شفقنا – كلّ عامٍ يطلّ علينا شهر رمضان المبارك بعطره الزاكيّ ونسيمه الفوّاح وهو يحمل بين طيّاته عبق ذكرياتٍ لا يزال صداها يدقّ المسامع والأذهان.
ففي مثل هذا اليوم الثاني عشر من شهر رمضان المبارك تمرّ على الأمّة الإسلاميّة ذكرى يوم المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار في المدينة المنوّرة سنة (1هـ) أو (2هـ)، فقد آخى رسولُ الله(صلّى الله عليه وآله) كخطوةٍ أولى في طريق الهجرة المباركة بين المهاجرين نفسهم، بعلاقةٍ إيمانيّة إلهيّة قائمةٍ على الحقّ والمؤاساة والمؤاخاة ينعكس أثرها على التعامل فيما بينهم بالانسجام والصمود، كنقطة انطلاقٍ نحو المجتمع الإسلاميّ المتماسك لإعلاء كلمة الله تبارك وتعالى.
فكان أوّل عملٍ قام به النبيّ(صلى الله عليه وآله) بعد بناء المسجد تشريع نظام المؤاخاة، التي تمّ إعلانها في دار أنس بن مالك(رضي الله عنه)، وهي رابطةٌ تجمع بين المهاجريّ والأنصاريّ، تقوم على أساس العقيدة، وتوثّق مشاعر الحبّ والمودّة، والنصرة والحماية، والمواساة بالمال والمتاع، فكانت تلك الرابطة الوثيقة هي المؤاخاة، فآخى مرّة بين المهاجرين قبل الهجرة على الحقّ والمواساة حينما كان في مكّة المكرّمة، وأُخرى آخى بين المهاجرين والأنصار على الحقّ والمواساة بعد هجرته إلى المدينة المنوّرة.
لمّا آخى رسول الله(صلى الله عليه وآله) بينهم جميعاً جاءه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام) تدمع عيناه قائلاً: (يَا رَسولَ الله، آخيتَ بين أصحابِك، ولم تُؤاخِ بيني وبين أحد؟) فقال(صلى الله عليه وآله): (يا علي.. أما ترضى أن أكون أخاك؟) قال(عليه السلام): (بلى يا رسول الله رضيت). وهنا قال(صلى الله عليه وآله): (فأنت أخي في الدنيا والآخرة).
المصدر: موقع الکفیل