تمخض الأسد فأنجب فأراً : عن أزمة قطع تركيا لنهر دجلة : تلويح بمقاطعة البضائع ومطالبة بطرد السفير .
أي أنهم مازالوا لم يحسموا أمرهم يقاطعوا أم لا ؟
في العراق تثير غضباً ضد تركيا… تلويح بمقاطعة البضائع ومطالبة بطرد السفير
مشرق ريسان
بغداد ـ «القدس العربي» :
تظاهر عشرات العراقيين، أمس الأثنين، أمام مبنى السفارة التركية في العاصمة بغداد، احتجاجا على بدء تركيا ملء سد «إليسو»، والتسبب بانخفاض منسوب نهر دجلة بشكل ملحوظ، مما يُنذر بأزمة مائية قد تضرب عموم المناطق العراقية.
المتظاهرون الذين حملوا لافتات ندّدت بقطع تركيا المياه عن نهر دجلة، عبّروا عن سخطهم واستنكارهم للإجراء التركي، مهددين في الوقت ذاته بمقاطعة البضائع التركية، التي تعدّ واحدة من الشرايين الرئيسية للأسواق العراقية.
وعلمت «القدس العربي» من مصدر داخل السفارة التركية، أن السفير التركي لدى بغداد، فاتح يلدز، يعتزم عقد مؤتمر صحافي ظهر اليوم الثلاثاء، للحديث عن سد «إليسو» وإجراءات بلاده بشأن الإطلاقات المائية لنهر دجلة.
وطبقاً للمصدر، فإن السفير يقدر عالياً حجم الامتعاض الشعبي في العراق، وهو يعتزم تنفيذ زيارة إلى بلاده قريباً لبحث ملف المياه وإيجاد حلول مناسبة له.
ويبدو أن موقف السفير التركي «الإيجابي»، لم يقنع المنظمات والنشطاء المدنيين، الذين أصدروا بياناً تضمن خمسة مطالب. البيان طالب الحكومة التركية بـ«الإسراع بإيقاف ملء سد إليسو والسماح بوصول الكميات المناسبة للعراق، لحين التوصل إلى اتفاق استراتيجي مع العراق».
كما طالب أيضاً إيران بـ»تقدير موقف العراق والحاجة الملحة للمياه، ونطالبها بالسماح بوصول كميات المياه المناسبة عبر الروافد المشتركة بينها وبين العراق».
ودعا النشطاء، الحكومة العراقية، إلى «اتخاذ التدابير اللازمة والسريعة، باستخدام العلاقات الإقليمية والدولية للضغط على الحكومة التركية والإيرانية، والعمل على ايجاد الوسائل البديلة للحد من شح المياه وترشيد الاستهلاك»، فضلاً عن مطالبة الأمم المتحدة وبعثة يونامي في العراق بـ»موقف ايجابي وسريع، يرقى وحجم الكارثة الإنسانية المتعلقة بالأمن المائي، وفقا للأعراف الدولية، وعليها تحمل مسؤوليتها الأخلاقية والإنسانية في العراق». كما ناشدوا «سفارات الدول الصديقة والبعثات الدولية في العراق، بمساندة الشعب العراقي والضغط بكافة الوسائل لتجنب حصول الكارثة الإنسانية، وتحمل مسؤوليتها الأخلاقية التي أعلنتها بالوقوف مع العراق في مواجهة كافة التحديات». وحذروا، في حال لم تلق دعواتهم استجابة، من وقوع «تصادمات» واعتماد استراتيجيات المواجهة الشعبية لتلك الإجراءات، وفق البيان.
ومن بين الإجراءات التي يعتزم الناشطون اتخاذها أو الدعوة إليها، هي «مقاطعة المنتجات والصناعات التركية كافة، ودعوة المجتمع العراقي بالامتناع للسفر الى تركيا حتى وإن كانت ترانزيت (مرور مؤقت)»، إضافة إلى «إيقاف مشاريع الاستثمارات التركية في محافظات العراق جميعا، والدعوة المجتمعية للوقوف بجدية بعدم التعامل والمشاركة في أي مشروع استثماري أو تجاري».
وهددوا أيضاً بـ«تنفيذ حملات الدعوة والتأييد الوطني والإقليمي مع المنظمات والتجمعات الشبابية والمجتمعية داخل وخارج العراق لتنفيذ هذه المطالب»، فضلاً عن «تقديم شكوى إلى مجلس الأمن الدولي، بما سيلحق بالشعب العراقي من أضرار متعمدة تؤثر على أمنه المائي والإنساني»، حسب البيان.
في الأثناء، قدمت إيران «تطمينات» إلى العراق، بعدم تسببها بأي مشكلة مائية في محافظة السليمانية، التي يمر من خلالها نهر الزاب الصغير، أحد أبرز الروافد المائية لنهر دجلة. رئيس مجلس السليمانية، آزاد محمد أمين، قال في مؤتمر صحافي مشترك عقده، أمس الاثنين، مع القنصل الإيراني في السليمانية سعد الله مسعوديان، «أجرينا زيارة إلى القنصل في ممثلية الجمهورية الإسلامية الإيرانية في المحافظة، وبحثنا معه قضية قطع مياه نهر الزاب الصغير»، مردفاً بالقول إن «القنصلية طمأنتنا بعدم حدوث أي مشكلة أو أزمة مائية في منطقتي، قلعة دزة ورابرين».
الدور الايراني
وأشار إلى أن «مجلس محافظة السليمانية سيشكل فريقا لزيارة قضاء بشدر، ورابيرين الحدوديتين، والإطلاع عن قرب على واقع المياه فيهما»، مشيراً إلى أن «المسؤولين في القنصلية قلقون من هذا الأمر، وقالوا إنهم لن يسمحوا بأي شكل من الأشكال أن تحدث مشكلة مائية في المنطقتين». من جانبه، نفى القنصل الإيراني، قيام بلاده بقطع مياه نهر «الزاب الصغير» عن المحافظة، محملاً الحكومة الاتحادية في بغداد، عدم إبرامها اتفاقية فيما يخص ذلك النهر، ونهر سيروان في إقليم كردستان.
وقال مسعوديان، خلال المؤتمر، إن «وفد مجلس المحافظة عبر عن قلقه ونحن نتفهم هذا الأمر»، مبيناً أن «كلاً من إيران والحكومة الاتحادية في بغداد، لديها اتفاقية مبرمة بما يخص سبعة أنهر مشتركة باستثناء نهري الزاب الصغير، ونهر سيروان».
وأضاف: «طهران طلبت من بغداد سابقاً بتشكيل هيئة تتولى إبرام اتفاقية بما يخص النهرين»، مضيفاً: «لم نتلق اي إجابة من الحكومة العراقية إلى الآن».
ودعا، حكومة الإقليم الى الطلب من الحكومة الاتحادية بتشكيل هيئة لإبرام اتفاقية بما يخص النهرين، لافتاً إلى أن «القنصلية ستذهب مع وفد من مجلس المحافظة لزيارة قضاء قلعة دزة للاطلاع على الواقع المائي هناك».
وتابع: «بعض القنوات الإعلامية، والمواقع الالكترونية الكردية تناقلت خبراً مفاده أن إيران قطعت نهر الزاب الصغير، وبدوري قمت بالاتصال بالمعنيين في إيران، وأبلغوني بعدم حدوث ذلك»، موضّحاً أن «موضوع المياه إنساني ولا فرق بين شعبنا، وشعب إقليم كردستان».
أزمة المياه لم تكن بمعزل عن الوضع السياسي العراقي، بل إنها كانت أحد محاور اللقاء الذي جمع زعيم تحالف «الفتح» هادي العامري، و13 سفيراً عاملاً في العراق.
بيان لمكتب العامري أفاد بأن الأخير بحث مع سفراء الدول أزمة المياه التي سيسببها (سد اليسو) التركي، مطالبا المجتمع الدولي بوقفة جادة وحقيقة تجاه تركيا وممارساتها ضد بلاد الرافدين.
وحضر اللقاء سفراء دول، اليابان، أمريكا، بريطانيا، روسيا، الصين، ايطاليا، البرازيل، استراليا، فرنسا، السويد، اسبانيا، هولندا، صربيا، نيوزيلندا، فنزويلا، رومانيا، كرواتيا، بلغاريا، كندا. واستغل العامري اللقاء للتأكيد أن «العراق القوي منفتح على الجميع عدا (الكيان الصهيوني) ويرحب بكل من يقف معه»، مشددا على «رفضه التدخل في الشأن العراقي الداخلي من قبل أي دولة».
النفط مقابل الماء
موقف العامري الدبلوماسي جاء مغايراً لموقف ائتلاف دولة «القانون» بزعامة نوري المالكي، الذي اعتبر أن تركيا تتعامل مع العراق وفقاً لمبدأ «النفط مقابل الماء».
وقالت النائبة عن «دولة القانون»، زينب الخزرجي، في بيان ، أن «الحكومة العراقية لحد الآن لم تتخذ أي اجراءات ضد شح المياه التي يمر بها البلد، ومنذ فترة طويلة والآن دخلنا مرحلة الجفاف بعد أن قطعت تركيا المياه إلى العراق».
وأوضحت «أننا لم نر أي إجراءات حقيقية غير البيانات والاستنكارات وطلبات التأجيل المقدمة للجانب التركي لملء سد (اليسو) خلال الفترة الحالية، وهذا ليس حلا وأن تركيا ستقوم بملء السد عاجلا أم آجلا».
وأضافت: «تركيا ستتعامل مع العراق وفق مبادئ الماء مقابل النفط خلال الفترة المقبلة»، مبينة أن «يجب التعامل مع تركيا وفق القوانين الدولية كافة وتقديم شكوى ضدها وقطع العلاقات التجارية والاقتصادية وطرد السفير التركي للضغط عليها من أجل إعطاء حصة العراق المائية».
حل بروح التفاهم
أما نائب رئيس الجمهورية، والقيادي في تحالف «القرار» أسامة النجيفي، فقد حمّل السفير التركي لدى بغداد «رسالة شفوية» إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشأن أزمة المياه، مؤكدا على حل المشكلة القائمة بروح التفاهم.
وقال في بيان صدر على هامش استقباله فاتح يلدز سفير تركيا في العراق: «تم في الاجتماع مناقشة الملفات ذات الاهتمام المشترك، وملف المياه وما سببه من أضرار»، مشيرا إلى «علاقات الصداقة والجيرة وما تتطلبه من تعاون وتفاهم يصب في مصلحة البلدين والشعبين الصديقين».
وشدد ا على أن «حق الحصول على المياه حق طبيعي، ولابد من البحث عن سبل لتفكيك المشكلة القائمة».
كما حمل، السفير التركي «رسالة شفوية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان تتناول موضوع المياه والرغبة في تجاوز أية مشاكل بروح التفاهم والجيرة والعلاقات التاريخية».
واستمع، حسب البيان، إلى «شرح مفصل من قبل السفير حول التطورات المتعلقة بسد أليسو، وتأكيد السفير أن تركيا لا تود أن تتسب بالضرر للجانب العراقي».
وأشار البيان إلى أن «الاجتماع شهد مناقشة الوضع السياسي وطبيعة التحالفات والمباحثات التي أعقبت الانتخابات التشريعية، حيث أكد النجيفي بأنه ليس من المطلوب تجميع السنة في كتلة واحدة، ولابد من الانتقال إلى الفضاء الوطني، وذكر أن تحالف القرار العراقي منفتح على مباحثات ومناقشات واتفاقات مع مختلف القوائم الفائزة في الانتخابات ضمن رؤية قوامها المنهج الوطني وتحقيق إرادة المواطن العراقي».