نشر مركز أبحاث “بيو” الأمريكي، الخميس 30 نوفمبر، دراسة حول توقعات ارتفاع عدد المسلمين في أوروبا بحلول عام 2050.
وبحسب موقع (la croix) الفرنسي، فإن هذه الدراسة تقوم على ثلاثة إسقاطات، استناداً إلى معدّل الهجرة في السنوات المقبلة.
وبإسقاط هذه الدراسة الاستقصائية التي أجراها مركز بيو على أساس سيناريو الهجرة المرتفع، فإن فرنسا، التي يُقدّر عدد المسلمين فيها اليوم بـ 5.7 ملايين نسمة، يمكن أن تصل إلى 13.2 مليون نسمة بحلول سنة 2050.
ويشير آخر استطلاع للمعهد الأمريكي إلى تزايد عدد المسلمين في دول الاتحاد الأوروبي الـ 28، بالإضافة إلى النرويج وسويسرا، بحلول 2050، بغضّ النظر عن مستوى الهجرة.
وبحسب الدراسة، فإنه قبل عام 2010 كان معدّل الهجرة (صفر)، في حين شهدت الفترة بين 2010 و2015 تدفّقاً متوسّطاً للمهاجرين، أما الإسقاط الأخير مع الهجرة العالية فهو وفقاً لمتوسط تدفّق اللاجئين نتيجة الحروب في الكثير من الدول الإسلامية، بين عامي 2014 – 2016.
وينبغي أن تأخذ الدراسة بعين الاعتبار بعض الاحتياطات الاعتيادية؛ لأنّ مصطلح “مسلم” يُستخدم بمعنى واسع، ويجمع الممارسين للمعتقدات الإسلامية وغير الممارسين لها، والأرقام المقتبسة هي مجرد تقديرات، كما هو الحال في فرنسا.
اقرأ أيضاً :
حزب سويدي ينهي عضوية أحد أفراده لاعتباره المسلمين “ليسوا بشراً”
وكذلك بإمكان بعض الناس تغيير دينهم أو التخلّي نهائياً عنه، كما تشير الدراسة إلى توقعات قائمة على تدفّقات الهجرة، التي قد تتطوّر نتيجة تغييرات في سياسات البلد المضيف، وتنوّع بلدان المنشأ للمهاجرين.
وأمام هذه التوضيحات التي تم إجراؤها، تميل الدراسة إلى إظهار أنه بغضّ النظر عن مستوى الهجرة، فإن عدد السكان المسلمين سيستمرّ في النمو؛ نتيجة صغر السّن مقارنة بغيرهم، ومعدل الخصوبة لديهم أعلى، على عكس نظرائهم الآخرين من الأوروبيين.
وأمام سيناريو بدون الهجرة، فإن عدد المسلمين يزداد من 4.9% (25.8 مليون نسمة) في العام 2016، إلى 7.4% (35.8 مليون نسمة) في 2050، وتكون فرنسا الدولة التي تضمّ أكبر عدد للمسلمين بنسبة 12.7%، باستثناء قبرص؛ بسبب الوجود التاريخي للأتراك المسلمين.
وعلى اعتبار سيناريو مستوى متوسط للهجرة، فإن عدد المسلمين يتزايد إلى 11.2% (57.9 مليون نسمة)، وباستثناء قبرص أيضاً، تكون السويد في المرتبة الأولى في نسبة تزايد عدد المسلمين إلى 20.5%، تليها بريطانيا العظمى بـ 16.5%.
ومع ارتفاع مستوى الهجرة، فإن نسبة المسلمين تصل إلى 14% (75.5 مليون نسمة) مطلع 2050، ويتزايد عدد مسلمي السويد إلى 30.6%، وألمانيا (17.5 مليون نسمة)، والتي تفوّقت على بريطانيا العظمى (13.5 مليون نسمة).
ووفقاً لدراسة سابقة لمركز بيو الأمريكي، التي أُجريت بين عامي 2010 و2016، حول تصنيف تدفّق المهاجرين وفقاً لدين البلد المنشأ والبلد الأصلي، فإن 53% من المهاجرين إلى أوروبا مسلمون.
حيث قُدّر عدد المهاجرين خلال هذه الفترة بـ 7 ملايين شخص (من غير 1.7 مليون من طالبي اللجوء الذين رُفضوا أو يجب رفضهم)، منهم 3.7 ملايين مسلم، و1.9 مليون مسيحي.
ويفسّر التقرير الإفراط الكبير في تزايد المسلمين بأوروبا بتدفّق 670.000 لاجئ سوري إلى أوروبا (بحكم أن سوريا أغلب سكانها يدينون بالإسلام)، وتعدّ المغرب وباكستان وبنغلاديش وسوريا، ذات الأغلبية المسلمة، الأربع دول الأكثر تعرّضاً لهجرة شعوبها.
– اندماج يتقدّم ورفض يستمرّ
ليس ببعيد عن تقرير مركز بيو الأمريكي، فإن موقع “لاكروا” الفرنسي قد نشر تقريراً بتاريخ 24 أغسطس الماضي، بعنوان: “إدماج المسلمين في أوروبا يتقدّم لكن رفضهم مستمرّ”.
حيث تضمّن دراسة قام بها موقع “برتلسمان ستيفتونغ”، نُشرت الخميس 24 أغسطس، حول التقدّم المحرز لإدماج المسلمين في أوروبا الغربية، ومع ذلك فإن الشعور بالضيق من قبل السّكان المحليين في مواجهة الخلافات الدينية مستمرّ.
كما تضمّن تقرير لاكروا دراسة مماثلة لمعهد مونتيورديس ريليجيونس، والذي يستند في دراسته على خمس دول مهمّة؛ وهي: فرنسا وألمانيا وسويسرا والنمسا والمملكة المتحدة، والذي توصّل إلى وجود حدود أمام قبول الدين الإسلامي بين شعوب هذه الدول.
اقرأ أيضاً :
حفل ساخر في لندن يعلن أسماء الفائزين بـ”الإسلاموفوبيا”
وتوصّلت الدراسة إلى الاندماج السريع للمهاجرين المسلمين، وخاصة الجيل الثاني، حيث يميلون للعيش بلغة البلد المضيف، ومحاولتهم تكوين علاقات وطيدة مع جيرانهم من غير المسلمين. كما تتصدّر فرنسا دول أوروبا من حيث توفيرها لفرص تعليم للمهاجرين المسلمين.
وبصفة عامة، ينصّ التقرير على أن رفض المسلمين قوي، بشكل خاص في النمسا، حيث أكثر من شخص غير مسلم من أربعة لا يريد أن يكون له جيران مسلمون.
كما دعا التقرير إلى اتّباع ثلاث طرق من أجل تعزيز هذا الاندماج وتقبّل المسلمين؛ أولاً تكافؤ الفرص على جميع المستويات، وتعزيز مجتمع يعترف بالتنوّع الثقافي والديني، وعدم التضييق على التمثيل المؤسّسي الإسلامي، كما هو الحال للكنائس والمعابد وغيرها من المؤسّسات الدينية.
وهنا يُطرح تساؤل عن إمكانية أن يصغي السكان المحليون للقارة العجوز لهذه التوصيات، أمام تزايد المسلمين الذي فرضته الظروف بأوروبا، وإمكانية أن نشهد في المستقبل مجتمعاً أوروبياً متجانساً يعيش فيه الإسلام جنباً إلى جنب مع باقي الأديان دون أي مظهر من مظاهر التمييز.