أبناء السعودية وجيرانها يدفعون ثمن تهوّرها!
في إجراءات لافتة وصادمة بمفهوم العلاقات الدبلوماسيَّة الدوليَّة؛ اتَّخذت السلطات السعودية -ودون سابق إنذار – سلسلة إجراءات وُصفت بـ “المجنونة” و”غير المنطقيَّة” ضدَّ كندا، شبيهة بتلك التي اتَّخذتها ضد جارتها دولة قطر، منذ أكثر من عام، لا سيَّما فيما يتعلَّق بسحب مواطنيها والتضييق على مواطني الدولة المستهدفة في تلك الإجراءات.
فخلال ساعات قليلة؛ تدحرجت الإجراءات “العقابية” التي اتَّخذتها الرياض ضدَّ كندا بشكل غير متوقَّع؛ وذلك بحجَّة أن أوتاوا تدخَّلت في شؤون السعودية الداخليَّة، عندما دعت إلى الإفراج عن النشطاء ومعتقلي الرأي، لا سيَّما النساء منهم.
في أقلَّ من 24 ساعة من بدء الأزمة؛ أصدرت الخارجية السعودية سلسلة قرارات فوريَّة ومُلزمة لمواطنيها في كندا بالخروج منها، لا سيما المبتعثين للدراسة، والذين يتجاوز عددهم مع عائلاتهم نحو 15 ألف شخص، إلى جانب المئات الآخرين الذين يتلقَّون التعليم في الجامعات الكنديَّة الشهيرة على حسابهم الشخصي، وهو الأمر الذي فعلته مع الدوحة.
كما أمرت الرياض بوقف الرحلات الجوية بين السعودية والعاصمة الكندية أوتاوا. وطال الأمر أيضاً المرضى، حيث تقرَّر إخراج المرضى من المشافي الكندية بشكل عاجل ونقلهم إلى دول أخرى، وذلك في إطار إجراءات “عقابيَّة” ضد كندا، بحسب وصف الخارجية السعودية.
وللتذكير؛ فإن الرياض (ومعها دول الحصار) اتَّخذت إجراءات شبيهة مع جارتها دولة قطر، قبل 14 شهراً، من بينها طرد المواطنين القطريين المستقرِّين في السعودية، وإصدار أمر للسعوديين بالخروج من قطر فوراً، الأمر الذي تسبَّب بتشتُّت مئات العائلات التي يكون فيها الزوج سعودياً أو قطرياً، والزوجة قطرية أو سعودية. كما منعت الخطوط الجوية القطرية من التحليق في أجوائها، ومنعت الدراسة في قطر، وفرضت حصاراً اقتصادياً.
وعلى الرغم من قرار دول الحصار -التي تقودها السعودية- التراجع إعلامياً عن قرار قطع الأرحام مع قطر بسبب حملة الانتقادات الداخلية والعالمية لهذه الإجراءات؛ فإن الأمر ما زال على حاله، خصوصاً أن حجّاج دولة قطر ما زالوا غير قادرين على تأدية الفريضة خشية اعتقالهم أو التعرّض لهم، في ظلّ الحملة التي تقودها الجيوش الإلكترونية التابعة لدول الحصار في التحريض على المواطنين القطريين.
وتساءل العديد من المحلّلين إن كان المستشار الذي أشار على المسؤولين السعوديين باتّخاذ مثل هذه الإجراءات ضد دولة كبرى بحجم كندا هو نفسه المستشار الذي أشار عليهم باتّخاذ الإجراءات ضد دولة قطر الجارة، دون الأخذ بالاعتبار العلاقات الدبلوماسية أو الاجتماعية أو حتى الإنسانية.
وشنَّت السعودية هجوماً غير مسبوق على كندا؛ بحجّة أنها تدخَّلت في شؤون المملكة الداخلية، لا سيَّما بعد دعوتها للإفراج فوراً عن معتقلي نشطاء المجتمع المدني، الذين صعَّدت الرياض من حملة اعتقالاتها ضدَّهم، وتقرَّر طرد السفير الكندي واستدعاء السفير السعودي وتجميد التعاملات التجارية والاستثمارية كافة مع كندا.
وتشنّ السلطات في المملكة حملة واسعة على كلّ من لا يؤيّدون سياسة ولي العهد، حيث اعتُقل العديد من العلماء والدعاة، كما اعتقل العديد من الناشطات اللاتي يطالبن بحقوق المرأة، ما جعل منظَّمات حقوقية دولية؛ مثل “هيومن رايتس ووتش” و”العفو الدولية”، تندِّد بحملة الاعتقالات السعودية، وتطالب بإطلاق سراحهم فوراً.