خسر المغرب، المنافسة على استضافة مونديال كأس العالم 2026، أمام الملف الثلاثي الذي تقدمت به الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، بعد تصويت إجباري للدول الأعضاء في «الفيفا»، خشية تهديدات أمريكية، و«طعنة» سعودية دعمت الملف الثلاثي مقابل الشقيق العربي.
وحصل ملف الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمكسيك على 134 صوتاً بنتيجة 67%، مقابل 65 صوتاً حصل عليهم الملف المغربي بنسبة 33% فقط.
وجرت عملية التصويت لأول مرة بمشاركة الاتحادات الدولية للعبة، في العاصمة الروسية موسكو، خلال «كونجرس فيفا 68»، الذي يعقد عشية انطلاق منافسات مونديال 2018.
وهذه هي المرة الخامسة التي يتقدم فيها المغرب للمنافسة على حق تنظيم بطولة كأس العالم لكرة القدم ويخسر، فقد سبق ذلك أربع محاولات لم تكلَل بالنجاح؛ أعوام 1994 و1998 و2006 و2010.
تهديد أمريكي
إلا أن هذه المرة، ورغم الحظوظ الكبيرة التي كانت في صف الملف المغربي، إلا أن عاملين رئيسيين تسببا في الخسارة، الأول كان تهديد صريح وجهه الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب»، للدول التي قد تعارض الترشح الأمريكي، أو التي قد تصوت لمصلحة الملف المغربي، واصفا موقف تلك الدول بـ«المخجل».
تهديد «ترامب»، دفع الاتحاد الجنوب أفريقي لكرة القدم، وهو أحد أكبر الاتحادات الأفريقية، للتراجع عن دعمه «اللامشروط» للملف المغربي، وإعلانه دعم الملف الثلاثي.
شبكة «إي أس بي أن»، التليفزيونية، اعتبرت التهديد الأمريكي، إغلاقا للباب أمام دول عربية وأفريقية، في التعبير العلني عن دعمها لصالح الملف المغربي.
واعتبر تقرير الشبكة الأمريكية المتخصصة في الرياضة، أن الأمر يرجع إلى «خوف تلك البلدان من الدخول في مواجهة مباشرة مع الرئيس الأمريكي الذي يمارس ضغطا قويا من أجل تغيير مواقف عدد من الدول الأفريقية».
«طعنة» السعودية
وليس بعيدا عن الولايات المتحدة، وتأثيرها، صدمت السعودية، شقيقتها المغرب، بدعم الملف الثلاثي، تحت دعوى «المصلحة»، فضلا عن الترويج للملف الأمريكي، والحشد للتصويت له.
اللافت أن جدلاً كبيرًا رافق ترشيح المغرب وبشكل خاض تهديد الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب»، للدول التي تدعم المغرب على حساب العرض الثلاثي الأمريكي الكنندي المكسيكي، وموقف السعودية، الذي يستمر الجدل حوله.
حيث أعلن المستشار في الديوان الملكي السعودي ورئيس هيئة الرياضة «تركي آل الشيخ» أكثر من مرة، ومع «سبق الإصرار» على دعمه للملف الثلاثي، على حساب الملف المغربي.
برغم أنه بعيداً عن اعتبارات العلاقات السعودية المغربية «المفترض أنها وثيقة»، فهو كذلك يشغل منصب رئيس الاتحاد العربي لكرة القدم.
اللافت أن «آل الشيخ» اختار عن قصد وسائل إعلام أمريكيو مثل «سي إن إن» و«بلومبيرغ»، لإعلان موقف السعودية غير الداعم لملف المغرب.
وفي مارس/آذار الماضي، نشر «آل الشيخ» على حسابه على «تويتر» مقطعاً من حوار أجرته معه شبكة «سي إن إن» الأمريكية، سألته فيه المذيعة «بيكي أنديرسون»: «أنك أعلنت مؤخرا أنك لن تصوت لصالح المغرب، لأن الأخير لم ينحاز للسعودية وحلفها في حصارهم لقطر».
فرد «آل الشيخً»: «مصلحة المملكة فوق كل اعتبار، والولايات المتحدة دولة حليفة، ومن أقوى وأعظم حلفائنا».
وفي حوار مع صحيفة «بلومبيرغ» برر «آل الشيخ»، دعمه للملف الثلاثي بالقول: «السعودية سبق وأعطت وعدا لأمريكا من أجل التصويت لصالحها»، مضيفا: «إخوتنا في المغرب لم يطلبوا منا دعمهم، وحين حصل ذلك كنا قد أعطينا كلمتنا للملف المشترك».
لم يقتصر الأمر على ذلك، بل كشف الإعلامي المغربي «أنس الفيلالي»، عن قيام الاتحاد السعودي لكرة القدم، بالحشد لصالح الملف الثلاثي لاستضافة مونديال 2026، في مقابل الملف المغربي.
وقال «الفيلالي» في تدوينات له عبر حسابه بموقع «تويتر»: «(الإخوان) في الاتحاد السعودي لكرة القدم يحشدون الدول للتصويت ضد البلد الأخ المغرب».
ووضع «الفيلالي»، صورة لاستضافة إفطارا في روسيا لاستقبال بعثات «فيفا» من كل الدول؟، وقال إنها «صور من قلب الحدث».
وعلق على الصورة، متسائلا: «لماذا ينظم الاتحاد السعودي إفطارا في روسيا لاستقبال بعثات فيفا من كل الدول؟».
الأمر ذاته، أشارت إليه تقارير صحفية، إلى أن الرياض سعت في الأيام الأخيرة إلى إقناع دول عربية وأوروبية بضرورة التصويت للملف المشترك.
وكشفت صحيفة «نيويورك تايمز»، إن «آل الشيخ»، وعد القائمين على الملف الأمريكي بألا يكتفي فقط بالتصويت لصالح الملف الثلاثي خلال مرحلة التصويت، بل إنه سيحث عددا من الدول المقربة من السعودية، خاصة العربية منها والآسيوية، على التصويت لواشنطن وسيحشد دعمها ضد الرباط.
ووصفت العديد من الصحف المغربية، التحركات السعودية الأخير بـ«المفاجئة وغير المنتظرة»، خصوصا أن الرباط كانت تنتظر دعم الدول العربية والإسلامية والأفريقية بدون تحفظ.
وأثار هذا الموقف السعودي ومازال الكثير من الغضب ليس على المستوى المغربي فقط، بل على المستوى العربي، حيث عبر معلقون عرب على مواقع التواصل الاجتماعي عن غضبهم من هذا الموقف، واعتبروه «طعنة»، فيما قال سعوديون إن موقف «آل الشيخ» لا يمثلهم.
التأثير السعودي، دفع 6 دول عربية، هي البحرين، والعراق، والكويت، والإمارات، ولبنان والأردن، إلى دعم الملف الثلاثي ضد الملف المغربي.
على إثر الموقف السعودي، كشفت مصادر مغربية، أن إجراءات قوية «قد يتخذها المغرب ردا على السعودية، من بينها عدم مشاركة فرقتي الرجاء والوداد في البطولة العربية التي ستحتضنها السعودية».
في وقت بدأت أصوات تتعالى بين المشجعين المغاربة، لتشجيع منتخب روسيا، أمام السعودية، في افتتاح كأس العالم، المقرر أن يبدأ الخميس.