النائب في الكنيست الإسرائيليّ، آفي ديختر، شغل في السابق منصب قائد جهاز الأمن العّام (الشاباك) ويتفاخر بمُناسبةٍ أوْ بدونها، أنّه هو الذي “اخترع” أوْ “ابتكر” قضية الاغتيالات المُمركزة للناشطين الفلسطينيين. ديختر، عضو لجنة الخارجيّة والأمن، يُعتبر من صقور حزب (الليكود) الحاكِم بقيادة رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، وهو الذي كان المُحرّك الرئيسيّ وراء سنّ قانون القوميّة العنصريّ مؤخرًا في البرلمان الإسرائيليّ، وبسبب ماضيه الـ”حافِل” باغتيال النشطاء الفلسطينيين، فإنّ العديد من التنظيمات المؤيّدة للشعب العربيّ الفلسطينيّ، الفاعلة في القارّة العجوز، تقوم بمُلحقته عبر تقديم دعاوى ضدّه في المحاكم المحليّة هناك بتهم ارتكاب جرائم حربٍ وجرائم ضدّ الإنسانيّة.
وفي أكثر من مرّةٍ كاد يُعتقل في إسبانيا، ولكن الضغط الإسرائيليّ على الحكومة الإسبانيّة جعله ينجو من الاعتقال، كما أنّه ألغى مؤخرًا زيارةً كانت مُقرّرّةً له لإسبانيا، بسبب توجسّه من قيام التنظيمات التي تُعنى بشؤون الاغتيالات وجرائم الحرب باستصدار أوامر اعتقالٍ ضدّه.
وفي السياق عينه، كشف مراسل صحيفة “يسرائيل هايوم” العبريّة، غدعون ألون النقاب عن أنّ النائب ديختر عن حزب الليكود تعرض لإذلالٍ وإهانةٍ وقاسيين، خلال زيارةٍ قام بها إلى البرلمان الأوروبيّ.
و لفتت الصحيفة العبريّة في تقريرها إلى أنّه بعد أنْ قام ديختر بإلقاء كلمته خلال اللقاء الحواريّ السنويّ بين لجنة الاتحاد الأوروبيّ في بروكسل ولجنة الخارجيّة والأمن التابعة للكنيست، صرخ اثنان من أعضاء البرلمان الأوروبيّ عليه واتهماه بأنّه مجرم حرب.
وأردفت الصحيفة العبريّة، أنّ عضو البرلمان الأوروبيّ من البرتغال آنا غوميس قالت: شعور مقزّز ينتابني من استضافة ديختر في البرلمان الأوروبيّ، لأنّه عندما كان رئيسًا لجهاز “الشاباك”، كان مسؤولاً عن سياسة الاغتيالات والتصفيات الجسديّة التي قتل فيها فلسطينيون كثر، دون محاكماتٍ عادلةٍ، في الضفّة الغربيّة وقطاع غزة منذ العام 2001، على حدّ تعبيرها.
وأضافت النائبة البرتغاليّة، بحسب الصحيفة العبريّة، أنّ ديختر تمّ اتهامه بارتكاب جرائم حرب في داخل الولايات المتحدّة ذاتها، وقد أوشك على اعتقاله في بريطانيا بسبب جرائمه هذه عام 2007، كما أنّه هو مَنْ بادر إلى سنّ قانون القوميّة اليهوديّة العنصريّ الذي يُحوّل العرب داخل إسرائيل إلى مواطنين من الدرجة الثانية.
من ناحيته، قال عضو آخر في البرلمان الأوروبي الاسباني خواير فراموي إنّه ليس لديه أسئلة يُوجهها إلى ديختر، لأنّ السؤال الوحيد الذي يجب أنْ يُوجه إليه من قبل هيئة المحكمة يتعلّق بارتكابه لجرائم حرب، مضيفًا: هذا الضيف الإسرائيليّ مجرم حرب، وأصدر بلسانه أوامر وتعليمات بتعذيب الأسرى الفلسطينيين، واتخذ قرارات بقتل نشطاء حماس، وتولّى مسؤولية تفجير منازل المدنيين الفلسطينيين، وهو الذي بادر إلى سنّ قانون القومية القائم على الفصل العنصريّ، بحسب تعبيره.
وتابع النائب الإسبانيّ: الحكومة الإسرائيليّة التي يتبع لها ديختر تمنع أعضاء البرلمان الأوروبيّ من زيارة قطاع غزة، مشيرًا في الوقت عينه إلى أنّه لا يُريد الحديث مع مجرم الحرب ويريد مغادرة القاعة، كما قال.
وغنيٌ عن القول إنّ سجل الدولة العبريّة حافل بالاغتيالات وارتكاب جرائم الحرب وجرائم ضدّ الإنسانيّة، ولم يحدث في تاريخ أيّ جيشٍ عدوانيٍّ استعماريٍّ أنْ يكون عدد الجنود والضباط المتورطين في ارتكاب جرائم حرب ضدّ المدنيين العرب، وخصوصًا الفلسطينيين واللبنانيين، يزيد على مئات الضباط والجنود في الحربين الأخيرتين ضد لبنان والمقاومة عام 2006 وضدّ الفلسطينيين في الحرب التي شنّتها إسرائيل على قطاع غزّة بصيف العام 2014، فالمتهمون المدانون بجرائم الحرب أصبحوا في هاتين الحربين فقط من جميع ألوية الجيش الإسرائيليّ واختصاصاته ومن جميع الرتب العسكريّة ومن بينهم ثلاثة رؤساء أركان ووزير أمن ورئيس حكومة ووزراء ناهيك عن ضباط وجنود آخرين.
ولذلك يستنتج الباحِث (كارل شفارتس) في تحليل نشره مؤخرًا في عددٍ من المواقع الإلكترونية للأبحاث والدراسات أنّ إسرائيل تحولت إلى الدولة الأولى في ارتكاب جرائم حرب في العقود الماضية ولو حوكم ضباطها منذ اجتياح لبنان عام 1982 على هذه الجرائم لفقد الجيش ضباطًا من أهّم الاختصاصات، على حدّ تعبيره.
ولأنّ قيادة الجيش والمستشار القضائيّ للحكومة الإسرائيليّة أدركا خطورة المطالبة بمحاكمة مجرمي الحرب على مستقبل الجيش والدولة فقد وجّها أوامر صارمة بعدم نشر أسماء الضباط من قادة الكتائب والفرق والوحدات التي تُشارِك عادةً في أيّ عملياتٍ انتقاميّةٍ ضدّ الفلسطينيين واللبنانيين، لكي يحول دون تقديم أسمائهم إلى محاكم دوليّةٍ ومحليّةٍ ذات صلاحية بالنظر في محاكمتهم.