«الثغرة» .. دبابات تحمل «علم مصر» تقصف القوات المصرية .. تفاصيل وصول «300 دبابة» إسرائيلية خلف خطوط الجيش المصري .. قائد الإستطلاع أبلغ بوجود «7» فقط!

حرب أكتوبر 1973 :

 مستعيناً بالله ، أبدأ في كتابة موضوع حول مسألة الثغرة و هو موضوع شائك و حساس لكثير من الأخوة و هو أيضاً  موضوع غامض ، و يتناوله الإسرائيليين كأنه نصر لهم و عملية ناجحة و تناوله السادات بأنه عملية تلفزيونية دعائية .
لكن للحقيقة ، و كوجهة نظر شخصية أري أن الإسرائيليين في نهاية الحرب في أوائل نوفمبر 1973 وضعوا أنفسهم في وضع عسكري خطير جداً جداً سيتم التطرق إليه و ما وضعهم في هذا الوضع هو إحساس نفسي برغبتهم في التفوق علي العرب ، فلم يمكن بأي حال من الأحوال أن يقبل الجنرالات الإسرائيليين بأن تنتهي الحرب علي الوضع في يوم 14 أكتوبر أو حتي قبله أو بعده ، فغرورهم خلق لديهم الرغبة في كسر الجيش المصري و دق عظامه (تصريح إسرائيلي) جزاءاً على ما قام به المصريين من إنجازات طوال أيام الحرب الأولى .
و الثغرة عسكرياً هي نوع من أنواع المعارك الحربية تقوم به قوة سريعة خفيفة بهدف كسر تماسك القوة الأخرى في مواضع ضعيفة ، و الإنتشار خلف خطوطها و تهديد خطوط المواصلات و الإحتياطيات و مراكز القيادة مما يخلق واقع جديد .
وقد حدثت عده ثغرات في معارك العصر الحديث منها :
ثغرة الأردن في فرنسا عندما قامت القوات الألمانية في يناير 1944 بعملية هجومية جريئة و غير متوقعة بقوات مدرعة ضد أضعف المواقع الأمريكية و إخترقتها و توغلت في قلب العمق المتحالف بين قوات باتون و قوات مونتجومري مستغلة تفوق كاسح في المدرعات لكن نظراً لغلق الثغرة و ندرة موارد الوقود لدي القوات الألمانية فقد فشل الهجوم الأخير للقوات الألمانية في الحرب العالمية الثانية و كان رأس الحربة فيه الجنرال الألماني البارع جداً (هسلر) .
وهناك أمثله كثيرة عن الثغرات في خطوط العدو لا داعي لذكرها حالياً و سيكون مرجعي بأذن الله في هذا الموضوع ما يلي :
* كتاب الهروب إلى النصر للكاتب (أحمد زايد) تأليف عام 1995.
* كتاب المعارك الحربية علي الجبهة المصرية (تأليف المؤرخ جمال حماد) للتحميل راجع قسم المراجع .
* كتاب العبور و الثغرة للكاتب البريطاني (إدجار أوبلانس) للتحميل راجع قسم المراجع .
* كتاب عبور قناة السويس (سعد الشاذلي) غير موجود بقسم المراجع .
* كتاب مقاتلون فوق العادة – أبطال الفرقة 19 مشاة (للفريق يوسف عفيفي) للتحميل راجع قسم المراجع .
* كتاب البحث عن الذات (أنور السادات) غير موجود بقسم المراجع .
و سيجد القارئ عدد كبير من الخرائط بخط اليد قمت برسمها بنفسي لتوضيح الموقف لحظة بلحظة .

أولاً : الأوضاع قبل الثغرة
بعد فشل تطوير الهجوم المصري سارعت إسرائيل بتفيذ الخطة (شوفاح يونيم) عربياً (برج الحمام) و هناك من يطلق عليها الغزالة .
تم تكليف 3 مجموعات عسكرية للعدو بواجب تنفيذ الثغرة تحت القيادة المباشرة لشارون و تحت إشراف الجنرال بارليف (ممثل رئاسة الأركان) ، و المجموعات هي :
مجموعة (شارون) المدرعة و تتكون من 2 لواء مدرع و لواء مظلات .
مجموعة (برن – إبراهام أدان) 2 لواء مدرع .
مجموعة (كلمان ماجن) 2 لواء مدرع و لواء ميكانيكي .
أي تم تجهيز قوة من 6 لواء مدرع حوإلى 540 دبابة ، و لواء ميكانيكي 30 دبابة و لواء مظلات 2000 مظلي لكي تكون مسئولة عن تنفيذ الثغرة .
و تركت باقي الجبهة للقوات التي وصلت من الجولان و من القوات التي تم إستعواض خسائرها بفضل الجسر الامريكي الذي بلغ ذروته بعد 14 أكتوبر .
ثانياً : التسلل الإسرائيلي لغرب القناة
بدأ الإسرائيليون تنفيذ خطتهم للعبور إلى غرب القناة فور فشل تطوير الهجوم ، و يختلف المؤرخون حول ساعة العبور الاسرائيلي إلا أن شارون يقطع في مذكراته كل شك و يؤكد أن ساعة0900 صباح 16أكتوبر1973 كانت لديه كتيبة دبابات و كتيبة مظلات غرب القناة و من المرجح جداً أن تكون تلك القوة قد عبرت من الطرف الشمالي للبحيرات المرة و ليس من الدفرسوار ، و كانت مهمة تلك القوة هي مهاجمة منصات الصواريخ سام 2 ، و سام 3 بواسطة أسلوب الضرب من مسافات بعيده بقوة 2 إلى 3 دبابة في كل هجوم – و قد علمت أن تلك الدبابات كانت سوفيتية الصنع من مخلفات حرب 67 ، و ترفع العلم المصري و هي من طراز بي تي 76 و توباز البرمائية .
و نظراً لعدم وجود إنذار أو تحذير مسبق فقد فوجئت عناصر الدفاع الجوي بقصف الدبابات الإسرائيلية عليها مستهدفة الرادارات و هوائيات البطاريات مما أدى إلى تعطل عدد من البطاريات و فتح ثغرة في السماء .
جاءت بلاغات قوات الدفاع الجوي إلى غرفة العمليات بهجمات العدو كأول إنذار بوجود ثغرة و تم تحليل تلك البيانات و التوصل إلى نتيجة أن قوة العدو ما هي إلا قوة إغارة لا تزيد عن سبع دبابات و فوراً بدأت مدفعية الجيش الثاني الميداني في ضرب منطقة الدفرسوار بالمدفعية و نظراً لأنها منطقة زراعات مانجو كثيفة فقد كان للضرب المدفعي تأثير ضعيف جداً ، و قامت قوة (يعتقد أنها تضم قوات فلسطينية) بمهاجمة قوة العدو ، و فور إنسحابها إلى زراعات المانجو في الدفرسوار أبلغ قائد القوة المحلية ، بأن قوة العدو لا تزيد بأي حال عن 10:7 دبابات و أنه أجبرها على الإنسحاب و هو ما لم يكن صحيحاً بالمرة فالقوة الإسرائيلية المعزولة طبقاً لكلام شارون هي 30 دبابة و تقبع وسط زراعات المانجو و ما يظهر فقط هو عدد منها يقوم بإغارات علي منصات الصواريخ لتدميرها بعد أن فشل ضربها من الجو .
و بناءاً على بلاغ قائد القوة المحلية تهاونت قيادة الجبش الثاني و قيادة القوات المسلحة في التعامل مع تلك القوة و إكتفت بالضرب المدفعي عليها مع إنذار قوات الدفاع الجوي فقط ، و لم تفطن القيادة المصرية من مغذي تدمير عدد من بطاريات الصواريخ في تلك المنطقة تحديداً إلا بعد فوات الأوان .

ثالثا : معارك اللواء 16 مشاة أيام 15-16 أكتوبر
لا أظن أن هنالك وحدة في الجيش المصري قاتلت وتعرضت لقتال عنيف مثلما تعرض لها اللواء 16 مشاة
و اللواء 16 مشاة هو الجانب الأيمن في رأس جسر الفرقة 16 مشاة و هو يمثل أقصى الجانب الأيمن للجيش الثاني الميداني ، و رأس جسر الفرقة 16 مشاة يضم أيضاً  قيادة الفرقة 21 المدرعة التي منيت بخسائر في تطوير الهجوم و عادت إلى رأس الجسر للتمركز به لذلك ففي رأس جسر الفرقة 16 كان هناك 6 لواءات على الورق (3 ألوية من الفرقة 16 مشاة ، و 3 ألوية من الفرقة 21 المدرعة) مما جعله مكتظاً إلى أقصى درجة و مما جعل القصف الاسرائيلي المركز ضد الفرقة مؤثراً للغاية في حجم الخسائر .
و يتحكم اللواء 16 مشاة في تقاطعي طرق هامين للغاية هما تقاطع طرطور وتقاطع أكافيش (الممتدين من الدفرسوار إلى وسط سيناء) ، و كان من المفترض أيضاً  أن يكون اللواء مسيطر على موقع تل سلام الحصين و الذي حرر يوم 6 أكتوبر لكن لسبب ما تم ترك الموقع الحسن مهجورا بعد تحريرة يوم 6 .
ويشمل موقع اللواء أيضاً مزرعة الجلاء للأبحاث الزراعية و التي سماها الإسرائيليين بعد النكسة المزرعة الصينية نظراً لوجود كتابة باللغة اليابانية على جدران المباني و ذلك لوجود خبراء يابانيين يعملون بها قبل النكسة .

بدأ أول هجوم علي اللواء سعه 0500يوم 15 أكتوبر بقصف مدفعي مركز جداً جداً أعقب ذلك تقدم لواء مدرع (لواء توفيا – من فرقه شارون) ضد اللواء الثالث ميكانيكي (لواء الوسط بالفرقة 16 مشاة) بهدف جذب الأنظار إلى الشرق بينما التركيز الإسرائيلي تجاه الجنوب و اللواء 16 مشاة ، و إستنتج المصريين أن الإسرائيليين يريدون طي جناح رأس الجسر المصري بهدف تقليص حجمه .
في نفس الوقت تحرك لواء أمنون (من فرقة شارون) تجاه الجنوب ليجد نقطة تل سلام مهجورة مما أشاع روح من التفاؤل لديهم فقد ظهرت القناة في الأفق و بدون مجهود يذكر .
بعدها قام أمنون بدفع كتيبة دبابات تجاه الشمال لمحاولة فتح محور أكافيش إلا أنه وجد أن المصريين قد أغلقوه .
وقام بدفع بقية اللواء (عدا كتيبة) تجاه الشمال بمحاذاة القناة لمهاجمة الكتيبة 16 مشاة من اللواء 16 مشاة وعند لحظة وصوله لمفترق طريق طرطور إنهالت عليه الصواريخ م د من الكتيبة 16 و تم على الفور تدمير27 دبابة من أصل 58 بدأ بهم التحرك أي أنه خسر 30 % من قوة لوائه في دقائق و رغم الخسائر إلا أن عدد من دباباته إنطلق بحذاء الساتر الترابي الشرقي و في لحظة وجد أمنون نفسه وسط منطقة الشئون الإدارية للفرقة 16 مشاة حيث المئات من عربات الفرقة 16 و الفرقة 21 المدرعة و كانت مفاجأة رهيبة للجانبين و دارت معركة قصيرة أُستخدمت فيها كافة أنواع الأسلحة المتيسرة فقد ضربت مدفعية الفرقة ضرب مباشر تجاه الدبابات المخترقه لمواقع الفرقة .
و قامت كتيبيتان من اللواء الأول مدرع بهجوم مضاد ناجح أجبر قوة أمنون على الإرتداد جنوباً تجاه نقطه تل سلام وهو ينعي حظه من خسائره الكبيرة في ذلك الصباح
جدير بالذكر أن لواء أمنون كان المكلف بزحزحة دفاعات اللواء 16 مشاة إلى الشمال بهدف فتح طريق للقناة مما يعني حتمية سيطرته على تقاطع طرق أكافيش – طرطور
وكانت مهمه أمنون المباشرة هي السيطرة على المزرعة الصينية (قرية الجلاء) كمهمة مباشرة حتي يتثني لبرن و ماجن العبور غرباً .
وقام أمنون بهجومه الثالث في ذلك اليوم بقوة كتيبة ميكانيكية تدعمها سرية دبابات للهجوم على مفترق الطرق ، لكن فور تقدم السرية المدرعة تم ضربها بسرعة خاطفة و دمرت عن أخرها ، أما الكتيبة الميكانيكة فقد إنهمرت عليها المدفعية و قذائف م د مما أرغمها على التوقف و فشلت كل محاولات إنسحابها وتخليصها من الإشتباك ومع الوقت ادرك أمنون تماماً أن القوة (كتيبة ميكانيية وسرية الدبابات قد دمرت عن أخرها) ، فحاول مرة أخرى تخليص ما تبقي من الكتيبه الميكانيكية على أمل وجود أحياء فدفع بسرية دبابات إلا أن تلك السرية عانت من قصف مركز حال دون تنفيذ مهمتها و إنسحبت على الفور .
في نفس الوقت دار حوار تليفوني بين ديان و جونين تختصره عبارتان
ديان : لقد حاولنا لكن كل محاولتنا ذهبت أدراج الرياح ، و لذا أقترح إلغاء فكرة العبور لأن المصريين سيذبحون أولادنا على الشاطئ الغربي .
جونين : لو كنا نعلم مسبقاً أن ذلك سيحدث ما بدأنا عملية العبور أما الأن فقد عبرنا فلنستمر حتي النهاية المريرة .
و هاتين العبارتين من المرجع الإسرائيلي تظهر مدى فداحة الخسائر الإسرائيلية في عمليه فتح محور العبور .

في يوم 16 قام أمنون بهجومه الرابع بكل ما تيسر له من دبابات ، فهاجم بواسطة كتيبة مدرعة مدعمة ببعض دبابات تم إصلاحها ليلاً لكنه إستفاد من أخطائه في اليوم السابق نظراً لقيامه بإستطلاع قوي في الصباح فقد إستطلع بنفسه و أدرك أن الدفاعات المصرية تتكون من ستائر من صواريخ م د مالوتكا و ساجر و أر بي جي و إستنتج أن تلك القوة (الكتيبة 16 من اللواء 16) لابد و أن تعاني من نقص حاد في الذخيرة نتيجة معارك اليوم السابق و لذلك فقد إستخدم أسلوب جديد و هو الإشتباك مع القوة المصرية من مدى بعيد نوعاً ما حتي تنفذ ذخيرة المصريين ثم يشن هجومه الرئيسي و رغم أن قوة لواء أمنون أصبحت 27 دبابة فقط من أصل 120 دبابة بدأ بها القتال في اليوم السابق إلا أنه لم ييأس ، و أدي تكتيك أمنون الجديد إلى ما يريده فقد إنسحبت القوة المصرية من موقع تقاطع الطرق بعد أن نفذت الذخيرة .
و أمن أمنون موقع تقاطع الطريق و دعمه شارون بعدد 2 كتيبة دبابات لمواصلة هجوم ضد اللواء 16 مشاة بهدف الوصول إلى المزرعة الصينية ، فترك أمنون ما تبقي من لوائه الأصلي في موقع تقاطع الطريق و إستخدم الدعم الجديد له في مهاجمة المزرعة الصينية لكن الطريق تجاه المزرعة ظل مغلقاً . فكان النجاح الوحيد لأمنون هو تأمين موقع تقاطع الطرق و ليس إقتحام الدفاعات لكن إنسحاب قوة الدفاع عنه لنفاذ الذخيرة م د .

كان صبر شارون قد بدأ في النفاذ نظراً لجسامة الخسائر في لواء أمنون و لأن المحور ظل مغلقاً ، فطلب شارون أن يعبر أدان على المعدية الوحيدة في الشاطئ الشرقي و أن يتم تجاهل دفاعات المزرعة الصينية إلا أن بارليف رفض طلبه حيث أن إمداد 300 دبابة بالوقود و الذخيرة سيكون معرضاً للخطر الدائم طالما المزرعة الصينية مازالت في يد المصريين و عليه فقد أصدر بارليف أوامرة بأن تقوم فرقه برن بتطهير محورأكافيش وطرطور من القوات المصرية و فور إعاده تجميع فرقة شارون المنهكة تتولي بعدها بالكامل إحتلال المزرعة الصينية كواجب أساسي لها .

برن يواجه اللواء 16مشاة
إنسحبت فرقه شارون جنوباً لإعادة التجمع بعد خسائر لواء توفيا و لواء أمنون في القتال و إندفعت فرقة برن من الطاسة إلى الدفرسوار للتعامل مع اللواء 16 مشاة المنهك و كانت معظم دبابات برن جديدة من مخازن الأطلنطي و مرتباتها كاملة في حين أن اللواء 16 قد أمضى 36 متواصلة في قتال كامل و فور وصول فرقة برن للمنطقة بدأت دباباته تصاب الواحدة تلو الأخرى ، فأطقم إقتناص الدبابات تملأ المنطقة فسحب قواته للخلف و طلب دعم مشاة ، وتمثل هذا الدعم في لواء مظلات وصل جواً من رأس سدر و كانت مهمة اللواء بسيطة كما شرحها برن لقائده المقدم إيزاك (تطهير المحور) .
وفي الساعة 2300 من ليلة 16 أكتوبر بدأت وحدات المظلات في التقدم تجاه المواقع المصرية من الشرق للغرب ، و عند وصولها لمنطقة ضيقة لا يزيد عرضها عن 2 كيلو متر ، فتح الجحيم مصراعيه لهذا اللواء و إنهمر سيل من قذائف المدفعية و الهاون و صواريخ الكاتيوشا على رأس اللواء المتقدم على الأقدام و إكتشف المظليون وجود عدد من الرشاشات المتوسطة (جرينوف) في مواقع حصينة تغمر المنطقة بطلاقتها (وهنا تظهر أهمية إستطلاع أرض المعركة قبل المعركة) و قرر المظليون التقدم بأي شكل و درات معركة دموية بكل المعاني ، فلم يكن المصريون في حاجه لأن يخرجوا من دفاعاتهم لمقابله المظليين و الذين قال قائدهم( لقد تبعثرت أشلاء جنودي على خطوط الدفاع المصرية ) .
و عبثاً حاول المظليون التقدم أو الإنسحاب ، فكل ما إستطاعوا القيام به هو إلصاق وجوههم في الأرض و الإنكفاء طوال الوقت ، و مع أول ضوء من يوم 17 إتضح لبرن أن قوة المظليين في وضع سئ جداً جداً مما يعني تأخر فتح المحور و تأخر دفع الجسر إلى المياه لتنفيذ العبور .
فأصدر برن أوامرة بإستطلاع محور أكافيش من الجنوب ، و وصلت سرية الإستطلاع إلى خط المياه في مفاجأة تامة ، فقد إستطاع لواء المظلات الإسرائيلي بدون قصد أن يشد إنتباه المصريين إليه و أن يغفل المصريين بدون قصد ما يحدث في الجنوب منهم و عليه أعطى برن أوامره بدفع الجسر إلى المياه بأقصي سرعة مستغلاً إنشغال المصريين في لواء المظلات و فعلاً نزل الجسر إلى المياه في السادسة صباح 17 أكتوبر 1973 .
أما لواء المظلات (المنهك) فقد أصدر بارليف أوامرة بدفع كتيبة دبابات بهدف ستر إنسحاب هذا اللواء لكن قائد لواء المظلات كان يشك في مقدرة الدبابات في معرفة موقع قوته فقام بأكبر تصرف غبي في الحرب ، فقد أطلق قنبلة دخان ليرشد قائد الدعم لموقعه مما ساعد المصريين في ضبط توجيه المدفعية أكثر و أكثر ، و إنهالت القذائف مرة أخرى على اللواء وعلى كتيبة الدبابات لتحدث خسائر أقل ما يقال عنها إنها فادحة جداً جداً في صفوف الإسرائيليين و إنسحب اللواء المظلي بعد أن خسر 70 قتيلاً و 100 جريح مع خسارة 13دبابة من كتيبة الدعم بعد 14 ساعة من القتال المتواصل .

أول تعامل مصري مع الثغرة
وضح للقيادة المصرية مع ليلة 17/16 أن القيادة الإسرائيلة تخطط للعبور لغرب القناة
فتم وضع خطة (غريبة جداً) لغلق ممرالمرور شرق القناة و تدمير قوات العدو غرب القناة ،وتمثلت في الأتي :-
ضربة رئيسية من اللواء 25 مدرع من الجنوب للشمال غرب القناة .
ضربة رئيسية بقوة الفرقة 21 المدرعة من الشمال للجنوب .
ضربة رئيسية من اللواء 116 ميكانيكي غرب القناة (من الشرق للغرب) .
الهدف من الخطة هو غلق ممر الإختراق من الشرق و تدمير قوة العدو غرب القناة ، وذلك بناء على المعلومات المتوافرة صباح يوم 16 أكتوبر .
ولم يتم عمل إستطلاع قبل المعركة نهائياً ، فلم يعرف المصريون أن قوة الـ 7 دبابات التي قال عنها قائد القوة المحلية قد أصبحت مع ظهر يوم 17 – 300 دبابة – ، و كان متوقع أن دبابات اللواء 25 مدرع ستتقابل وجهاً لوجه مع دبابات الفرقة 21 المدرعة في نقطة ما فتم عمل تنظيم تعاون سريع تحدد فيه ضرورة توخي الحذر البالغ و تم وضع اللواء 25 مدرع مستقل تحت قيادة الجيش الثالث و تم سحب كتيبة من اللواء الثالث مدرع ليتم وضعها في رأس جسرالفرقة السابعة مشاة لسد فراغ خروج اللواء 25 مدرع
و جدير بالذكر أن اللواء 25 مدرع بقيادة العقيد / أحمد حلمي بدوي يعد من أقوى ألوية الدبابات المصرية بما له من دبابات تي 62 ذات مدفع 115 ملم الجبار والدقيق جداً في ذلك الوقت .
معركة اللواء 25 مدرع مستقل
مع بدء تحرك اللواء من رأس جسر الفرقة السابعه مشاة تعرض اللواء لقصف مدفعي بعيد المدى و هجمات جوية بقنابل البلي (الجيل الأول من القنابل العنقودية) مما أدي لتوقف عدة عربات نتيجة إنفجار الإطارات و توقفت كل عربات مدفعية اللواء بعد أن مر اللواء بنقطة كبريت المحررة مما حرم اللواء المدرع من قوة المدفعية الخاصة به .
ويقول الجنرال أدان (لقد كنا بإنتظار هذا اللواء و جهزنا له منطقة قتل و كانت الرؤية مثاليه ، فقد كان لنا هذا اللواء هدف مثإلى)
ووصل اللواء إلى منطقة جنوب تل سلام بـ 2 كيلو متر على مسافة بعيدة جداً من منطقة دفعه ، ووقع في الكمين المحكم الذي اعده له أدان فوقعت كتيبة المقدمه في كمين من كافة الجهات واصيبت بخسائر فادحه واستطاعت عده دبابات الإنتشار في إلىمين وإلىسار وفتح نقاط ضرب على الكمين ، وكانت ستائر صواريخ م د الإسرائيلية مؤثرة جداً على اللواء ، وطلب قائد اللواء دعم مدفعي و جوي بالإضافة للسماح له بالتمسك بالأرض لكن قيادة الجيش رفضت تمسكه بالأرض و أصرت على تنفيذ المهمة وعليه أمر قائد اللواء قواته بفتح النسق الثاني و محاولة تطويق كمين العدو، فحاولت كتيبة اليمين التقدم لكنها أصيبت بخسائر جسيمة و أما كتيبة اليسار التي حاولت الفتح ، فقد وقعت في حقل ألغام و أصيبت معظم الدبابات .
و طلب قائد اللواء مرة أخرى التوقف و تحسين الأوضاع و دعم مدفعي لكن الأوامر كانت صارمة بالتقدم و مقابلة الفرقة 21 المدرعة ، لكن الرجل تصرف .
فقد أمر دباباته بالإنتشار في نطاق اللواء و الإستتار بالهيئات الحاكمة و التراشق النيراني فقط وعندما هبط الليل إرتد بالباقي من دباباته إلى نقطة كبريت .
تقول المصادر الإسرائيلية أن اللواء 25 دخل المعركة بـ 96 دبابة دمر منهم 86 دبابة في أرض الكمين أما المؤرخ جمال حماد فيقول أن اللواء دخل المعركة بـ 75 دبابة رجع منهم لنقطة كبريت عشر دبابات فقط .
و هكذا أُسدل الستار عن اللواء 25 مدرع يوم 17 أكتوبر بخسارته 85% من دباباته
في معركة أسيء التخطيط لها و أسيء القيادة فيها من قبل الجيش الثالث ، و سأقوم بتحليل تلك المعركة لاحقاً .

معركة الفرقة 21 المدرعة لغلق الثغرة
تم وضع اللواء الأول مدرع من الفرقة 21 لتنفيذ تلك المهمة ألا وهي الإلتقاء مع اللواء 25 مدرع في نقطة غلق الثغرة و كانت دبابات اللواء قد تقلصت إلى 53 دبابة فقط بعد خسائرة في تطوير الهجوم ، و في الساعه 0900 بدأ اللواء الهجوم و نجح في الوصول إلى جنوب المزرعة الصينية و تدمير العدو بها لكنه تعرض لقصف مدفعي وجوي مكثف جعل إستمرار تقدمه مستحيلاً فحاول أن يتمسك بالأرض لكنه إضطر مرغماً إلى الإنسحاب ليلاً إلى داخل رأس الجسر بعد أن خسر عشرين دبابة ليصل عدد دباباته إلى 33دبابة في نهاية اليوم و هو ما يعادل كتيبة دبابات مدعمة فقط بدلا من 96 دبابة .
و قام أمنون بهجوم مضاد ناجح تمكن خلاله من إحتلال المزرعة الصينية بعد أن أٌنهكت قوة الدفاع عنها و نفذت ذخيرة جزء منها ، ليكون بذلك قد نفذ الهدف الأساسي الذي وضع له منذ يومين و فشل فيه على مدار 48 ساعة من القتال المتواصل ،و نظراً لتردي حالة الفرقة 21 مدرعة و إستنزاف دباباتها في معارك خاطئة فقد تم دعمها بكتيبة دبابات من اللواء 24 مدرع الملحق على الفرقة الثانيه مشاة .
معركة اللواء 18 ميكانيكي
صدرت الأوامر للواء 18 ميكانيكي (من الفرقة 21) بسرعة الهجوم على الموقع الحيوي للمزرعة الصينية و إستعادة الأوضاع كما كانت ، فبدأ اللواء هجومه في الخامسة مساء يوم 17 للهجوم من الشمال للجنوب ، ونظراً لأن العدو إستغل الدفاعات المصرية السابقة في المزرعة بكفاءة عاليه فقد إستطاع أمنون أن يدافع عن موقعه بكفاءة ، و يكبد اللواء 18 خسائر عالية حدت بالعميد / العرابي قائد الفرقة 21 إلى سحبه و تدعيمه بسرية من اللواء 14 مدرع و الذي يعاد تجميعه داخل رأس الجسر .
معركة اللواء 116 ميكانيكي (غرب القناة)
هدف اللواء هو التقدم وتدمير قوة العدو في منطقة الدفرسوار و نظراً لأن أخر البلاغات تقدر قوة العدو بـ 7 دبابات فقط ، فقد كانت مهمة هينة جداً لقائد اللواء ، و فوراً تقدم اللواء من على طريق أبوسلطان – المعاهدة .
لكن القوات الإسرائيلية نصبت لها كمينا في منطقة تبعد عشر كيلو مترات عن بلاغات الإستطلاع ، ففوجئ قائد اللواء بالكمين الإسرائيلي المحكم و تم تدمير اللواء تقريباً و إختراق خطوطه .

معارك القوات الخاصة يوم 17 أكتوبر
الصاعقة
تم إصدار الأوامر للكتيبة 73 من المجموعة 129 صاعقه بالتقدم و تدمير قوات العدو على الجانب الغربي للقناة و تم دفع سرية من تلك الكتيبة إلى تجاه مطار الدفرسوار بهدف تأمين المطار ، و فور إقترابها إشتبكت السرية بكتيبة دبابات إسرائيلية تحتل المطار  ، و تم تدعيم قوة العدو بسرية مظلات و ظل الإشتباك قائماً حتي الليل بدون تحقيق نتائج للجانيبن لكن سرية الصاعقه إضطرت للإنسحاب لنفاذ الذخائر أما باقي سرايا الكتيبة 73 فقد وصلت سرية منهم إلى شاطئ البحيرات المرة و إشتبكت مع العدو في قتال شرس و تم تدمير عده دبابات للعدو و صدرت الأوامر للسرية بالإنسحاب لكنها لم تتمكن نظراً لأنها مشتبكه بقوة فقد خسرت أفراداً كثيرة في الإشتباك .
المظلات
صدرت الأوامر للكتيبة 85 بقيادة عاطف منصف بالتقدم مع كتيبة دبابات من الفرقة 23 ميكانيكي بهدف الوصول إلى مرسي أبوسلطان (أقصى شمال البحيرات) ومطار الدفرسوار، و بدأ التحرك الساعه الرابعه عصر يوم 17 أكتوبر .
القوة الأولي :  في إتجاه مرسي أبوسلطان ، وقعت السرية في كمين و أستشهد معظم ضباطها عند وصولها إلى ترعة السويس و فشلت في تحقيق المهمة .
أما القوة الثانية : فقد إنفصلت عن كتيبة الدبابات نظراً لفارق السرعة و وقعت كتيبة الدبابات في كمين أخر و دمرت عن أخرها و إضطرت قوة المظلات إلى العمل بمفردها و الإشتباك مع قوة العدو في مطارالدفرسوار بدون معاونة ثقيلة .
وتعرضت الكتيبة لخسائر جسيمة و إرتدت باقي الكتيبة إلى وصله أبوسلطان حيث سحبت إلى أنشاص لإعادة التجمع .
ويتضح لنا من سرد أحداث يوم 17أكتوبر فشل كل القوات التي أُوكلت لها مهام في تحقيق المهام الموكلة لها و تدمير عدد كبير من الدبابات لسبب واحد
– غياب الإستطلاع فقط –
غياب الإستطلاع أدي إلى وقوع اللواء 25 مدرع و اللواء 116 و الكتيبة 73 و الكتيبة 85 في كمائن محكمة أدت إلى إستشهاد المئات و خسارة العشرات من الدبابات .
كذلك غياب الإستطلاع أدى إلى سوء تخطيط العمليات فاللواء 116 إشتبك في كمين على مسافة بعيدة جداً عما توقعه قائد اللواء فلم يكن قد قام بالفتح لقواته و أعدها للإشتباك و غياب الإستطلاع أدي عدم معرفة مواقع العدو للتعامل معها بما يجب فتم دفع سرية مظلات للتعامل مع كتيبة دبابات في مطار الدفرسوار و حيث أن القياده المصرية لم تكن على علم بوجود إلا 7 دبابات فقد إصطدمت القوات غرب القناة بـ 300 دبابة هما قوة مجموعة الجنرال أدان و التي عبرت في غفلة من الزمن صباح يوم 17أكتوبر .

أوضاع القوات الإسرائيلية ليله 18/17
فرقه برن :
تقوم بإعادة التجمع و التنظيم بعد نجاحها في تدمير اللواء 25 مدرع مستقل و تم سحب لواء من قواته لمصلحة القيادة الجنوبية و مع حلول الليل أصبح جاهزاً للعبور بقوة 200 دبابة .
ليلاً عبر برن القناة مع قواته تحت قصف عنيف جداً حيث أصبحت القياده المصرية على يقين بأنها ليست مسألة تسلل إسرائيلي فقط بل معركة تكتيكية قوية جداً فتم حشد مجهود الجيش الثاني كله و مع مدفعية الفرقة 16مشاة و الفرقة الثانيه مشاة في الضرب ضد منطقة العبور و أصيب الجسر و تم إستكمال العبور بالمعديات و غرقت عده دبابات بأطقمها الكاملة من الجنود في قاع القناة و في الساعة 0400 صباح يوم 18 كانت فرقة برن قد أتمت عبورها و أصبح لدي إسرائيل غرب القناة 300 دبابة عبارة عن لواء مدرع يتبع شارون و لواءين يتبعان برن و لواء مظلات تابع لشارون .
فرقه كلمان ماجن :
لم تشتبك في قتال فعلي منذ يوم 14، و مرتباتها كاملة و في إنتظار الإذن بالعبور .
تقلصت إلى لواء مدرع وأخر مظلات فقط بعد سحب لواء للقيادة الجنوبية (لواء أمنون) ، و الذي أٌوكل إليه الإستمرار في محاولات تعميق ممر العبور و إزاحة الفرقة 16 مشاة إلى الشمال .

و هربت من يد القيادة المصرية فرصة ذهبية لتصفية الثغرة يوم 17 لكن الإستخدام الخاطئ للتكتيك العسكري في حرب المدرعات أدي لتلك الخسائر و عدم غلق الثغرة و عند زيارة ديان للجبهه للوقوف على معارك 15و16و17 أكتوبر قال
(( لم أستطع إخفاء مشاعري عند مشاهدتي لأرض المعركة فقد كانت المئات من الدبابات و العربات العسكرية محترقة و مدمرة و متناثرة في كل مكان و لا يبعد عن بعضها البعض سوي أمتار قليلة ، و كانت من بين الأسلحة المدمرة صواريخ سام 2 و سام 3 ومع إقترابي من كل دبابة كنت أتمني ألا أري العلامة الإسرائيلية عليها ، و إنقبض قلبي كثيراً من كثرة الدبابات الإسرائيلية المدمرة فقد كان بالفعل هناك العشرات منها ، و لم أشاهد هذا المنظر طوال حياتي العسكرية حتي في أفظع الأفلام السينمائية الحربية فقد كان أمامي ميدان واسع لمذبحة أليمة تمتد إلى أخر البصر فقد كانت تلك الدبابات و العربات المحترقة دليلاً على المعركة الأليمة التي دارت هنا ))

أوضاع القوات المصرية صباح يوم 1973/10/18
اللواء 25 مدرع . أبيد تماماً عدا عشر دبابات في نقطة كبريت للدفاع .
اللواء 116ميكانيكي . دمر 90% منه .
اللواء 18ميكانيكي . دمر 60% منه من يوم 14 أكتوبر .
اللواء الأول مدرع دمر له 80 % بدءاً من يوم 14أكتوبر .
اللواء 16 مشاة دمر له 90% من معداته ، ويعاد تجميعه مرة أخرى .
عامة الفرقة 21مدرعة مجرد إسم فقط ، و قوتها لا تصل إلى حجم كتيبتي دبابات
و الفرقة 16 مشاة منهكة أشد الإنهاك من القتال المتواصل و نقص ذخائر م د .
باقي الفرق المصرية شرق القناة لم تتعرض إلى أي قتال يذكر

أما غرب القناة فهناك الفرقة الرابعة في الجنوب عدا لواء و هناك اللواء الثالث و العشرين مدرع من إحتياطي القيادة العامة و لواء حرس جمهوي في القاهرة بالإضافة إلى مجموعة صاعقة و لواء مظلات عدا كتيبة .

الخريطة توضح أوضاع القوات صباح يوم 19 أكتوبر
خطة تصفية الثغرة يوم 18 أكتوبر
خطه بسيطه جداً مستحيله جداً
ضربة من رأس جسرالفرقة 16 مشاة تقوم بها الفرقة 16 و الفرقة 21 المدرعة ضد المزرعة الصينية بهدف إعادة إحتلالها و ضد النقطة الحصينة في الدفرسوار و غلق ثغرة العبور في الدفرسوار و إعادة الأوضاع كما كانت .
ضربة ضد القوات الإسرائيلية غرب القناة يقوم بها اللواء 23 مدرع من إحتياطي القيادة العامة يساعده ما تبقي من اللواء 116 ميكانيكي بينما يقوم اللواء 182 مظلات (عدا كتيبة) بإحتلال المصاطب الدفاعية غرب القناة و إستخدامها في ضرب القوات الإسرائيلية و حماية جانب الفرقة 16 والفرقة 21 عبر القناة .

التنفيذ :
( الفرقة 21 تذبح)
قوة الهجوم شرق القناة وصلت إلى 80 دبابة بعد أن تم دعمها بكل ما يمكن من دبابات في قطاع الفرقة 16و قبل الهجوم تم قصف مكثف ضد الفرقة 16 أصيب فيها العميد / عبد رب النبي حافظ قائد الفرقة 16 ، و تولى العميد / أنور حب الرمان أركان حرب الفرقة القيادة .
عند بدء تحرك اللواء 18 ميكانيكي وقع تحت قصف جوي ، و مدفعي عنيف فتوقف عن التقدم و إضطر للعودة لنقطة دفعه داخل رأس الجسر بعد أن تكبد خسائر عالية حيث ظهر جلياً مدي تأثير طيران العدو بدون غطاء الدفاع الجوي .
اللواء الأول مدرع وأثناء تقدمه إشتبك مع دبابات العدو و دمر للعدو 13 دبابة و خسر 41 دبابة بدأ بهم القتال لتعرضه للضرب من الأجناب ، و عاد إلى مواقعه 9 دبابات فقط .

تحول الهجوم المصري إلى دفاع مستميت ضد الهجوم المضاد الإسرائيلي الذي يقوده أمنون بهدف توسيع ممر العبور إلى الشمال ، و لإنقاذ الموقف تحرك اللواء 24 من قطاع الفرقة الثانيه مشاة إلى قطاع الفرقة 16 لمنع تقدم العدو بتعليمات من قائد الجيش الثاني اللواء عبدالمنعم خليل .

عمليات اللواء 23 مدرع غرب القناة
اللواء 23 من الفرقة الثالثة مش ميكانيكي إحتياطي القيادة العامة :
وصل اللواء 23 مدرع إلى تقاطع عثمان أحمد عثمان يوم 17 وظل مكانه 24 ساعة دون أوامر ، و في يوم 18 صدرت له الأوامر بالتقدم لتدمير قوة العدو الموجود بالدفرسوار على أن تعاونه بقايا اللواء 116 ميكانيكي ، و قوات اللواء 182 مظلات والصاعقة .
قام قائد اللواء العميد / حسن عبد الحميد بوضع خطة هجوم اللواء على أساس هجوم بنسق واحد . ((يتساءل المؤرخ جمال حماد في كتابه ص 470 أن هذا اللواء تم سحب كتيبة منه يوم 17 و رغم ذلك فإن اللواء قد هاجم بتشكيل مكون من 3 كتائب فهل كان تشكيل اللواء مختلف عن باقي الجيش المصري؟؟؟؟))
وجدير بالذكر أن قوة مدفعية اللواء قد سحبت منه منذ فترة فهاجم بدون مدفعية .
بعد قصف مدفعي وجوي الساعة 0700 صباح يوم 18 أكتوبر تمهيداً لتقدم اللواء بدء التقدم و مر بدفاعات اللواء 116 ميكانيكي و به قياده الفرقة 23 ميكانيكي قيادة العميد / أحمد عبود الزمر .
و أثناء تقدم اللواء تعرض لضرب مدفعي بعيد المدي من عيارات 155 و 175 ملم
و دخل اللواء أرض المعركة (وكالعاده لعدم وجود إستطلاع) فقد وقع في كمين محكم
من دبابات الجنرال برن وستائر صواريخ م  د .

ولم يتمكن اللواء من الإفلات و قاتل رجال اللواء ببسالة و أصيب قائد اللواء و عادت قوة من 8 دبابات فقط بعد أن قصف الجيش الثاني غلالة دخان لستر إرتداد ما تبقي من اللواء
و إرتدت الثمان دبابات إلى موقع اللواء 116 ميكانيكي .
وهكذا لحق اللواء 23 مدرع بأخوته الألوية 25و1و14و116و18 .

تحولت القوات الإسرائيلية إلى الهجوم المضاد فقام لواء مدرع بقياده (نيتكا) بمهاجمة موقع اللواء 116 ميكانيكي و كان محور هجومه من الشرق إلى الغرب أي أنه يأتي من خلف اللواء .
وهجم نيتكا و قاوم اللواء 116 و فتحت مدفعية اللواء نيرانيها بالضرب المباشر مما أحدث خسائر فادحة في لواء نيتكا و طوال يومي 18/19 أكتوبر لم تكف الإشتباكات مع بقايا اللواء 116 .
الملاحظ هنا هو سرعة رد فعل رجال المدفعية في الخطوط الخلفيه عندما رصدوا تقدم لواء نيتكا من خلفهم ، فقد بدأوا الضرب بالمدفعية ومدفعية الميدان عيار 120 ملم بضرب مباشر كان يقطع أوصال الدبابات المعادية .
وفي الساعه 0900 يوم 19 أكتوبر هاجم نيتكا مرابض مدفعية اللواء و دار قتال يصفه الخبراء الإسرائيليون بالخيإلى و إستمرت معركة لمده 3 ساعات من جانب رجال المدفعية و دبابات نيتكا و إنقطع الإتصال بالجيش الثاني و إتضح بعدها أن دبابات العدو إخترقت دفاعات اللواء و وصلت لمقر قيادته و قاتل العميد / أحمد عبود الزمر ببسالة حتي أستشهد تحت جنزير دبابة إسرائيلية ليضرب المثل لكل الجيش في البطولة ،و بعد إنهيار اللواء 116 ميكانيكي بعد معركة بطولية تم سحب ما تبقي منه و من اللواء 23 مدرع إلى منطقة أبوصوير لإعاده التجمع والتنظيم .
وبهذا تنتهي أخرالمعارك الرئيسية في حرب أكتوبر المجيدة .
أخطاء القيادة العامة
في رأيي المتواضع :
أري أن الجيش الثاني والقيادة العامة تعاملت مع الثغرة في يوم 15- 16- 17- 18 بمنتهي قلة الإحتراف ، فوقعت في أخطاء ساذجة أدت إلى توسيع الثغرة بشكل ضخم جداً ، وألخص تلك الأخطاء بالتإلى :-
1- عدم ملئ فراغ الفرقة 21 عند عبورها يوم 12أكتوبر في منطقة الدفرسوار خاصة وأن المصريين على يقين بوجود خطة العبور الإسرائيلي بل ، و وصلت خرائط منها إلى يد المصريين عندما تم تدمير اللواء 190 مدرع ، و وقعت في يد المخابرات الحربيه المصرية خرائط الخطة و أماكن العبور المحتملة في الشط والدفرسوار والفردان .
2- لم تنتبه القيادة إلى الضغط الجنوني على اللواء 16 مشاة وتركيز 3 فرق مدرعة للعدو على هذا القطاع فقط .
3- ترك نقطة تل سلام مهجورة وكان يمكن لو إحتلتها فصيلة مشاة أن تكشف أي تحرك جنوب محور طرطور و أكافيش بل وتعرض عملية العبور للفشل حيث يرى هذا الموقع (وقد زرته فعلياً ، و أقوم بزيارته كل عام) ، و يكشف منطقة العبور كاملة و كان يمكن إستغلاله لتوجيه نيران المدفيعه المصرية ، و كان أيضاً سيكشف الكمين للواء 25 مدرع .
4- تحرك جسر المعديات من الطاسة إلى منطقة العبور بدون علم المصريين وهو جسر ضخم يحتاج إلى أربع دبابات لسحبه و يتحرك ببطء شديد و هي نادرة فريدة ألا يصاب أو يتعرض للقصف المصري أو حتي يتم إكتشافه .
5- عدم الإحساس بأهمية إمداد اللواء 16 و الفرقة 16 بما يلزم من ذخائر إضافية حيث إرتدت قوات الكتيبة 16 من موقع تقاطع الطرق ، و من المزرعة الصينية لنفاذ الذخائر .
6- عدم سحب عربات و دبابات الفرقة 21 المدرعة بعد فشل الهجوم المضاد و عدم إعادة تجميعها في محلها الأصلي بالنطاق التعبوي للجيش الثاني أدى إلى كثرة الخسائر بالفرقة 21 و الفرقة 16 نتيجة القصف المستمر للعدو على الفرقة المكتظة ، و كذلك إستمرار عدم وجود إحتياطي تعبوي للجيش الثاني غرب القناة .
7- خطة دفع اللواء 25 لن أعلق عليها لأنها مذبحة للواء ، و ضرب من ضروب الجنون في تلك الحرب .
8- خطط دفع الألوية 116 و 23 و الكتيبة 85 مظلات و الكتيبة 73 صاعقة تدل على أن الأمور قد خرجت عن السيطرة في الجيش الثاني تماماً .
9- تعيين اللواء / عبد المنعم خليل قائداً للجيش الثاني يوم 16 و هو كان قائد المنطقة المركزية خلفاً للواء / سعد مأمون الذي أصيب بأزمة قلبية يوم 14 أكتوبر .
ألم يكن من الأفضل ترك الأمور في يد اللواء / تيسير العقاد رئيس أركان الجيش الثاني فهو على علم بكل ما يجري من تطورات و أوضاع القوات .
10- عدم دفع القوات الجوية و خاصة قاذفات التي يو 16 و اليوشن لقصف منطقة الإنتظار المحتملة لقوات العدو في الدفرسوارغرب القناة بالقنابل ، و تسوية تلك المنطقة بالأرض .
11- إستمرار الشعور بالأمان نتيجه البلاغ الخاطئ بوجود 7 دبابات فقط ، و عدم ربط ما يحدث للفرقه 16 مشاة بخبر التسلل لغرب القناة و عدم الربط بين الأمرين و تلك الخريطة التي وقعت في يد قواتنا يوم 8 أكتوبر .
12- ظل الجيش الثالث بعيد عن أي تدخل فعلي فيما يحدث للفرقة 16 مشاة و لم يتم عمل أي غطاء مدفعي بعيد المدي لقصف منطقة جنوب الدفرسوار .
13- عدم إستخدام قوة الكتيبة 603 برمائي والمسيطرة على نقطة كبريت في دفع قوات إستطلاع لتحديد ما يجري جنوب الفرقة 16 .
14- عدم عمل إستطلاع جوي لمنطقة المعارك خلال الحرب تماماً ، و كان يوجد طائرات سوخوي وميج 21 وميراج واليوشن 28 مصرية مخصصة للإستطلاع كان يمكن أن تقوم بأعمال إستطلاع تكتيكي للجيش الثاني و الثالث قبل و بعد تطوير الهجوم .
15- عدم القيام بأي أعمال هجومية للفرقة 18 مشاة و الفرقة الثانية مشاة في قطاع الجيش الثاني لتخفيف الضغط عن الفرقة 16 مشاة .
16- ترك اللواء 23 مدرع منتظر في تقاطع عثمان أحمد عثمان لمدة 24 ساعة من يوم 17 إلى يوم 18 ، وعدم مشاركته اللواء 116 في هجومه بل تركته القيادة ليهاجم متاخراً بيوم .

ما كان يجب أن يتم في رأيي
أن يتم دفع قوة (مهما كانت) إلى نطاق الفرقة 21 المدرعة بعد عبورها إلى شرق القناة ، وفي فرض عدم القيام بتلك الخطوة فور أول بلاغ  بوجود تسلل إسرائيلي غرب القناة كان يجب أن يتم التعامل معه كالأتي :
أولاً خطة الإحتواء يوم 16 أكتوبر
1- دفع دوريات إستطلاع من الجيش الثاني فوراً لتحديد حجم قوة العبور .
2- تحريك اللواء 23 مدرع إلى منطقة اللواء 116 ميكانيكي لسد فراغ الفرقة 21 المدرعة يوم 16.
3- دفع كتيبة صاعقة و كتيبة مظلات كقوات إستطلاع بالقوة و نصب الكمائن اللازمة مع تعليمات مشددة بعدم التمسك بالأرض مهما كان .
3- سحب اللواء 25 مدرع من شرق القناة إلى فايد غرب القناة و جنوب الدفرسوار .
4- ضرب مدفعي و جوي مكثف على منطقة العبور .
5- إمداد الفرقة 16 بذخائر من الفرقة 18 مشاة و خصوصاً ذخائر م د .
6- سحب أفراد الفرقة 21 المدرعة بدون دبابات إلى منطقة الجيش الثاني لإعادة تجميع الفرقة و يتم ترك الدبابات في نطاق الفرقة 16 لإعادة تكوين اللواء 14 مدرع لتعود للفرقة قوتها قبل يوم 14 أكتوبر .
ثانياً خطة تصفية الثغرة يوم 17أكتوبر
دفع اللواء 25 مدرع بضربة قوية من فايد إلى الدفرسوار (الجنوب للشمال) .
دفع اللواء 23 مدرع بضربة قوية تجاه الدفرسوار من الشرق للغرب .
وضع اللواء 116 نسق ثاني اللواء 23 مدرع .
وضع كتيبة صاعقة و كتيبة مظلات في الشمال من الدفرسوار لعدم هروب العدو .
قصف مدفعي من مدفعية الجيش الثاني و الفرقة الثانية مشاة تجاه نقطة الدفرسوار .
عدم أشراك الفرقة 16 في أي قتال بهدف غلق ممر العبور
تقتضي الخطة بعمل ضربة قوية بقوة 200 دبابة تجاه نقطة الإنتظار للعدو في الدفرسوار و تقدر قوة العدو وقتها بـ 30 دبابة و 2000 مظلي .
و الهدف تطهيرالمنطقة غرب القناة من قوات العدو تماماً .
في ظل تفوق يصل 7 إلى واحد في الدبابات ، وعدم إشراك الفرقة 16 في أي قتال مهما كان وعلى فرض نجاح القوات المصرية في تطهير المنطقة غرب القناة من قوات العدو ستصبح قوات العدو شرق القناة و جنوب الفرقة 16 في موقف حرج للغاية حيث تنتظر مئات الدبابات من فرقه أدان و ماجن و شارون في قطاع ضيق جداً في إنتظار العبور ، و الذي لم تم وصول دبابات اللواء 23 إلى منطقة الدفرسوار مع العمل على إحتلال المصاطب الدفاعية و قصف العدو أيضاً .
فور إنتهاء المعركة يوم 17 يعود اللواء 25 مدرع إلى قطاع الفرقة السابعة منتصراً ، و بذلك تكون مساله الثغرة قد حسمت .
في المرحلة التالية تقوم الفرقة 16 مشاة بتثبيت أماكنها على الأرض و في إستنزاف قوة العدو و التي لابد و أنه سيقوم بسحبها تجاه العمق و الطريق العرضي رقم 3 للبعد بدباباته عن مدي أسلحة الرمي المصرية م د .
ومن بعدها يمكن للفرقه 16 أن تعود و تسيطر على تقاطع الطرق و نقطة تل سلام

عن leroydeshotel

شاهد أيضاً

تاريخ العلاقات اليهودية الاوروبية في الالف سنة الاخيره باختصار

صفحة د علي القرة داغي منصة اكس : المؤرخ الدكتور عصام خليفة:* *رحلة تاريخية لألف …