مؤتمر “إخوان” الجزائر لا ينهي التحديات

 الجزائر – رأي اليوم – ربيعة خريس:

نجحت حركة مجتمع السلم, أول قوة سياسية إسلامية معارضة في الجزائر, في تخطي عقبة المؤتمر الاستثنائي السابع بالنظر إلى التجاذب الذي كان قائما بين مختلف القيادات والأجنحة المتصارعة داخلها حول من سيقودها خلال السنوات الخمس القادمة, وإذا كانت ” حمس ” قد نجحت في ترميم بيتها الداخلي بعد سلسلة من الانشقاقات, وإعادة توحيد الصف بعد أن وقف ” إخوان الجزائر ” عند مفترق ذات ثلاثة اتجاهات متباينة عشية المؤتمر, فإن رهانات سياسية وتحديات كبيرة تنتظر الحركة في أفق الانتخابات الرئاسية المقررة ربيع 2019 وإعادة النظر بمواقفها مع المعارضة والسلطة.

ورغم أن عبد الرزاق مقري قد أحكم قبضته للمرة الثانية على التوالي على رئاسة الحركة بعد 72 ساعة من الترقب وشد الأعصاب بسبب تردد قيادات وشخصيات ثقيلة الوزن في حسم مسألة ترشحها لمنصب القيادة والدخول في معركة المنافسة كالرئيس السابق أبو جرة سلطاني ووزير الصناعة السابق ورئيس جبهة التغيير المنحلة عبد المجيد مناصرة والنائب البرلماني السابق نعمان لعور، إلا أن رئاسيات 2019 وقرار العودة إلى أحضان الحكومة يمثلان مرحلة مفصلية في مسار الحركة، مما يجعل عبد الرزاق مقري أمام امتحانين صعبين للغاية.

ويجمع مختصون في شؤون الإسلام السياسي في الجزائر، إن عودة الرئيس القديم الجديد لـ ” حمس “, لم تتحقق إلا بعد تقديمه تنازلات بالجملة لمعارضيه وتقييد صلاحياته داخل ” حمس “, بدليل مصادقة المؤتمرين على وثائق سياسية تجبر رئيس أكبر حزب إسلامي في الجزائر, على العودة إلى مؤسسات الحركة, للحسم في الملفات الحساسة خاصة تلك المتعلقة بالاستحقاقات القادمة, وكان مقري قد هدأ في خرجاته الإعلامية التي سبقت انعقاد المؤتمر الاستثنائي السابع من حدة توجهاته الراديكالية, ودعا في خطاب مطول ألقاه خلال افتتاح المؤتمر الخميس, استغرق ساعة من الزمن, إلى التوافق بين السلطة والمعارضة على رجل يحقق الإجماع السياسي داخل البلاد لخوض الاستحقاق الرئاسي القادم، لأن المرحلة حرجة والأوضاع والتطوّرات الإقليمية تستدعي تماسك الجبهة الداخلية، أو الذهاب إلى انتخابات حرة ونزيهة تضمن تجسيد إرادة الجزائريين”, كما تضمن خطاب مقري مؤشرات عديدة توحي باستعداد تشكيلته السياسية التفاعل مع جميع الأطراف السياسية في السلطة والمعارضة.

ويقول في الموضوع رئيس الكتلة النيابية وعضو المكتب الوطني ناصر حمدادوش, في تصريح خاص لـ ” رأي اليوم ” إن التحدي الحقيقي الذي ينتظر حركة مجتمع السلم هو تحقيق السيناريو المفضل في المرحلة القادمة وهو التوافق الوطني بين السلطة والمعارضة في الجزائر, خاصة وأن الاستحقاق الرئاسي القادم على الأبواب, ويرتبط هذا بمدى جدية انفتاح السلطة على هذا الخيار, وردا على سؤال عن رأيه عما إذا كان ” مقري ” قد تراجع عن توجهه الراديكالي, بعد أن قاد الحركة بعد المؤتمر السادس للتخندق مع أطياف المعارضة السياسية خاصة وأنها أدت بعد رئاسيات 2014 دورا فاعلا في ما كان يعرف بـ ” تنسيقية الانتقال الديمقراطي ” و ” لجنة متابعة المشاورات ” المنبثقة عنها, قال حمدادوش إن الحركة لها مقاربة سياسية تطويرية واضحة, والتي تنص على التوافق المتفاوض عليه.

واعتبر القيادي في الحركة, إن تحدي تحقيق الوحدة في مدرسة الشيخ الراحل محفوظ نحناح مع إخوانهم في حركة البناء الوطني سادس حزب إسلامي في الساحة السياسية في الجزائر, يعتبر من أبرز الملفات الثقيلة المطروحة على طاولة الحركة, وذلك بعد الاستفادة من تجربة الوحدة مع جبهة التغيير بعد تسع سنوات من الانقسام السياسي والتنظيمي, في سابقة سياسية لم تشهدها البلاد, وإضافة إلى عودة كتلة ” التغيير ” إلى الحركة الأم, عادت إلى الحركة 42 شخصية قيادية بعضها من المؤسسين التاريخيين الذين انسحبوا منذ أكثر من عقدين، عام 1994، بسبب خلافات سياسية حينها حول التحالف مع السلطة, ويضيف ناصر حمدادوش إن اللوائح الجديدة التي صادق عليها المؤتمر مرنة وتستوعب هذا المشروع.

وستكون رئاسيات 2019، مرحلة مفصلية في مسار إخوان الجزائر، مما يجعلهم أمام امتحان صعب بين المشاركة في الرئاسيات عن طريق مرشح للحركة أو دعم مرشح آخر سيكون على الأغلب حسب متتبعين للمشهد السياسي في البلاد مرشح السلطة تجسيدا للبراغماتية التي يتميز بها تيار الإخوان المسلمين، وقال حمدادوش ” تحدي الانتخابات الرئاسية 2019, والذي نريده أن يكون فرصة للجزائر والذي يحتاج إلى استفراغ جهد كبير في الموقف الحساس والدقيق “.

وأضاف رئيس الكتلة النيابية لإخوان الجزائر في البرلمان الجزائري، في تصريح خاص لـ ” رأي اليوم ” إن تحدي الوضع المالي والاقتصادي والاجتماعي للبلاد، يتطلب حسا وطنيا عاليا لاستيعاب الأزمة وتداركها واحتضان الوطن في أي أزمة محتملة.

ويقول في الموضوع القيادي في حركة مجتمع السلم الجزائرية، عبد الرحمان سعيدي، في تصريح خاص لـ ” رأي اليوم ” إن تحولات كثيرة ستطرأ على الحركة بعد المؤتمر الاستثنائي السابع الذي أسدل عنه الستار الأحد، بالنظر إلى الوثائق السياسية التي تم تمريرها من طرف المؤتمرين والتي تجبر قيادة الحركة على العودة إلى مؤسسات قبل الحسم في المسائل والملفات الحساسة المتعلقة بالاستحقاقات القادمة, كما أن الرؤية السياسية قد فتحت الآن أمام قيادة أول قوة سياسية إسلامية معارضة في الجزائر فخيار المشاركة في الحكومة من عدمه لم يعد مقيدا كما كان في السابق, فمسألة المشاركة أصبحت اليوم تخضع للتقدير السياسي, ويرى المتحدث أن حركة مجتمع السلم الجزائرية لن تتعاطى مع رئاسيات 2019 بالذاتية الحزبية, فكل الاحتمالات التوافقية مطروحة الآن أمامها, بدليل الرسائل العديد التي تضمنها خطاب مقري, حيث أبدى استعداد حركته للتفاعل بين جميع الأطراف السياسية في السلطة والمعارضة وللمشاركة في المؤسسات الرسمية مستقبلا, وهي المؤشرات التي توحي بتفادي دخول  الحركة في صدام مع السلطة أو مع الأحزاب الموالية لها.

ويرى عبد الرحمان سعيدي, إن الخطاب الراديكالي الذي تبنته قيادة الحركة بعد المؤتمر السادس الذي انعقد عام 2012 بعد التحول من خيار المشاركة والبراغماتية السياسية إلى خيار المعارضة بقيادة عبد الرزاق مقري, لم يخدم بتاتا ” حركة مجتمع السلم ” وأبعدها عن الواجهة السياسية خاصة بعد انخراطها في تنسيقية الانتقال الديمقراطي, وتبينها وثيقة ” مزافران ” التي تبناها مؤتمر المعارضة الجزائرية في يونيو 2014, بإعلان شغور منصب رئاسة الجمهورية بسبب مرض بوتفليقة في ابريل / نيسان 2013.

عن مركز القلم للأبحاث والدراسات

يهتم مركز القلم للأبحاث والدراسات بشؤون المستضعفين في العالم لا سيما المسلمين والتحذير من أعداء البشرية والإنسانية و تثقيف المسلمين وتعريفهم بحقائق دينهم وما خفى عنهم وعن وحضارتهم وماهم مقبلون عليه في ضوء علامات الساعة المقبلون عليها.

شاهد أيضاً

دوتش فيليا : لغة المصالح- أي دور لعبته حرب غزة في تقارب السيسي وأردوغان؟

DW : بوراك أونفيران | إسماعيل عزام التقارب بين مصر وتركيا بدأ منذ نهاية 2020، لكنه تعزز …

اترك تعليقاً