النهضة السورية :
تشهد منطقتنا محاولة هي الأعنف من نوعها في العصر الحديث، بل وفي كل العصور لتعزيز وجود كيان غريب في قلب الأمة وإمداده بكل أشكال الدعم مادياً ومعنوياً لإبقاء أمتنا ذات التراث الحضاري الكبير في حالة من التمزق والتخلف والجهل بعد تعطيل قدراتها وسلب ثرواتها، ويسعى هذا الكيان القائم أساساً على مجموعات بشرية متنافرة تنتمي إلى قوميات مختلفة إلى تصدير خلله وتوتره البنيوي إلى محيطه العربي للمحافظة على الاستمرار، ويحاول بكل طاقاته ومن خلفه الاستعمار المتصهين المتأدلج بالفكر التلمودي الإبقاء على حالة التوتر على حدوده عبر حالة اللاسلم واللاحرب.
في خضم التحولات التي حصلت ما بعد تفكك الاتحاد السوفييتي تتعرض الأمة لهجوم مزدوج خارجي وداخلي، فمن جهة ازداد تركيز الهجوم الغربي على المنطقة بعد انفراد القطب الأميركي المتصهين بالعالم وحاول زرع الشقاق والفرقة بين الدول العربية والإسلامية لضربها ببعضها أو ضربها خارجياً تحت شعارات واهية، يساند ذلك مسلسل إعلامي مدروس آخر لتشويه صورة الإسلام المحمدي في أعين العالم كدين رجعي– إرهابي– دكتاتوري، وقد لعبت الأصوات الإسلامية الشاذة دوراً مؤازراً عن طريق إعطاء الإعلام الغربي فرصاً نادرة لتقديم صورة سيئة عن الإسلام، ومن الداخل يشن المرتبطون بالوهابية التلمودية هجوماً ضارياً على الإسلام الحضاري، وأعطت الوهابية للجماعات المتطرفة المتعصبة الإرهابية حق تمثيل الإسلام، فأعطت للعالم أسوأ صورة يمكن أن تقدمها، ونصبت المحاكم في الغرب الاستعماري لمحاكمة النبي محمد (ص) ومحاكمة القرآن الكريم، وأعطت فرصة ذهبية لتكثيف هجومها على العالم العربي تحت شعار حماية الذات والأمن العالمي، وجند الغرب ما يسمى رجال دين ومثقفين وغيرهم لضرب الوحدة الوطنية في الصميم عبر سلوكهم وأقوالهم وكتاباتهم وتحول العديد من الناس من الإسلام الحضاري إلى إسلام على طريقة ابن تيمية ونوح الحنفي وابن باز وملوك الفتن وشيوخ التكفير كالقرضاوي وغيرهم..
إن منطقتنا تشهد هستيريا تكفير ديني مشبوه تطول الكثير من المسلمين وغير المسلمين بغية خلق فتنة داخلية وشق صفوف التضامن الوطني في هذه المرحلة الحرجة بالذات، وأن الوهابية التكفيرية التلمودية هي وراء كل تلك الدعوات.
وأن الهدف من كل ما يجري هو أن نتخلى عن بلداننا ونصبح كالهمج الرعاع، يتحكم بنا عن بعد من قبل الأيدي الخفية والصهيونية والوهابية، لنقتل بعضنا تحت حجج هم اخترعوها لنا، ويعاد أدلجتنا وتثقيفنا من قبل أعدائنا على القتل والذبح والسبي والإجرام، وأعتقد بأن ما يجري على الساحة العربية عامة وفي سوريانا خاصة التي كانت ولا زالت تحتضن كل المشاريع الوطنية وتقف في وجه المخططات المشبوهة إلا لهذه الأسباب، وإذا ما انتصر المشروع الصهيوني في سورية فالعالم العربي والإسلامي كله سيصبح مزرعة تملكها الصهيونية والوهابية تديرها كيفما تشاء وتصبح إسرائيل الدولة القوية الوحيدة في العالم.
إن ما يجري الآن على الساحة اليمنية يندرج تحت بند أدلجة اليمنيين وفق مشيئة الوهابية أو تدمير اليمن بكل ما فيه من حجر وشجر وبشر، وإن المتتبع لتاريخ التآمر السعودي على اليمن يجد أنه لم يبدأ بثورة 26 أيلول 1962 بل باحتلال بعض المناطق اليمنية مثل عسير ونجران وجيزان وغيرها.
27 أيلول 1966 وقبل حرب عام 1967 أرسل الملك فيصل بن عبد العزيز رسالة إلى الرئيس الأميركي جونسون جاء فيها:
إن مصر هي العدو الأكبر لنا جميعاً، وإن هذا العدو إن ترك يحرض ويدعم الأعداء عسكرياً وإعلامياً فلن يأتي عام 1970 كما قال الخبير في إدارتكم السيد روزفلت وعرضنا ومصالحنا في الوجود، لذلك فإنني أبارك ما سبق للخبراء الأميركان في مملكتنا أن اقترحوه لأتقدم بالاقتراحات التالية:
1- أن تقوم أميركا بدعم إسرائيل بهجوم خاطف على مصر تستولي به على أهم الأماكن حيوية فيها لتضطرها بذلك لا إلى سحب جيشها صاغرة من اليمن فقط، بل لإشغال مصر بإسرائيل عنا مدة طويلة لن يرفع بعدها أي مصري رأسه، بذلك نعطي لأنفسنا مهمة طويلة لتصفية أجساد المبادئ الهدامة لا في مملكتنا فحسب، بل وفي البلاد العربية ومن ثم بعدها لا مانع لدينا من إعطاء المعونات لمصر وشبيهاتها من الدول العربية اقتداء بالقول (ارحموا شرير قوم ذل) وكذلك لاتقاء أصواتهم الكريهة في الإعلام، وما يحصل الآن في مصر هو نفس الحالة بعد تدخل مصر في اليمن والمشاركة في التحالف السعودي لتدمير اليمن.
2- سورية هي الثانية التي لا يجب ألا تسلم من الهجوم مع اقتطاع جزء من أرضها كي لا تتفرغ هي الأخرى فتندفع لسد الفراغ بعد سقوط مصر.
3- لابد أيضاً من الاستيلاء على الضفة الغربية وقطاع غزة، كي لا يبقى للفلسطينيين أي مجال للتحرك، وحتى لا تستغلهم أية دولة عربية بحجة تحرير فلسطين، وحينها ينقطع أمل الخارجين منهم بالعودة كما يسهل توطين الباقي في الدول العربية.
4- نرى ضرورة تقوية الملا مصطفى البرزاني شمال العراق بفرض إقامة حكومة كردية مهمتها إشغال أي حكم في بغداد يريد أن ينادي بالوحدة العربية شمال مملكتنا في أرض العراق سواء في الحاضر أو المستقبل.
علماً بأننا بدأنا في العام الماضي 1965 بإمداد البرزاني بالمال والسلاح من داخل العراق، أو عن طريق تركيا وإيران.
إنكم ونحن متضامنون جميعاً، سنضمن لمصالحنا المشتركة ولمصيرنا المعلق بتنفيذ هذه المقترحات أو عدم تنفيذها دوام البقاء أو عدمه. “المرجع كتاب تاريخ آل سعود لناصر السعيد”.
ما أشبه اليوم بالأمس
إن ما تقوم به السعودية الوهابية التلمودية ضد اليمن وسورية والعالم العربي كله بكل شرائحه وطوائفه هو لإخضاع هذا العالم لهيمنة آل سعود بعد فرض حكم وهابي متخلف تفرضه المملكة الوهابية على شعوب المنطقة.
وأنا أجزم بعد الذي حصل في اليمن وتدمير طائرات آل سعود للحجر والشجر والبشر بأن من يتبقى من اليمنيين في جنوبه وشماله سوف يكونون شوكة في عيون الوهابية السعودية، وإنهم سوف ينتصرون على الإجرام السعودي والرجعي العربي الموجه من قبل العدو اليهودي.
إن الهدف من وراء عاصفة الحزم ليس كما تدعي السعودية الوهابية حماية الحرمين الشريفين، وإعادة الشرعية إلى اليمن ممثلة بالرئيس هادي منصور الذي تعاطف مع القاعدة وداعش لضرب اليمنيين، وكل الدول التي شاركت في عاصفة الحزم كانت تشجع على الإرهاب في سورية، ولم تقم عاصفة الحزم ضد العدو الصهيوني، وإن الحجج السعودية كذبة يعرفها الجميع، لكن أموالها مغرية، وإنها تستطيع شراء جيش أو جيوش للقتال معها بل واستمرارية لإجرامها في كل دول العالم العربي والإسلامي.
والغريب أن الرئيس المصري الذي يعلن في كل تصريحاته أن الخليج خط أحمر والسعودية خط أحمر، ونحن نسأل هذا الزعيم الذي تفاءلنا فيه كثيراً: من يهدد دول الخليج؟.
دول الخليج حددت عدوها منذ انتصار الثورة في إيران، واعتبرت إيران عدوها الأول، ولهذا السبب قدمت كل ما كانت تملك للطاغية صدام حسين المعروف عنه بأنه تربى في أحضان المخابرات الأميركية لشن هجوم على إيران الثورة وهي في مهدها.
إن تورط مصر في معركة اليمن الآن شبيه بتورطها في اليمن في عام 1962 والذي أدى إلى مقتل الآلاف من القوات المصرية من قبل عملاء آل سعود، وتوريط مصر والجيش المصري في معركة ليس لها فيها أية مصلحة، وسوف تكلف مصر أكثر من مليارات آل سعود التي تبرعت بها السعودية لتشتري موقف مصر المعادي لليمن الفقير.
إن مشاركة القوات المصرية في المعركة سوف يحيد الجيش المصري تماماً من المعركة مع العدو اليهودي، وإذا ما تمعنا في قراءة الرسالة التي كتبها الملك فيصل لرئيس الولايات المتحدة نعرف ما يخطط له السعوديون.
إن المليارات المقدمة لمصر سوف تؤدي إلى هلاكها بالتأكيد، لأنه بعد المعركة الخاسرة لن يقدم آل سعود شيئاً، وسوف تجد مصر نفسها خارج حلبات السباق في المنطقة والعالم وإنها منهكة وربما تعود سيطرة الإخوان المسلمين عليها، وهذا أيضاً ما تخطط له الوهابية، رغم أنها تعلن أنها تقف مع الرئيس المصري ضد الإخوان، لكن الإخوان والوهابية وجهان لعملة واحدة. وكيف لأي عاقل أن يصدق بأن الوهابية السعودية ضد الإخوان في مصر وهي التي تدعمهم في كل دول العالم وتغذيهم بثقافتها التلمودية وتقدم لهم كل أنواع المساعدة المادية واللوجستية. إن توريط مصر في حرب اليمن سيكون الطريق الأقصر للقضاء على القوات المصرية أو إنهاء مصر باستدراج جيشها للتدخل في اليمن وسيكون أوفر بكثير مما ستدفعه للحركات الإرهابية للقضاء على مصر.
وتتوقع السعودية بأن عاصفة الحزم إذا ما اشتركت بها قوات عربية وإسلامية فإن إيران لن تقف مكتوفة الأيدي لأنها سوف تهدد مصالحها ويمكن أن تنخرط إيران في الحرب مرغمة لتصبح المعركة بين السنة والشيعة كما أرادت لها الوهابية التلمودية لاستقدام السنة في العالم لمحاربة إيران أو ما يسمى النفوذ الإيراني، لأن الحلم الصهيو أميركي السعودي هو تقسيم العالم الإسلامي بين سني وشيعي، لتدور المعركة المخطط لها في دوائر المخابرات الأميركية والإسرائيلية بين الأخوة، وستقوم حرب عالمية ثالثة على الأرض العربية والإسلامية وهذا ما هو مقرر في بروتوكولات حكماء صهيون.
إن النظام الوهابي في السعودية والإمارات القزمة التي تدور في فلكه سوف يتسبب بكارثة ليس في المنطقة فحسب بل في العالم كله.. وإن ما نراه في الغرب والشرق استعداد كل الأطراف للمشاركة في هذه المعركة لأنها ستكون الفاصلة بين الشرق والغرب، ومن سينتصر في هذه المعركة سوف يقود العالم إلى ما لانهاية، وهذا ما خطط له اليهود لأنهم يسعون لأن يكون كيانهم المزعوم الدولة الأقوى في العالم بعد سيطرتهم على الذهب والمال العالمي، وقيام الغرب عنها بالحروب بالوكالة..
إن ما تخطط له الصهيونية الوهابية التلمودية لن يكتب له النجاح لأن العقلاء في الطرف الآخر سوف يفوتون الفرصة على أحلامهم، وسوف تتحطم السعودية وأدواتها في المنطقة، لأن الانتصار في سورية سيتحقق، واليمن سوف ينتصر، وتونس انتصرت، وسوف يعرف العالم العربي في كل أممه بأن الوهابية المجرمة هي التي تقود المعركة بأموالها التي هي حق من حقوق الشعوب.. وإن اليهود السعوديين سوف يُبادون عن بكرة أبيهم مهما بلغت قوة الحماية التي تفرضها الحكومات الغربية، وعلى رأسها حكومة الولايات المتحدة الأميركية التي تديرها الصهيونية العالمية.
يجب أن نعلم علم اليقين بأنه لا أمل من أولئك الغربان الذين باعوا أنفسهم وضمائرهم لأعداء الأمة، ورغم الإبادة، والدمار، وتدمير القرى، والمدن، وتشريد العائلات، والحصار، والقصف اليومي، والتمثيل بأجساد الأطفال والنساء والشيوخ في فلسطين ولبنان وسورية والعراق واليمن وسبي النساء أصرّ هؤلاء الغربان على دعم الحركات الإرهابية التي صنعوها، وهذا ما يؤكد أن الغذاء الروحي لهؤلاء العملاء والجواسيس هو ما يقدمه لهم حاخامات اليهود، لأنهم باتوا بلا إحساس، وأصبحوا يستمتعون بمناظر أشلاء الأطفال ويشربون كؤوس الدم حتى الثمالة.
وأقول لكم إذا اقتضت المصالح الأميركية تدمير الأمة السورية وأمم العالم العربي بكاملها من أجل حماية إسرائيل ونفط وغاز المنطقة فإنها ستفعل، لأن الغذاء الروحي للعقيدة الأميركية واليهودية والوهابية غذاء واحد، ويشربون من نبع واحد ولا يمكن الفصل بين العقيدة الصهيونية والإمبريالية والوهابية، ومن هنا أجد بأنه لا جدوى من المراهنة على تغيير في السياسة الأميركية الوهابية، بل يجب علينا الاستعداد الدائم لمقاومتها وكشفها وتعريتها، وأدعو الجميع إلى التضافر وترسيخ الجهود الصادقة للتصدي لهذه المؤامرات الهادفة للقضاء على الأمة، ونحن في الحزب السوري القومي الاجتماعي كنا السباقين لرسم الطريق الذي يجب أن نسلكه في مقاومة هذا العدو، وكنا السباقين في فضح الوهابية ودورها التآمري على العالم العربي، وكان شهداء الحزب السباقين في رسم طريق المقاومة بدءاً بالرفيقة الشهيدة سناء محيدلي والرفيقة دلال المغربي والرفقاء وجدي الصايغ وخالد الأزرق وابتسام حرب وغيرهم الكثير واستمر رفقاؤنا في المقاومة على أرض سوريانا الطاهرة وسقط العديد من شهداء الواجب والعقيدة التي أسسها زعيم الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي رسخ قيم الشهادة في شخصه إيماناً منه بمبادئه وعقيدته، وعلمنا أن نعيش أحراراً أقوياء والحياة دون رسالة ودون كرامة لا تستحق أن تعاش، وأن النكبة ليست أن يموت الإنسان فكل إنسان يموت، النكبة أن يحيا الإنسان وكأنه ميت، والحياة وقفة عز فقط.