تعرض عالم من علماء سوريا الى عملية اغتيال في قلب الأراضي السورية، وجرى توجيه الاتهام الى إسرائيل، ومعه يعود الحديث عن فرق الاغتيال والموت الإسرائيلية التي تدور حولها أساطير ويلفها الغموض.
وتوجيه أصابع الاتهام الى إسرائيل عمل طرح برغماتي، فقد اعتادت إسرائيل اغتيال العلماء العرب خوفا من مساهمتهم في تطوير الأسلحة، ولأنها تبقى الجهة الوحيدة المتضررة من تطور قوة أي دولة عربية وبالخصوص إذا كانت جارة لها مثل سوريا، وكذلك إذا كان بينهما عداء تاريخي على خلفية أراض مثل احتلالها للجولان.
وفي المقابل، لا تقوم الدول الغربية باغتيال العلماء العرب بل تعمل على استقطابهم الى مراكز أبحاثها في مختلف الدول الأوروبية والولايات المتحدة، وهو ما حدث مع فئة من العلماء استقطبتهم واشنطن من العراق بعد 2003، وعملت نفس الأمر مع علماء نازيين بعد الحرب العالمية الثانية.
وأقدم كوماندوز إسرائيلي منذ أيام على اغتيال اللواء عزيز إسبر مدير مركز البحوث العلمية في سوريا في مدينة مصياف بسيارة مفخخة، ومعه يعود الحديث عن من نفذ العملية، ونشرت الصحافة الدولية والعربية أخبارا عن وحدة سرية تسمى “كيدون” المسؤولة عن الاغتيال.
وعكس ما تتداوله الصحافة الدولية وتعتمد في معلوماتها على كتب معينة “عن طريق الحيل” فيكتور أوفستروفسكي، والكتاب الآخر لنفس المؤلف “الوجه الآخر للحيل” ثم كتاب غوردون تواماس بعنوان “جواسيس غيدينس″، ورغم الترحيب بمضمون هذه الكتب، يشكك خبراء في صحة المعلومات ويميل بعضهم الى اعتبار الكتب تجمع بين معلومات صحيحة وأخرى تغليطية ولكنها تدخل في باب التهويل لتحويل الأجهزة الاستخباراتية الإسرائيلية الى أسطورة.
الوحدة المكلفة في إسرائيل بتنفيذ الاغتيالات والعمليات الخاصة جدا هي وحدة “غيدين”، تابعة للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية “آمان” ولا علاقة لها بالموساد، وتؤتمر بأوامر الرئاسة والكنيس اليهودي، تأخذ أوامرها من رئيس الوزراء الإسرائيبلي بمصادقة مسبقة ومراقبة صارمة من القيادة الدينية العليا.
وهذه الوحدة تستوحي اسمها من المقاتل والقاضي الإسرائيلي المذكور في العهد القديم من الثوراة ويعني “المدمر” الذي تسرب سرا الى معسكر الأعداء لتدميرهم وتحول الى بطل قومي عند بنو إسرائيل، وهي مكونة من مقاتلين من النخبة من مختلف الوحدات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، مثلا البعض يأتون من سيريت مثكال، شياتيت 13.
ومن ضمن الشروط التي يجب أن يتوفر عليها العضو في هذه الوحدة ميزة التشدد الديني والإيمان بالتنبؤات الدينية وأنه في خدمة الرب، وعندما يغتالون شخصا مستهدفا يقومون بالصلاة عليه، وإذا فشلوا في الاغتيال يقولون وقتها “الرب الى جانب هذا الشخص ومشيئة الرب أن يبقى على قيد الحياة”، في هذه الحالة، يتولى قسم آخر من الموساد بتنفيذ عملية الاغتيال إذا ارتآى ذلك.
والى جانب غيدين، يوجد فريق “كيدون”، رأس الحربة، الذي يتولى تسهيل المهمات الخارجية مثل توفير اللوجستيك والحماية والاتصالات وهو الفريق الذي يهيئ كل الظروف لإنجاح العملية. مثلا، لو كان أحد من فريق غيدينس الذي اغتال المبحوح في الإمارات العربية قد تعرض لجرح خطير، سيتولى عضو من كيدون نقله الى عيادة سرية لعلاجه وبدعم من عملاء يعرفون ب سيانيم.
واعتاد الكثير من الخبراء والمحللين الخلط بين الوحدات والأجهزة، ويتحدثون في حالة إسرائيل عن الموساد البالغ عددها 1200 عضوا فقط دون الانتباه الى وحدات الاستخبارات العسكرية التي تمتلك كلمة الفصل والتي يتجاوز أعضاءها سبعة آلاف ويمتلكون معدات ولوجيستيك أكثر من الموساد.
ومن ضمن الأمثلة الشهيرة من الولايات المتحدة، يوجد الاعتقاد في تنفيذ وكالة الاستخبارات الأمريكية سي إي إي عمليات الاغتيال، لكن معظم العمليات تنفذها وحدات تابعة للاستخبارات العسكرية أو الجيش الأمريكي. وكان فريق نايفي سيل رقم 6 التابع للجيش هو الذي نفذ عملية اغتيال زعيم القاعدة أسامة بن لادن وليس سي إي إي. وهذا ما يحدث مع إسرائيل، الموساد يتولى التحليل وجمع المعلومات والمراقبة وناذرا ما ينفذ عمليات، بينما وحدات “غيدين” هي التي تنفذ عمليات الاغتيال.
وحدة “غيدين” نجحت في تنفيذ عمليات في مجموع العالم العربي وفي الخارج، وتستفيد من ضعف الاستخبارات العربية وسهولة استقطاب العملاء في العالم العربي.