السعودية والإمارات قدمتا المال والسلاح لـ«القاعدة» باليمن.. The Associated Press تكشف تواطؤ واشنطن وحلفائها مع التنظيم «الجهادي»

 هاف بوست :

هذا لأن التحالف أبرم اتفاقاتٍ سريةً مع مقاتلي «القاعدة»، ودفع لبعضهم مقابل الرحيل عن مدنٍ وبلداتٍ محوريةٍ، وسمح لآخرين بالانسحاب بأسلحتهم ومعداتهم وآلاف مؤلَّفة من الأموال المسلوبة، حسبما كشف تحقيقٌ لوكالة أنباء The Associated Press؛ بل وجند التحالف مئات آخرين منهم للانضمام إلى التحالف نفسه.

محاربة «القاعدة» لكن المهمة الأكبر الانتصار على الحوثيين

سمحت هذه التسويات والتحالفات لمقاتلي «القاعدة» بالنجاة بأنفسهم لاستكمال القتال في غير مكان ومناسبة، وبتنا في مواجهة خطر أن قويت شوكة أخطر فرع من شبكة الإرهاب التي نفذت هجمات 11 سبتمبر/أيلول. وقال أطرافٌ شاركوا بشكل رئيسي في عقد هذه الاتفاقيات، إن الولايات المتحدة كانت على علمٍ بهذه الترتيبات وأوقفت غاراتها بالطائرات من دون طيَّار بشكل كامل.

وتعكس الاتفاقيات التي كشفت عنها وكالة Associated Press تضارب المصالح بين الحربين اللتين شُنَّتا في الوقت ذاته بذاك الركن الجنوب الغربي من شبه الجزيرة العربية.

في أحد الصراعات، تعمل الولايات المتحدة مع السعودية و الإمارات ، ولا سيما الإمارات العربية المتحدة، للقضاء على فرع المتطرفين المعروف باسم تنظيم القاعدة في جزيرة العرب. لكنّ المهمة الأكبر هي الانتصار في الحرب الأهلية ضد المتمردين الحوثيين، المدعومين من إيران. وفي ذاك الصراع الآخر ضد الحوثيين، يقف مقاتلو «القاعدة» من الناحية الفعلية في صف التحالف الذي تقوده السعودية، والولايات المتحدة بالتبعية.

وقال مايكل هورتون، الزميل في «جايمس تاون»، وهي مجموعة أميركية متخصصة في التحليل تتبع قضية الإرهاب: «من الواضح أن عناصر الجيش الأميركي على علمٍ بأن كثيراً من نشاطات الولايات المتحدة باليمن تساعد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، وهناك تخوفٌ كثيرٌ حيال ذلك».

واستطرد هورتون قائلاً: «إلا أن الولايات المتحدة تعطي الأولوية لدعم الإمارات والسعودية ضد ما تراه سياسةً توسعيةً إيرانيةً، وليس لقتال تنظيم القاعدة ولا حتى لاستقرار اليمن». وتستند النتائج التي توصلت إليها وكالة Associated Press إلى تقارير صحافية تصل من اليمن ومقابلات مع 24 مسؤولاً، من بينهم ضبّاط أمن يمنيون، وقادة ميليشيات، ووسطاء قبليون، و4 أعضاء من فرع تنظيم القاعدة في جزيرة العرب. وقد تحدثت جميع تلك المصادر، إلا قليلاً منها، بشرط عدم الإفصاح عن هويتها؛ خشية التعرض لعمليات انتقامية؛ إذ تتهم الفصائل المدعومة من الإمارات، كغيرها من معظم الجماعات المسلحة في اليمن، باختطاف وقتل من ينتقدها.

بل أكثر من ذلك.. التحالف «جنّد مقاتلين من القاعدة»

وانتهت وكالة Associated Press إلى أن الميليشيات المدعومة من تحالف السعودية و الإمارات تعمل بكثافة على تجنيد مقاتلي تنظيم القاعدة، أو من كانوا أعضاء فيه حتى وقت قريب؛ لأنهم يُعتبَرون مقاتلين استثنائيين.

تتألف قوات التحالف من مزيج مربك من الميليشيات والفصائل وأمراء الحرب القبليين والقبائل التي لها مصالح ذات طابع محليّ بحت. وثمة تداخل بين مقاتلي تنظيم القاعدة في جزيرة العرب والكثير منهم.

ولا يزال قائدٌ يمنيٌّ أُدرج على قائمة الإرهاب الأميركية، بسبب علاقاته مع تنظيم القاعدة العام الماضي (2017)، يتقاضى أموالاً من الإمارات لإدارة الميليشيا التابعة له، كما صرح نائبه نفسه لوكالةAssociated Press. وثمة قائد آخر منحه الرئيس اليمني مؤخراً 12 مليون دولار مقابل دعم قوته المشاركة في الحرب، مساعده أحد رموز «القاعدة» المعروفين.

وفي إحدى الحالات، بلغ الأمر بوسيطٍ قبليٍّ توسَّط في اتفاق بين الإماراتيين و»القاعدة» أن قدّم وليمة وداع للمتطرفين. وقال هورتون إن جزءاً غير يسير من الحرب التي تشنها الإمارات وحلفاؤها على «القاعدة» محض «مهزلة». وأضاف: «من شبه المستحيل في الوقت الراهن التفريق بين من هو من تنظيم القاعدة ومن ليس منها؛ نظراً إلى عقد قدرٍ كبيرٍ من الاتفاقيات والتحالفات».

وواشنطن على علم بذلك

أرسلت الولايات المتحدة أسلحةً بمليارات الدولارات إلى التحالف لقتال الحوثيين المدعومين من إيران. وغالباً ما يقدِّم مستشارون أميركيون إلى التحالف معلوماتٍ استخباراتيةٍ تُستخدَم في استهداف الأعداء على أرض اليمن، وتزوِّد الطائرات النفاثة الأميركية جواً الطائرات الحربية التابعة للتحالف بالوقود. ولكن الولايات المتحدة لا تموِّل التحالف، وليس ثمة دليل على منح وصول أموال أميركيةٍ إلى محاربي تنظيم القاعدة.

وصرح مسؤولٌ أميركيٌّ كبيرٌ للصحافيين بالقاهرة في وقتٍ سابقٍ من العام الجاري (2019)، بأن الولايات المتحدة تعلم بوجود عناصر من «القاعدة» بين الصفوف المقاتلة للحوثيين. وقال المسؤول، الذي اشترط عدم الكشف عن اسمه، إنه بسبب دعم أعضاء التحالف الميليشيات التي يرأسها قادةٌ إسلاميون متطرفون، «بات تسلل عناصر تنظيم القاعدة إلى ذلك الخليط أمراً بالغ السهولة».

غير أن البنتاغون أنكر بعد ذلك بشدةٍ، أي تواطؤٍ مع مقاتلي تنظيم القاعدة.

و كتب القائد البحري شون روبرتسون، الناطق باسم البنتاغون، في رسالة بريد إلكتروني إلى وكالة Associated Press: «منذ بداية عام 2017، نفذنا أكثر من 140 غارة قصف للتخلص من قادة تنظيم القاعدة والحد من قدرة التنظيم على استغلال المساحات غير الخاضعة لسيطرة الحكومة بغرض تجنيد عناصر جديدة، وتدريبها والتخطيط لعمليات ضد الولايات المتحدة الأميركية وشركائنا في أنحاء المنطقة».

وعلق مسؤول سعودي كبير قائلاً إن التحالف الذي تقوده السعودية «مستمر في التزامه بمكافحة التطرف والإرهاب».

ولم يجب ناطقٌ باسم الحكومة الإماراتية على استفسارات وكالة Associated Press.

بدأ التحالف القتال في اليمن عام 2015 بعد استيلاء الحوثيين على الشمال، بما فيه العاصمة صنعاء. وتصر الإمارات والسعودية على إيقاف ما تعتبرانها محاولةً من عدوتهم، إيران، للسيطرة على اليمن، ويتمثل الهدف المعلن للدولتين في إعادة تنصيب حكومة هادي المُعتَرَف بها دولياً.

وتنظيم القاعدة يستغل حالة الفوضى التي يشهدها اليمن لصالحه

وقالت كاثرين زيمرمان، زميلةٌ باحثةٌ في معهد المشروع الأميركي: «الولايات المتحدة بلاشك في ورطة في اليمن. فمن غير المنطقي أن تصنِّف الولايات المتحدة تنظيم القاعدة باعتباره تهديداً، ومع تغض الطرف عن وجوده في بعض الأماكن نظراً لوجود مصالح مشتركة في اليمن بيننا وبينه».

وفي أتون هذا الصراع المُعقَّد، قال تنظيم القاعدة إن أعداده -التي قدرت الولايات المتحدة أنها تتراوح بين 6000 و8000 عضو- تشهد تزايداً.

وقال أحد قادة القاعدة ممن يساعدون في تنظيم نشر القوات لوكالة Associated Press إن جبهات القتال ضد الحوثيين توفِّر مرتعاً خصبةً لتجنيد أعضاءٍ جددٍ. وقال: «بمعنى أننا حين نرسل عشرين مقاتلاً، نرجع بمئة».

وقد تواصل القائد المعروف مع Associated Press من خلال تطبيق مراسلةٍ آمنٍ واشترط عدم الكشف عن اسمه لأنه غير مخوَّل من التنظيم بالحديث إلى وسائل الإعلام.

وقد وصلت الأمور حد تقديم «وليمة وداع» للقاعدة

في فبراير/شباط، لوحت القوات الإماراتية وحلفائها من المليشيات اليمنية بعلامات النصر أمام الكاميرات معلنين استرداد مقاطعة الصعيد، وهي مقاطعة قروية تمتد من خلال محافظة شبوة الجبلية، وكانت خاضعة لسيطرة القاعدة قرابة ثلاث سنوات.

وقد صورت الإمارات هذا باعتباره انتصاراً مظفراً في عملية «السيف الحاسم» التي امتدت لشهور، وأعلن يوسف العتيبة، السفير الإماراتي في واشنطن، أنها «ستعطل شبكة المنظمة الإرهابية وتحُدَّ من قدرتها على شنِّ أية هجماتٍ مستقبليةٍ».

وكرر البنتاغون، الذي قدم مساعدةً بعددٍ صغيرٍ من القوات، ذلك الوعد، قائلاً إن المهمة ستُضعِف من قدرة التنظيم على اتخاذ اليمن قاعدةً له.

ولكن قبل أسابيع من دخول تلك القوات، كان هناك صفٌّ من الشاحنات الملآى بالرشاشات الآلية وبمقاتلي القاعدة المُقنَّعين يخرج من الصعيد دون أن يمسه أحد بسوء، وفقاً لما ذكر مصدر قبليّ شارك في إبرام اتفاق الانسحاب.

قتلت الولايات المتحدة كبار زعماء القاعدة في حملة شنتها بالطائرات دون طيَّار، التي تسارعت وتيرتها في السنوات الأخيرة. لكن في هذا الانتصار -كغيره من الانتصارات الأخرى التي يفتخر بها التحالف- قال الوسيط إن الطائرات الأميركية بدون طيّار لم تكن حاضرة في المشهد، رغم وجود قافلة كبيرة وواضحة للعيَّان من مسلحي التنظيم.

كما تلقوا أموالا مقابل رحيلهم

وينص الاتفاق على وعدٍ من التحالف لتنظيم القاعدة بأن يدفع لهم مقابل رحيلهم، وفقاً لعواد الدهبول، مدير أمن المحافظة. وقد صدَّق الوسيط ومسؤولان حكوميان يمنيان على روايته.

وقال الدهبول إن ما يقرب من 200 من أعضاء القاعدة تلقُّوا مبالغ ماليةً. لم يعلم بمقدار المبلغ بالتحديد، وإن كان قال إنه يعلم بدفع 100 ألف ريالٍ سعوديٍّ (26 ألف دولار) لأحد قادة القاعدة، في حضور الإماراتيين.

ووفقاً للاتفاقية، تقرر تجنيد آلاف من مقاتلي القبائل المحلية في ميليشيا النخبة الشبوانية التي تمولها الإمارات. وقال الوسيط والمسؤولان الحكوميان إن من بين كل ألف مقاتلٍ، هناك ما بين 50 إلى 70 من أعضاء القاعدة.

وأنكر صالح بن فريد العولقي، وهو زعيم قبيل موالٍ للإمارات ومؤسس فرع قوات النخبة، عقد أية اتفاقيات. وقال إنه وآخرين أقنعوا عناصر من شباب القاعدة بالانشقاق عن التنظيم، مما أضعف شوكته وأرغمه على الانسحاب من تلقاء نفسه. وقال إن قرابة 150 من المقاتلين المنشقِّين سُمح لهم بالانضمام إلى قوات النخبة، لكن بعد خضوعهم لبرنامج «استتابة».

ومن يرفض يواجه الموت

لم يخلُ تطهير شبوة والمحافظات الأخرى من القاعدة من القتال. فقد اندلعت اشتباكات في بعض القرى، معظمها مع فلول القاعدة الذين رفضوا الدخول في هذه الصفقات.

وقال عضو سابق في القاعدة لوكالة Associated Press إنه ورفاقه رفضوا عرضاً مالياً من الإماراتيين. وكان رد الإمارات على ذلك الرفض هو حصارهم من جانب فرقة من قوات النخبة في بلدة الحوطة حتى انسحبوا.

وقد انتهت وكالة Associated Press إلى أن إجمالي الصفقات التي عقدت مع القاعدة في عهد إدارتي أوباما وترمب قد ضمن لمقاتلي التنظيم الانسحاب من عدة مدنٍ وبلداتٍ كبرى استولى عليها عام 2015. وسمح الاتفاق الأول الذي أبرم في ربيع 2016 لآلاف من مقاتلي القاعدة بالانسحاب من المكلا، خامس أكبر المدن اليمنية وميناءٌ مهمٌّ على بحر العرب.

مُنح المقاتلون ممراً آمناً للخروج وسُمح لهم بالاحتفاظ بالأسلحة والنقود المنهوبة من المدينة -ويصل قدرها إلى 100 مليون دولار حسب بعض التقديرات- وفقاً لخمسة مصادر، من بينها مسؤولون عسكريون وأمنيون وحكوميون.

وقال زعيم قليّ بارز شهد رحيل موكب المسلحين: «لم يكن هناك أي نشاط لمقاتلات التحالف والطائرات بدون طيَّار الأميركية. كنت أتساءل لماذا لم يقصفوهم».

ووفقاً لقائد يمني كبير سابق، توسَّط شيخ قبيلة بين قادة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب في المكلا والمسؤولين الإماراتيين في عدن لإبرام الاتفاق.

ودخلت القوات المدعومة من التحالف بعد يومين، معلنةً مقتل المئات من المسلحين مع الاحتفاء بالانتصار باعتباره «جزءاً من جهودٍ دوليةٍ مشتركةٍ لدحر التنظيمات الإرهابية في اليمن».

وقد تجدهم اختفوا فجأة دون قتال

لكن لم يذكر أي من الشهود مقتل مسلحين من القاعدة. وقال صحفيٌّ محليٌّ تحدث إلى Associated Press بشرط عدم ذكر اسمه: «لقد استيقظنا ذات صباح ووجدنا القاعدة قد اختفت دون قتال».

وبعيد ذلك، أُبرِم اتفاقٌ آخر لانسحاب القاعدة من ست بلدات في محافظة أبين، بما فيها العاصمة زنجبار، وفقاً لخمسة وسطاء قبليين شاركوا في المفاوضات. ومجدداً، قال الوسطاء إن البند الرئيسي كان امتناع التحالف والطائرات بدون طيَّار الأميركية عن أي قصفٍ أثناء انسحاب القاعدة بأسلحتها.

وقال أربعة مسؤولين يمنيين إن الاتفاق اشتمل أيضاً على بندٍ ينصُّ على ضمِّ 10 آلافٍ من رجال القبائل المحليين -بينهم 250 من مقاتلي القاعدة- إلى قوات الحزام الأمني، المدعومة من الإمارات في المنطقة.

استمر رحيل المسلحين لما يقرب من أسبوعٍ في مايو/أيار 2016 في شاحنات. وقال أحد الوسطاء إنه أقام وليمة وداعٍ لآخر المقاتلين الراحلين وسط بساتين الزيتون والليمون التي يملكها عندما مرُّوا بمزرعته لتحيِّته.

وقال وسيط آخر هو طارق الفضلي، جهاديٌّ سابقٌ درَّبه الزعيم السابق للقاعدة أسامة بن لادن، إنه كان على تواصلٍ مع مسؤوليين في السفارة الأميركية وفي التحالف الذي تقوده السعودية، لموافاتهم بآخر الأخبار عن الانسحاب. وقال: «حين رحل آخر مقاتلٍ، اتصلنا بالتحالف لنخبرهم أنهم رحلوا».

اتهامات للتحالف بتقديم أموال لعناصر القاعدة

حين تحصر تفكيرك في تنظيم القاعدة في أنه منظمة إرهابٍ دولية فأنت بذلك تغفل الوجه الآخر لحقيقته. بالنسبة إلى العديد من اليمنيين، لا يعدو التنظيم كونه مجرد فصيل آخر على الساحة، فصيلٌ فعَّال جداً ومدجج بالسلاح وتتمتع بالصلابة القتالية.

وأعضاء التنظيم ليسوا غرباء مجهولين. فعلى مرِّ السنين، ثبت تنظيم القاعدة أركانه في نسيج المجتمع بتوطيد العلاقات مع القبائل، وشراء الولاءات ومصاهرة العائلات الكبرى.

وكثيراً ما يجد المشتغلون بأمور الحكم والسياسة في هذا أداةً نافعةً.

وقد تأسس هذا النموذج على يد علي عبد الله صالح، الرئيس الذي حَكَمَ اليمن زمناً طويلاً قبل عبد ربه منصور هادي. إذ تلقَّى ملياراتٍ من المساعدات الأميركية لقتال القاعدة بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول، رغم أنه جنَّد بعض مقاتليه لقتال خصومه. وقد اتُّهم نائب الرئيس الحالي علي محسن الأحمر بتجنيد الجهاديين، وقد كان قائداً عسكرياً لمدة عقودٍ.

في ضوء هذا كله، ربما المثير للدهشة هو ألا نجد مسلحي القاعدة في صفوف الحرب ضد الحوثيين، لا سيما أنهم على مذهب أهل السنة الذين يسعون إلى إلحاق الهزيمة بالمتمردين الشيعة.

وهم متواجدون على جميع جبهات القتال

قال خالد باطرفي، أحد كبار زعماء التنظيم، في مقابلةٍ لم تُنشر عقدها في 2015 مع صحفيٍّ محليٍّ وحصلت عليها Associated Press، إن مقاتلي القاعدة موجودون على جميع جبهات القتال الكبرى ضد المتمردين.

وقال باطرفي الشهر الماضيفي جلسة نقاشية نشرتها القاعدة إن «من على الخطوط الأمامية بالتأكيد يعلمون بمشاركتنا، التي تتمثل إما بالقتال الفعليِّ مع إخوتنا في اليمن أو دعمهم بالسلاح».

وأضاف باطرفي إن القاعدة قد قلصت من هجماتها ضد قوات الرئيس عبد ربه هادي والقوات المدعومة من الإمارات لأن الهجوم عليهم يصب في مصلحة الحوثيين.

وقال عضو آخر من كبار أعضاء تنظيم القاعدة في جزيرة العرب في ردودٍ خطيةٍ على أسئلة لوكالة Associated Press إن فرع التنظيم في جزيرة العرب يسير على نهج زعيم التنظيم الدولي أيمن الظواهري والمتمثل في التركيز على قتال المتمردين.

وانتهت وكالة Associated Press إلى أنه في بعض الأماكن، ينضم المقاتلون إلى المعارك بشكل مستقل. لكن في العديد من الحالاتٍ، يضمهم قادة المليشيات من الطائفة السلفية المتشددة والإخوان المسلمين إلى صفوفهم، حيث يستفيدون من تمويل التحالف. ويعد فرع الإخوان المسلمين في اليمن منظمة سياسية إسلامية متشددة متحالفة مع هادي.

وقال عضو القاعدة إن اثنين من القادة الأربعة الذين يدعمهم التحالف على امتداد البحر الأحمر من حلفاء القاعدة. وقد أحرز التحالف تقدماً كبيراً على الساحل، ويحارب حالياً لاسترداد ميناء الحديدة.

وهم مستعدون للتحالف » مع الشيطان»

وأظهرت تسجيلات مرئية التقطتها Associated Press في يناير/كانون الثاني 2017 وحدةً مدعومةً من التحالف تتقدم صوب المخا، في عملية شكلت جزءاً من حملةً ناجحة لاستعادة البلدة الواقعة على البحر الأحمر.

وأعلن بعض مقاتلي الوحدة صراحةً عن انتمائهم إلى القاعدة، ويرتدون الزي الأفغاني ويحملون أسلحةً عليها شعار التنظيم. وفور اعتلائهم الشاحنات التي على ظهرها رشاشات آلية، بات من الممكن أن نرى في الأفق انفجاراتٌ ناتجةٌ عن غاراتٍ جويةٍ نفذها التحالف.

وشاهد أحد أعضاء القاعدة في جزيرة العرب التسجيل أثناء مقابلةٍ شخصيةً مع Associated Press في مايو/أيار وأكَّد أن المقاتلين ينتمون إلى التنظيم. وتأكد الوكالة من انتمائه هو شخصياً إلى التنظيم بسبب دوره السابق في حكم إحدى المدن الجنوبية على يد التنظيم.

ويظهر أثر تداخل مقاتلي القاعدة مع حملة التحالف في أوضح صوره في تعز، كبرى المدن المدنية ومركز إحدى أطول المعارك الدائرة في الحرب هناك.

في المرتفعات الوسطى، تعد تعز العاصمة الثقافية لليمن، ومنها ينحدر الشعراء والكتاب والتكنوقراط المتعلمين. وفي 2015، فرض الحوثيون حصاراً على المدينة، واحتلوا السلاسل الجبلية المحيطة بها، وسدِّوا جميع المداخل وبدأوا قصف المدينة بلا رحمة ولا هوادة.

انتفض أهل تعز للمقاومة، وتدفقت أموال التحالف وأسلحته، وكذلك مقاتلو القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وأعينهم جميعاً على عدو واحد. وقد حمل أحد النشطاء الليبراليين السلاح مع رجالٍ آخرين من منطقته للدفاع عن المدينة، ووجدوا أنفسهم يقاتلون جنباً إلى جنبٍ مع أعضاء القاعدة.

وقال الناشط الذي اشترط عدم ذكر اسمه: «لا توجد انتقائية في الحرب. كلنا معاً». وقال إن القادة تسلَّموا أسلحةً ومساعداتٍ أخرى من التحالف ووزعوها على جميع المقاتلين، بمن فيهم جنود القاعدة. وقال عبد الستار الشميري، المستشار السابق لمحافظ تعز، إنه تبيَّن من وجود القاعدة منذ البداية ونصح القادة بعدم تجنيد أعضائها.

وقال الشميري: «كان ردُّهم: سنتحالف مع الشيطان في مواجهة الحوثيين». وأضاف إنه حذَّر مسؤولي التحالف، الذين كانوا «مستائين» من وجود القاعدة، ولكنَّهم لم يتخذوا أي موقف حياله، «تعز في خطر. سنتخلص من الحوثيين ونتورَّط مع الجماعات الإرهابية».

ومنهم قادة في الجيش اليمني

وقال الناشط الليبراليّ ومسؤولون في المدينة إن أحد أكبر من يعملون على تجنيد مقاتلي القاعدة هو عدنان رزيق، عضوٌ من الطائفة السلفية عيَّنه هادي في الصفوف الأولى للجيش.

وصارت مليشيا رزيق توصم بالاختطاف والقتل في الشوارع؛ إذ أظهر تسجيل على الإنترنت أعضاءها المُقَنَّعين وهم يطلقون النار على رجلٍ معصوب العينين جاثمٍ على ركبتيه. ويحتوي التسجيل على أناشيد وراياتٍ على غرار أسلوب القاعدة.

وكان كبير مساعدين رزيق رمزٌ كبيرٌ من رموز القاعدة هرب من أحد السجون في عدن عام 2008 مع مُحتَجَزين آخرين من تنظيم القاعدة، وفقاً لمسؤولٍ أمنيٍّ يمنيٍّ. وتُظهِر عدة صورٍ اطَّلعت عليها Associated Press رزيق بصحبة قادةٍ معروفين للقاعدة في السنوات الأخيرة.

في نوفمبر/تشرين الثاني، عين هادي رزيق رئيساً لغرفة عمليات تعز، ومنسقاً للحملات العسكرية، وقائداً أعلى لقوةٍ قتاليةٍ جديدةٍ، اللواء الخامس للحماية الرئاسية. وأعطت وزارة الدفاع في عهد هادي أيضاً 12 مليون دولار لرزيق بهدف شن هجومٍ جديدٍ ضد الحوثيين. إذ حصلت Associated Press على نسخةٍ من الإيصال بالـ12 مليون دولار وأكد مساعد رزيق صحة الرقم.

وأنكر رزيق أية صلةٍ بمسلحي القاعدة، وصرَّح لـAssociated Press أن القاعدة «ليس لها وجود» في تعز.

وقال مسؤولٌ أمنيٌّ سابقٌ في تعز إن المقاتلين وقوات أبو العباس هاجموا مقراتٍ أمنيةً عام 2017 وحرَّروا عدداً من المتهمين المنتمين إلى القاعدة. وقال المسؤول إنه أبلغ التحالف بالهجوم، ولكنه اكتشف بعدها بوقتٍ قصيرٍ أن التحالف منح أبو العباس 40 عربة ربع نقل أخرى.

وقال المسؤول: «كلَّما حذرنا التحالف، زادوهم مكافآتٍ. إن التحالف يعطي عرباتٍ مصفَّحةً إلى زعماء القاعدة بينما لا يملك القادة الأمنيون عرباتٍ كهذه».

About leroydeshotel

Check Also

مصر المقدسة (نسخة مزيدة)

بقلم : كاتب وباحث خالد محيي الدين الحليبي  مركز القلم للأبحاث والدراسات  الكتاب بصيغة pdf …