العرب :
ويتواصل احتجاز ناشطين وصحافيين في العاصمة الجزائرية، في انتظار تقديمهم للمحاكمة، بتهم تتمحور حول نشر معلومات مغلوطة في مواقع إلكترونية خاصة، تتعلق بعملية الحجز والتحقيق الجارية حول شحنة الكوكايين المحجوزة في ميناء وهران والمقدرة بأكثر من 700 كلغ، التي أثارت صدمة وجدلا كبيرا في الجزائر، بسبب أخطار الجريمة العابرة للحدود، وتواطؤ لوبيات نافذة في الاقتصاد والتجارة، من أجل الثراء الفاحش على حساب صحة واستقرار المجتمع.
وذكر بيان للمكتب الولائي للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان في وهران، أن “الصحافي سعيد بودور والمبلغ عن العملية نورالدين تونسي، الذين أوقفا نهاية الأسبوع، تم استجوابهما بشأن التفاصيل التي وردت في تقارير نشرها بودور في صحيفتي ‘الصحافي المواطن الجزائري’ و’ألجيري بارت’ على شبكة الإنترنت”.
وتعرّف الصحيفة الإلكترونية عن نفسها بأنها تتشكل من “نقابيين وعاطلين عن العمل، وناشطين في مجال حقوق الإنسان، طلاب، فلاحين، أكاديميين، وصحافيين، رجال ونساء من فئات اجتماعية مختلفة، قرروا إطلاق موقع إعلامي على شبكة الإنترنت لتوفير المعلومات وتبادلها حول الوضع السائد في الجزائر”.
وكانت قد تناولت بالتفصيل، بعض ظروف وملابسات العملية التي هزت الرأي العام المحلي، وتابعت بدقة تطورات القضية حتى توسيع التحقيقات بشأنها في العاصمة.
وذكر بيان صادر عن نقابة الصحافة الإلكترونية (قيد التأسيس)، بأن الاتصال قد انقطع منذ الجمعة الماضي مع الصحافيين خلاف بن حدة، وعدلان ملاح، الناشر لصحيفتي “الجزائر مباشر”، و” الجزائر صحافة”، وذلك بعد تلقيهما لاستدعاءات من قبل مصالح الأمن، ما يرجح فرضية نفس المصير واحتجازهما، على اعتبار أن السلطات الرسمية والقضائية، لا زالت تعتبر الصحف الإلكترونية لا تمتلك الاعتراف الشرعي، مما يجعل التعاطي معها مختلف عن الصحف التقليدية.
قطاع الصحافة الإلكترونية في الجزائر بحاجة إلى تنظيم بسبب التداخل بين الصحف الإخبارية والمواقع والصفحات الحرة
ويمنع قانون الإعلام الصادر في 2012، حبس الصحافيين في قضايا النشر، إلا أن قضاء محافظة سطيف بشرق البلاد، كان قد قضى بسجن صحافي من موقع إخباري يهتم بشؤون المنطقة، خلال الأسابيع الماضية، واعتبر المسألة لا تتعلق بنشر صحافي، بما أن وسائل الإعلام الإلكترونية لا تزال غير معترف بها من قبل الجهات المختصة، رغم أن القانون المذكور كان قد أدرجها في صنف المهنة الإعلامية.
ونددت النقابة الجزائرية لناشري الصحف الإلكترونية (قيد التأسيس)، بشدة بما وصفته بـ”التوقيف الوحشي وغير الشرعي للصحافي سعيد بودور، مسؤول النشر لموقع ‘الصحافي المواطن الجزائري’” وعضو مؤسس للنقابة الجزائرية لناشري الصحف الإلكترونية، قبل أن يعين من قبل أعضائها ناطقا باسمها، ومن ضمن الوفد الذي سيلتقي وزير الاتصال جمال كعوان، خلال الأيام القادمة لبحث مسألة الاعتراف.
وطالب البيان الصادر عن النقابة المذكورة بـ”بالإفراج الفوري عن الصحافي الموقوف، وأنه لا شيء يمكن أن يبرّر العودة إلى ممارسات العصور البالية مع محترفي مهنة الصحافة”، في إشارة لما يتعرض له العاملون في الصحافة الإلكترونية في أداء مهامهم، مقارنة بزملائهم في الصحف التقليدية، وحرمان مؤسساتهم من الإعلان المحتكر من قبل الوكالة الحكومية للنشر والإشهار.
ويزعم ناشرون صحافيون على شبكة الإنترنت، أن “الصحف الإلكترونية نالت مكانة مرموقة لدى الرأي العام، وأزاحت الصحف الورقية من عرشها، إن لم تمهد لها الطريق إلى الزوال التدريجي من المشهد الإعلامي المحلي، خاصة مع فارق كلفة الإنتاج وتوجه المتلقي إلى الإنترنت والأجهزة الذكية بدل الورق في الصباح”.
ومع ذلك يعتبر مختصون، أن قطاع الصحافة الإلكترونية في الجزائر بحاجة إلى تنظيم وتطهير، بسبب التداخل بين الصحف الإخبارية والمواقع الخاصة والصفحات الحرة، فليس كل ما ينشر على الإنترنت عمل إعلامي، وليست كل منصة هي صحيفة إلكترونية، وأن وزارة الاتصال والمهنيين مطالبين بترتيب الأوراق، لأنه يتوجب مواكبة الحاضر واستشراف المستقبل، وليس الهروب إلى الأمام.