الحضارات القديمة
مرت على منطقةِ الشّرق الأوسط العديد من الحضارات العظيمة التي أحدثتْ أثراً مهمَّاً في تاريخ الإنسانية، حيث سجلتْ هذه الحضارات والأُمم مواقف ظلَّتْ محفورةً في سجل التّاريخ حتى يومنا هذا، كما أنّها خلَّفتْ وراءها إرثاً كبيراً من المعالم الأثرية المهمة والتي لا تزال تستقطب الباحثين لشدةِ روعتها.
من أبرز الحضارات التي نشأت في العالم القديم والتي استطاعت إحداثَ أثرٍ كبيرٍ في مسيرة الإنسانية خلال فترةِ حكمها هي حضارةُ الفرس، والتي تمثلتْ بإقامة الإمبراطورية الفارسية التي صارت في وقت من الأوقات قطبَ العالم، وفيما يلي بعض المعلومات عن هذه الإمبراطورية العظيمة. إمبراطورية الفرس خضعتْ مساحاتٌ شاسعةٌ لسيطرةِ الإمبراطوريةِ الفارسية؛
حيث تَمركزت هذه الدّولة في منطقةِ إيران وما حولها، أي في المناطق الواقعة إلى الشّمال الشرقي من شبهِ الجزيرة العربية، وقد تأسّستْ هذه الإمبراطورية في منتصفِ القرن السّادس قبل الميلاد على يد القائد الكبير كورش الأكبر، وقد استمرّت هذه الإمبراطورية إلى مجيء الإسلام، وتحديداً إلى زمن الخليفة عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – الذي استطاع إنهاءها، فصارت أراضيها تابعة للدّولة الإسلامية.
شكَّل الفرس النسبةَ الكبرى من سكان البلاد، غير أنَّ الإمبراطورية استطاعتْ إخضاع العديدِ من الشّعوب الأخرى وضم أراضيهم إلى دولتها الواسعة، وبهذا صارت الدَّولة تحتوي على العديد من الشّعوب المختلفة. شهدتْ فترةُ حُكم الفرس العديدِ من الصراعات، فكانت أطراف الدّولة على أهبة الاستعداد، حيث خاض الفرس في تلك الأثناء العديد من الحروب مع دول العالم المختلفة.
نظام الحكم في إمبراطورية الفرس نظام الحكم الذي ساد البلاد هو نظامُ الحكم الكسروي، فرئيس البلاد هو كسرى، وهو الذي يَمتلكُ صلاحياتٍ واسعةٍ ومطلقةٍ تُؤهلُهُ لِفعل ما يريده، إلى درجة وصفه بالإله في بعض الأحيان، وفي أواخر الدّولة انتشر الفساد واستشرى، فبدأت الدّولة تضعف شيئاً فشيئاً كحال أي دولةٍ أخرى تُركز على المظاهر والقشور، وتنسى الجوهر وهو الإنسان، وقد استطاع الأغنياء احتكار الثَّروات الهائلة، وإنهاكَ الطبقات الفقيرة المُعدمة، مما زاد من ضعف البلاد.
الدّيانة في إمبراطورية الفرس كان أغلب الفرس قبل الانهيار يدينون بالديانة المجوسية، غير أنَّ الدّيانات السماوية كانت معروفةً ولكنْ ضمن نطاقٍ محدود، وفي أواخر الدّولة أخذت أوضاع رجال الدّين تتدهور شيئاً فشيئاً وخاصّةً على الصعيد الأخلاقي، وهذا أيضاً يُعتبر من أهم عوامل سقوط الدّولة، فالشعب صار توّاقاً إلى معتقدٍ جديد ينتشله من هذا الوضع المزري، ويحترم إنسانية الإنسان، ومن أبرز الشخصيات التي تؤكد هذا المعنى شخصيةُ الصحابي الجليل سلمان الفارسي – رضي الله عنه – الذي جاب الأرض بحثاً عن العَقيدة الحقة، بعدما فقد قناعته بمعتقده الأول وهو المجوسية.
إقرأ المزيد على موضوع.كوم:
إمبراطوريّة الفرس
قامت إمبراطوريّة الفرس على أنقاض الإمبراطوريّة البابليّة، واستمرت في الحكم على مدار قرنين من الزمان، حيث كانت البداية للإمبراطوريّة عام خمسمائةٍ وتسعة وثلاثين قبل الميلاد، حتى عام ثلاثمئةٍ وواحدٍ وثلاثين قبل الميلاد، أي لحظة سقوطها بيد الإسكندر المقدوني.
في فترة قيام الإمبراطوريّة الفارسيّة
جلس على عرشها العديد من الملوك وهم: كورش وقمبيز، وغومانا، وداريوس الأوّل، وداريوس الثاني، وداريوس الثالث، وأحشويروش الأوّل، وأحشويروش الثاني، وأرتحشستا الأوّل، و أرتحشستا الثاني، وأرتحشستا الثالث.
حياة ملوك الفرس في قصورهم
كان الناس العاديّون في الإمبراطوريّة الفارسيّة يعيشون في أكواخٍ طينيّة، تشبه إلى حدٍ ما تلك الأكواخ التي تنتشر بالريف الإيراني، أما الملوك والنبلاء فقد عملوا على بناء قصورٍ حجريّة وبيوتٍ كبيرة، والتي لا تزال آثارها ماثلةً حتى يومنا هذا.
كان الفرس قبل تشكّل الإمبراطوريّه
هم عبارة عن عشائر تشكّلت منها العديد من القبائل، لكنّ تلك القبائل بدأت تختفي بعد تشكّل الإمبراطوريّة. كان تعدّد الزوجات شائعاً في تلك الفترة، حيث كان الملك يقوم باختيار زوجاته من بين أرقى ستة أسرٍا إجتماعيّة فقط، وكنّ زوجات الحاكم يعشن في أجنحةٍ خاصّة يشاركهنّ في تلك الأجنحة جميع نساء الأسرةِ الحاكمة.
ومن أعظم الأبنية في الإمبراطوريّة إيوان كسرى الذي قيل أنه قد تعاون عدة ملوك على بنائه، وقد قام كسرى بشراء جميع المساكن المحيطة لضمها للإيوان، ومن المفارقات التي حدثت له أثناء شرائه للمساكن بأن امرأةً عجوزاً كانت تمتلك دويرةً صغيرةً هناك امتنعت عن بيعها مرددةً: ” ما كنت لأبيع جوار الملك بالدنيا جميعها “.
استحسن كسرى قولها، وأصدر الأمر ببناء الإيوان وترك بيتها في موضعه وأحكم عمارته، وقد كان الإيوان يضم صورةً لكسرى أنوشيروان وقيصر ملك الروم وهو يقوم بمحاصرة الإمبراطوريّة ومحاربة شعبها. أطلق على إيوان كسرى اسم (القصر الأبيض)، وكان في وسط القصر إيوان كسرى أو ما يسمى قاعة عرش كسرى، وقد رسمت على جدران الإيوان معركة أنطاكية التي اشتعلت بين الروم والفرس.
قيل أن أحد ملوك الفرس وهو الملك أحشوريوش (زركسيس بن داريوس) قد أعدّ وليمتين عظيمتين امتدت الوليمة الأولى لمئةٍ وثمانين يوماً والثانية لسبعة أيّام، وذلك بهدف إظهار مجد ملكه وغناه، بالإضافة لإظهار عظمته ووقاره وجلاله، وقد أقيمت الولائم في مقرّ الملك، فكانت الوليمة الأولى قد أقيمت للرؤساء داخل القصر الملكي.
أما الثانية فقد أقيمت للشعب المقيمين في القصر وملحقاته وهذا يظهر انفصال القصر عن باقي المدينة، ووصفت حديقة القصر بأنها كانت تحتوي على مظال أو أنسجةٍ تحمل الألوان الملكيّة في إمبراطوريّة فارس وهي الأبيض والأخضر والإسمانجوني – الأزرق شديد الزرقة يشبه إلى حدٍ ما لون الياقوت الأزرق – علقت بحبالٍ صنعت من الكتّان الأبيض، وأرجوانٍ في عددٍ من حلقات الفضّة، وعدد من الأعمدة الرخاميّة، حيث استخدمت تلك المظال للوقاية من أشعّة الشمس.
إقرأ المزيد على موضوع.كوم: http://mawdoo3.com