د . آمنة نصير: الأزهر لا يستطيع تجديد الخطاب الديني
طباعة
dostor.org/228421
– رأت أن المشروع يحتاج جيلًا جديدًا من العلماء.. وآثاره لن تظهر قبل 20 عامًا
– التشدد وراء انتشار الإلحاد.. وأطالب بإلغاء عقوبة ازدراء الأديان وحل الأحزاب الدينية
– رافضو توثيق الطلاق الشفهى يبحثون عن بطولات زائفة وعليهم تهذيب ألسنة الرجال
رأت الدكتورة آمنة نصير، أستاذ الفلسفة والعقيدة بجامعة الأزهر، عضو مجلس النواب، أن علماء الأزهر غير قادرين على تبنى جهود تجديد الخطاب الدينى، نظرا لالتزامهم التام بالموروث الذى يحول دون التجديد. واعتبرت، فى حوارها مع «الدستور»، أن ملف التجديد خارج حسابات الأزهريين، وهو ما رصدته فى أحاديثها مع قياداته أثناء عمادتها كلية «الدراسات الإسلامية»، بعد طرحها هذا الموضوع عام ١٩٩٩، داعية المجددين إلى عدم الالتفات إلى ما يتعرضون له من هجوم إن كانوا يرغبون فى مصلحة هذا الدين.
وأرجعت عدم استجابة بعض العلماء لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى الداعية إلى تقنين «الطلاق الشفوى» إلى بحثهم عن بطولات زائفة، مشددة على ضرورة تعديل المناهج الأزهرية القائمة على الحشو والتلقين، بالإضافة إلى حل الأحزاب الدينية وإلغاء مادة ازدراء الأديان من قانون العقوبات.
■ بداية.. هل تعتقدين أن الأزهر قادر على قيادة جهود تجديد الخطاب الدينى؟
– الأزهر لا يستطيع تجديد الخطاب الدينى قولا واحدا، فهذه المؤسسة التى تربت على النصوص والموروثات يصعب على أبنائها الخروج عنها قيد أنملة، فهم تربوا على ذلك، لأن من شب على شىء شاب عليه، ومن تربى على ثقافة معينة وتراث ما لن يقبل بتغييره.
■ لماذا يشكل التراث عائقًا أمام التجديد؟
– لأننا ورثنا ميراثا ضخما من اجتهادات الفقهاء وأصحاب الآراء، ما أوجد لدينا حالة من التشبع وعدم الحاجة إلى الاجتهاد وقدح العقل، حتى نخرج باجتهادات جديدة تناسب العصر.
فهذا الرصيد الضخم من التراث أوجد حالة من التشبع والتكاسل، ومنذ القرن العاشر وحتى الآن لم يخرج منا فقيه مجتهد مثل سابقيه، وهى كارثة، وكثير منهم لم يستطع أن يغير أو يضيف أى مفاهيم جديدة، بل التزم بالموروث الذى كان رائعا وفقا لثقافة أهل زمانه وطبيعة أفكارهم، لكنه لم يعد صالحا لهذا العصر.
فكتب التراث أزمة، لأننا لم نأخذ منها ما يتصالح مع عصرنا، وهذه هى المشكلة الحقيقية مع الموروث، كما أن العقل المعاصر عليه أن يدرك الحاجة إلى أفكار التجديد والطريق الصحيح إليها.
■ ألا يوجد بين علماء الأزهر من يستطيع قيادة جهود الإصلاح؟
– علماء الأزهر هم ورثة، وقفوا بأمانة شديدة على ما ورثوه، دون أن يضيفوا إليه شيئا، لذا فهم لا يجتهدون ولا يتركون من يجتهد، بل يقفون بالمرصاد ضد أى جديد، ولا يفعلون سوى الرفض وكأنه همهم الأكبر.
قديما كان يمكن أن يحدث هذا، ويأتى أى عالم أو أزهرى ليتمرد على الموروثات، لكنهم كانوا يغضبون عليه كما حدث مع محمد عبده، الذى رفضوه بكل الطرق، حتى إنهم عند وفاته استفتوا بعضهم فى جواز تشييعه والصلاة عليه.
وهذه الدرجة من كراهية التغيير منعتهم من إدراك مغزى قول سيد الخلق محمد «صلى الله عليه وسلم»: « إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا».
■ ألا يعد الشيخ الشعراوى مجددا؟
– الشيخ الشعراوى واعظ نادر الوجود ومرقق وصاحب وعى ثقافى بقيمة القرآن، لكنه فى المقابل لم يجتهد أو يقدم إضافات بل التزم بآراء من سبقوه، مثل غيره من رجال الأزهر الذين لا نجد لهم اجتهادا معاصرا فى بعض القضايا المهمة مثل قضايا المرأة أو السياسة، أو غيرها من المستجدات، بل معظمهم يجلس فقط للهجوم على من يقترب من أى نص ويحاول الاجتهاد فيه، لأنهم ليسوا مجتهدين حقيقيين.
■ هل سبق لك طرح فكرة التجديد أثناء عملك بجامعة الأزهر؟
– أنا لست خريجة الأزهر، لكنى نشأت فى جامعته ورقانى شيوخه حتى درجة الأستاذية والعمادة، وبالفعل طرحت أفكار التجديد عليهم فى مجلس الجامعة عام ١٩٩٩، وقلت: «يا عمداء جامعة الأزهر.. هل نحن قادرون على عبور الجسر بين جذورنا التى نخشى أن نقتلع منها رغم عدم اقتناعنا بها وبين مستجدات عصرنا التى نشعر تجاهها بالغربة؟، وهل يمكننا أن نخرج طلابا جامعيين قادرين على أن يتواكبوا مع هذا الزمن؟».
لكنى للأسف لم أجد إجابة لهذا السؤال حتى نهاية الاجتماع، حتى إن الدكتور عبدالفتاح الشيخ، رئيس جامعة الأزهر وقتها، نظر إليهم وقال: «لماذا لم تجيبوا عن سؤال سيادة العميدة؟».
لذا أقول إن ملف تجديد الخطاب الدينى خارج حسابات الأزهريين على الإطلاق، رغم أن العصر الحديث له متطلبات جديدة، ولا بد أن يتواكب خطابنا معها، حتى لا تسير الدولة فى واد وهم بخطابهم فى واد آخر.
■ ألا يمكن حثهم على تغيير أفكارهم فى ظل تغير الظروف المجتمعية والسياسية؟
– من الصعب فى رأيى أن يقدم أحد من هذا الجيل على هذه الخطوة، نظرا لتشبثهم بالآراء والموروثات التى أصبحت تمثل ثوابت لا يمكن الاقتراب منها، أو الإضافة عليها، لذا فالعملية معقدة وتحتاج استجابة داخلية من قيادات الأزهر، وعلى رأسهم الإمام أحمد الطيب، شيخ الأزهر، على أن تكون نابعة من الاقتناع والإيمان بضرورة التجديد.
ويجب أن نعلم أن جهود التجديد ليست مجرد مائدة يجلس عليها البعض للحوار فتبدأ العملية، بل الأمر يحتاج إلى مناقشات وقناعات وأفكار حديثة ومتطورة لمواكبة العصر ومواجهة كافة أشكال الإرهاب التى تؤثر حاليا على الشباب وعلى حياتنا.
■ كيف يمكن تجاوز ذلك؟
– الحل الوحيد هو أن يأتى جيل جديد من غير هؤلاء الذين شبوا وعاشوا أعمارهم على هذا النوع من الولاء للموروث، فمن الصعب أن نقنع أحدهم الآن بترك مدرسة ابن حنبل، أو الخروج من أسرة الفقه الشافعى، فهذا الجيل أمين جدا على ما ورثه من تراث فى الفقه والشريعة.
وقبل ذلك، فعلى الأزهر أن يفتح عقله للجديد ويتعامل مع مستجدات الحياة من كافة جوانبها، كما أن عليه أن ينشغل أكثر بقضايا الشباب التى جعلت الملايين منهم يهربون إلى أحضان الإلحاد.
كما أن على المجددين ألا يخشوا من المهاجمين لهم إذا أرادوا التجديد الحقيقى لهذا الدين، وأذكرهم بما لاقاه الشيخ محمد عبده فى دعوته للتجديد، وما ناله من النقد والتجريح حتى أصبح الآن رمزا وعلامة من علامات الأزهر.
وأنا أعلم أن من لديهم نية التجديد يتخوفون من مواجهة النقد والهجوم، لكن على كل من يرغب فى الإسهام بنهضة هذا الدين ألا يبالى بالهجوم المنظم الذى يلاقيه أى مفكر أو مجدد فى هذه المرحلة.
■ فى رأيك ما أسباب انتشار ظاهرة الإلحاد بين الشباب؟
– الإلحاد نقيض التشدد، فإذا وجد التشدد وجد الإلحاد، وما نعيشه هو ثمرة من رفعوا «راية التسلف»، لأنهم بتشددهم جعلوا الشباب يهربون من فكرهم المقيت إلى الإلحاد.
■ كيف نظرت إلى رفض الأزهر تكفير الدواعش؟
– «داعش» هم تتار هذا العصر، وأستغرب جدا من رد فعل الأزهر تجاههم، وعدم تجريمهم وتكفيرهم بالشكل المطلوب.
■ البعض يتهم مناهج الأزهر بالوقوف خلف انتشار الأفكار المتشددة فى المجتمع.. فكيف ترين ذلك؟
– هذا صحيح، فالطلاب والدارسون يدرسون نصوصا صماء بطريقة التلقين دون الاهتمام بالشرح أو طرح الأفكار والفهم الدقيق الذى يتلاءم مع مستجدات العصر، وهذه المقررات ما هى إلا حشو، دون أى إبداع أو تطوير، وتقوم على الحفظ و«الدش» فقط.
والتعليم الأزهرى يعيش فى مأساة حقيقية، ولنا أن نتخيل إذا كانت المؤسسة الرئيسية بقياداتها عاجزة عن تجديد الخطاب الحالى، فما بالنا بالكتب والمقررات التى يدرسونها للطلاب!.
■ ألا يمكن إعادة صياغة هذه المناهج؟
– سبق أن طالبت بذلك، لكن لا ينفع أن أقول: «هاتوا مقص وقصوا المناهج»، بل يجب العمل على اختيار ما هو حسن من هذه العلوم، مع تجديد الخطاب الدينى لدى الطلاب أنفسهم، مع إعادة تأهيلهم بشكل فيه انفتاح واجتهاد بما يترك للعقل مساحته فى أن يفتش ويحلل ويبين.
فشتان ما بين عقلية التلقين والحشو من أجل دخول الامتحان والعقلية القادرة على التفكير والقبول والرفض والتحليل، ونحن تأخرنا كثيرًا فى هذا الأمر، رغم أن التعديل والارتقاء بالمناهج حسب مقتضيات الحياة بات مسألة ضرورية، لأن الاختلاف سنة الله فى الكون.
■ فى تقديرك.. متى سنشعر حقًا بوجود خطاب دينى مستنير؟
– أولا: يجب أن نبدأ الآن وفورا، أما شعور المواطن بهذا الخطاب الجديد فى حياته اليومية فلن يتم قبل عقدين كاملين.
■ الرئيس السيسى وجه أكثر من مرة بضرورة توثيق الطلاق الشفهى.. فلماذا يقف البعض ضد ذلك؟
– من يرفضون توثيق الطلاق الشفهى يبحثون عن تحقيق بطولات زائفة، فالزواج هو الميثاق الغليظ، ورغم ذلك أصبحت مصر صاحبة أعلى معدلات فى نسب الطلاق الشفوى، وكان الأولى بعلماء الأزهر أن يهذبوا لسان الرجال قبل البحث عن بطولات.
والمرأة المصرية أصبحت بحاجة إلى قانون يحمى كرامتها وإنسانيتها التى تهان كل يوم عندما يردد زوجها أمامها: «إنت طالق»، فهذا البيت لا يمكن أن يعرف الرحمة والمودة، كما لا يلتزم بضوابط النكاح وشروطه وأخلاقياته.
وهذه الحالة من عدم الاستقرار تنعكس على المجتمع وتجعله غير منتج أو مبدع، كما تؤدى إلى ظهور حالة من الحدة والغلظة والتعصب نراها كل يوم فى التعامل مع الرأى الآخر، لذا يجب أن نتحلى بالحكمة حين النظر إلى مستجدات العصر، خاصة فى قضايا المرأة التى استحدثت فيها أمور كثيرة عما كانت عليه فى العصور الأولى.
■ ما ضوابط التعامل مع النصوص القرآنية الخاصة بالمرأة فى رأيك؟
– علينا أن نتعامل بنور عقلى مع النص القرآنى والنبوى حتى نجد حلولًا لقضايا المرأة المعاصرة، فالنصوص القرآنية والنبوية لم تهن المرأة، بل تعاملت معها مثل الرجال، لذا لم يفرض الإسلام عليها النقاب الذى كان فى الشريعة اليهودية، بل أمر المؤمنين بغض البصر، كما أعطاها حقوقها، وتعامل معها باعتبارها مستخلفة فى الأرض.
وهذه النظرة المستنيرة فى التعامل مع النصوص هى ما يضيق به علماء الأزهر، لذا تعانى المرأة فى الوقت الحالى من امتهان كرامتها وإنسانيتها، لكنها أيضا ملومة لأنها صمتت على حقوقها.
■ ما موقفك من دعوات إلغاء عقوبة ازدراء الأديان التى يعتبرها كثيرون سيفا قانونيا يحول دون ممارسة التجديد؟
– سبق أن تقدمت بمشروع قانون لإلغاء ازدراء الأديان من قانون العقوبات، رغم أنى ضد إساءة الأدب مع الدين، وكافحت كثيرا فى سبيل ذلك، لكن للأسف تم رفضه، بعدما وقفت اللجنة التشريعية فى وجهه.
والمادة التى طالبت بحذفها كانت مليئة بالعوار الدستورى وتنبعث منها رائحة الأنا الغاشمة وديكتاتورية الفكر البائس ومصادرة الإبداع، كما كانت تخالف مواد الدستور التى تقر حرية الإبداع الفكرى والأدبى وتقضى بعدم جواز رفع وتحريك الدعاوى لمصادرة الأعمال الفنية والأدبية إلا من خلال النيابة العامة وليس من خلال الجمهور.
■ ما أسباب رفضهم مشروعك؟
– لأنهم يسعون للحفاظ على التدين المظهرى، كما أننا أصبنا بحالة من الحمى جعلتنا ندافع عن أى شىء دون علم أو دراية.
■ البعض يرى أن وجود هذه المادة يحول دون التعدى على الدين.. فما تعليقك؟
– هناك عشرات النصوص من القرآن والسنة الصحيحة التى أكدت حق الإنسان فى التفكير حتى فيما يتعلق باختيار العقيدة، والعقيدة والفلسفة الإسلامية تتبنيان قيمة الحرية المنضبطة التى يجب أن يتحلى بها الإنسان، وربنا قال: «فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر».
كما أن الله حين كلم نبيه قال: «لست عليهم بمسيطر»، «وما عليك إلا البلاغ المبين»، و«أفأنت تُكره الناس حتى يكونوا مؤمنين»، وإذا كان الله قد أقر الحرية لعباده، وألزم بها النبى فكيف نأتى نحن ونستخرج أفكارًا وآراء حسب هوى كل من رفع دعوى قضائية، تحت مزاعم حماية الشريعة لنصادر حق الإنسان فى اختيار الدين والعقيدة!.
■ ما رأيك فى دعوات حل الأحزاب الدينية؟
– أطالب بحل جميع الأحزاب التى تم تأسيسها على أسس دينية أو عقائدية ترفض الآخر، وأرى أنها تخالف مواد الدستور الذى نص صراحة على رفض ذلك، وأرى أن البعض يتلاعبون بالمصطلحات والعناوين ليوهمونا أن أحزابهم غير دينية رغم أنها كذلك فى كل بنودها وتصريحاتها.
ويأتى على رأس هذه الأحزاب حزب «النور» الذى تتبنى قياداته كثيرا من الأفكار التى تظهر فى تصريحاتهم وتحمل إهانات كبيرة للمرأة والأقباط وفئات المجتمع.
ما رأيك فى أفكار «ابن تيمية»؟
– «ابن تيمية» عاش فى فترة صعبة من تاريخ الإسلام، وهى فترة الصليبيين والتتار، لذلك نجد أن أغلب فتاواه عن القتل والإبادة، لأنها كانت فى مرحلة عانى منها العالم الإسلامى معاناة رهيبة، وهؤلاء التتار كانوا هم الدواعش الحقيقيين.
وحتى نكون منصفين، «ابن تيمية» تتم دراسة فتاواه بالحال الذى كان عليه فى زمانه وظروفه، وهو دون شك أضاف للفكر الفقهى، وما جاء فى بعض فتاواه التى يهاجمها البعض لا يجعلنا نهيل التراب عليه وعلى علمه الوفير، لأنه عاش فى مرحلة صعبة، كان لا بد للفقيه وقتها أن يقدم هذه النوعية من الفتاوى.
الدستور
اقرأ أيضا :
د صلاح فضل : الأزهر غير قادر على تحديد الخطاب الديني
دعا الدكتور صلاح فضل، أستاذ النقد الأدبى، إلى تفعيل الإرادة السياسية الداعية لإصلاح الفكر الدينى، عبر الانتقال من التلميح إلى التصريح والتوجيهات الواضحة من أجل تحقيق التجديد على أرض الواقع.
ورأى المفكر الكبير، فى حواره مع جريدة “الدستور”، في عدد الأحد 5 أغسطس 2018، أن تجديد الفكر الدينى فى مصر يصطدم بعدة معوقات، أهمها البنية التشريعية التى تتضمن قانونا لازدراء الأديان يهدد كل صاحب فكر مختلف بالعقوبة والحبس، معتبرا أن أولى خطوات الإصلاح تتمثل فى تطوير القوانين وتفعيل مواد الحريات فى الدستور.
ورأى فضل أن التيارات السلفية فى مصر تشهد حاليا مرحلة انحسار فى دورها، نتيجة محاولات ولى العهد السعودى، الأمير محمد بن سلمان، القضاء على نفوذ السلفيين فى السعودية، معتبرا التعويل على جهود الأزهر فى التجديد غير موضوعى، لكون المؤسسة غير قادرة على ذلك فى ظل دورها التاريخى كراعية ومحافظة على التراث.
وأوضح قائلا: “ الأزهر مؤسسة دينية عظيمة، لكن التجديد لا يمكن أن يصدر منها، لأن وظيفتها الأسياسية هى الحفاظ على القوالب الدينية، ولا يمكن أن تعمل على تغيير النظام الذى تقوم على حراسته، فكيف يمكننا أن نطلب من حارس عدم التغيير أن يقوم هو نفسه بالتغيير؟”.
تابع، أن التجديد يـقـوم بـه المشرعون والـمـفـكـرون والفلاسفة والمثقفون، وأيـضـا يقوم بـه الأفـــراد أنفسهم إذا توافرت لهم الحماية القانونية والإرادة السياسية.
أما عن دور وزارة الأوقاف في تجديد الخطاب الديني، قال: “ بعض الأئمة يعملون فى مهن أخرى إلى جوار عملهم فى المساجد، ويجب هنا أن تهتم أجهزة الـدولــة بـهـم، لتركيز عملهم عـلـى الــدعــوة فقط، وتثقيفهم بالدورات والتدريبات.
وهــذه المؤسسة يجب أن تحيل المساجد إلى مكتبات، وتخضع الائمة للتدريب المستمر والتعليم والقراءة المستنيرة والــدورات، مثل أى جندى فى الميدان، ولا بد أن تعيد تنمية وعيهم الثقافى دون أن تتركهم فى هـذه الحالة التى يمكنها أن تدمر الشباب بالخطب والأفكار غير المنظمة”.
أضاف فضل: “المساجد يجب أن تكون منارات حقيقية للفكر المستنير وللدين، ولا بد أن تتبنى الدولة بأجهزتها المختلفة وفى مقدمتها وزارتـا الأوقاف والبحث العلمى تحويلها إلى مراكز علمية. بمعنى أنـه قبل تأسيس المسجد يجب أن تقام به مكتبة، ليصبح مكانا للعبادة وللقراءة والتأمل، وتصبح الكتب الموجودة به من كتب الدين والدنيا والعلم والثقافة لبناء الإنسان، لا ترويج الخرافات وصـنـاعـة الـتـعـصـب، فـهـذه هــى رســالــة المسجد الحقيقية، لأن الجامعة والجامع توأمان”.
الجمعة، 29 يونيو 2018
قال الدكتور جابر عصفور وزير الثقافة الأسبق، إن الأزهر هو الذى أسهم تاريخياً فى تجميد الخطاب الدينى، ووصفه بـ”عدو لتجديد الخطاب الدينى”، على حد قوله.
وأضاف عصفور، خلال لقائه ببرنامج “نظرة”، مع الإعلامى حمدى رزق، أن ذلك ليس تعسفاً لفظياً أو طعن فى الأزهر، موضحاً أن الإمام الاكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر صديقه ويجله ويحترمه، لكنه ليس الأزهر.
وأشار “عصفور”، إلى أن السلفيين هم العدو الثانى لتجديد الخطاب الدينى، فهم يؤمنون بقاعدة أنه كلما ابتعدت عن عصر النبوة يتم الانحدار.
اليوم السابع
29 يونيو 2018