مهد لها بحملة اعتقالات وائل عباس وهيثم محمدين والغزالي حرب..السيسي ينفذ خطته ويرفع أسعار البنزين ثاني أيام العيد

هاف بوست :

قررت الحكومة المصرية السبت 16 يونيو/حزيران 2018 رفع أسعار الوقود بنسب تصل إلى 66.6 % مواصلة بذلك خططها لتقليص الدعم التي شهدت في الفترة الأخيرة زيادة أسعار المياه والكهرباء وتذاكر مترو الأنفاق.

هذه هي المرة الثالثة التي ترفع فيها الحكومة أسعار الوقود منذ تحرير سعر صرف الجنيه في نوفمبر/تشرين الثاني 2016 ضمن اتفاق قرض قيمته 12 مليار دولار مع صندوق النقد الدوليو.

وقالت وزارة البترول في بيان إن رفع أسعار الوقود سيكون بداية من الساعة التاسعة صباح اليوم بالتوقيت المحلي (0700 بتوقيت غرينتش).

وأضافت الوزارة أنه تقرر رفع سعر البنزين 92 أوكتين إلى 6.75 جنيه (0.38 دولار) للتر من خمسة جنيهات بزيادة نحو 35 بالمئة وسعر البنزين 80 أوكتين الأقل جودة إلى 5.50 جنيه من 3.65 جنيه بزيادة 50 بالمئة.

وذهبت معظم التكهنات خلال الأيام الماضية إلى أن السلطات المصرية تستعد لإعلان زيادات جديدة على أسعار الوقود، ولا تريد رؤية احتجاجات كالتي جرت بعد إعلان التسعيرة الجديدة للتنقل بالمترو، الأمر الذي أثر على ميزانيات شرائح واسعة من المصريين محدودي الدخل.

وقال مصدر أمني مسؤول لـ”عربي بوست”، رفض ذكر اسمه لأسباب أمنية، إن حملة الاعتقالات الأخيرة “تأتي استباقاً لقرار رفع أسعار الوقود الذي صدر اليوم”.

سيناريو رفع أسعار الوقود.. والخوف من السوشيال ميديا

أنت في مصر الآن (أو خارجها). اليوم ثاني أيام العيد، وبدأت قوة التركيز تعود إليك بعد ساعات الصيام الطويلة خلال شهر رمضان المنقضي ؛ فوضعت أمامك الأسماء التالية: وائل عباس، هيثم محمدين (زعيم الاشتراكيين)، وشادي الغزالي حرب، وشادي أبو زيد، وأمل فتحي، لتفهم الرابط الذي يجمعهم في أحدث حملة اعتقالات تقوم بها السلطات المصرية، لما فَهِمْتَ، وفوق ذلك لاندهشتْ.

كان هذا حال العديد من المصريين الذين، في الواقع، اعتادوا عدم الدهشة بعد ما مروّا به خلال 7 سنوات منذ اندلاع الثورة في يناير/كانون الثاني 2011.

فما الذي يجمع بين عباس الذي ناهض الإخوان، والغزالي الذي أيد تدخل الجيش في العملية السياسية، وأمل فتحي الناشطة الحقوقية؟ لا شيء يستحق الذكر. ولكن تخيَّل وأنت تتفرج على لحظة درامية حاسمة في مسلسلك الرمضاني، ثم جاء ما يشتت انتباهك، حتى وإن كان طنين ذبابة، فإنك ستحسم الأمر بضربة من “الكشاشة” الممدة على الأرض بجانبك.

فبعد أقل من شهرين من وصوله للسلطة، وفوزه بأريحية شابتها دراما إقصاء الخصوم الواحد تلو الآخر، بدورة رئاسية ثانية، يشعر الرئيس عبد الفتاح السيسي تماماً شعور الماسك بـ”كشاشة الذباب”. فالرجل يدرك الآن أنه قد وطد أركان قبضته على السلطة، ويدرك مدى ضخامة مشروعاته الاقتصادية باهظة التكاليف كتوسيع قناة السويس والعاصمة الإدارية الجديدة، وتطوير البنية التحتية، وبناء طرق جديدة، وتوسيع الشبكة الكهربائية، وتشجيع الاستثمارات في مجالي النفط والغاز، وكل ذلك بتدخل مباشر من الجيش، الذي يمتد هو أيضاً، حتى بات له في كل “عرسٍ قرص”، بحسب ما ذهبت إليه صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية.

إذا كان أمره كذلك، فما الذي يخشاه السيسي في مجموعة من الناشطين الذين طالتهم حملة الاعتقالات الأخيرة والمرشحة للتصاعد اليوم وغداً؟

وأوقفت السلطات المصرية، فجر الأربعاء 23 مايو/أيار 2018، الناشط والمدون وائل عباس، الذي يُعرف بنقده اللاذع للسلطات منذ عهد حسني مبارك، وكان آخرها انتقاداته القوية للرئيس السيسي عقب قرار رفع أسعار تذاكر مترو القاهرة، قبل إغلاق حساباته على منصات السوشيال ميديا.

وأول تهمة وُجهت لعباس كانت كتابة تقرير مفبرك عن ترحيل سكان رفح، وإرساله إلى “هيومان رايتس ووتش”، مقابل آلاف الدولارات، حسبما جاء بعريضة الاتهام في النيابة.

توقيف عباس سبقه اعتقال الناشطين هيثم محمدين (زعيم تيار الاشتراكيين الثوريين)، وشادي الغزالي حرب، وشادي أبو زيد، والناشطة الحقوقية أمل فتحي.

وذهب المسؤول الأمني إلى أن عباس سيخرج قريباً جداً، لكن بعد تمرير “قرارات زيادة أسعار الوقود”؛ ذلك أن الاحتجاجات التي تلت رفع أسعار تذاكر المترو أثارت مخاوف الأجهزة الأمنية التي كشفت تقاريرها أن المواطنين “مستعدون للانفجار، وأن الشبكات الاجتماعية قد تدفع باتجاه فوضى عارمة،” خصوصاً إذا تم رفع أسعار الوقود.

وتوقع حملة اعتقالات كبيرة خلال الساعات المقبلة ستشمل أسماءً كبيرة؛ لأن “رفع أسعار الوقود سيكون صادماً”، على حد تعبيره، وسيشمل أيضاً تذاكر القطارات و”ربما المواصلات العامة”.

ولهذا الخوف ما يبرره

فكما يضرب حكم السيسي في العالم العربي مثالاً على الأنظمة المنبعثة من جديد والتي حقَّقَت انتصاراً كبيراً على القوى التي أطلقتها ثورات الربيع العربي في 2011، تضرب مصر أيضاً مثالاً على أن هذه القوى نفسها كانت تحت سطح الأحداث مباشرةً بحسب ما ذهبت إليه “وول ستريت جورنال”؛ إذ تشبه استراتيجية السيسي العديد من الطرق الاستراتيجية التي سار عليها الرئيس السابق حسني مبارك، الذي انتهت فترة حكمه الممتدة إلى 3 عقود بثورةٍ شعبية.

ومثلما فعل مبارك، يعتمد السيسي على دولةٍ أمنية كبيرة ونهجٍ اقتصادي يمنح الجيش الامتيازات. ويشكو كثيرون في قطاع الأعمال من أن السيسي مارَسَ بدرجة أكبر تهميش الشركات الخاصة، ما ألحَقَ ضرراً بالاقتصاد.

لكن هذا التفسير ليس الوحيد لحملة الاعتقالات. في الواقع، ثمة سيناريو آخر له مصداقيته أيضاً.

سيناريو “الذباب” المزعج الذي ينبغي التخلص منه

فبرأي مايكل وحيد حنا، خبير الشرق الأوسط في “مؤسسة القرن”، فإنه على الرغم من أن الأشهر القليلة الماضية أظهرت بعض التوترات والانقسامات داخل الجيش، “ولكن، لا يوجد حتى الآن ما يشير إلى أن ذلك يؤثر على الطريقة يدير بها الرئيس السيسي السلطة. فدفة القيادة بيده وحده”.

وتعتمد الدول الخليجية على الحكومة المصرية باعتبارها “جداراً نارياً” أمام تكرار حدوث ثورة شعبية، وتضخ مليارات الدولارات في البلاد. وقال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، خلال زيارته في مارس/آذار 2018: “دعوت الله ألا تنهار مصر”.

والأمر لم يتوقف على هذه الزيارة؛ إذ كثيراً ما تتسرب صور غير رسمية فيها الكثير من الود بين الرئيس السيسي والشيخ محمد بن زايد والأمير محمد بن سلمان، فيما يكون العاهل البحريني، الملك حمد بن عيسى، مكملاً للهارموني بين الثلاثي المصري والسعودي والإماراتي.

ويقول مُحلِّلون إن السيسي يرى نفسه جزءاً في مجموعةٍ من الحكام الأقوياء حول العالم. قبل الانتخابات المصرية، أرسل تهنئةً إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للفوز بانتخابات معروفة نتيجتها مُسبَّقاً. وقبل ذلك، تغزل الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، بالحذاء الذي كان يرتديه السيسي في أثناء زيارته واشنطن، وأشاد السيسي أيضاً بالرئيس الصيني شي جين بينغ، الذي أصبح الرئيس الفعلي للصين مدى الحياة، ولا شك في أنه يتطلع إلى ذلك.

لكن، من المنطقي أكثر أن يتطلع السيسي إلى من يشاركونه في الصور غير الرسمية؛ وليي العهد في أبوظبي والرياض. فقد سبق للإمارات أن حققت ازدهاراً اقتصادياً بعد أن حولت القيادة البلاد إلى ما يشبه شركة يديرها أبناء الراحل الشيخ زايد، ويسير على الطريق ذاته الأمير محمد بن سلمان بعد إعلان خطته الطموحة “رؤية السعودية 2030″، ومن ثم سيطرته الكاملة على البلاد.

ووجد الرئيس السيسي في الجيش المصري الملاذ الذي يأمل أن يقوده في الطريق نفسه. ويعتقد الخبراء أن الجيش المصري يلعب الآن دوراً اقتصادياً حاسماً في البلاد. وقال أندرو ميلر، الخبير المُتخصِّص في الشؤون المصرية بمجلس الأمن القومي الأميركي سابقاً، إن السيسي “لا يثق بالقطاع الخاص، ولا يثق برجال الأعمال”.

وتعدى الجيش، خلال فترة قصيرة، على الشركات المدنية أيضاً، بمباركة من السيسي. ويمارس الجيش أيضاً نفوذه من خلال شبكة متفرقة من الضباط السابقين والحاليين الأعضاء بمجالس إدارة الشركات والذين يمتلكون حصصاً في شركاتٍ خاصة. فهم “يدسون أنفهم في كل عمل”، بحسب ما قالته شانا مارشال، خبيرة الاقتصاد السياسي المصري بجامعة جورج واشنطن.

وكما فعلت الإمارات في التخلص مما تسميه “الذباب” داخل البلاد، ومن بعدها الأمير محمد بن سلمان، الذي اعتقل عدداً من الناشطين السعوديين الذين ساندوا برامجه الإصلاحية ثم وصفهم بـ”الخونة”، فإن السيسي بدوره يقود حملة واسعة ضد هؤلاء الناشطين، ليس خوفاً منهم؛ إنما فقط لأنهم مزعجون.

فمن هم هؤلاء المزعجون؟

وائل عباس.. لا يرحم على الشبكات الاجتماعية

الناشط وائل عباس هو أحد أشهر المدونين المصريين والعرب، ويعمل صحفياً أيضاً، وحاصل على تكريمات دولية عديدة، وتم “اختطافه” من منزله، كما يقول محاموه.

وعُرف عباس بمعارضته الشديدة لعزل الرئيس الأسبق محمد مرسي رغم معارضته جماعة الإخوان، وسبق أن كشف عدداً من القرارات والإجراءات المخالفة للقانون.

عباس معروف بنقده اللاذع للسلطات عموماً منذ حسني مبارك وحتى عبد الفتاح السيسي. وكان آخرها انتقاداته القوية في أعقاب قرار رفع أسعار تذاكر مترو القاهرة.

وأول تهمة وُجهت لعباس كانت كتابة تقرير مفبرك عن ترحيل سكان رفح، وإرساله إلى “هيومان رايتس ووتش”، وذلك مقابل آلاف الدولارات، حسبما جاء بعريضة الاتهام في النيابة

وسبق أن أوقفته سلطات مطار القاهرة خلال عودته من كوريا الجنوبية العام الماضي، ثم أخلي سبيله بعد ساعات قليلة، لكن هذه هي المرة الأولى التي يتعرض فيها عباس للاعتقال في عهد الرئيس السيسي.

شادي الغزالي.. المقرب من شفيق

يوم السبت 13 مايو/أيار 2018، اعتقلت أجهزة الأمن المصرية الناشط شادي الغزالي حرب، وتم إخلاء سبيله من النيابة العامة بكفالة، لكن جهاز أمن الدولة رفض إطلاق سراحه وعرضه على نيابة أمن الدولة، التي قررت يوم 15 مايو/أيار 2018، حبسه 15 يوماً على خلفية اتهامه بنشر أخبار كاذبة والانضمام إلى جماعة محظورة.

شادي الغزالي حرب، موضع تساؤلات كثيرة؛ لكونه محسوباً على تيار ثورة يناير/كانون الثاني 2011، وكان مؤيداً لتدخل الجيش بالعملية السياسية في يوليو/تموز 2013، ثم أصبح معارضاً لسياسات النظام الحالي.

لكن مصادر من سياسيين مصريين أكدت لـ”عربي بوست” أنه لم يكن يتحرك بعيداً عن أجهزة الدولة، أو هذا ما يعتقد فيه كثيرون، رغم أنه كان على علاقة وثيقة بالفريق أحمد شفيق. ويبدو أن السبب في اعتقال شادي يرجع إلى محاولاته إقناع بعض المعارضين السياسيين بدعم الفريق أحمد شفيق في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وذلك قبل أن يعلن شفيق انسحابه، بحسب مصدر قريب من الغزالي حرب.

وعقب اعتقال الفريق سامي عنان أواخر يناير/كانون الثاني 2018، أصدر الغزالي حرب بياناً مشتركاً طالب الموقعون عليه بمقاطعة الانتخابات الرئاسية ما لم يتم وضع شروط لضمان نزاهتها. وحمل البيان توقيعات المستشار هشام جنينة والدكتور حازم حسني ومحمد أنور السادات، وعبد المنعم أبو الفتوح وغيرهم، لكن المصدر يؤكد أن أيّاً من المذكورين لم يكن يعلم عن هذا البيان شيئاً.

ويعتقد المتحدث أن شادي الغزالي حاول ابتزاز النظام لتحقيق هدف معيَّن؛ ومن ثم قرروا وضعه في السجن لكي يعلم أنه لا أحد يهدد الدولة أو يبتزها، مضيفاً: “يبدو أنه كان على علاقة بجهة ما ثم استغنت عن خدماته فأراد أن يرفع صوته، معتقداً أنه في مأمن من السجن”.

ثأر قديم ومعاقبة لمجرد الشكوى

أما الناشط السياسي شادي أبو زيد، وهو معد برنامج “أبلة فاهيتا” الشهير، فإن لأجهزة الأمن ثأراً قديماً معه، يعود إلى واقعة “الكوندوم”، وذلك عندما أهدى اثنين من عساكر الأمن المركزي الواقفين في ميدان التحرير “واقياً ذكرياً” على سبيل الهدية. وقد تم اعتقاله في حينها ثم الإفراج عنه.

هناك أيضاً الناشطة أمل فتحي، التي اعتُقلت يوم الجمعة 11 مايو/أيار 2018؛ بعدما نشرت مقطع فيديو على موقع فيسبوك انتقدت فيه المؤسسات المصرية والتحرش الجنسي، ما أثار جدلاً على السوشيال ميديا.

واتهمت أمل فتحي، )33 عاماً)، رجال أمن إحدى المؤسسات المصرفية العامة بالتحرش بها.

وقررت نيابة المعادي حبس الناشطة 15 يوماً على ذمة التحقيق، حسبما جاء في بيان للمفوضية المصرية للحقوق والحريات (غير حكومية).

وقالت منظمة العفو الدولية إن الشرطة ألقت أيضاً القبض على محمد لطفي، زوج الناشطة والمحامي المعني بقضايا حقوق الإنسان، قبل أن تطلق سراحه بعد عدة ساعات.

وأضافت المنظمة في بيان: “إنه يوم مظلم عندما تهتم السلطات المصرية بإسكات امرأة تتحدث عن التحرش الجنسي بدلاً من اتخاذ خطوات لحل المشكلة”، ودعت إلى “الإفراج الفوري وغير المشروط عن أمل فتحي”.

وانتقدت وسائل إعلام رسمية أمل في وقت سابق، قائلة إنها استخدمت لغة بذيئة في المقطع الذي استغرق 12 دقيقة والذي عبرت فيه عن غضبها من سوء الخدمات العامة في بنك محلي ومن الزحام المروري وتحرش جنسي على يد سائق سيارة أجرة.

عن مركز القلم للأبحاث والدراسات

يهتم مركز القلم للأبحاث والدراسات بشؤون المستضعفين في العالم لا سيما المسلمين والتحذير من أعداء البشرية والإنسانية و تثقيف المسلمين وتعريفهم بحقائق دينهم وما خفى عنهم وعن وحضارتهم وماهم مقبلون عليه في ضوء علامات الساعة المقبلون عليها.

شاهد أيضاً

دوتش فيليا : تهديد لأوروبا.. شولتس يحذر من تنامي نفوذ اليمين الشعبوي

DW : حذر المستشار أولاف شولتس خلال مؤتمر الاشتراكيين الأوروبيين من تعاظم نفوذ اليمينيين الشعبويين …

اترك تعليقاً