هاف بوست :
وصل المشتبه به باغتصاب وقتل فتاة ألمانية، علي بشار مساء السبت 10 يونيو/ حزيران إلى مدينة فرانكفورت على متن طائرة لشركة لوفتهانزا، تقل ما يصل إلى 20 مسافراً آخر على الأقل، بحسب بعض المسافرين.
مراسلة قناة “إر تي إل” كافيتا شارما، التي كانت على نفس الطائرة، تحدثت عن أجواء متوترة داخل الطائرة، وسط مراقبة المسافرين بفضول لما يجري مع المشتبه به الذي كان جالساً في الصف ما قبل الأخير من المقاعد، محاطاً بالشرطة الاتحادية الألمانية.
صحيفة بيلد قالت إن العناصر لم يكونوا من الشرطة الاتحادية الاعتيادية، بل من وحدات “ مجموعة حماية الحدود 9” المعروفة اختصاراً بـ”GSG9”، المتخصصة بعمليات مكافحة الإرهاب، إلى جانب من يُسمون بـ”سكاي مارشال”، مرتدين ثياباً مدنية. وأشارت إلى أن المشتبه لم يُثبت كما جرت العادة على المقعد، ولم يبد أي مقاومة. ونقلت عن أحد عناصر الوحدات الأمنية الكردية لنظرائه الألمان :” هو يعلم أن عقوبة الموت ستتهدده في العراق. لم يبد أي مقاومة ضد الترحيل”.
وبحسب المراسلة فقد كان المشتبه به كان متوتراً وعصبياً ثم نام في الرحلة التي دامت قرابة 4ساعات ونصف، قبل أن يصحو على وضعه السابق متوتراً. ولفتت إلى أنه عند هبوط الطائرة بقي هو جالساً وتوجب على بقية المسافرين المغادرة إلى حافلة، وكانت هناك سيارة دورية شرطة قرب الطائرة، ولم يُسمح لهم بالتصوير أو البقاء هناك.
صحيفة بيلد ذكرت أن رئيس الشرطة الاتحادية الألمانية ديتر رومان كان موجوداً في الطائرة أيضاً. ونقلت عنه قوله إنه بعد اعتقال المشتبه به في العراق ليلة الخميس إلى الجمعة، طلب ممثل الحكومة الكردية المحلية ترحيله إلى ألمانيا، فلبينا هذه الرغبة، وسافر عناصر شرطة ألمانيا الاتحادية إلى أربيل صباحاً.
ولفت إلى أن قوات الشرطة الألمانية الخاصة لم تطأ الأراضي الكردية، بل استلموا الجاني المفترض من السلطات الأمنية الكردية في الطائرة. وبين أنهم عملوا على اتخاذ الإجراءات الملائمة بالاتفاق مع الطياراتين لضمان الأمن الجوي.
وتم نقل المشتبه به علي إلى سيارة الشرطة الواقفة ومنها إلى مروحية أخذته جواً إلى رئاسة شرطة غرب ولاية هيسن، الواقعة في فيسبادن، قبل أن يتم استجوابه لاحقاً.
وبين رئيس الشرطة الاتحادية رومان أنه عند الوصول تم فتح مذكرة توقيف بحق علي بشار، وتم تسليمه بعدها لزملائهم في وحدات المهام الخاصة في هيسن.
وأظهرت لقطات بثها حساب الشرطة الألمانية ووسائل الإعلام كيف أحاط عدد كبير من عناصر الوحدات الخاصة في الشرطة الملثمين، بالمشتبه به المصفد اليدين، وهم ينزلونه من المروحية ويقودونه لرئاسة الشرطة، فيما أحاطت سيارات دوريات الشرطة بالمكان.
غيَّر روايته مرتين ثم اعترف، ومسؤول كبير تدخَّل للقبض عليه وترحيله.. تفاصيل جديدة عن الكردي الذي قتل مراهقة ألمانية
هذه الواقعة أثارت غضباً شديداً في ألمانيا، خاصة فيما يتعلق بسياسة الباب المفتوح التي انتهجتها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، فيما طالب يمينيون متشددون باستقالة المستشارة الألمانية، بسبب قضية أخرى متعلقة باللاجئين، وهي على الأغلب متعلقة بفساد مالي في مراكز إيواء اللاجئين.
طريقة القبض عليه
الشاب الذي نجح في الوصول إلى إقليم كردستان العراق مسقط رأسه، هو وعائلته بعد ارتكابه الجريمة، كما تقول وسائل إعلام ألمانية، لم يكن يعلم أن قوات الأمن الكردية ستتمكن من القبض عليه، وترحله إلى برلين، على الرغم من عدم وجود اتفاقية لتسليم المطلوبين بين البلدين، لكن وقع ما لم يكن يتوقعه.
فبعدما وصل اللاجئ الكردي علي بشار إلى أربيل وأقام في فندق في منطقة زاخو، ألقي القبض عليه من قبل السلطات العراقية، وانتظار تحديد مصيره، عقب اكتشاف أمره في ألمانيا.
وقال مدير شرطة دهوك، اللواء طارق أحمد لرويترز، إن ضباطاً في مدينة زاخو التابعة لإقليم كردستان العراق اتصلوا به، وأبلغوه بأنهم حدَّدوا مكان المشتبه به، وسيعتقلونه بمجرد وصوله إلى المدينة.
وأضاف أن المشتبه به كان ينزل في أحد فنادق دهوك، لكنه تركه بعدما شعر بأن الشرطة تتعقبه، وتوجَّه إلى منزل أحد أقاربه في زاخو، حيث جرى اعتقاله أثناء نومه الساعة الخامسة والنصف صباحاً.
وقال مدير شرطة دهوك، إن المشتبه به اعترف بجريمته أثناء استجوابه من قبل سلطات الأمن الكردية. وامتنعت الشرطة الاتحادية الألمانية عن التعليق على تفاصيل اعتقال المشتبه به، أو على التقرير الخاص بتوقيت التسليم.
وعلى الرغم من عدم وجود اتفاقية لتسليم المطلوبين بين العراق، وألمانيا، تدخل قائد الشرطة الفدرالية الألمانية ديتر رومان لترحيل الشاب الكردي إلى ألمانيا وتقديمه للمحاكمة.
وبحسب صحيفة “بيلد”، الألمانية، فإن قائد الشرطة الفيدرالية تربطه علاقات جيدة بالسلطات العراقية، ولهذا السبب توجه شخصياً إلى أربيل لتسهيل المشاورات وإعادة علي بشار بسرعة.
ماذا بعد وصوله إلى ألمانيا
وصل الشاب الكردي قبيل الساعة 19,00 بتوقيت غرينتش إلى فرانكفورت على متن طائرة تابعة لشركة الطيران الألمانية “لوفتهانزا” أقلعت من أربيل بعد ظهر السبت.
ونقل بعد ذلك بمروحية إلى مقر شرطة فيسبادن، على بعد حوالي ثلاثين كيلومتراً، للاستماع لإفادته قبل أن يمثل الأحد أمام قاض يرجح أن يقرر إبقاءه في التوقيف قيد التحقيق، كما قالت الشرطة في بيان.
وأعرب وزير الداخلية الألماني هورست سيهوفر في بيان عن سروره “بإعادة المشتبه به الذي يلاحقه القضاء، إلى ألمانيا”، مبدياً أمله في أن يمثُل “بسرعة” أمام القضاء.
وقال سيهوفر في بيانه إن عودته إلى ألمانيا “ليست سوى عزاء صغير لعائلة الفتاة التي نفكر فيها في هذه الأوقات الصعبة. لكن بالنسبة للدولة ولمجتمعنا، من المهم كشف ملابسات هذه الجرائم وإحالة المشتبه بهم إلى القضاء”.
غير روايته مرتين ثم اعترف
وقال طارق أحمد قائد شرطة منطقة دهوك العراقية الأحد إن “الشاب اعترف خلال التحقيق معه بعد إيقافه بقتل الفتاة الألمانية” خنقاً، بعدما غير روايته مرتين.
وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية أعطى بشار رواية مختلفة عن الأحداث للمحققين الأكراد، حسبما أفاد أحمد. وقال للمحققين “إن الفتاة كانت صديقته، لكنّ شجاراً دار بينهما، وقام بقتلها بعد أن هددته بالاتصال بالشرطة”.
هل كان تحت تأثير الكحول؟
كان علي بشار وصل إلى ألمانيا في تشرين الأول/أكتوبر 2015 في أوج أزمة المهاجرين. ويشتبه بأنه اغتصب وقتل سوزانا فيلدمان (14 عاماً) في فيسبادن في غرب ألمانيا بين 22 و23 أيار/مايو الماضي، حسب الشرطة.
وقالت والدته في مقابلة مع شبكة “دويتشه فيلي” إنه كان تحت تأثير الكحول عندما وقعت الحادثة، إلى درجة أنه لم يتذكر الوقائع في اليوم التالي.
وغادر الشاب الذي رفض طلب اللجوء الذي تقدم به في كانون الأول/ديسمبر 2016، مع عائلته ألمانيا في الثاني من حزيران/يونيو بينما لم يكن مشتبهاً به ولم يكن قد عثر على جثتها.
وأثارت ظروف رحيله تساؤلات في ألمانيا حول فاعلية الشرطة. فالشاب المعروف من قبل أجهزة الشرطة غادر ألمانيا مع والديه وأخوته الخمسة بوثائق مرور صدرت عن السلطات القنصلية العراقية. واعترفت السلطات الألمانية بأن الأسماء التي دونت على هذه الوثائق كانت مختلفة عن تلك الواردة على بطاقات السفر.
أمها خاطبت ميركل، وكشفت الجريمة
وبحسب صحيفة The New York Times كانت والدة الفتاة تعبر عن غضبها يومياً عبر “فيسبوك” منذ أن اختفت ابنتها في 22 مايو/أيار.
وتوجهت في كلماتها بتاريخ 1 يونيو/حزيران -عقب أسبوع من اختفاء ابنتها- مباشرةً إلى ميركل. إذ كتبت “أتوجه إليكِ بهذه الاستغاثة طلباً للمساعدة لأنَّني أشعر بأنَّ الدولة الألمانية وكذلك صديقتنا ومساعِدتنا (قوات الشرطة!!!) تخلتا عني”.
كانت الرسالة الأخيرة التي تلقتها من هاتف ابنتها الجوال في 23 مايو/أيار مكتوبة بلغةٍ ألمانية رديئة، وتقول: “لا تبحثي عني. سأعود خلال أسبوعين أو ثلاثة”، وبسبب هذه الرسالة كشفت والدتها ان ابنتها في خطر أو ربما قد تكون قتلت.
هاف بوست