هاف بوست :
وفي حين أن الجوارب موجودة منذ العصر الحجري، عندما استخدم إنسان الكهف الفراء أو جلود الحيوانات، يُعتقد أن المصريين القدماء هم المسؤولون عن صناعة أولى الجوارب التي جرت حياكتها وتصميمها من خلال جزء واحد للإصبع الكبير والجزء الآخر للأصابع الأربعة المتبقية وذلك ليتناسب ارتداؤها مع الصنادل.
طوّر علماء بالمتحف البريطاني تقنية تصوير رائدة لاكتشاف الكيفية التي استخدم بها المصريون المغامرون الصبغات على جورب طفل عُثِر عليه في مكب للنفايات في مدينة أنطيونوبوليس القديمة في مصر الرومانية، يرجع تاريخه إلى عام 300 ميلادية.
التصوير متعدد الأطياف
يمكن لتقنية التصوير متعددة الأطياف الجديدة أن تحدد نوعية الصبغات التي جرى استخدامها –نبات الفُوّة (الأحمر)، والوسمة (الأزرق) والبُلَيْحَاء (الأصفر)– لكن أيضاً كيف تمكن الناس في الفترة المتأخرة من العصور القديمة من استخدام الصباغة والحياكة المزدوجة والمتسلسلة، ولَيّ الألياف لخلق عدد لا يحصى من الألوان من مواردهم الشحيحة.
بشكل حاسم، لا تسبب تقنية التصوير تلف المنسوجات. في حين أن إجراء دراسات على المنسوجات القديمة في السابق، باستخدام الكربون المشع الذي يحدد التاريخ الزمني وتحليل الصبغة، كان يتطلب أخذ عينات مادية.
قالت الدكتورة جوان ديير، العالمة بقسم البحث العلمي بالمتحف والتي طوّرت هذه الطريقة، «كان من المثير أن نجد أن الخطوط الملونة المختلفة الموجودة على جورب الطفل جرى تصميمها باستخدام مزيج من ثلاث صِبغات طبيعية فقط».
وأضافت أن عملية التصوير تعتبر أقل تكلفة وأقل استهلاكاً للوقت فضلاً عن كونها طريقة أقل ضرراً لدراسة المنسوجات القديمة. «في السابق، كان عليك أن تأخذ قطعة صغيرة من المادة، من مناطق مختلفة. وهذا جورب يعود تاريخه إلى عام 300 بعد الميلاد. فهو جورب صغير، وهش، ومن الممكن أن تتسبب في إلحاق الضرر بجزء من هذا الغرض. أما مع استخدام تقنية التصوير [متعدد الأطياف] والتقنيات الأخرى، فهي تمنحك مؤشراً أولياً رائعاً للغاية عن ماهية تلك الأشياء».
تتعرف التقنية -التي ستُنشر تفاصيلها هذا الأسبوع في مجلة PLOS ONE- على البريق المتلألئ للصِبغات المختلفة وتستخدم المجهر الرقمي لفحص الألياف. وهي تسمح بفحص المزيد من المنسوجات، مما يضيف طبقة غنية بالاكتشاف لفهم مدى تأثير الأحداث في تلك الفترة على الناس.
وتابعت ديير قائلةً، «وهذا يعني أنه يمكننا أن ننظر إلى مجموعة أكثر وأكبر تنوعاً من الأغراض. ويمكننا أن نرى العلاقة بين المزيد من الأغراض والفترات الزمنية المختلفة. يعد العصر القديم المتأخر من الفترات الطويلة جداً، إِذْ يمتد من عام 200 بعد الميلاد إلى عام 800 بعد الميلاد. في غضون تلك الفترة في مصر، وقعت الكثير من الأحداث. كان هناك الفتح العربي، ورحيل الرومان عن مصر. وأثرت هذه الأحداث على الاقتصاد، والتجارة، وإمكانية الوصول إلى المواد، والتي انعكست جميعها في الهيئة الفنية لما يرتديه الناس وكيفية صناعتهم لهذه الأغراض».