حكومة مدبولي ترث تركة ثقيلة وأمامها امتحان صعب والسيناريست وحيد حامد يفتح ملف مستشفى 57357 المحاط بالسرية

القدس العربي»:

تابعت الصحف المصرية الصادرة أمس الثلاثاء 12 يونيو/حزيران ومعها أغلبية المواطنين كلمتي الرئيس السيسي وشيخ الأزهر في الاحتفال الذي أقامته وزارة الأوقاف بمناسبة ليلة القدر.

ولا تزال امتحانات الثانوية العامة تسيطر على الاهتمام وأولى مباريات المنتخب المصري أمام أوراغواي يوم الجمعة المقبل، والاستعدادادت المكثفة لإجازة عيد الفطر المبارك أعادة الله علينا جميعا مسلمين ومسيحيين عربا بالخير واليمن والبركات.
ومن الأخبار الأخرى الواردة في صحف الأمس: وحيد حامد يشن أول وأعنف هجوم من نوعه على أشهر مستشفى علاج سرطان الأطفال بالمجان، ويطالب بالتحقيق في مخالفات كبيرة في مستشفى 57375. وشيخ الأزهر في كلمته بمناسبة الاحتفال بليلة القدر يهاجم الصهيونية وينفي وجود أي آية في القرآن تحرض على قتل اليهود أو النصارى، ويؤكد استمرار الكنيسة الكاثوليكية تحميل فريق من اليهود صلب السيد المسيح. وما هي الأسباب التي تمنع تكرار مظاهرات الأردن في مصر، ولماذا توجه الملك حسين للسجن وأخذ معه قيادة إخوانية مسجونة وسلمه لأمه في منزلها.

ومطالبة الحكومة الجديدة اتباع سياسات للتخفيف عن المواطنين، ولماذا اقترح أستاذ في جامعة الأزهر عدم السماح لأي شخص من محافظة المنوفية بالترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية لمدة دورتين، لأن مبارك كان من أبنائها. وإلى ما عندنا من تفاصيل الأخبار وأخبار أخرى متنوعة..

الحكومة

نبدأ بأبرز ردود الأفعال على الحكومة الجديدة وأولها سيكون للرئيس عبد الفتاح السيسي الذي قال في نهاية كلمته في الاحتفال الذي أقامته وزارة الأوقاف بمناسبة ليلة القدر نقلا عن شادي عبد الله زلطة في «الأهرام»: «كان مهم أوي في الليلة الكريمة دي أشكركم باسمي وباسم كل المصريين، والتغيير مهم ولابد من إعطاء الفرصة لبعضنا للتغيير، والشكر والتحية لهذه الحكومة واجب وضروري وفهم الناس للجهد الذي بذله المسؤولون في الحكومة أمر مهم». وأضاف «وزراء حكومة إسماعيل بذلوا جهدا ومسؤولية وتحملوا هموما خلال فترة توليهم المهمة، واحنا موجودين مع بعض دايما، مش معنى انتهاء مهمة أحد أنه لن نلتقي بهم».

وأضاف «سنقيم احتفالا وتكريما للحكومة السابقة لأنها كانت من أكثر الفترات العصيبة التي مرت على مصر في العصر الحديث».

«حكومة العشر الأواخر»

لكن كثيرين اختلفوا مع الرئيس، ففي «الأهرام» أيضا قال أنور عبد اللطيف تحت عنوان «حكومة العشر الأواخر»: «رئيس الحكومة المستقيل خريج مدرسة البترول التي تتعامل بالملايين مع شركات دولية وتكسب المليارات ويتقاضى موظفوها رواتبهم بمئات الألوف، فلا حرج عليه أن فتح السوق لحساب التجار والأغنياء، وهنا يكمن سر تفاؤلي برئيس الوزراء الجديد خريج مدرسة الإسكان الاجتماعي والتعمير، الذي حاول بإخلاص القضاء على جنون أزمة السكن والعشوائيات، واهتم بتحسين مشروعات الصرف الصحي وتجميل ظروف معيشة الغلابة في كل المحافظات، وحافظ على طابع موحد لكل مستويات التشطيب، يشعرك بأن وراءه رؤية دولة لا تفرق بين سكان الدويقة والأسمرات وشق التعبان، وسكان العلمين وسوهاج الجديدة والمنيا الجديدة والفيوم الجديدة، وعلاوة على ذلك فإن أسلوب مصطفى مدبولي الحاضر دائما بالحجة ـ وليس الصامت ـ يجمع بين الإنجاز وجمال العرض والتفكير الجماعي يعينه جهاز إعلامي قادر على إقناع الناس بأن الدولة لا تنساهم».

قضية الغلاء

«شاءت الظروف أن يكون زياد بهاء الدين في «الشروق» في طريقه إلى قرية «الدوير» في محافظة أسيوط مع الإعلان عن تكليف الدكتور مصطفى مدبولي بتشكيل الوزارة الجديدة.

وخلال ساعات الليل التي تهب فيها نسمات الصعيد الجافة لتخفف من الناس حرارة اليوم المنقضي ومشقة صيامه، تركز حديث الحاضرين حول القضية التي تشغلهم جميعا وتطغى على كل موضوع آخر: قضية الغلاء. غلاء العامين الماضيين أنهك الجميع ونزع عنهم غطاء الستر الذي يتلفح به المصريون، حينما تضيق بهم السبل: الموظفون والمزارعون والمدرسون وأصحاب الأعمال الصغيرة والعاملون باليومية والعاطلون.

لم يسلم أحد من موجة الغلاء العاتية، ولم يصمد أو يستفيد سوى قلة محدودة للغاية. ولكن مع كل مشقة الحاضر فإن الخوف من المستقبل أكبر، ومن زيادات مرتقبة في الأسعار قد تطيح بما بقي لدى الناس من قدرة على الاحتمال وتدبير الأمور.

لا أتصور أن هذه مخاوف صعيدية فقط، بل أظنها سائدة في البلد عموما، رغم التصريحات الرسمية بأن معدل التضخم قد انخفض، وسوف يستمر في الانخفاض بعد موجة الغلاء الاخيرة. والواقع أن الناس معها كل الحق في توقع الأسوأ، ليس بسبب الشائعات الإخوانية ولا الدعاية الأجنبية ولا المؤامرات الكونية، بل بسبب التأكيد المستمر على لسان المسؤولين وفي وسائل الإعلام الرسمية بأن الحكومة المقبلة سوف تستكمل ما بدأته الحكومة السابقة، وأنها لن تحيد عن المسار الاقتصادي للعامين الماضيين، وهذا يترجم في مفهوم الناس إلى مزيد من الغلاء ومزيد من الفقر. ولكن ما البديل في الظروف الراهنة؟ هل هو التراجع عن القرارات والسياسات التي انتهجتها الحكومة السابقة؟ أم الاستمرار فيها بدون تغيير؟ أم أن هناك مسارا آخر يمكن سلوكه؟

ما يحتاج الناس أن يسمعوه من الحكومة الجديدة ليس استمرارا في المسار الاقتصادي ذاته، بل تصحيحا له بما يحقق توازنا بين الإصلاحات الكلية الضرورية والسياسات التنفيذية اللازمة لتحقيق انتعاش اقتصادي وزيادة في الإنتاج وتوزيع عادل لثمار النمو.
ما يحتاجه البلد هو تشجيع الاستثمار الكبير والصغير بشكل جدي وفعال وليس بإصدار قوانين إضافية وفتح فروع وشبابيك جديدة لا تؤثر فى واقع المستثمرين. ويحتاج لتحديد وتوضيح دور الدولة بأجهزتها ومؤسساتها المدنية والعسكرية في الاقتصاد لكي يسود مناخ استثماري تنافسي وعادل بدلا من استمرار السيطرة الراهنة على جميع مجالات النشاط الاقتصادي، الاستراتيجي منها والتجاري. ويحتاج لإعادة تقييم برنامج المشروعات القومية العملاقة كي يتم توجيه موارد الدولة المحدودة نحو المشروعات والبرامج ذات الاولوية بالنسبة للناس وعلى رأسها الصرف الصحي والسكك الحديدية..

ويحتاج مناخا يتيح إطلاق طاقات الشباب فى الإبداع والتفكير والعمل، بدلا من الاستمرار في سياسة التضييق على كل المنافذ. باختصار البديل عن الوضع الراهن ليس رجوعا فى الإصلاحات الكلية، وإنما مراجعة لمسار لا يزال من الممكن تصحيحه كي يكون معبرا عن مصالح وأولويات المواطن».

«اللهم إرزقنا حكومة كويسة»

وإلى «الجمهورية» التي أخبرنا فيها ضياء دندش أنه استمع إلى دعوات أخوانه من المصريين بمناسبة الحكومة الجديدة ونقلها إلينا وهي: «أهم دعوة للمصريين في شهر رمضان الحالي ربنا يتقبلها منهم: «اللهم بحق هذه الأيام المفترجة ترزقنا بحكومة كويسة اختيارها مفيهوش مجاملات على حسابنا إحنا والبلد، ويكون عندها ضمير وبتخاف على الناس وتشتغل إن شاء الله 8 ساعات بس في اليوم وتفهم اللي الرئيس عاوز يعمله من غير ما يقول وتكون شبعانة وعينيها مليانة عشان مفيش وزير يتقبض عليه وتفقد ثقة واحترام الشعب. ويا ريت نلاقي كل وزير خدمي في الشارع ساعتين كل يوم، وأهم شرط تبقى حنينة علينا حنية الأم على عيالها، وماتوجعناش قوي، وقبل ده كله حد يقولنا بيختاروا الوزراء إزاي عشان لو واحد طلع فيهم كده واللا كده نقدر نحاسب المسؤول عن اختياره» شفتم طموحاتنا متواضعة قد إيه قولوا آمين.

طبعاً فيه وزراء لو لبسوا البيجامة مينفعش نسيبهم من غير حساب على اللي عملوه في الناس وفيه وزراء لو كلبشوا في المنصب برضه هانكشف ضعفهم وقلة حيلتهم عشان يبقى خلصنا ضميرنا قدام ربنا والناس، ومانرجعش نعيط ونقول ياريت اللي جرى ما كان. وعموماً مصطفى مدبولي مش وحش لما كان وزير إسكان، لكن ده كوم ورئاسة حكومة مسؤولة عن شعب وبلد كوم تاني، عاوزين رئيس وزارة زي هيديكوتي لما كان بيقود فرقة الأهلي وياااارب تكون يا مدبولي من النوع اللي بيقرأ وبيسمع وبياخد اللي ينفعه، وأتمنى أن تعيد النظر في منظومة الإعلام والوزارات والهيئات والمؤسسات التي أثبتت فشلاً ذريعاً ولم تحقق خطوة نجاح واحدة وكلنا عارفينها وربنا يوفقك».

كاركتير

كما أن الرسام أنور أخبرنا في «المصري اليوم» أنه كان جالسا في مقهى فشاهد اثنين أحدهما يشير بإصبعه في اتجاه ويقول للآخر: «الحكومة جاية. وبعد أن وصلت الحكومة أشار إليها بعد أن استولت الحكومة على ما في جيبي بنطلونه هو وزميله وقال له: الحكومة راحت».

موجة التضخم

وفي جريدة المقال قال معتمر أمين تحت عنوان «من أسعار شريف إلى أسعار مدبولي»: «كنا في انتظار رفع أسعار البنزين والكهرباء، فإذا بتسعيرة المياه ترتفع، بالإضافة إلى رفع أسعار الكثير من الخدمات وللإنصاف فإن حكومة المهندس شريف إسماعيل المستقيلة رفعت المعاشات والمرتبات قبل أن ترحل وسيكون على حكومة المهندس مصطفى مدبولي استكمال رفع باقي الأسعار، لكن لن يكون بوسع الحكومة الجديدة رفع الأجور مرة أخرى في القريب العاجل، بل ستواجه الحكومة الجديدة تحديا بضرورة ترجمة الإصلاحات الاقتصادية إلى نتائج يشعر بها المواطن فهل تستطيع الحكومة فعل ذلك؟ الرئيس السيسي أعطى بادرة أمل عندما قال منذ أيام إن المصريين سيشهدون افتتاح الكثير من المشروعات بعد العيد، وأشار أيضا إلى قطاع المستشفيات الذي يشهد تطويرا كبيرا. وأنا لا أظن أن تعود موجة التضخم الشديدة التي انتهت في بداية هذا العام التي وصلت لأوجها عند مستوى 33٪ ولكن أظن أن نسبة التضخم المعلن عنها الآن في حدود 13٪ ستعاود الارتفاع إلى مستوى 22٪».

عام الغوث

أما طلعت إسماعيل في «الشروق» فكتب لنا عن العام الذي فيه الناس يعصرون قائلا: «بانتقال دفة قيادة الحكومة إلى الدكتور مصطفى مدبولي، نكون أمام المهندس الثالث الذي يتولى المنصب، بعد المهندسين شريف إسماعيل وإبراهيم محلب، وفي كل مرة يجري الحديث عن دقة وانضباط المهندسين، وما يتمتعون به من قدرة على التخطيط والحركة معا، وأننا أمام أصحاب عقول يمكنها التعامل الجاد مع مشكلات وملفات تمس جوهر حياة المصريين وتحدياتهم اليومية فى تدبير لقمة عيشهم، ومسكنهم وعلاجهم وتعليم أولادهم.

و إذا كان عهد المهندس إبراهيم محلب تميز بالحركة الميدانية، والعمل خارج المكاتب، على عكس خلفه المهندس شريف إسماعيل، الذي كان يميل أكثر لتوجيه دفة السفينة عبر الاجتماعات الأسبوعية المنتظمة لمجلس الوزراء، فإن البعض يرى في شخصية رئيس الوزراء الجديد الدكتور مصطفى مدبولي القدرة على الجمع بين العمل فى الميدان وخلف الجدران. كما يعتقد بعض الصحافيين والكتاب أن النزول بسن من يتولى منصب رئيس الوزراء بأكثر من عشر سنوات، (الدكتور مدبولى 52 عاما) سيمنح الوزارة حيوية، وقدرة على التعامل مع أجيال جديدة، ويفتح طريقا لتفهم قضايا الشباب، خاصة أولئك الذين أداروا ظهورهم للعمل العام، وفقدوا الحماس الذي فجرته ثورة 25 يناير/كانون الثاني، بعد أن تبددت آمالهم في التواجد الطبيعي في مفاصل وحشايا الدولة. وفي تقديري أن السعى لاستيعاب طاقة الشباب، وفتح المجال العام أمامهم، ليس التحدي الأهم أمام الوزارة الجديدة التي تحتاج في المقام الأول إلى احتواء الشعب المصري في سواده الأعظم ممن دهستهم الحكومات المتعاقبة في طريق تطبيقها لسياسات وخطط لم تنعكس حتى الآن فى توفير الحياة الكريمة التي يحلم بها المصريون، ويوعدون بها مع كل تشكيل وزاري جديد.

مشاكل المصريين معروفة، وقتلت بحثا وتوصيفا، وما يحتاجونه هو اختراق حقيقي في التعامل مع تلك المشكلات، التي لخصها شعار ثورة 25 يناير في «العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية»، وهو الشعار الذي وعدت جميع الحكومات المتعاقبة منذ الإطاحة بالرئيس الأسبق حسني مبارك، وحتى اليوم، بتحويله إلى واقع ملموس، غير أن الواقع لم يتغير، إن لم يزدد الأمر صعوبة، وبالتالي فإن حكومة الدكتور مصطفى مدبولي أمام اختبار صعب، وهي ترث تركة ثقيلة تحتاج إلى صدق في النوايا، وإخلاص في العمل، وهمة في العطاء، علَّ الناس يصلون إلى العام الذي «فيه يعصرون».

وبعيدا عن التفاؤل أو التوجس من قرارات جديدة لرفع الأسعار، فإن المصريين لا يريدون من أي حكومة سوى الرأفة بهم، وإدراك أن قدرتهم على التحمل ليست مطلقة، وأن جيوبهم أوشكت أن تكون خاوية، وهو ما يجب أن يضعه الدكتور مدبولي في الحسبان، مع جلوسه على مقعد نبي الله يوسف الصديق، لعل عام الغوث يرافق وزارته».
الأحزاب والديمقراطية

أحمد الصاوي في «المصري اليوم» كتب عن الأحزاب والديمقراطية قائلا: «بالقطع كانت في مصر تجربة حزبية رائدة، بدأت مع ظهور الحياة البرلمانية، وظهرت ملامحها منذ عهد الخديوي إسماعيل، حتى أفصحت عن نفسها بوضوح مطلع القرن الماضي. ويحلو لكثير من المؤرخين والمستندين للتاريخ التباهي بالفترة الليبرالية، التي كانت تحكمها دساتير تنتمي إلى أنظمة الملكية الدستورية، وفيها برلمان له تقاليد عريقة، يتشكل من تنافس بين أحزاب متنوعة، حتى إن رفاق النضال الوفديين، حين كان يضيق بهم الخلاف داخل حزب الوفد، كانوا يخرجون لتأسيس أحزاب جديدة بسهولة. لكن هل كانت أحزاب ناضجة بما يكفي؟هذا سؤال فيه قولان، لكن المؤكد أن الحياة الحزبية، فضلا عن كونها تبنى على مؤسسات ودستور وقوانين ولوائح ونظام انتخابى، فهي تبنى فى الأساس على ثقافة سياسية تحترم الحرية والتنوع والغايات من وراء هذا الاحترام، وترسخ قيم الديمقراطية، لكن الحقيقة أن تلك الأحزاب لم تستطع في تلك الفترة أن تبني الديمقراطية وتمد جسورها في المجتمع، وظلت حرية الرأي مفصولة عن قيم الديمقراطية وآلياتها وإجراءاتها، وسقطت غالبية الأحزاب في فخ التبعية للملك أو الاحتلال الإنكليزي، وبدا جهدها منصبا على منع «الوفد»، صاحب الشعبية التقليدية، التي استمدها من زخم ثورة 1919 من الفوز بالأغلبية فى البرلمان وتشكيل الحكومة، والوفد نفسه من داخله كان يدار بديكتاتورية من رئيس الحزب، جعلت كما قلت كل من اختلف مع الزعيمين سعد زغلول أو مصطفى النحاس، لا حل أمامه سوى الخروج من الحزب مطرودا أو مفصولا أو مستقيلا، وبهذه الصورة خرج السعديون والأحرار الدستوريون، ورموز كانت وفدية، كالنقراشي وأحمد ماهر ومكرم عبيد. غياب الآليات الديمقراطية داخل الحزب الكبير، والنزوع نحو تقديس الرئيس الزعيم باعتباره لا يخطئ ولا يجوز محاسبته، وتعالي الأصوات بالطعن في كل من يقترب منه، هو من تراث تلك المرحلة الليبرالية مع الأسف، ونتائجها لم تكن فقط في ظهور كيانات أخرى، وأحزاب كثيرة تحمل أفكارا وفدية أو سعدية، لكن في ترسيخ ثقافة معادية لقيم الديمقراطية، لا تعترف بالنقد الذاتي، أو محاسبة الزعماء، غير نشوء أحزاب صغيرة وجدت نفسها تستقوي بعلاقات خاصة مع القصر والإنكليز لضرب الوفد، وظهرت حكومات الأقلية، بما خلفته من عدم استقرار كان أحد مبررات قيام حركة الضباط الأحرار في عام 1952. ما يلفت نظري الآن هو سؤال محدد: إذا كانت تلك الفترة فترة ازدهار ديمقراطي ليبرالي، والأحزاب كانت بالفعل لديها الشعبية والحضور في الشارع، كيف نجح ضباط صغار في السن، وقليلو الخبرة السياسية في ذلك الوقت في الإطاحة بأحزاب راسخة في المجتمع بهذه السهولة، وبجرة قلم بدون عواقب كبيرة تذكر، وبدون غضب شعبي، أو خروج جماهيري للدفاع حتى عن الوفد، حزب الشعبية الكبرى، وزعيمه الكبير مصطفى النحاس باشا؟

صحيح، أن أزمة كبرى حول الديمقراطية جرت في عام 1954، لكنها كانت أزمة في مجلس قيادة الثورة بين الضباط وبعضهم بعضا، ولم تكن «النخبة السياسية» طرفا فيها، لا بحضورها ولا بحضور أحزابها ولا جماهيرها العريضة، التي يقولون لنا إنها كانت موجودة. سهولة الإطاحة بالأحزاب، بما فيها تلك العريقة، بدون أن تشعر الجماهير وقتها بأنها خسرت شيئا ذا بال، وإلا لنجحت في الدفاع عنه أمام ضباط صغار وقليلي الخبرة، تكشف أن عوامل فناء هذه الأحزاب كانت أكبر من عوامل بقائها، لأنها لم تنشغل بنشر قيم الديمقراطية وتقديم النموذج عليها، ولم تبن الحواضن الشعبية الكافية لدعم هذه الديمقراطية والدفاع عنها، وتركت المناخ السياسي والحزبي يتهافت حتى ضجر منه الناس، فصار سهلا على سلطة مستجدة أن تلغي بجرة قلم حقبة كاملة نتغنى بها حتى الآن، وتتحسر عليها الكتابات التاريخية.

من هنا ربما يثبت أن الديمقراطية في مصر منذ زمن الليبرالية ذاته بلا ظهر أو حواضن غير حسرات تاريخية وخطابات إنشائية معاصرة، لا تسمن ولا تغني».

حروب المياه

أما عباس الطرابيلي في «المصري اليوم» فكان مقاله عن السياسة الجديدة لإثيوبيا: «أكاد أرى إيجابيات طيبة في علاقات مصر مع إثيوبيا.. بل أكاد أقول إن هذه الإيجابيات تنبئ بزوال الغيوم التي غلفت علاقات القاهرة بأديس أبابا: فهل ما حدث – في السابق – كان موقفاً وقفه رئيس حكومة إثيوبيا ديسالين، وأن ما يحدث الآن يعتبر سياسة جديدة من رئيس الوزراء الإثيوبي الجديد الدكتور أبيي أحمد علي..

وأننا بذلك عبرنا سنوات التوتر بين البلدين، وهي فترة تصاعدت فيها الاشتباكات و«التلاسن»، بل جرى حديث طويل عن الحرب التي يمكن أن تشتعل. ولا ننسى هنا المؤتمر «إياه» أيام رئاسة الدكتور محمد مرسي.. وأننا دخلنا فترة جديدة أساسها: لا ضرر ولا ضرار، أي إذا كنا لا نرفض تنمية إثيوبيا – والسد من أهم مشروعاتهم – فإننا نرفض أن ينزل بنا أي ضرر. ولقد عبر الرئيس السيسي عن هذا الخط الجديد بأن أقسم بالله أن مصر لن تضر بإثيوبيا أبداً، ثم كيف طلب الرئيس السيسي من رئيس الوزراء الإثيوبي أن يقسم بعدم إلحاق إثيوبيا الضرر بمصر وشعبها.. فما كان من الرجل القوي في إثيوبيا الآن إلا أن رد على الفور – وهو بالمناسبة مسلم ومن أكبر قبائل إثيوبيا – قائلاً: والله، والله لن نلحق الضرر بمصر.. بل قال أيضاً إن إثيوبيا لن تمس حصة مصر من مياه النيل.. بل وعد بالعمل على زيادتها.. وهنا مربط الفرس.

ذلك أن كل المصريين يخشون من أن يؤثر سد النهضة- الذي قارب على الانتهاء- على حصة مصر.. وأيضاً يخافون من أن قصر مدة تعبئة خزان هذا السد ستؤدي إلى إنزال ضرر شديد بمصر والمصريين. وكم كنا نتمنى أن تعلن إثيوبيا «الجديدة» موافقتها على الاقتراح المصري «بتطويل» مدة تعبئة الخزان.. حتى لا تمتنع حصة كبيرة من مياه النيل الأزرق عن الوصول إلينا..

ولتكن المدة 10 سنوات.. لتقليل الضرر. وبلا شك فإن سياسة الرئيس السيسي «تجاه إثيوبيا» أثبتت «حتى الآن» نجاحها وهي تقوم على الحلول السلمية والتوقف عن أي دعاوى تطالب بالعنف وربما بالحرب العسكرية لحل قضية سد النهضة.. وربما غيره من السدود الجديدة التي تخطط أديس أبابا لتنفيذها، سواء على النيل الأزرق.. أو عطبرة.. ومياههما هي المورد الأكبر لنا.

وأكاد ألمح بوادر طيبة فعلاً.. فقد تغيرت أهداف الدول وأساليبها في مواجهة المشاكل، خصوصاً لو كانت بين أكبر دولتين في القارة الإفريقية. وأهلاً بالسلام.. وحل مشاكل المياه، واستبشروا خيراً إن شاء الله».

معارك وردود

وإلى المعارك والردود حيث فاجأنا الكاتب والسيناريست وحيد حامد بنشر تحقيق على صفحة كاملة في «المصري اليوم» عن مستشفى سرطان الأطفال 57357 واختار له عنوان «مستشفى آل أبو النجا» وأعتقد أنه سيثير ضجة كبيرة ومما قاله: «قد يتساءل البعض لماذا فتح هذا الملف الآن؟ ولأن معظم النار من مستصغر الشرر فإن الشرارة الأولى هي تصريح السيد وزير الصحة، الذي يفيد بأن الدولة تقوم بعلاج أربعين ألف مريض سرطان مجاناً وبدون إعلانات أو تلقي تبرعات. الشرارة الثانية هي مستشفى 57357 نفسه المشارك بالحملة الإعلانية المكثفة التي تطارد الناس في بيوتهم وغير بيوتهم، وفي تكرار ممل مع صوت أقرب إلى فحيح الأفاعي، يصاحب كل إعلان، فإن الإنسان لا بد أن يسأل ما هي نتيجة هذا الصخب الذي تكلف كثيراً وبثه على الفضائيات يتكلف أكثر وأكثر، لأن المتبرع يدفع بقصد وغرض علاج مريض وليس تمويل إعلان، وعليه يجب أن تكون الإعلانات في أضيق الحدود. التبرع من أجل تكاليف علاج المرض اللعين بالدرجة الأولى، وقد سبق لي منذ سنوات الكتابة عن سلبيات هذا المستشفى، وكان أولها استخدام الأطفال المرضى وتصويرهم في الإعلانات، لأن ذلك لا يجوز أخلاقياً وإنسانياً ودينياً، وفجأة وذات صباح وجدت الأستاذ محمود التهامي ومعه الدكتور شريف أبوالنجا، الذي لم أكن أعرفه ضيفين على مائدتي في الفندق الذي ارتاده، والأستاذ التهامي له عندى مكانة ومنزلة، فقد كان رئيس مجلس إدارة مؤسسة روزاليوسف ورئيس تحرير المجلة التي أكتب صفحتها الأخيرة، بالمشاركة مع الصديق عاصم حنفي، والرجل كان مثالاً طيباً في كل شيء، ولم أكن أعلم أنه يعمل في هذا المستشفى، وبمناقشة الأمر معي وبعد أخذ ورد اقتنع الرجلان على مضض وتركاني مع وعد منهما بمراعاة كل ما ورد في المقال الذي كتبته وقتها، ولكن للأسف صارت الأحوال أكثر سوءاً. واليوم نفتح هذا الملف من جديد الدكتور شريف أبوالنجا الذي يقبض بيده على جميع السلطات ويشغل عدة مناصب فهو المدير العام وعضو مجلس إدارة المجموعة وعضو مجلس الأمناء وأيضاً أصدقاء المبادرة القومية ومناصب أخرى، ثم الأستاذ محمود التهامي الذي يشغل منصب المدير التنفيذي للمؤسسة وهو زوج أخت الدكتور شريف أبوالنجا، وهو أيضاً عضو مجلس الأمناء وعضو مجلس إدارة المجموعة، وأيضاً جمعية المبادرة القومية للسرطان، وهو أيضاً الأمين العام.

أما الدكتورة منال زمزم فقد تم تخصيص مقاطعة أو أبعادية تكون خاصة بها تحت مسمى أكاديمية العلوم الطبية، ولا نعرف هل هناك ترخيص رسمى بإنشاء هذه الأكاديمية من وزارة البحث العلمي، أم لا؟ وما هو الدور الذي تقوم به؟ وهل تصلح الدكتورة لإدارتها؟ وما الفائدة منها بالنسبة للمستشفى؟ ثم الأستاذ محمد عرفان ابن عمة الدكتور شريف وهو مسؤول عن قسم «IT» وأيضاً الدكتور طارق عيسى ابن خالة الدكتور شريف ثم زوجة ابن الأستاذ التهامي الحاصلة على مؤهل متواضع وتشغل منصب مديرة إدارية، بالإضافة إلى رهط من أصحاب الرتب الذين تركوا مناصبهم، وكلهم من ذوى القربى أو المحاسيب، وكل هؤلاء رواتبهم خيالية بمعنى الكلمة. ثم نأتي إلى جمعية أمريكا التي أسستها الأسرة الحاكمة للمستشفى بهدف جمع التبرعات من أمريكا بالدولار، وإذا بهذه الجمعية تلعب دوراً غامضاً ولا أحد يعرف هل تأتي بدولارات أم الدولارات هي التي تسافر إليها؟ وتأتي الدهشة التي تفقد العقل صوابه وهي تبرع المستشفى إلى هيئة الصرف الصحي بمبلغ سبعة وثلاثين مليوناً ونصف المليون. أكرر هيئة الصرف الصحي وليس أي مستشفى يعاني من الجفاف المالي، ولأن الدكتور أبوالنجا ومن معه يحتمون وراء شبكة قوية من كبار وصغار الصحافيين والمسؤولين أيضـــاً بعضــهم لا يعرف حقيقة ما يجري والبعض الآخر يعرف ويصــمت مجاملة، إن هذا المستشفى في حماية الدولة ذاتها والســيد أبوالنجا يعلنها أحياناً صراحــــة وأحـــياناً تلميحاً بأن الصدام مع المستشفى هو صدام مع الدولة والثابت أن هذا المستشفى المغلف بورق السلوفان والمحاط بالسرية والكتمان كأنه مؤسسة عسكرية مطلوب منه أن يكشف أوراقه ويعلن عن ميزانيته فهو بعيد عن الحصانة من أي نوع ويخضع للمحاسبة لأنه انتزع انتزاعاً من المعهد القومى للأورام».

معارك الإسلاميين

وإلى معارك الإسلاميين وخاضها الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب في كلمته التي ألقاها في احتفال الأوقاف بليلة القدر، التي حضرها الرئيس وكانت كلمة مطولة لأنه استغل هذه المناسبة لشن هجوم عنيف على ما تعرض له القرآن من هجوم في دول أوروبية قال عن الذين شنوه: «وكان آخر ما حملته إلينا الأنباء ونحن نحتفل بنزول القرآن الكريم من ثمرات الحداثة المرة، البيان الذي صدر بعنوان «المسيرة البيضاء» في الغرب الأوروبي ووقعته 300 شخصية عامة من المثقفين والسياسيين يطالب بحذف وإبطال سور من القرآن الكريم، بعد مقتل سيدة فرنسية يهودية مسنة تبلغ من العمر خمسة وثمانين عاما في شقتها، ورغم ما في البيان من إشارات سلبية واضحة للإسلام والمسلمين يمكن التغاضي عنها من كثرة ما ترددت على مسامعنا وتكرارها، فإن الذي لا يمكن التغاضي عنه عبارة وردت في البيان تطالب السلطات الدينية الإسلامية: «بأن تعلن أن آيات القرآن التي تدعو إلى قتل اليهود والمسيحيين وغير المؤمنين ومعاقبتهم قد عفى عليها الزمن – كما كان حال التناقضات في الإنجيل – كما جاء في الترجمة العربية للبيان ومعاداة السامية التي تتبناها الكنيسة الكاثوليكية من قبل المجلس الفاتيكاني الثاني، بحيث لا يستطيع أي مؤمن الاستناد إلى نص مقدس لارتكاب جريمة».
وشدد الإمام الأكبر على أن الجرأة على مقدسات الآخرين هي من أقوى أسباب الإرهاب وأشدها، وأكبر مشجع على إهدار دماء الآمنين قائلا: «ويحزنني كثيرا ألا ينتبه قائلو هذا الكلام إلى كم الحقد والكراهية الذي يتركه كلامهم في قلوب أكثر من مليار ونصف المليار، ممن يقدسون هذا الكتاب وقد رجعنا إلى مضابط الفاتيكان، فلم نجد حذفا ولا تجميدا لأي حرف من الكتاب المقدس، وما وجدناه هو «أن المجمع الفاتيكاني وإن كان يقر بأن بعض اليهود من ذوي السلطان وأتباعهم هم المسؤولون عن قتل المسيح إلا أن المجمع يرى أن ما اقترفته هذه الأيدي الآثمة لا يمكن أن ينسب لكل اليهود في عصر المسيح عليه السلام، ولا في عصرنا الحاضر.
ثم يطالب المجمع سائر الكنائس بأن تراعي هذه الروح وهي تعلم الإنجيل». الإسلام لم يأخذ اليهود المعاصرين بجريرة الأسلاف، ولم يخاطب يهود المدينة بخطاب واحد، بل كان في غاية الدقة وهو يتحدث عن اليهود حسبانهم أمة فيها البر والفاجر مثل سائر الأمم، بمن فيهم المسلمون، ثم أن الوصف باللعنة والذلة والغضب في القرآن الكريم لم يكن موجها لليهود جميعا، كما يريد البيان أن يتهم به القرآن، بل كان موجــــها للذين كفروا من أهل الكتاب بالتوراة والإنجيل منهم: «ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون» (آل عمران: 110) ولم تكن بنا حاجة إلى هذا التعقيب الموجز على البيان المذكور لو أن لدى من كتبوه ونشروه قدرا من الشجاعة العلمية أو الأدبية أو الفنية ليعلنوا للناس: أن اليهودية شيء والصهيونية شيء آخر وأن اليهود شيء والكيان الصهيونى شيء آخر وأنه لا يلزم من نقد الكيان الصهيونى نقد اليهود والدين اليهودي وأن مسألة «عداء السامية» هي أكذوبة لم تعد تنطلي على الشعوب».

عن leroydeshotel

شاهد أيضاً

فتاه إيرانية تحتج بالتعري على طريقة جماعة فيمن الغربية (فيديو)

مونت كارلو الدولية : فرانس 24 : 04/11/2024 : مضايقات  الحرس الثوري تدفع بطالبة إيرانية لخلع …