديد من سكانها اليهود إلى مناطق مختلفة من أوروبا الشرقية والتي ساهمت في إقامة المراكز اليهودية الكبيرة في شرق أوروبا خصوصاً في أوكرانيا وجنوب روسيا والمجر وبلغاريا وبولندا.

بالتالي أصبحت منطقة شرق أوروبا هي مهد الجزء الأكبر من الشعب اليهودي الحديث من حيث الكم أو من حيث الثقافة العالية، حيث كان شعب الخزر يتميز بثقافته العالية وتعليمه العالي.

في المقابل كان أغلب اليهود المنحدرين من أصل سامي (يهوذا) موجودين في شبه الجزيرة الأيبيرية والتي تمثل إسبانيا والبرتغال حالياً والذين يطلق عليهم اسم السفرديم (هذا بالإضافة لبعض اليهود في الدول العربية الذين يعود أصلهم لبني إسرائيل أيضاً). هؤلاء في القرن الخامس عشر تم طردهم ليستقروا في البلاد المطلة على البحر المتوسط وفي البلقان وبدرجة في دول أوروبا الغربية مثل ألمانيا وإنجلترا وفرنسا، ولكن كانت أعدادهم قليلة جداً مقارنة بأعداد يهود الخزر الذين هاجروا إلى دول أوروبا الشرقية، بالإضافة إلى أن بعض الأحداث الخاصة باضطهاد اليهود الأصليين في إنجلترا وألمانيا وفرنسا بسبب جشعهم وسيطرتهم على الاقتصاد وما تلا ذلك من انتشار الطاعون بأوروبا وتحميل هؤلاء اليهود المسئولية عن انتشاره نتيجة لكره شعوب أوروبا الغربية لهم جعل أعداد اليهود الأصليين تتناقص بشكل واضح.

مع نهاية القرن السادس عشر وعلى مدار 3 قرون تقريباً حتى الحرب العالمية الثانية شهدت أوروبا موجة هجرة ونزوح كبيرة لليهود من دول أوروبا الشرقية نتيجة الاضطهاد وسوء المعاملة إلى دول أوروبا الغربية مثل ألمانيا لتنضم إلى القلة القليلة المتبقية من اليهود الأصليين السفرديم.

نتيجة لهذا يتضح، وطبقاً لدراسات المؤرخين البولنديين، أنه في الأزمنة المبكرة نشأت الكتلة الأساسية من اليهود أصلاً من بلاد الخزر، وليس من فلسطين.

في عام 1960م على سبيل المثال قدر عدد اليهود السفرديم بحوالي نصف مليون يهودي مقابل 11 مليون يهودي من يهود الأشكناز وهم اليهود الذين تعود أصولهم إلى أوروبا الشرقية أو إلى يهود الخزر بشكل أكثر دقة.

جدير بالذكر أن الخزر يرجعون نسبهم إلى يافث بن نوح وليس إلى سام، وذلك يضرب فكرة معاداة السامية التي يتبناها اليهود في مقتل.

اليهود منقسمون على مر التاريخ

يقول الدكتور عبد الوهاب المسيري في موسوعته “اليهود واليهودية والصهيونية” أن اليهود يفترضون أن هناك “وحدة يهودية” تربط أعضاء الجماعات اليهودية في كل زمان ومكان. وأن هذه الوحدة تتمثل في وحدة الشخصية والهوية والسلوك وفي القومية اليهودية والشعب اليهودي الواحد والتاريخ اليهودي الواحد.

ويقول اليهود أيضاً أنهم حافظوا على هذه الوحدة منذ خروجهم من مصر الفرعونية وحتى يومنا هذا. ووضع اليهود عدة تفسيرات لهذه الوحدة منها أن مصدر هذه الوحدة هو حلول الروح الإلهية وكمونها في الشعب اليهودي.

لكن المسيري يفند هذه الادعاءات حيث أخذ يعطي الأمثلة على الانقسامات التي شهدها اليهود فيما بينهم على مر التاريخ وحتى الآن.

البداية كانت في الانقسام بين دولة إسرائيل الشمالية ودولة يهوذا الجنوبية في عبادة الإله (يهوه) وهو إله محارب أم الإله (بعل) وهو إله الخصب. والإله بعل ليس إلهًا واحدًا بل مجموعة آلهة أخذها العبرانيون عن الكنعانيين وهي آلهة تتزواج فيما بينها. وكان العامة يلجؤون إلى يهوه في المناسبات القومية ويلجؤون إلى بعل في حياتهم اليومية.

انقسم اليهود في القرن الأول قبل الميلاد دينياً إلى صدوقيين (رفضوا الاعتراف بقدسية التوراة سوى أول خمسة أسفار للعهد القديم وأنكروا باقي الأسفار)، وفريسيين (وكانوا يعتبرون أنفسهم أكثر قدسية عن الشعب وكانوا متشددين في التفسير)، وأسينيين (هم الأتقياء الورعون الصامتون الذين اعتزلوا الناس للعبادة في الكهوف والمغارات).

ثم ظهرت الحركات الاحتجاجية ضد المؤسسة الحاخامية (الحاخامية عند اليهود هي مقابل للبابوية عند المسيحيين) وكان اسمها الحركات المشيحانية وآخرها كانت حركة تسمى الحسيدية.

انفصل عدد من الجماعات اليهودية عن اليهودية الحاخامية مثل يهود الفلاشاه (اليهود الذين تركوا تعاليم دينهم واتبعوا النصرانية وأغلبهم في أثيوبيا) ويهود الهند.

في العصر الحديث انقسمت اليهودية إلى فرق متعددة مثل اليهودية الإصلاحية واليهودية المحافظة واليهودية التجديدية واليهودية الأرثوذكسية واليهودية الأرثوذكسية الجديدة.

كذلك هناك انقسام على المستوى الديني بين اليهود الأشكناز واليهود السفارد.

وكما يحدث في الديانات الأخرى فإن كثيرًا من هذه الفرق يكفر بعضها البعض.