في إطار مساعيها لشيطنة النظام السوريّ قُبيل معركته الأخيرة لاستعادة السيطرة على مدينة إدلب وريفها، وهي المعقل الأخير الذي ما زال تحت سيطرة ما يُطلَق عليها المُعارضة السوريّة المُسلحّة، في هذا الإطار تعمل إسرائيل بشتّى الطرق والوسائل العسكريّة والسياسيّة، وأيضًا عبر إعلامها المًتطوّع لصالح الأجندة الصهيونيّة.
وفي هذا السياق، كان لافتًا للغاية أنْ تتمكّن القناة العاشرة في التلفزيون العبريّ من إجراء مقابلةٍ ببتً حيٍّ ومُباشرٍ بالصوت والصورة من المدينة المُحاصرة، مع ناشط سوريّ، اسمه فضل، وخلافًا للقاءاتٍ سابقةٍ مع وسائل إعلام إسرائيليّة، حيثُ كان المُعارِض السوريّ، يطلب عدم نشر اسمه أوْ صورته، فإنّ المدعو فضل لم يشترط أيّ شيءٍ، وهكذا عرضه التلفزيون الإسرائيليّ حتى بدون تغطية الوجه أوْ تشويش الصوت.
وخلال اللقاء، الذي جرى باللغة العربيّة، وتمّت ترجمته بطبيعة الحال للغة العبريّة، عبّر المُعارِض السوريّ عن خشيته من هجوم الجيش العربيّ السوريّ على المدينة، وشدّدّ على أنّ المُعارضَة تنتظر بفارغ الصبر أنْ تقوم الولايات المُتحدّة الأمريكيّة بلعب دورٍ فعّالٍ لمنع جيش الأسد، على حدّ تعبيره، من البدء بالهجوم المُحتمل على المدينة.
وفي معرض ردّه على سؤال المذيعة قال المًعارِض السوريّ إنّ جميع السكّان في المدينة يخشون ويتوجسون من الهجوم، زاعمًا في الوقت عينه أنّ المُعارضة تلقّت أنباءً مؤكّدةً من ريف حلب الجنوبيّ، المُتاخم لشرق ريف إدلب، والقريب من مركز المدينة، عن تواجد ميليشياتٍ إيرانيّةٍ كثيرةٍ، والتي بحسب أقواله، بالنسبة لها، فإنّ القتال بشكلٍ خاصٍّ، والحرب بصورةٍ عامّةٍ، هما على أساسٍ مذهبيٍّ فقط، كما أكّد فضل للتلفزيون الإسرائيليّ.
وسألته المُذيعة فيما إذا كانت قوّات المُعارضة في المدينة ستُقاتِل ضدّ جيش الأسد، على حدّ تعبيرها، فأجاب قائلاً: إنّ النظام السوريّ حتى اللحظة انتهج سياسة الأرض المحروقة في الحرب ضدّ المُعارضَة، وعلى وجه التحديد في كلٍّ من الغوطة الشرقيّة وفي درعا أيضًا، ولكن في إدلب، أضاف، هناك العديد من المُقاتلين، الذين يصل عددهم وفق التقديرات إلى ألآلاف، والذين هم على استعداد للقتل حتى الرمق الأخير، بحسب تعبيره. بالإضافة إلى ذلك، عبّر عن رغبته في أنْ تُسفِر الاتصالات الدوليّة، خصوصًا بين تركيّا من جهةٍ وبين إيران وروسيا من الطرف الآخر عن الإعلان عن إقامة مناطق عازلةٍ وآمنةٍ، كما قال.
وبعد انتهاء اللقاء مع المُعارِض السوريّ، قال مُحلّل الشؤون العربيّة في القناة العاشرة، حيزي سيمانطوف، إنّ إدلب كانت بالنسبة للمُعارضَة السوريّة وبالنسبة للأمريكيين أيضًا المعقل الأخير والأقوى، حيث قامت الولايات المُتحدّة الأمريكيّة، أضاف المُحلّل، هناك، أيْ في المدينة، بتدريب المُتمرّدين، ولكن الآن فشلت الثورة، والآن سيتّم احتلال إدلب بوحشيّةٍ بالغةٍ من قبل السوريين والروس، على حدّ تعبيره.
وتابع المُحلّل الإسرائيليّ قائلاً إنّ المؤسستين الأمنيّة والسياسيّة في تل أبيب تُتابعان عن كثبٍ التطورّات والمُستجدّات الأخيرة في المدينة، لافتًا في الوقت نفسه إلى أنّ الرئيس السوريّ، د. بشّار الأسد، بات يُسيطِر الآن على الجزء الأكبر من الأراضي السوريّة، بعد أنْ نجح جيشه في إخضاع المُتمرّدين في الجنوب، على الحدود مع إسرائيل، والآن يستعّد الأسد للهجوم على إدلب، في منطقةٍ يُسيطِر الأكراد على مساحاتٍ واسعةٍ منها، مُشيرًا إلى أنّهم يكرهون الرئيس التركيّ، رجب طيّب أردوغان والنظام الحاكم في أنقرة، بحسب تعبيره.
جديرٌ بالذكر، أنّ الجنرال في الاحتياط، عاموس يدلين، رئيس شعبة الاستخبارات العسكريّة في جيش الاحتلال سابقًا، لفت إلى أنّه المُواجهة في إدلب هناك إمكانية كامنة للصدام بين القوى العظمى وتقديم “الحلف غير المُقدّس” لتركيا مع إيران وروسيا، مُضيفًا أنّ الرئيس ترامب، الذي قيّد حتى الآن التدّخل الأمريكيّ في حالة الهجوم الكيميائيّ، حذّر هذا الأسبوع من أنّ “مئات الآلاف قد يُقتلون”، وأنّه لن يسمح لهذا أنْ يحصل، واستدرك يدلين قائلاً إنّه بالطبع لا يمكن للتغريدة أنْ تكون خطّةً تنفيذيّةً، ولكن في ضوء نيّة ترامب اغتيال الأسد، حسب الكتاب الجديد لبوب وود وورد، لا يُمكن تجاهل هذه الإمكانية، على حدّ تعبيره.
وبرأيه، هناك ثلاث معضلات تقف أمام ترامب: هل وضع خطوط حمراء تتجاوز استخدام السلاح الكيميائيّ؟ هل سيُهاجِم قوات أخرى لا تتماثل بوضوح بأنّها تنتمي لنظام الأسد، مثل حزب الله؟ وفوق كلّ شيءٍ: كيف ستعمل آلية منع التصعيد بين الولايات المتحدة وروسيا؟.